مجاذبات القمة الأوربية الأفريقية بين الاقتصاد وحقوق الانسان

شبكة النبأ:  ربما تنجح أوروبا في الخروج بشراكة مع أفريقيا من خلال القمة الاخيرة  فقد أحدثت قضيتا دارفور وزيمبابوي صدعاً بين القارتين الأفريقية والأوروبية التي اجتمع قادتها، في لشبونة في إطار مساعي لخلق تحالف بين الجانبين على صعيدي الاقتصاد والبيئة.

ومن المتوقع أن تخرج القمة، التي يشارك فيها قادة دول الاتحاد الأفريقي الـ53 والاتحاد الأوروبي الـ27، وهي الأولى بين الجانبين منذ سبع سنوات، بالمزيد من الاتفاقيات التجارية والبيئية وتسهيل قوانين الهجرة وتطوير وسائل النقل العام في القارة السمراء وإنتاج الطاقة.

وتعكر قضيتا زيمبابوي وإقليم دارفور السوداني صفو القمة التي احتجب رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، عنها، احتجاجاً على مشاركة الرئيس الزيمبابوي روبرت موغاني.

وتتهم الدول الأفريقية موغابي بسوء الإدارة الاقتصادية والإخفاق في كبح الفساد وكبح الحريات، وقالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إن الوضع هناك يلطخ صورة أفريقيا الجديدة.

بحر هو الذي يفصل بين أوروبا وافريقيا لكن الكتلة الاقتصادية الاكبر في العالم وجارتها الفقيرة تبدوان وكأن بينهما محيطات تفصل بينهما في سبل تحسين حقوق الانسان وبناء روابط تجارية. بحسب رويترز.

جمعت قمة في مطلع الاسبوع في لشبونة 70 زعيم دولة من أوربا وافريقيا ورغم التصريحات الرنانة عن روح لشبونة وعن شراكة بين أنداد بعد انتهاء فترة الاستعمار الا ان الاجتماع لم يسفر عن كثير من تلاقي الافكار.

وعنفت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الافارقة بشأن الوضع في زيمبابوي حيث يتهم الغرب الرئيس روبرت موجابي بسحق خصومه وتقويض الاقتصاد.

ولكن ينظر الكثير من الافارقة الى زعيم المتمردين الماركسي السابق على أنه بطل استقلال مناهض للاستعمار، واختال موجابي بابتسامة فولاذية خلال القمة في غياب رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون الذي تغيب محتجا.

وعندما سئل من قبل رويترز عما اذا كان يريد توجيه رسالة للغرب رفع موجابي (83 عاما) قبضته في سعادة أمام الكاميرات.

وطمأن مسؤولو الاتحاد الاوروبي بلطف الافارقة بأن صفقات التجارة الحرة الجديدة التي تصر بروكسل على أن توقع قبل انتهاء اعفاء منحته منظمة التجارة العالمية من الشروط التفضيلية في 31 ديسمبر كانون الاول ستكون جيدة لهم في نهاية المطاف.

لكن رؤساء أفارقة كثر يقودهم الرئيس السنغالي وهو في الثمانين من عمره عبدالله واد عارضوا اتفاقات الشراكة الاقتصادية الاوروبية أو أي بدائل مؤقتة قائلين ان فرضها فيه نكهة الوصاية الاستعمارية المثيرة للشقاق.

وحذر واد أوروبا البطيئة والبيروقراطية بأنها مهددة بأن تتخلف عن الصين والهند في السباق على الاستثمارات في افريقيا.

وطمأن واد وهو تقريبا الزعيم الافريقي الوحيد الذي تحدث للاعلام في العاصمة البرتغالية لشبونة شعبه الغاضب بقوله "لا" للصفقات التجارية وسيطر هذا الرفض على اليوم الاخير من اللقاء وغطى أيضا على الجلسة الختامية التي غاب عنها الكثير من القادة المهمين.

ووعد اعلان لشبونه الذي جاء في ختام أول قمة أوروبية افريقية خلال سبع سنوات بعقد لقاء اخر في 2010.

وأسف ناشطون في مجال حقوق الانسان ومكافحة الفقر من تضييع فرصة الاتفاق على مساعدة حقيقية للملايين من فقراء افريقيا أو التحرك بشكل حاسم لحل النزاعات الافريقية المتقيحة مثل النزاع في دارفور بغرب السودان.

وقال الخضر دلوم مدير الدعاية في منظمة (انقذوا أطفال شرق افريقيا) الزعماء السياسيون أعلنوا أن هذا لقاء أنداد، ولذلك هم يتحملون مسؤولية متساوية عن فشله.

وحاولت البرتغال الدولة المضيفة للقمة التي يمكنها القول بأنها حققت انتصارا صغيرا بتأمينها عقد القمة رغم جدل سبق اللقاء بشأن مشاركة موجابي التقليل من حجم الانشقاقات الظاهرة.

وقال رئيس الوزراء جوزيه سكراتيس في تصريحاته الختامية ـ مجرد عقد القمة هو نتيجةـ.

وبدا الانفصال بشأن حقوق الانسان كاملا عندما رد واد على مداخلة ميركل بشأن زيمبابوي فقال ان معلوماتها خاطئة.. وتساءل قائلا: من يستطيع القول ان الحقوق منتهكة أكثر من أي مكان اخر في افريقيا..

وقال ريد برودي مراقب حقوق الانسان: هذا شيء محرج، كما وبخ رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي الذي يعتبر أقوى زعيم في افريقيا والوسيط في مشكلة زيمبابوي للزومه الصمت في لشبونه بشأن موجابي.

وقال برودي: صمت مبيكي كان بمثابة اصبع في عين الرأي العام. وتساءل بعض المحللين عن سبب تحول مشكلة زيمبابوي الى فكرة متسلطة على الغرب.

فقد حظي زعماء أفارقة اخرين متهمين بانتهاكات أو بعدم تطبيق الديمقراطية بشكل صحيح مثل رئيس غينيا الاستوائية تيودورو اوبيانج نجويما مباسوجو ورئيس الجابون عمر بونجو وهو أطول الرؤساء الافارقة بقاء في السلطة منذ 40 عاما فيما يبدو بمعاملة أكثر تدليلا وتطور الشركات الغربية احتياطاتهم البترولية.

وأحضر الزعيم الليبي معمر القذافي الى القمة خيمته البدوية التي أقامها في القلعة التي تعود الى القرن السادس عشر على ضفاف نهر تاجوس ناشرا حراسه الاناث اللاتي ارتدين الزي العسكري وأحذية سوداء في قاعات جامعة لشبونة بينما كان يتحدث هناك.

وزاد من احساس العزلة أن سئل أحد المارة من البرتغاليين من قبل احدى محطات التلفزيون عما اذا كان سمع عن دارفور التي كتبت اسمها جماعات مدافعة عن الحقوق بحروف كبيرة خارج القمة فتساءل قائلا:.. دارفور.. أليس هذا اسم سلسلة متاجر بقالة كبرى.

الصين منافس قوي من طرف اخر

وبدأت الصين مؤخراً استثمارات ضخمة هناك مهددة بذلك مكانة أوروبا الأثيرة كشريك مفضل للقارة السمراء.

وفي المقابل، تطالب أفريقيا بزيادة الاستثمارات الأوروبية لتطوير وتحسين المستويات المعيشية لسكان القارة، حيث يعيش ثلثا سكان دول جنوب الصحراء الأفريقية على أقل من دولار واحد في اليوم، بالرغم من النمو الاقتصادي الذي تشهده بعض الدول الأفريقية.

ويشار أن الصين بدأت مؤخراً سباقاً نحو أفريقياً، حيث أعلنت في يونيو/حزيران الماضي عن إنشاء  صندوق بقيمة مليار دولار لتشجيع الشركات الصينية على التجارة والاستثمار في أفريقيا في إطار جهود صينية حثيثة لتوثيق الروابط مع القارة الغنية بالموارد الطبيعية.

وسيمول البرنامج، الذي يدخل في إطار مساعدات وقروض وعد بها الرئيس الصيني هو جينتاو قادة الدول الأفريقية في بكين في نوفمبر/تشرين الأول العام الفائت، مصرف التنمية الصيني.

وقال المصرف، المملوك للحكومة، في بيان أن الصندوق، الذي سيرتفع رأسماله إلى خمسة مليارات دولار، سيدعم المؤسسات الصينية في تنمية التعاون مع أفريقيا والاستثمار هناك..

تروج الصين نفسها كشريك للتنمية في أفريقيا فيما تعمل جاهدة على تأمين كافة مصادر الطاقة لتحريك اقتصادها المزدهر وإيجاد أسواق جديدة لمنتجاتها.

توسعت شركات النفط الصينية، المملوكة للحكومة، بشدة في دول القارة بإبرام  صفقات لشراء النفط من نيجيريا وأنغولا والسودان.

وتتهم بعض الدول الكبرى الصين بالنظر إلى أفريقيا كمستعمرة كما تتهمها بدعم أنظمة قمعية كتلك في السودان وزيمبابوي.

وترحب بعض دول القارة بتنامي الاستثمارات والمساعدات الصينية، إلا أن تمدد تواجدها التجاري هناك أدى لتذمر البعض الآخر من تزايد منافسة المارد الصيني وتهديده لعدد من الصناعات هناك منها قطاع المنسوجات.

وتنتقد بعض المنظمات الحقوقية دعم الصين للسودان على حساب حقوق الانسان، حيث تمتلك بكين استثمارات ضخمة في قطاع النفط هناك، في مواجهة الضغوط الدولية حول أزمة إقليم دارفور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17 كانون الاول/2007 - 6/ذو الحجة/1428