صباح الحب ياعراق

شبكة النبأ: الصباحات الواعدة بالامل محمولة في هذه الايام في سلال شمس الوطن، وهي تطل على سماء العراق، فيما تلقي على الناس بطيف ابتسامة توعد بالاشراق الجميل، والمحبة العراقية الاصيلة، التي هاجرت سماة الوجوه المتعبة.

ان ما تشهده المدن العراقية اجمالا وخصوصا بغداد العاصمة من استقرار نسبي، يعد في الحقيقة شيئا كبيرا، وتحول مميز، قياسا بالاضطراب والارباك الامني في الفترة السابقة، أي السنوات العجاف التي مرت بها العاصمة بغداد، بما شهدته من تفاقم الضغينة والكراهية المقيتة، وعمليات القتل الجماعي، وسيل الدماء، حتى ليرى المرء ان لا نهاية قريبة لهذه المجزرة الفضيعة، وليس ثمة امل بانزياح الغمة السوداء، التي ترزح بثقلها وظلامها على النفوس.

ونسال لمن نعزو هذا التغيير بكونه تغييرا اجتماعيا، ورغبة كلية اجتاحت القناعات، وهدأت النفوس، ونحن نستبعد ان تكون القوى الردعية هي الاساس في هذا التغيير، رغم كونها تشكل مساحة مهمة وعامل قوي في هذا الاتجاه.

ان كثير من العقلاء يرون انها عودة الى الطبيعة الانسانية، وعودة للمفاهيم والسجيّة المسالمة، التي تشكل لدى العراقيين سلوكياتهم وتعاملهم في الحياة.

ويضاف الى ما تقدم فان الحياة لها ناموسها المتقدم باقتدار، باتجاه الاستمرار والتفاعل الى اليوم القادم. فالبنادق التي كانت تنوب عن العقول والافواه اخذت اصواتها تخبو في كثير من المناطق، فضلا ان بعضها الآخر لا يستطيع ان يصل الى الهدف الجرمي، ولا يمكنه عبور المصّدات الاجتماعية التي ما عادت تسمح او تسمع لخطابه الغاشم المتخلف، بل انها ترى فيه متاهة للحاضر والمستقبل ،إضافة لضياع فرص ثمينة من الماضي الممتد لاكثر من اربعة سنوات، وما اهدر في هذه السنوات الدامية من اموال في اصلاح البنى المخربة، او تعطيلها، وما اعترى التنمية من تباطؤ. وفوق كل ذلك الارتباك المشوه للمشهد السياسي، وانعدام فاعليته في الساحة العراقية.

في هذه الايام اخذت الحركة شبه الطبيعية توالي اقدامها في الشارع، في سوق العمل ويمكن مشاهدة عمال البلدية، وهم يزرعون الزهور في الجزرات الوسطية، ويرممون جراح العاصمة ويغسلون وجهها الحزين المفجوع بخيرة ابنائها ونسائها واطفالها وحيواتها المتنوعة.

والجراح وان كانت تاخذ زمنا طويلا حتى تبرأ، الا ان هناك ثمة بداية، وان هناك خطوة تباشر بقطع الطريق الطويل.

البداية وان كانت بطيئة الا انها المفتاح الذهبي لفتح مغالق الزمن، واصرار الحياة على التقدم وعدم الركود.

الموظفون الذين كانوا يذهبون الى اعمالهم بتوجسون خيفة، كما هو شأن العمال والمتسوقين واهل الخدمات المتنوعة، لكنهم يذهبون في هذه الايام الى اعمالهم، والاطمئنان يملأ قلوبهم، واحالهم الاعتياد على الحال الجديد الى سجيتهم الهادئة المطمئنة التي فطروا عليها منذ آلاف السنين.

ومع هذه الخطوات القليلة الواعدة في الامن، الا انها بحاجة الى التعضيد والمؤازرة فان في الجنبات الموجعة جراحا عميقة ينبغي مداراتها والحنو عليها وهي جراح متعددة في الجسد العراقي.

منها جراحات المهجرين وبؤساء العوز والفقر وبؤساء الجهل والمتجاوزون والمتقاعدون، ومن تقطعت بهم السبل نتيجة الوضع غير الطبيعي الذي عاشه العراق منذ عقود وارتقى بهم الى قمة الغبن في الاربعين سنة الاخيرة، هذه امور على السياسي الاصيل العامل للعراق باخلاص ان يعيها ويخطط لها ويعمل من اجل اصلاح الخلل بعين المكلف دينيا واخلاقيا وانسانيا، وان يعد القيام باعباء هذه المهمة انما تحقيقا لرسالته الشخصية في الحياة.

وهي رسالة المثقف والمواطن والاعلامي وعامل البناء والمخطط المعماري والخبير الزراعي والخبير الصناعي ورب العمل ورب الاسرة والطالب وربة البيت وسائق المركبة وشرطي المرور كل العراقيين معنيين ان يقولوا من خلال سلوكهم صباح الحب ياعراق.

صباح الحب لاهل الانبار والناصرية والغراف والعمارة واهل الجبايش والشيخان والمزوري  والدغارة وجسر الورار في الرمادي وبنات الحسن في الفلوجة الكرمة، وربما عن قريب نرى الاصدقاء الطيبون.

وربما عن قريب نذهب الى عين كاوه في الشمال ونتمتع بالامسيات الجميلة.

بود الاصدقاء ان نذهب سويا الى كربلاء والنجف ونتبرك بالمراقد لاهل البيت وناتي بصورها الى اهلنا في الفلوجة ونزور اصدقاء كانوا اعزة علينا هناك.

هذه امنيات الشباب العراقيون وهم يتخلصون رويدا رويدا عن الثقل الرهيب الذي كان يضغط عليهم طيلة الفترة الماضية.

وهي امنيات مختزنة ومتفاعلة في نفوس كل العراقيين لكي يتحركوا في بيتهم الكبير البيت العراقي المحتاج الى التعمير والعمل الدؤوب.

الايام تتوالى والامل يكبر والنفوس تتذوق المحبة قيراطا قيراطا من ميزان الذهب على امل ان يكون الميزان هو قلب العراق المتخم بالتواصل والمودة لكي يغترف منه من يشاء حتى الارتواء.

فسلاما لك ياعراق وصباحات من المحبة والتسامح والعمل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17 تشرين الثاني/2007 - 6/ذوالقعدة/1428