الشرق الأوسط والصحوة الاقتصادية: تحويل مرتكزات النمو من النفط الى الأصول المالية

اعداد/ صباح جاسم

 شبكة النبأ: مع النمو المتصاعد الذي ينبئ بانفصال اسيا عن دائرة الأعمال في امريكا والمحاولات المستمرة لتحرير العملات اصبحت الآمال قيد التحقيق بالنسبة لدول الشرق الاوسط وخاصة الخليج في الاستعانة بمرتكزات نمو استراتيجي غير تلك التي توفرها العائدات النفطية.

وقال ناصر السعيدي، كبير الاقتصاديين في سلطة مركز دبي المالي العالمي، إن منطقة الشرق الأوسط تعيش ما أسماها صحوة اقتصادية معيداً ذلك إلى نجاح تلك الدول في تحويل مرتكزات نموها إلى الأصول المالية عوضاً عن النفط.

ولفت السعيدي إلى إن الاستثمارات الحالية في مشاريع البنية التحتية بالمنطقة بلغت 1.3 ترليون دولار، فيما سيبلغ الاحتياطي الأجنبي عام 2008 أكثر من 455 مليار دولار، وهي بيانات واكبها اخبار بدعوة دول مجلس التعاون خلال قمتها المقبلة إلى تحرير عملاتها لكبح التضخم.

حديث السعيدي جاء على هامش فعاليات "أسبوع مركز دبي المالي العالمي" حيث ركز كبير الاقتصاديين في سلطة مركز دبي المالي العالمي على دور استثمارات البنية التحتية بتحريك عجلة اقتصاد المنطقة، والحصة المتزايدة للقطاع الخاص في دفع عمليات تكامل اقتصاديات المنطقة.

السعيدي، الذي شغل في السابق منصب وزير الاقتصاد في لبنان، قال إن الشرق الأوسط سيلعب دوراً محورياً بسبب موقعه الجغرافي مع انفصال آسيا عن دائرة الأعمال في الولايات المتحدة.

وأضاف أن الاحتياطي الأجنبي في دول الخليج شهد نموّاً ملحوظاً خلال السنوات العشر الماضية، حيث بلغ حوالي 365 مليار دولار أميركي في العام 2007، ومن المتوقـّع أن يصل إلى 455 مليار دولار أميركي في عام 2008. بحسب CNN.

كما أشار إلى أن قيمة الاحتياطي الأجنبي في كافة بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبلغ حوالي تريليون دولار أميركي، مرجحاً تسجيل زيادة دائمة في الدخل بحوالي 550 دولار أميركي وبمعدل فعلي يبلغ 3 في المائة.

وقال السعيدي: بالنسبة إلى التوقعّات المستقبلية، فإن عائد هذه البلدان من الأصول وصافي الأصول الأجنبية سيتجاوز العائد من النفط، كما أن نسب الفائدة ستصبح بالنسبة إلى هذه البلدان أهم من أسعار النفط.

وحث السعيدي المنطقة على فصل إدارة عوائد النفط عن الاستثمارات، وعلى استخدام الثروات الناتجة عن الموارد الطبيعية للاستثمار في الأجيال المقبلة.

من جانبه، توقع هنري عزام، الرئيس التنفيذي في دويتشه بنك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تتحول المنطقة إلى عامل جذب رئيسي للمستثمرين، من داخل وخارج المنطقة.

فيما حذر سليمان ديمير، كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الاقتصاديات والاستراتيجية في مؤسسة الخليج للاستثمار صانعي السياسات من خطورة عدم تنويع الاستثمار، وقال: في الوقت الحالي، يشهد قطاع العقارات إقبالاً كبيراً. وعلى صانعي السياسيات أن ينظروا إلى الإنتاجية على صعيد المنطقة بأسرها.

أما براد بورلاند، رئيس قسم الأبحاث وكبير الاقتصاديين في "جدوى" للاستثمارات، فقد ذكّر المشاركين بأن النمو الكبير يترافق مع تحدّيات التضخم وانخفاض العملة، وذلك حتى في أفضل الفترات الاقتصادية. 

وأضاف: مع كل الفائض، من المثير للاهتمام أن العملات تشهد انخفاضاً في قيمتها... فلنقتنص هذه الفرصة الذهبية، ونحل هذه المشكلة ثم ننتقل لنركّز على المسائل الأساسية التي تهم المنطقة شأن إصلاح الأسواق المالية وتكاملها، وإزالة العوائق التي تحول انتقال رؤوس الأموال، وتعزيز مؤسساتنا.

وقد وجد هذا الموقف صداه لدى علاء اليوسف، كبير الاقتصاديين في بيت التمويل الخليجي، الذي لفت إلى "الفرصة الذهبية" التي تتيحها قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 28 في الدوحة للسياسيين ليتفقوا على اعتماد سياسات نسب التحويل الخاصة بهم، واعتماد العملة الموحدة في وقت لاحق.

دول الخليج والإستعداد لمرحلة تراجع إنتاج النفط

ودعت دراسة متخصصة أصدرتها شركة استشارات عالمية دول الخليج العربي إلى الاستعداد لمرحلة تراجع إنتاج النفط, مؤكدة حاجة تلك الدول إلى التغيير في مجال القدرة على الاستمرارية الاقتصادية، حيث إن مواردها ستتعرض لضغوط متزايدة.

وأوضحت شركة الاستشارات الإدارية العالمية "إيه تي كيرني" في تحليلها لتوجهات قطاع الطاقة العالمي بشكل عام والشرق أوسطي بشكل خاص, أن دول الخليج العربية تنتج ما يكاد يكون ثلثـي الإمداد العالمي من النفط؛ غير أن الاحتياطيات النفطية تتضاءل. ونقلت "إيه تي كيرني" عن العلماء العاملين في "مركز تحليل نضوب النفط" الذي يتخذ لندن مركزاً له، أن الإنتاج العالمي للنفط سيصل إلى ذروته في السنوات الأربع المقبلة، قبل الدخول في تراجع حاد ستترتب عليه نتائج هائلة على الاقتصاد العالمي. وحيث إن اقتصادات معظم الدول الخليجية تعتمد إلى حد كبير على النفط والغاز، فإن هذه الاقتصادات ستصبح غير محصنة.

وبالتالي، فإن هذا من شأنه أن يضطر العديد من هذه الدول الخليجية إلى استخدام ما يزيد على 50 في المائة من الناتج القومي العام من أجل ضمان مصادر للدخل والتمويل الحكومي مستقبلاً. وسيكون التأثير المالي المحتمل، الناتج عن تحويل صافي عائدات الصادرات النفطية إلى واردات هائلا جداً. كما أن السعي إلى الثراء، وزيادة السكان والاعتماد القوي على الدولار الأمريكي المتداعي، ستزيد من تفاقم هذا التحدي أيضاً. وإضافة إلى ذلك، فإن الصناعات الأخرى، كالبناء والنقل، ستتأثر هي الأخرى بتداعيات نتائج التراجع النفطي - وهذا يعني أن ذلك سيستقطع 15 في المائة من الناتج القومي العام.

لقد حللت "إيه تي كيرني" توجهات قطاع الطاقة العالمي، وورد في تحليلها عدد من النقاط المنطقية التي من المرجح أن تحمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على بناء صناعات طاقة شمسية. وهناك في الوقت الحاضر أكثر من 100 مشروع لتوليد الطاقة من كل الأنواع في دول مجلس التعاون الخليجي، تبلغ قيمتها مجتمعة أكثر من 150 مليار دولار.

وتتوقع "إيه تي كيرني" أن يصبح للطاقة الشمسية، وبسرعة، وجودها في دول مجلس التعاون الخليجي بسبب الطلب المتزايد على الطاقة وعلى الإبداع في مجالاتها كذلك. وحددت هذه الدول دوافع رئيسية تشجع صناعة الطاقة الشمسية، وتحديداً السوق الناشطة التي تطالب بإيجاد مصادر طاقة بديلة، والطلب المتزايد على الكهرباء، والتحسينات المستمرة في التكنولوجيا، وكذلك الوفرة في الطاقة الشمسية القوية في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى أية حال، فإن نمو صناعة الطاقة الشمسية على نطاق واسع لا بد له أن يجد استراتيجيات محلية وإقليمية داعمة له.

وتقدّر "إيه تي كيرني" أن القيمة الاقتصادية المحتملة للطاقة البديلة في دول مجلس التعاون ستبلغ نحو 11 مليار دولار أمريكي في السنة، كما أنها ستسلط الضوء على أن التنمية المقترحة في صناعة الطاقة الشمسية في دول الخليج ستكون لها تأثيرات مهمة على سياسات هذه الدول في مجال الطاقة.

إن هذا الوضع يطرح أمام الحكومات والشركات الفرصة للمشاركة الفاعلة في التنمية، والعمل سوياً على دفع اقتصاد الطاقة الجديد.

ويرى الدكتور ديرك بوكتا، المدير المسؤول في شركة إيه تي كيرني الشرق الأوسط أن الاقتصادات الناجحة بحاجة لأن تنمو، لأن الكيانات التي تنمو هي الكيانات التي تحقق نجاحاً؛ فإذا كنت لا تنمو، فإنك لا تستمر ولا تعمـّر, والحكومات والشركات التي لا تتوافق مع التغير فإنها لا تستمر ولا تعمـّر.

وأوضح الدكتور ديرك بوكتا أنه من المهم أن تكون هناك استراتيجية للتملك ذات موقع فريد واضح، تعتبر أن قوة البلد وتطويره تحتاج إلى ما هو أكثر من التوجه القائم لهذا البلد، الذي يريد أن يحذو حذو الدول المجاورة وتقليدها في كل ما تذهب إليه, إن ابتكار مسار جديد واعد للنمو في بلد معين يتطلب بالضرورة فهم ما يتوافر لدى هذا البلد من فرص، وما يواجهه من تحديات خاصة به.

وأشار بوكتا إلى أن تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في الشرق الأوسط وارد في جدول أعمال الحكومات الآن، وأنه يجري في الوقت الحاضر تقييم لأنواع الطاقة المتجددة كالرياح، الهيدروجين، والطاقة الشمسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 25 تشرين الثاني/2007 - 14/ذوالقعدة/1428