أمل في عودة الحياة: هل تعلّم العراقيين من دروس التفرقة والعنف والإرهاب؟

شبكة النبأ: رغم المراقبات والوقائع والتحليلات الدقيقة التي تنقلها مختلف وسائل الإعلام عن تحسن الوضع الأمني في بغداد في الاونة الاخيرة الا ان العراقيين انفسهم وخاصة الذين أووا واحتضنوا الجماعات المتطرفة والإرهابية، ثم اكتووا بنارها، هم وحدهم المسؤولون عن تصاعد هذا التحسن او انتكاسه. حيث استمرار التعاون مع القوات الأمنية والمتعددة الجنسية هو الضمان الوحيد للسير نحو السلم والأمان.    

وقالت صحيفة شيكاغو تربيون الأمريكية، إن الحياة أخذت تدب في شوارع بغداد. ووصفت الصحيفة سكانها بأنهم، ابتدئوا بالتذكر كيف يكون الحال الاعتيادي. وقالت الصحيفة انه منذ الزيادة الأخيرة للقوات الأميركية في أيار مايو الماضي وانتشارها في بغداد، شهدت بغداد تحولا وصفته بـ الرائع لكنها تساءلت عن مدى تعلم العراقيين الدرس من العنف.

وتتابع الصحيفة قولها إن شوارع المدينة لم تعد تفرغ من الناس وقت الغسق كما كان عليه الحال سابقا، وابتدأت محال الترفيه ودور السينما تفتح أبوابها، بل إن بعض المحال تبقى تمارس أعمالها حتى وقت متأخر من المساء والأطفال يلعبون في الحدائق، والشباب والشابات يبقون بعد حلول الليل، وتمتلئ المطاعم بالعائلات ويجلس الكبار في المقاهي يلعبون الدومينو ويدخنون النارجيلة. 

إلا أن الصحيفة تستدرك، مع ذلك ما زالت في بغداد جيوب خطرة تحت سيطرة تنظيم القاعدة، وما زالت العصابات تعمل في دروب المدينة الخلفية، كما أن أصداء الانفجارات ما زالت تسمع من بعيد. مع أنها كما تقول الصحيفة اقل كثيرا مما كانت عليه قبل شهور. إلا أن سكان بغداد وبعد سنوات اخذوا يتذكرون كيف تكون الحياة الطبيعية. 

وتتابع الصحيفة قولها إن أعداد الانفجارات بكل أنواعها انخفضت كثيرا، فمن 1.641 في مستوى العراق كله في آذار مارس الماضي، تدنى ذلك الرقم إلى 763 في تشرين الأول أكتوبر الماضي. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يبقى مرتفعا إلا أن هذا المستوى لم تشهده البلاد منذ أيلول سبتمبر 2005، طبقا لما يقول الجيش الأميركي.

كما أن الهجمات بقذائف الهاون انخفضت هي الأخرى من 224 هجوما في بغداد في حزيران يونيو إلى 53 في تشرين الأول أكتوبر. حيث قال جنرال رفيع في الجيش الأميركي، إن أعداد التفجيرات في البلاد كلها انخفضت إلى النصف عما كانت عليه في آذار مارس الماضي.  

وتشير الصحيفة إلى انه على الرغم من صعوبة الحصول على الإحصاءات الموثقة منذ أن توقفت الحكومة العراقية عن نشر إحصاءات شهرية في وقت سابق من هذه السنة، لكنها تقول إن أعداد القتلى قد انخفضت حتما. وطبقا لإحصاء قامت به اسوشيتدبريس، فان 750 شخصا قتلوا في العراق في تشرين الأول أكتوبر، وهذا يعني أن هذا العدد اقل من 2,172 قتيلا سقطوا في كانون الأول ديسمبر الماضي. لكن وزارة الداخلية العراقية تعطي رقما اقل من هذا، فقد ذكرت أن 506 مدنيين قتلوا في عموم البلاد للشهر نفسه. 

وعلى الرغم من أن العام 2007 هو أكثر الأعوام خسارة في صفوف الجيش الأميركي من الغزو في العام 2003، إلا أن الإصابات في الجيش الأميركي قد انخفضت مؤخرا، من 126 في أيار مايو إلى 38 في تشرين الأول أكتوبر، و 23 في الأسبوعين الأولين من تشرين الثاني نوفمبر الجاري.  

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أمريكيين وعراقيين يردّون أسباب الانخفاض في مستويات العنف عموما في العراق إلى جملة عوامل، منها الزيادة التي طرأت على أعداد القوات الأميركية بواقع 30.000 عنصر، الأمر الذي رفع من قدرات قوات الأمن العراقية. ففي حين كان المرء في السابق يتنقل في بغداد من دون أن يرى وجودا يذكر لقوات الأمن، هناك الآن نقاط تفتيش بمجموعات، كما أن قوات الشرطة تنتشر بذكاء في زوايا الشوارع. 

لكن الأكثر أهمية من وجود القوات في الشوارع، كما يقول مسؤولون، هو الصحوة التي شهدتها الأحياء السنية ضد تنظيم القاعدة في العراق. ونقلت الصحيفة عن اللفتنانت جنرال ريموند اوديرنو في أثناء تقرير له للبنتاغون في وقت سابق من هذا الشهر أن السبب في ذلك هو، عملياتنا الهجومية على تلك الجماعات المتطرفة، إلا أن التغير الحقيقي جاء بسبب رفض عامة الناس لتنظيم القاعدة.

إلا أن مسؤولين أمريكيين يدعون إلى الاحتراس كما تقول الصحيفة إذ يقولون، إن تنظيم القاعدة قد استعاد نشاطه بعد ضربات تلقاها في السابق، ومن المؤكد انه سيعيد تنظيمه ويجمع فلوله. 

وقال الميجر جنرال جوزيف فل، قائد القوات الأميركية في بغداد، في تصريح له في 6 من تشرين الثاني الجاري إن، القاعدة ما زالت تعمل ولم تنته بأي حال من الأحوال. وهم سيعودون إذا سمح لهم. 

وقالت الصحيفة إن العنف الطائفي ما زال موجودا وان كان بنسبة اقل، فضلا عن أن أعدادا كبيرة من المهجرين لم تعد إلى مساكنها.  

وتختتم الصحيفة تقريرها بسؤال عن مدى تعلم العراقيين الدرس من وراء العنف واحتضان الجماعات المتطرفة.  

نازحون عراقيون يصارعون لاستئناف حياتهم

تعيش فضيلة داغل في قرية بلا اسم لا تظهر على الخريطة.. إذ أقيمت المستوطنة الواقعة قرب طريق حيوي يقطع اراضي قاحلة على مشارف المنطقة الجنوبية الشرقية ببغداد جراء حمامات الدم الناشبة في العراق. وتعرفها القوات الامريكية التي تقوم بدوريات في المنطقة باسم "القرية رقم 8."بحسب رويترز.

فرت فضيلة وزوجها واطفالها الستة العام الماضي مع عشرات من الأُسر الشيعية من منطقة زراعية صغيرة قرب بلد روز على بعد ستين كيلومترا هربا من مسلحين يريدون قتلهم. وقالت، قتل شقيقي ثم هاجموا جنازته وقتلو قريبا لي وخطفوا اخر.

وظهرت عشرات من الاماكن مثل القرية رقم 8 في العراق مع بحث النازحين عن ملاذ امن مما أعاد رسم خريطة العراق.

وهذا الاسبوع قال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان عدد النازحين في الداخل بلغ 2.3 مليون وهو تقريبا مثلي العدد الذي نزح قبل تفجيرات سامراء وكان حينئذ 1.2 مليون.

وذكر المكتب ان 60 الفا ينزحون من ديارهم كل شهر اي بمعدل الفين كل يوم. ولا تبدو المنطقة الواقعة على مشارف جنوب شرق بغداد بقراها الصغيرة الفقيرة ميدانا محتملا للقتال ولكن جرائم القتال الطائفية هزتها.

فبعد ساعات من الهجوم على المزار الشيعي في سامراء في فبراير شباط 2006 تم احتجاز 47 شخصا من قافلة من المركبات واطلق عليهم الرصاص في الرأس والقى بهم في حفرة قرب النهروان شمالي القرية رقم 8 وكان الضحايا في طريقهم للمشاركة في تجمع حاشد يدعو للوحدة الوطنية.

وبعد اسبوع هاجم عشرات المسلحين السنة النهروان عند الغسق وقتلوا 25 عاملا شيعيا في مصنع للطوب واربعة في محطة محطة كهرباء قريبة. ومع تفشي اعمال العنف تحول اناس عاشوا جنبا الى جنب لسنوات الى اعداء وبالمقابل فر عدد كبير من السنة.

واضحت المنطقة شيعية بالكامل تقريبا. ويقول جنود امريكيون ان الميليشيات الشيعية في المنطقة زرعت الغاما على الطرق شمالي محافظة ديالى ليس لمهاجمة القوات الامريكية بل لوقف هجمات المسلحين السنة وحلفاؤهم مقاتلي تنظيم القاعدة.

ويزور الجنود من قاعدة هامر المتقدمة القريبة العراقيين النازحين بانتظام كي يقدموا اليهم ما يمكنهم من مساعدة.

ويقول باتريك موفيت من الفرقة الثالثة مشاة، نحاول ان نوفر الحماية والامن وتقديم بعض الخدمات الحيوية والضرورية التي يحتاجها هؤلاء. ويقول ضباط ان الحكومة العراقية تقدم بعض المساعدة ولكن القرويين يريدون المزيد.

وتقول داغل، الحمد لله اننا نعيش في امان الان لكننا نحتاج مساعدة الان لان معظم رجالنا لا يعملون. وقالت منظمات معونة ان كثيرين من العراقيين النازحين من المنطقة المحيطة ببغداد لا يمكنهم العثور على عمل او الحصول على رعاية طبية او الحاق اطفالهم بالمدارس.

ويستأجر البعض مسكنا او ينتقل للاقامة مع اسرته الاكبر ولجأ البعض الاخر الى مباني عامة بلا كهرباء او مياه أو صرف صحي. ويعيش اخرون في خيام او مستوطنات اقيمت حديثا مثل القرية رقم 8.

وتمثل الاسر التي تبحث عن ملاذ داخل العراق جانبا واحدا من مشكلة اكبر اذ يعتقد ان ما لا يقل عن مليوني عراقي فروا لدول اخرى من بينها سوريا والاردن بصفة اساسية.

ويقول مسؤولون في بغداد ان ما لا يقل عن 46 ألف اسرة عادت للعاصمة من الخارج شجعها على ذلك تراجع حاد في اعمال العنف في الاشهر الاخيرة لكن مسؤولي المعونة يصفون عدد العائدين بانه ضئيل جدا ولا يمثل اتجاها ويضيفون ان تشديد اجراءات منح تأشيرات دخول للعراقيين في دول اجنبية ربما يكون السبب.

ويتحدث بعض سكان القرية 8 عن العودة لديارهم في يوم ما. ولكن الاغلبية تقول انها لن تعود.

وقال عبد الرزاق (60 عاما)، لم يتبق لي ما أعود اليه. لم يعد لي شيء هناك. لم يفعل جيراني السنة شيئا لمساعدتي على البقاء. لذا لماذا اعود الى هناك مرة اخرى..

الأمم المتحدة ستساعد في إعادة اللاجئين والنازحين داخلياً 

ستقوم الأمم المتحدة بدعم الحكومة العراقية في سعيها لتسهيل عودة اللاجئين والنازحين . وياتي هذا الدعم في وقت أعلن فيه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستافان دي مستورا) قائلا، نرى بوادر لبدء عودة اللاجئين والنازحين داخلياً إلى منازلهم.

ويقول بيان لمنظمة يونامي التابعة للأمم المتحدة  تلقت وكالة ( أصوات العراق ) نسخة منه ان الامم المتحدة ستقوم بـ تقديم المشورة الفنية ووضع آليات لجمع البيانات ورصدها وتشجيع زخم العودة الآمنة والطوعية. ويقول البيان ان الأمم المتحدة ستقوم بهذه المبادرة بناءً على طلب وزارة الهجرة والمهجرين العراقية.

وقد صرّح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي مستورا، قائلاً: بما أننا نرى بوادر لبدء عودة اللاجئين والنازحين داخلياً إلى منازلهم، فإننا على أهبة الإستعداد لمساعدة الحكومة العراقية لضمان أن تحظى هذه المبادرة الإيجابية والأولية منذ بداياتها بالمساعدة الملائمة ويتم تنفيذها كما يجب.

ومن جانب آخر خلصت دراسة أعدتها دائرة الإحصاءات العامة في الاردن بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث النرويجية (فافو) . الى أن أعداد العراقيين المقيمين في الأردن وصلت في شهر أيار الى ما بين 450الى 500 عراقي. وهو عدد يقل كثيرا عن الرقم الذي كان متداولا والذي قدر عدد العراقيين بحوالي 750 ألفا .

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22 تشرين الثاني/2007 - 11/ذوالقعدة/1428