رغم انتفاء الخدمات والبنى التحتية: اهالي الأهوار يعودون الى ديارهم جنوبي العراق

شبكة النبأ: بدأ اهالي الأهوار في العراق بالرجوع تدربجيا اليها بعد عودة المياه الى اراضيهم لكنهم يعانون من مصاعب اقتصادية ومعيشية جمة. حيث لا شبكات كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا مستلزمات تعليم او عمل.

وتشغل الأهوار التي تمتد الى الشرق والجنوب الشرقي من مدينة الناصرية (110 كلم جنوب بغداد) مساحات واسعة من المياه تصل لأكثر من ثلاثة الاف كيلومتر مربع. وتتوزع فيها عشرات القرى بينها ما يطوف على سطوحها المائية حيث يسكن الان حوالى عشرة الاف شخص يمتهنون الزراعة وصيد الاسماك والرعي وجمع القصب الذي يغطي مساحات واسعة من الاهوار.

وقد عاد نحو عشرين الفا من سكان الاهوار منذ 2003 بحسب مسؤولين محليين الى المنطقة التي كان يعيش فيها قرابة 500 الف شخص قبل ان يتم تجفيفها بالكامل مطلع التسعينات من قبل نظام الدكتاتور صدام وتحويلها الى معبر للجنود والعربات العسكرية وتجمعات للقطع الحربية.

وفي 2003 وبعد سقوط النظام غمرت المياه مجددا تلك المساحات لتعود الحياة الى حوالى 65% من مسطحاتها المائية التي ظهرت فيها مجددا نباتات القصب والاسماك والحيوانات والطيور. وتوقع اهالي الاهوار تحسنا وانتعاشا في مختلف جوانب حياتهم بعد سنوات من التشرد والحرمان لكن آمالهم سرعان ما تبددت.

ويقول بديع خيون رئيس المجلس البلدي ورئيس "مجلس انعاش الاهوار" ان، الحياة في الاهوار صعبة للغاية ولاشيء يذكر عن الكهرباء والماء بالاضافة لانتشار البطالة. ويؤكد ان، جميع العوائل هنا تعيش مع اطفالها في منازل سقوفها من القصب البردي الذي لايقي من البرد او الحر.

ويشير الى ان، معظم اهالي الاهوار من العاطلين عن العمل ولا تتوفر لهم فرص للعمل اكثر من جمع القصب لبيعه وهذا لايسد رمق اسرهم لاكثر من يوم او يومين. وطالب خيون الحكومة العراقية بـ، بذل جهود ومساعي تساعد الاهالي الذين ارتبطوا بارضهم وأهوارهم من خلال توفير ما يلزم من متطلبات الحياة الاساسية.

ومن اشهر أهوار العراق الجبايش والكحلاء والمدينة والهوير والفهود والمشرح والطار والتي تتوزع بين محافظات الناصرية والبصرة و ميسان. وتعتبر الاهوار الممتدة بين محافظتي البصرة والعمارة من اكبر اهوار العراق يليها هور الحمار بين الناصرية والبصرة.

وتنتشر في الأهوار 253 مدرسة شيد سقوف معظمها من القصب فيما شيدت جدرانها من القصب والطين وبعض حجر البناء ومن المتعذر التمييز بينها وبين اكواخ الا من خلال اللوحات المتواضعة التي تحدد اسم المدرسة.

ويقول كاظم زياد مدير مدرسة الاهوار الابتدائية التابعة لقرية ابو سوباط  في هور الجبايش والتي شيدتها منظمة انسانية قبل عام وتتألف من ثلاث صفوف فقط، لا يمكن ان نطلق اسم مدرسة على ثلاثة صفوف مساحة كل منها ستة امتار مربعة فقط!.

وقال زياد لوكالة اصوات العراق، انه على الرغم من وقوع مدرسته على بعد اقل من كيلومترين عن مركز القضاء (الجبايش) الا انها تفتقر لكثير من التجهيزات التي يحتاجها الطلاب والاساتذة على حد سواء.

فيما قال اسد محمد مدير مدرسة العطار الابتدائية التابعة لقرية ابو زرك (ثلاثة كيلومترات الى الشمال من هور الجبايش)، ان مدرستنا تعاني من كثير من الاحتياجات وتفتقر لاجواء التعليم. وتابع، اما الوصول الى المدرسة فهو معضلة اخرى يعاني منها الطلاب والمعلمين معا.

من جانبه طالب حسين جاسم (39 عاما) والد اثنين من تلاميذ احدى المدارس في الاهوار الحكومة العراقية بتقديم دعم للمدارس واطلاق برنامج دعم اقتصادي لعوائل التلاميذ لتساعدهم في مواصلة الدراسة.

وقالت ام علي (57 عاما) وهي أم لثلاثة ابناء انهمكوا معها بجمع القصب، نحمل الكثير من العتب على الحكومة لانها لا تستجيب لنداءاتنا المتكررة.

واكدت السيدة التي تعيش في قرية ابو زرك وتقع في اطراف الجبايش ان قريتنا تقع في اطراف بعيدة ويسودها ظلام دامس فلم تصلنا كهرباء ولا ماء للشرب والناس يعيشون هنا مما يجنوه من بيع القصب الذي بالكاد يغطي ثمن الوقود احيانا.

بدوره ناشد ابو ساجد (42 عاما) الجهات الحكومية باستثمار مناطق الاهوار واستغلالها من خلال مصانع للورق والعلف الحيواني وانتاج مواد غذائية.

من جانبه اكد الطبيب ناظم الاسدي من مستشفى الجبايش المستشفى الوحيد لاهالي الاهوار ان، الاهالي هنا بحاجة ماسة الى خدمات طبية اوسع خصوصا وان المستشفى الوحيد هنا يعاني من عدم وجود كوادر مهمة مثل طبيبة نسائية او طبيب متخصص للاطفال.

وتخبىء الأهوار اسرارا وقصص جميلة جذبت العديد من الرحالة اليها بينهم الطبيب البريطاني السير ويلفرد تيزيغر الذي عاش فيها نحو سبع سنوات في خمسينات القرن الماضي والف عنها كتابه الشهير "عرب الاهوار".

ندوة حول سبل الحفاظ على الثروة السمكية في مناطق الاهوار 

وفي سياق متصل أقام قسم الاهوار في وزارة البيئة بالتعاون مع مديرية بيئة محافظة ذي قار، ندوة توعية تهدف إلى الحفاظ على الثروة السمكية في الاهوار والتحذير من تبني طرق غير قانونية في عملية صيد الأسماك وبمشاركة عدد كبير من صيادي الأسماك في مناطق الاهوار بمحافظة ذي قار.

وقالت  مديرة قسم الاهوار في وزارة البيئة، تم خلال الندوة تقديم شرح مفصل عن المساوئ التي يسببها الصيد بطرق غير قانونية مثل الصيد بالكهرباء وعلينا جميعا الحفاظ على هذه الثروة الكبيرة.

وأضافت سليمة افصيل لوكالة (أصوات العراق)، إن الطرق التي يتبعها صيادو الأسماك من أبناء الاهوار غير شرعية حيث تستخدم السموم التي تؤثر تأثيرا مباشرا على الولادات والتشوهات التي تسببها هذه الأنواع من الصيد.

وتابعت  إن، وزارة البيئة متمثلة بقسم الاهوار سباقة لإيصال صوتها إلى أبناء الاهوار والجلوس عن قرب مع هذه الشريحة من المجتمع و التي تتخذ من الاهوار مكانا لها والتحدث إليها وتوعيتها بما في ذلك الحفاظ أولا وأخيرا على الثروة السمكية في هذه المناطق.

وبينت افصيل، قمنا بجولة إلى مدرستين من مدارس الاهوار مدرسة الجبايش الابتدائية ومدرسة أبو سوباط  وتم اللقاء مع أبناء الاهوار هناك والتحدث معهم عن فائدة الصيد بواسطة الشباك والصيد بطريقة السم والكهرباء والفرق بينهما.

واستطردت، وجدنا إن أبناء الصيادين يفضلون الصيد بالشباك لأنها ثروة والمحافظة عليها هي مسؤوليتنا جميعا وكذلك قمنا بجولة في اهوار ابوسوباط والبغدادي والحمار والتقينا بعدد من صيادي الأسماك وهم يستخدمون الشباك جميعهم في عمليات الصيد وكذلك يفضلون هذه الطريقة واجمعوا على إن الحفاظ على هذه الثروة هو شعار الجميع هنا.

وأوضحت، تم توزيع  (فولدرات ) توعية عن الطرق المثلى للصيد والسلبيات التي  تتركها الطرق غير القانونية المستخدمة من قبل الصيادين في تلك المناطق.

وشارك في الندوة التي أقيمت في احد مضايف منطقة الاهوار في الجبايش(100كم جنوب الناصرية) صيادو الاهوار ومجلس أبناء الاهوار وممثل من صحة ذي قار إضافة إلى مديرية بيئة ذي قار. وتقع مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار على بعد 380 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4 كلنون الاول/2007 - 23/ذوالقعدة/1428