السلم والتواصل الانساني.. في رؤية الإمام الشيرازي

شبكة النبأ:  الدين الاسلامي رسالة تغييرية للفرد والمجتمع، من هذا الايمان الاصيل ينطلق الإمام الشيرازي كذلك ايمانه ان القوة لاتجتمع مع التغيير الفكري والقناعة به وانما تحتاج عملية التغيير الى اساليب سلمية وليست عمليات اكراه وقسر، ومن هنا فان الاصل والمرتكز الاساس للإسلام هو السلم والتواصل سيما وان هذه الرسالة العظيمة تعني كل البشر وتعني تغيير احوالهم الى الاحسن والاجدى وما هو نافع لهم في دنياهم وآخرتهم.

وقد يكون تصور مثل هذا انما يتعارض مع تاكيد القرآن على الجهاد واستخدام الاساليب القاسية وان مسالة الجهاد تظل سارية الى يوم القيامة وهو لذلك مبرر بما يكفي من الناحية الشرعية.

لكن القراءة الواعية والعميقة للواقع المعاصر في شقيه الاقليمي والعالمي المتغيرين والنصوص القرآنية من جانب آخر، هذه القراءة لدى الإمام الشيرازي (قده) كانت سببا في تصديه لمواجهة التعارض القائم بين متعاكسين بين مبدأ السلم وبين الجهاد.

** انطلاقا من كون القوة لها استخدامات متعددة في الاسلام يغلب عليها طابع الردع لصيانة السلم وليس لزعزعته، اذ استخلص الإمام من الآية ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة..)،

بان تحقيق السلام لابد له من قوة كافية للحفاظ عليه، ورغم ان الآية مطلقة ومتسعة وغير محددة بشكل ونوع القوة فهذا ما يراه الإمام الشيرازي بان القوة قد لا تكون بالشكل العسكري المباشر وقد تكون القوة الاقتصادية او التراص الداخلي للبلد الاسلامي او ما يصطلح عليه بالجبهة الداخلية فهذه قوة رادعة ولا تخرج عن منطوق الآية الكريمة باي حال.

وهكذا الحال بالنسبة للاعلام والمجتمع والاقتصاد والدبلوماسية وغير ذلك.

والجهاد اتخذته جهات كثيرة كنقطة واهنة في كثير من الوسائل الاعلامية والسياسية والفكرية على الاسلام ومن بعد تصنيفه ضمن التوجهات العنيفة إضافة الى الانطباع التاريخي عن مظالم الكنيسة

وهي طرق مظللة تهدف الى تشويه الاسلام او اتخاذ الافكار المتطرفة للاسلاميين الجدد من مثال القاعدة او غيرها من الاحزاب السياسية التي تتسمى بالاسلام وهي لا تهدف الى الدين بقدر هدفها السلطوي والتدميري، ومن خلال كل ذلك فان الافكار المناهضة للاسلام تفاعلت الى حد ما في السياسة الدولية مما اعطى مسوغ لاستمرار الحاكميات الاستبدادية وتركيز سلطاتها في الدول الاسلامية.

والإمام الشيرازي يميل الى الاخذ بالاساليب السلمية والحرب الدفاعية وليست الهجومية الا عند الضرورة اذ يتحول الجهاد لإحلال السلم والامن وهذا الراي سارت عليه مواثيق المنظمات الدولية والاقليمية اذ ان الفصل السادس من ميثاق منظمة الامم المتحدة ينص على الوسائل السلمية لتسوية المنازعات بين الدول، في حين جاء الفصل السابع ليعالج الازمة او النزاع في حالة فشل الاجراءات السلمية لتسويته.

وفي موقف الشيرازي هذا انما اثبت قدرته الفائقة في تحليل الظرف السياسي كما انه لم يعد ينظر الى الامور التكليفية لاسيما في هذا المجال في اطار الالتزام دون رؤية المصالح والغايات المترتبة على تشريعها ، اذ ان موازنة عناصر القوة والضعف بين المسلمين واعدائهم ترجح كفة الميزان وتميلها لصالح اعدائهم من قوى القرار العالمية، وهذا يسهم في زيادة معاناة المسلمين عند المواجهة فضلا عن ان الاسلوب السلمي اسهم في نيل الآخرين حقوقهم من المستعمرين كما هو الحال في تجربة غاندي في الهند وكذلك في الجزائر.

فالسلم الذي هو المبدأ الاسلامي الاصيل يستدعي ما يستدعيه التواصل الانساني بكون الدين الاسلامي دين غير مخصص في بيئة معينة ومحدودة وانما هو كشأن الاديان التي سلفت رسالة من الله تعني جميع البشر هداية ونور من الرحمة الكبرى، وهذا يترتب عليه مخاطبة كل الناس ومد جسور التواصل معهم وعدم تسميتهم بكتلة واحدة أي لايجوز ان يطلق على الدول الغربية كشعوب بانهم كفار لان ذلك يعني قطع الطريق والاحجام عن تبليغ الرسالة إضافة الى خلق روح العدائية بين الشعوب ورسالة الاسلام وهو ما يقع في صالح الحكومات العالمية ويشد من ازرها في محاربة الاسلام.

فالاسلام ليس له عدائية مع الشعوب وحتى مع الحكومات القائمة ان كانت لا تكيد للاسلام ولا تتصدى له عبر الوسائل العنيفة او المصالح الباطلة.

فان الدول الغربية مهما طال الزمن تتحول رويدا رويدا الى الاسلام بسبب اصالة الافكار الاسلامية وكونها تعبر عن ارادة المحرومين في كل ارجاء العالم، هذا اذا اخذنا بالحسبان الاهمية القصوى للكم الهائل من المسلمين الامريكان وفي مجمل البلاد الاوربيةن إضافة للجاليات التي بطور الحصول على الجنسية فان هذا العدد الهائل وما يرتجى من زيادته المطردة بالهجرة والمواليد فان النظرة حتما ستختلف وبهذا المنظار الواقعي يكون الاسلام هو الدين العالمي المستقبلي الذي يسود المعمورة.

فمن خلال السلم والتواصل مع الشعوب ومد جسور التفاهم والمحبة وابراز النموذج الاسلامي في الارض الاسلامية الحالية انما كل هذا يشكل دفعا كبيرا وواسعا باتجاه العالم الاخر ويعطي حراكا متفاعلا وهادءا لعملية التنوير التدريجي.

...........................................

المصادر:

خليل الربيعي/مجلة النبأ: العدد 83

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1 كلنون الاول/2007 - 20/ذوالقعدة/1428