خبز العراقيين.. خط احمر

علي حسين علي

 في الاسبوع الفائت، استضاف مجلس النواب في احدى جلساته السيد وزير التجارة، وكان نقاشاً جدياً قد ساد تلك الجلسة اظهر حرص النواب على توفير اهم الخدمات (الغذاء والدواء) للمواطن العراقي خصوصاً وان الدولة لا تشكو من عوز او ضائقة مالية.. وقد استجاب المجلس الى طلب وزير التجارة لزيادة المبلغ المرصود في الميزانية للعام المقبل، نظراً لغلاء المواد الغذائية في مناشئها العالمية.

وفي الجلسة نفسها تعرضت وزارة التجارة الى اسئلة محرجة وحادة ايضاً بشأن عدم انتظام وصول مفردات البطاقة التموينية الى المواطن كاملة وكذلك جرت استفسارات عديدة بشأن نوعية المواد المستوردة التي كانت في معظمها رديئة. وكانت ردود الوزير في مجملها دفاعية وقد حمل اطرافاً اخرى مسؤولية عدم وصول المواد الى المواطنين ونسب الى بعض المسؤولين التقصير في دعم الوزارة للقيام بمهامها.

غير ان الحدث الأهم في تلك الجلسة هو امران، الاول: تبين ان هناك نية لالغاء البطاقة التموينية مما استدعى الوزير الى التحذير من اتخاذ هكذا اجراء لان ذلك يعرض الشعب العراقي الى المجاعة كما قال.

 اما الامر الثاني: وقد عرضه الوزير بنفسه وهو ضرورة تقليص مفردات البطاقة التموينية الى النصف واستبعاد البقوليات والشاي والحليب للكبار والصابون والمنظفات ومادة اخرى.. والابقاء على الطحين والرز والزيوت والسكر وحليب الاطفال. وكان مبرر الوزير في ذلك هو قلة المبلغ المرصود في الميزانية هي التي استدعت المفردات الخمس. في حين اعلن في مجلس النواب الموافقة على زيادة رصيد وزارة التجارة المالي لتغطية مفردات البطاقة للسنة المقبلة!.

 وقد ابدت العديد من الكتل السياسية من هي ضمن الحكومة (الوزارة) ومن هي خارجها اعتراضها الشديد على أي تقليص، ودخلت المزايدات في بعض الاحيان للاستفادة السياسية من ذلك.. وبعيداً عن أي شيء فإن التقليص ان حدث يعد استفزازاً للمواطنين وايذاءً لهم في معيشتهم.. وكان العراقيون عموماً ينتظرون من حكومتنا الوطنية المنتخبة رفع حيف السنين الفائتات عنهم عندما كان النظام البائد يتاجر بمأساة العراقيين ويسرق اموال البطاقة التموينية بنفس الوقت! وكان المواطنون يتوقعون من الحكومة الحالية ان تزيد من مفردات البطاقة التموينية لا ان تقلصها، وهذا مطلب ملح جداً فالواردات العراقية من تصدير النفط، وهي كبيرة جداً، يجب ان يذهب جزء كبير منها لجعل العراقي يعيش بكرامة وتتوفر له حاجاته الاساسية في الغذاء والدواء اولاً وفي الخدمات الاخرى بالدرجة التالية.. اما ان يحصل العكس فلا عذر لأحد، فخبز المواطن العراقي خطر احمر لا يمكن تجاوزه ان كنا حريصين كما ندعي على اسعاده وتوفير الحياة الكريمة له.

وقد يقال ان الحكومة كانت حريصة في حفظ مليارات الدولارات من السرقة كما كان يحدث في العهد المباد.. ولكن هذا الحرص في حفظ الأموال وليس في حرمان الشعب من خيرات بلاده!. 

ننتظر من حكومتنا الوطنية المنتخبة ان تولي هذا الامر اهمية فلا تقدم على تقليص مفردات البطاقة التموينية، بل ما يرغبه الناس ان تزيدها في هذا الظرف على الاقل، وفي حال تحسن ظروف المواطنين الاقتصادية يمكن للحكومة ان تتخذ الاجراء المناسب.

واخيراً، هناك مشكلة حقيقية هي ان وزارة التجارة قد اثبتت خلال السنتين الماضيتين انها قد عجزت عن توفير مفردات البطاقة شهرياً بصورة منتظمة، ولهذا يستدعي الامر محاسبتها وليس معاقبة المواطنين بتقليص مفردات البطاقة، فالمواطن لا ذنب له اذا ما تقاعست اجهزة الوزارة عن اداء مهامها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 19 كانون الاول/2007 - 8/ذو الحجة/1428