نفط وأنابوليس وأشياء أخرى

الدكتور وليد سعيد البياتي

 لاشك ان ما تعرف بالحكومة المركزية في العراق تعيش مأزقا حقيقيا، ففي الوقت الذي لاتزال تهرول وراء جبهة التوافق لاعادة وزرائها، وتوسط اصحاب العلاقة وغيرهم، وجبهة التوافق تشد الحبل وترخية حسب مزاجها واهوائها، والمالكي لايفعل إلا تمديد المهلة مرة بعد أخرى، ولا يجروء ان يمس قيادات التوافق وخاصة الهاشمي الذي يتحدى المالكي الضعيف، ويزور المعتقلات واعدا الارهابيين باطلاق سراحهم، ومهددا باقياف احكام الاعدام واطلاق سراح سلطان هاشم، وغيرها من التصرفات التي لاتمت الى الدستور بصفة.

نجد المالكي يستعين بالقوات الامريكية لضرب الصدريين، في حين هو لا يجروء على تحريك شعرة ضد الدليمي والهاشمي وامثالهم، فهل ينتظر موافقة امريكية ام زيارة للسيدة رايس المشغولة بانابوليس؟  وجبهة التوافق لم تعد بحاجة الى مزيد من التعريفات بعد الكم الهائل من تصريحات اعضائها وعلى رأسهم الدليمي، لكن المالكي لايملك من امر نفسه شيئا، وهاهي حكومة البارزاني تضرب بعرض الحائط قوانين المالكي واوامر وزارة النفط المركزية، وتستمر بالتعاقد لبيع نفط كركوك خارج موافقات الحكومة المركزية، بل ان حكومة البارزاني، اثبتت انها اقدر واجدر، واكثر جرأة على التعامل مع الموضوع، بل انها الطرف الاقوى، ولو لم تكن الطرف الاقوى لخضعت لحكومة المالكي الضعيفة والمشتتة. وكيف يخضع القوي للضعيف! اذا كان المالكي حريصا على نفط العراق فهل يخبرنا اين ذهبت اموال النفط للسنوات الثلاث الماضية ولماذا لاتزال بغداد تعيش ازماتها؟

لاشك ان ضعف حكومة المالكي وخضوعها الكامل للارادة الخارجية قد انعكس على مجمل الفعل السياسي، اذا كان هناك ما يمكن ان نطلق عليه فعل سياسي. فاي حكومة هذه التي تسمح بفراغ وزاري يمتد لما يزيد عن ستة اشهر؟ اي رئيس حكومة هذا الذي لايملك ان يعين وزراءه؟ ومن سيتحمل تعطيل اعمال المواطن اليومية؟ أية حكومة هذه التي يتم اخضاعها لاهواء الاخرين كما حدث في قضة المشهداني وخروجة وعودته للبرلمان رغم انف المالكي وقوى الائتلاف؟ وهروب ناصر الجنابي في قضية اصبحت نكتة عراقية،وهروب النواب الذين لايزالون يقبضون رواتبهم وهم يعيشون في شقق فارهة في عمان ولندن والقاهرة وغيرها، فاي قانون يسمح باستمرار صرف المرتبات لانسان يعترف على نفسه بالارهاب؟ ففي الوقت الذي تشهد فية حكومة البارزاني حركة انماء متسارعة، نجد بغداد لاتزال تعيش الظلام وازمة المياه الصالحة للشرب وازمة المحروقات، وكم هائل من ازمات لاتنتهي تعلق كلها على ملف الحالة الامنية في الكثير من الاجحاف والتبرير.

 واذا كان المالكي قد قال ان الهاشمي يعطل 26 قانونا حكوميا، فهل تمكن هذا المالكي من رد الهاشمي او ايقافه؟ انه الضعف والتشتت لاغير.

والمالكي يسمح لنفسه باهانة ملايين العراقيين عندما يوقع على اتفاقات (ادعى بانها غير ملزمة) تسمح ببقاء غير محدود للقوات الامريكية في العراق وكأن العراق صار من ممتلكات المالكي يتصرف به كيف يشاء، وهل هذا مؤشر على دكتاتورية جديدة؟ والمالكي يؤكد على علاقة طويلة وغير محدودة الامد مع الولايات المتحدة الامريكية تحت حجة خروج العراق من البند السابع. وهنا نطرح تساؤلا، لماذا تزامنت هذه الاتفاقية التي جرت عبر مكالمة هاتفية ( دائرة مغلقة) مع بدء المباحاث، بل ليلة بدء مباحثات أنابوليس؟ ما علاقة اجتماعات أنابوليس بأمن العراق؟ وماذا يفعل الوفد العراقي في انابوليس؟ هل نحن على حدود اسرائيل ولا ندري؟  هل لاتزال اسرائيل تقيم وزنا للجيش العراقي؟ هل سيكون من نتاج هذه المباحثات اقفال الحدود الشرقية للعراق لتكون ضمانا لاستعدادات لعملية عسكرية ضد ايران؟ هذه جملة من تساؤلات كما التي سبقت للمالكي ولم يجب عليها، فالرجل مشغول بترتيب بقاء القوات الامريكية كما لم ينشغل من قبل! هو مشغول لدرجة انه لايهتم! إذ ما قيمة عراقيي الخارج؟ هو مشغول لتقديم نفط العراق مجانا للاردن، وهو نفس نهج الطاغية المقبور الذي كان يوزع النفط مجانا او بسعر اقل من سعر الكلفة ليضمن ولاءآت هنا وهناك! أو تحت حجة حماية العراقيين في الاردن الذي لايزال يسأل كل عراقي داخل هل انت شيعي ام سني؟ ففي الوقت الذي يقترب فيه سعر النفط من 100 دولار للبرميل يبقى العراقي يتحمل ازمة المحروقات والظلام في شتاء بارد.

 والسيدة رايس ستزور العراق زيارة مفاجئة كما عودتنا فهي تدخل بيتها ولا تحتاج الى إذن من المالكي وحكومته، وهل يحتاج صاحب الدار الى إذن ليدخل داره! طبعا الزيارة ستكون بعد انابوليس ربما في مطلع السنة القادمة لاعادة ترتيب الاوراق، ولتحديد مواقع القواعد الامريكية، وهنا نلفت الانتباه الى ان الطالباني صرح بضرورة بقاء ثلاث قواعد في العراق واحدة في الشمال، وواحدة في الوسط وأخرى في الجنوب. وحتى هذه اللحظة لم نقرأ ان رأيس دولة ورئيس وزرائها يعرض على قوى اجنبية ان تقيم لها قواعد في بلده!! وإلا فلماذا ازعجنا مؤرخوا التاريخ الحديث والمعاصر وقتها بجريمة حلف بغداد، وتواطؤ الساسة في العصر الملكي مع حكومة صاحبة الجلالة؟! ففي دراسة واقعية يصبح صاحبة الفخامة (نوري باشا السعيد) اشرف من الكثير من ساسة العراق الحاليين. 

* المملكة المتحدة – لندن

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28 تشرين الثاني/2007 - 17/ذوالقعدة/1428