وسط اجواء الحذر والترقب: بغداد تستعيد عافيتها المسروقة  

شبكة النبأ: يوما بعد يوم تستعيد بغداد ألقها المسروق منذ اربع سنوات بعد ان حرمتها قوى الإرهاب السلم والأمان وعاش الاهالي فيها سنين الاقتتال والتفرقة والعنف الطائفي فيما لا تزال تتطلع الى اعادة الاعمار وبناء ما خربه الأشرار.

وافتتح في بغداد وسط اجراءات أمنية مشددة شارع  ابو نواس الذي يُعد احد المعالم السياحية لمدينة بغداد بعد انتهاء حملة إعادة اعماره.

وانتشرت قوات أمن عراقية مكثفة من الجيش والشرطة والقوات الامريكية لحماية مراسم الافتتاح الذي حضره قائد قوات عملية فرض القانون والامن الفريق عبود قنبر وعدد آخر من المسؤولين الحكوميين والعسكريين وعشرات من المدنيين وعدد محدود من أفراد العائلات العراقية.

وقال قنبر إن إعادة افتتاح شارع ابو نواس، والذي (كانت) تتباهى به بغداد سابقا والذي يحمل عبق التاريخ وعنفوان دجلة وطيبة قلب العراقيين.. يعد واحدة من النتاجات والدلالات المشرقة لخطة فرض القانون.

وأضاف، اليوم شارع ابو نواس وغدا سنحتفل بافتتاح جسر الصرافية ونفقأ عين الارهاب ونعيد الحياة لجسر التاجي كما أعدنا هذا اليوم الحياة لجسر ديالى.. وسنبني المدارس ونفتح الكليات والجامعات وستبقى بغداد عصية على الاعداء. بحسب رويترز.

وتابع، لاتزال أمامنا الكثير من التحديات والصعاب واننا ندرك ان العدو لن يلقي سلاحه بالسهولة التي يتصورها البعض الا اننا عازمون على دحره وبشكل كامل.

يقع شارع ابو نواس وسط مدينة بغداد وعلى ساحل نهر دجلة الشرقي وكان الشارع يعتبر قبلة لكثير من العراقيين الذي اعتادوا القدوم اليه من اماكن متفرقة من مدينة بغداد وباقي المحافظات العراقية.

وتنتشر على طول الشارع العديد من المقاهي والمطاعم الشعبية التي اعتادت تقديم وجبة عراقية للسمك المشوي ويطلق عليه في العراق اسم ( السمك المسكوف) والتي اصبحت علامة تجارية لهذا الشارع.

وبعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003 قامت القوات الامريكية بوقف حركة مرور السيارات في الشارع وانتشرت على طوله الكتل الخرسانية العالية لحماية بعض الاماكن والفنادق الموجودة به وهو ما سبب حالة من الارتباك الشديد لحركة المرور في مدينة بغداد.

ووعدت السلطات العراقية قبل ايام بفتح عشرة شوارع في مدينة بغداد هذا الشهر من مجموع مايقرب من ثمانين شارعا مازالت مغلقة لدواع امنية.

وقامت أمانة بغداد تحت اشراف القوات الامريكية بتخصيص مبلغ مليوني دولار امريكي لاعادة اعمار الشارع بعد ان تعرض للاهمال وخاصة بعد عام 2003 .

وتم توزيع مبالغ مالية لاصحاب المطاعم للمساعدة في حملة اعادة اعمار الشارع التي استغرقت مايقرب من ستة اشهر.

وتسعى السلطات العراقية الى اعادة الحياة الى بعض مناطق ومعالم مدينة بغداد التي دمرتها العمليات المسلحة التي شهدتها المدينة خلال السنوات القليلة الماضية مستغلة تحسن الوضع الامني بشكل ملحوط في العاصمة.

ورغم انحسار العمليات المسلحة في بغداد وتحسن الوضع الامني الا ان المدينة مازالت تشهد عمليات مسلحة بين الحين والاخر.

وكانت مدينة بغداد شهدت انفجارا داميا وقع على بعد بضع مئات من الامتار في منطقة سوق الغزل اوقع ثلاثة عشر قتيلا وسبعة وخمسين جريحا.

ولم يمنع انفجار يوم الجمعة والاجراءات الامنية المشددة واغلاق الشارع امام حركة السيارات وتفتيش الاشخاص بشكل دقيق بعض العراقيين من حضور مهرجان الافتتاح.

وقالت رجاء محمود وهي ربة منزل كانت تجلس مع زوجها واولادها على مسافة من مكان الاحتفال، رغم التحسن الامني بس لازال الخوف بداخلنا ومازلت اشعر بالخوف..انا الان اتوقع ان يحدث انفجار في اي لحظة.. الارهابيون يستهدفون مثل هذه التجمعات.. وادعو الله الا يحدث هذا الان.

واضافت، هذه اول مرة مرة اخرج فيها مع العائلة الى مكان عام منذ اربع سنوات.. دائما اشعر بالخوف بسبب الانفجارات.. وادعو الله ان اتخلص من هذا الاحساس.

وقال الحاج علي مهدي وهو صاحب مطعم في الشارع انتهى قبل ايام من اعادة ترميمه بعد تعرضه للاهمال بسبب عزوف الناس لفترة طويلة عن ارتياد الشارع، المطعم الان جاهز لاستقبال الزبائن.

واضاف وهو يعد وجبة من السمك المسكوف لاحد الطلبات الخارجية، عندي احساس قوي وكبير ان الشارع سيعود كما كان واحسن.. وان حال مدينة بغداد سيتغير نحو الاحسن بشكل كبير.

اسواق بغداد تستعيد حركتها الليلية 

وشهدت مناطق العاصمة بغداد خلال الاسابيع الماضية، اتساعا واضحا لظاهرة التسوق الليلي، برغم تباين نسبة الحركة داخل الاسواق تبعا لاستقرار المناطق التي تقع فيها. وفيما اكد مواطنون واصحاب متاجر من مختلف احياء بغداد، على ان تحسنا ملموسا طرأ على واقع التسوق في العاصمة ليلا، قال اخرون ان هذا يمثل ظاهرة

مؤقتة ومحصورة في مناطق بعينها من بغداد، داعين الحكومة الى اتخاذ اجراءات سريعة لعودة الحياة الى

مناطقهم.

ويقول المهندس محمد عباس (35 عاما)، من اهالي منطقة الطوبجي (شمالي بغداد) أنن تحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، هو الذي دفع المواطنين الى تجاوز مخاوفهم والخروج للقيام بعمليات التسوق حتى اوقات متأخرة من الليل، خصوصا وانهم حرموا من هذه الطقوس التي اعتاد عليها البغداديون منذ وقت طويل.

وتابع عباس، الخروج بات امرا متاحا جدا، وبإمكاننا الذهاب ليلا للتسوق من العطيفية والكاظمية (شمالي بغداد) والكرادة (وسط بغداد) بعد تأمين الطرق المؤدية اليها من قبل قوات الجيش والشرطة. ويضيف، في السابق كان التسوق يتطلب منا اخذ اجازة من العمل صباحا .. اما الآن فلدي الوقت الكافي للتسوق في الليل بعد قضائي نهارا متعبا في العمل.

 في السياق نفسه ترى السيدة ام علي وهي ربة بيت تسكن في منطقة اليرموك (جنوبي بغداد) ان خروجها من الدار قبل اشهر من الان كان يعد "جنونا"، اما اليوم فقد بدا امرا طبيعيا.

وتوضح ام علي لـ(اصوات العراق) ان الخروج ليلا كان يعتبر جنونا قبل اشهر مضت، خاصة في منطقة اليرموك والمناطق المجاورة لها، بسبب نشاط بعض الجماعات المسلحة، الا انه أصبح الان أمرا طبيعيا. وتضيف مؤكدة، انا أقوم بالتسوق من شارع الكندي في الحارثية (جنوب غربي بغداد) والذي كان شبه مهجور حتى اشهر قليلة من الان. مبينة إن هذا الشارع المشهور بمحلاته الفاخرة، بدأ يعود إلى الحياة بعد أن كان ميتا.

وتقول الطالبة في كلية الادارة والاقتصاد، سميرة نوري (25 عاما) من سكنة حي الكرادة (وسط بغداد) أن التسوق الليلي ازداد خلال الأيام القليلة الماضية، بعد تحسن الأوضاع الأمنية في اغلب مناطق العاصمة بغداد، وتبين، نحن نذهب في احيان كثيرة إلى أسواق (الكرادة خارج) و(الكرادة داخل) في ساعات ما بعد الغروب، نتبضع من دون خوف، خصوصا بعد قيام الحكومة بالسيطرة على اغلب الشوارع الرئيسية في العاصمة بغداد والقضاء على ظاهرة السيطرات الوهمية التي كانت تقيمها بعض الجماعات المسلحة.

لكن سلمان سعد (45 عاما)، والذي يسكن حي الرسالة (جنوبي بغداد) يعطي رأيا مخالفا، فهو يقول انه ما زال من الصعب الخروج للتسوق في الليل، لأن اغلب المناطق التي تجاور الحي الذي يسكن فيه، لم تشهد استقرارا بعد. ويضيف سعد، ظاهرة التسوق الليلي مازالت محدودة حتى الان، لأنها تقتصر على مناطق محدودة في بغداد، بقية المناطق ما زالت تحت نفوذ المسلحين.

ويتابع، هناك الكثير من المناطق التي ما زالت حتى اللحظة لاتخضع لسلطة الدولة، خصوصا في الليل، مع انها كانت في السابق تضم اغلب المجمعات التسويقية الفاخرة. ويستطرد سعد بالقول، التسوق الليلي لا يمكن أن يعود مثل ما كان في السابق، وسيبقى ظاهرة محدودة ما لم تتدخل الحكومة لإيجاد حلول أمنية وسياسية لبسط الامن في بعض المناطق التي تعرف الآن بالساخنة.

من جانبهم، اتفق عدد من اصحاب المحال التجارية في العاصمة على ان تحسن الاوضاع الامنية ساهم بشكل مباشر في توسع ظاهرة التسوق الليلي، لكنهم تفاوتوا في تحديد ساعات العمل الليلي بالنسبة لمتاجرهم، تبعا لطبيعة المناطق التي ينشطون فيها ومقدار سيطرة الاجهزة الامنية فيها.

 يقول ابو منتظر، صاحب اسواق لبيع المواد الغذائية والمنزلية في سوق الشرطة الرابعة (جنوبي بغداد)، كنت أغلق  أبواب المتجر في الساعة الثانية عشرة ظهرا بسبب المواجهات التي تحدث في المنطقة، اما الآن فأنتهي من عملي وأقوم بإغلاق متجري في الساعة السابعة مساء. مضيفا أن حركة السوق الآن نشطة جدا إلى درجة اني قمت بالاستعانة بعامل ليساعدني في عملي، واتمنى أن تستمر حركة التسوق النشطة في شوارع بغداد دون أن تعكر صفوها السيارات المفخخة. وتابع، المنطقة أصبحت آمنة بعد الاتفاق الذي جرى بين شيوخ عشائر سنية وشيعية.

 ويشير ابو علي، صاحب مطعم للوجبات السريعة في منطقة البياع (جنوبي بغداد) ان مطعمه يفتح أبوابه إلى الساعة السابعة والنصف مساء، بعد أن كان مغلقا تماما بسبب الوضع الأمني السيئ في منطقة البياع. مشيرا الى ان المواطنين بدأوا يرتادون الاسواق للتبضع ليلا، بعد أن كانوا لا يخرجون في هذه المنطقة حتى في النهار احيانا. معللا نشاط الأسواق ليلا بسيطرة الأجهزة الأمنية على الوضع في بغداد.

ويوضح نبراس احمد، صاحب محل لبيع الألبسة النسائية ومساحيق التجميل في حي الكرادة، ان حركة التسوق اليوم تشهد تحسنا ملحوظا، لكن ما يميزها اكثر هو تبضع النساء ليلا بعد كان محددا بساعات النهار فقط، وهذا مالمسناه بوضوح في الايام الاخيرة. ويصف احمد هذا الأمر بـ"الجيد جدا".

وتابع، الزبائن يأتون الان من مناطق مختلفة من بغداد بعد ان كان زبائني من سكان المنطقة حصرا قبل اشهر، ويظل متجري يستقبل زبائنه حتى  الساعة الحادية عشرة ليلا بسبب الحركة التي يشهدها سوق الكرادة.

هذا التحسن في حركة الأسواق ليلا انعكس إيجابيا على سائقي سيارات الاجرة الذين اعرب عدد منهم عن ارتياحهم لحركة التبضع الواسعة، لما توفره من مساحة عمل جيدة لهم، ويقول سائق الاجرة سعد محمد لـ (اصوات العراق)، نحن سواق الأجرة كنا نعاني من قلة ساعات العمل، لكن الان يستمر العمل الى ما بعد غروب الشمس، واذهب إلى الكثير من المناطق التي كانت محظورة علينا بسبب الوضع الامني، وهو مايوفر لي فرص عمل اكثر واوسع.

لكن الأمر في المقابل تسبب في زحام مروري أشار إليه رجل المرور، باسم صباح، وإن بدا غير مبال بالتعب الذي يقع على كاهله بسبب غياب الإشارات الضوئية من التقاطعات، وذكر أن الاختناقات والازدحامات المرورية لم تعد ضمن ساعات النهار الاولى فحسب، بل زادت حتى وقت متأخر من الليل.

باسم الذي يعمل في تقاطع الكرادة والذي بدا مشغولا بتنظيم حركة السير المزدحمة اوضح ان، كانت حركة السيارات مزدحمة في أوقات الصباح فقط والآن نجدها تشهد نشاطا في أوقات مختلفة من النهار والليل، وفي بعض الأحيان نجبر على البقاء إلى أوقات متأخرة لتنظيم حركة السير خاصة مع عدم وجود الإشارات الضوئية.

من جانبه اعتبر الناطق المدني باسم خطة فرض القانون، تحسين الشيخلي أن النشاط الذي تشهده أسواق بغداد ليلا، دليل واضح على تحسن الوضع الأمني في العاصمة بغداد.

وقال الشيخلي لـ(اصوات العراق) إن، اتساع ظاهرة التسوق الليلي في بغداد، اضاف للاجهزة الامنية مهمة اكبر تتمثل في ادامة الأمن في بغداد. مشيرا الى ان، توجيهات رئيس الوزراء أكدت على رفع الكتل الكونكريتية، مما سيساعد على انسيابية حركة مرور السيارات ومنع الاختناقات المرورية، لمواكبة حالة الامن والنشاط التي تشهدها مناطق العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27 تشرين الثاني/2007 - 16/ذوالقعدة/1428