الفساد الأمني في العراق: الداخلية مخترَقة وضياع الاف قطع السلاح

شبكة النبأ: رغم التحول الايجابي الذي شهدته الاوضاع الامنية وخصوصا في بغداد إلا ان آفة الفساد التي تعتبر هي الاخرى من اشد العوامل التي تخلق العنف والارهاب وتساعد على تقويته لا تزال تفتك بالمجتمع العراقي وتنخر مؤسساته على كافة المستويات، فضلا عن تنامي الفساد الأمني الذي اخذ مؤخرا يلقي بتبعاته على ارض الواقع في بعض المحافظات التي تعتبر امنة ومستقرة بنسبة كبيرة حيث يتبع الاف من افراد القوات الأمنية لأحزاب وجهات سياسية وليس للقيادات والمرجعيات العسكرية.  

وأقر جواد البولاني وزير الداخلية العراقي بأن وزارته تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة، مؤكدا بدء استئصال العناصر الشاذة في صفوف الأجهزة الأمنية، ووصف الوضع الأمني في العراق بأنه جيد. مشيرا إلى ان هناك ما يقارب 190 ألف قطعة سلاح "بحكم المفقودة".

وقال البولاني في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) الدولية، إن وزارة الداخلية بحاجة إلى إعادة تقييم شاملة للضوابط والهيكلية، فضلا عن إبعاد الولاءات الطائفية والسياسية.

وأكد أن القوات الأمنية بدأت، باستئصال العناصر الشاذة التي كانت تندس ضمن صفوف أجهزتها، مشيرا إلى أن وزارته وظفت أكثر من 115 ألف شرطي تم تدريبهم وتجهيزهم بأحدث الأسلحة والمعدات، وان الهدف من إضافة هذا العدد الجديد هو "ضم عناصر ولاؤها الأول والأخير للوطن ككل وليس لحزب أو فئة سياسية أو دينية معينة.

ووصف الوضع الأمني في العراق عموما وبغداد على وجه الخصوص بالجيد، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية لم تسجل حادثة اختطاف واحدة منذ أسابيع، وان حالات القتل تعد على أصابع اليد، وقال إن، بغداد عاشت ثلاثة أيام في الأسبوع الماضي من دون أي حادث ولا حتى حادث مروري بسيط.

وعزا هذا التحسن الأمني إلى أنه، لم يكن بسبب المجهود الذي تبذله مؤسسات الداخلية فحسب، بل جاء بمساندة مؤسسات أخرى عملت معنا ضمن مؤسسة واحدة وتمثلت بالمواطنين العراقيين الذين انتفضوا ضد من استباح دماءهم وأعراضهم وأموالهم.

وقال البولاني إن الدوريات الأمنية رفعت مستوى وجودها في المناطق والشوارع من 100 في المائة إلى أكثر من 400 في المائة، ووفقا له فان، هنالك آلاف العوائل بدأت بالعودة إلى مساكنها.

وسوئل حول قضية تسرب الأسلحة وفقدانها من وزارة الداخلية، قال البولاني، إن "هذا الأمر حدث فعلا وان هناك ما يقارب 190 ألف قطعة سلاح بحكم المفقودة."

وعزا البولاني ذلك إلى، لأخطاء التي ارتكبتها القوات الأمريكية في عمليات التجهيز، إذ وزعت الأسلحة على الشرطة حتى من دون علم مديرياتهم التي يعملون ضمن قواطعها، فضلا عن تجهيز أفراد الحمايات الشخصية والعشائر وغيرها.

وقال إن، النظام الالكتروني الدقيق الذي جرى استحداثه أخيرا حول جمع وإحصاء وملاحقة الأسلحة في الوزارة قادر وخلال فترة وجيزة من استعادة ما نسبته 70 في المائة من هذه الأسلحة، خاصة إذا ساعدتنا القوات الأمريكية في بعض المعلومات، مثل أرقامها وأسماء مستلميها.

وأضاف أن الكثير من الأسلحة تم اكتشافها من خلال تداولها في الأسواق المحلية، لذلك قمنا بوضع ضوابط للتسلم وشروط جزائية رادعة بحق المخالفين، ومنها تغريمهم أضعاف سعر السلاح.

وحول التفاوت في نوع الأسلحة التي تستخدمها القوات الأمنية العراقية وتلك الأسلحة التي تستخدمها الجماعات المسلحة والتي تمتاز بحداثتها، وان الجماعات المسلحة تتفوق على عناصر الأمن بالتجهيز الحديث، قال إن التفاوت في نوع التسليح وتفوق الجماعات المسلحة هو بسبب نظرة القوات الأمريكية، التي بنيت وفق نسب دولية، مثل شرطي لكل 500 مواطن وسلاح خفيف وغيرها، مما أربك عمل الداخلية العراقية في بداية الأمر، واضعفها أمام الجهات الأخرى.

وتطرق جواد البولاني إلى المهام التي أُضيفت إلى عمل الداخلية، وقال إن عدد أفراد الشرطة ضباطا ومراتب في زمن النظام السابق لم يتجاوز الـ60 ألف منتسب، كما كانت هناك ست مؤسسات أمنية، مثل الاستخبارات والمخابرات والأمن المحلي والخاص وغيرها تساند عمل جهاز الشرطة. وقال ان جميع مهام هذه المؤسسات أوكلت الان لوزارة الداخلية، "ولكم أن تقيسوا سعة مهامنا."

وعن جاهزية الأجهزة الأمنية العراقية لتسلم الملفات الأمنية في بعض المدن، قال وزير الداخلية إن، كل يوم يتحسن فيه الوضع الأمني يقصر يوما من عمر بقاء القوات المتعددة الجنسيات في هذا البلد، كما أن عمل وأداء أجهزتنا الأمنية سيشهد هو الآخر تغيرا في المرحلة القادمة.

وبشأن مقاضاة شركة (بلاك ووتر) الأمنية العاملة في العراق، أكد وزير الداخلية أن جميع الشركات الأمنية العاملة في العراق تخضع للفحص، وأي مخالفة تبدر منها يتم سحب رخصها فورا، ولهذا عليها الالتزام بما وقعت عليه في عقود العمل، مثل الالتزام أمام سيطرات الجيش والشرطة والقوات المتعددة الجنسيات واحترامها وعدم التقاطع معها فيما يخص أداء المهام الأمنية وغيرها.

واعتبر أن ما قامت به شركة بلاك ووتر، مخالف للقوانين فاسمها شركة أمنية وليس شركة خارقة للقانون والأمن، مشيرا إلى أن قرارا حكوميا صدر لإيقاف عمل الشركة وإخضاعها لسلطة القانون العراقي.

وكانت شركة بلاك للحماية الأمنية قد قامت في شهر ايلول سبتمبر الماضي باطلاق النار بصورة عشوائة على مدنيين في ساحة النسور ببغداد، ما أدى إلى مقتل 17 شخصا.

وأضاف، يجب أن يفهم الكل من دون استثناء أن هناك سياسة للدولة العراقية ولا نسمح لأحد مهما كان التجاوز والتطاول عليها. وعن إمكانية إنهاء عمل الشركات الأمنية بشكل دائم في العراق أوضح أن الشركات الأمنية ليست ظاهرة وجدت في العراق فقط بل هي موجودة في أغلب الدول، ونحن نعيش في وضع طارئ يفرض علينا وجودهم.

تشذيب الحمايات الشخصية للمسؤولين العام المقبل 

وفي سياق متصل قالت وزارة الداخلية العراقية إنها ستقوم بسحب أعداد كبيرة من الحمايات الخاصة بالمسؤولين وذوي المناصب, اعتبارا من العام المقبل، استجابة لأمر مجلس الوزراء.

وذكر اللواء عبد الكريم خلف الكناني، مدير مركز القيادة الوطني في الوزارة، لوكالة ( أصوات العراق)، أن وزارة الداخلية، ستقوم بسحب أعداد كبيرة من الحمايات الشخصية للمسؤولين في الحكومة والحكومات المحلية، بعد اعادة تنظيمها وهيكلتها... بما يتلائم مع المخصصات الكفيلة بتوفير الحماية للمسؤولين.

وأوضح الكناني أن هذا الإجراء، سيشمل أيضا الآليات والأسلحة وأجهزة الإتصالات المخصصة للحمايات الشخصية, بعد استباب الأمن في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى، وانخفاض أعمال العنف في أعقاب تنفيذ خطة (فرض القانون) في بغداد ومجالس الصحوة في محافظات أخرى.

واضاف مدير مركز القيادة الوطني أن إجراء الوزارة، هو تنفيذ لأمر صدر عن مجلس الوزراء, مشيرا إلى أن الوزارة من مهامها توفير الحماية للمسؤولين.

أربعة آلاف شرطي بالبصرة يعملون لصالح جهات سياسية 

وفي سياق متصل بالفساد في الاجهزة الأمنية كشف قائد شرطة البصرة عن وجود أربعة آلاف شرطي بالمحافظة يعملون لصالح أحزاب وجهات سياسية ينتمون إليها، متهما جهات بالمحافظة، لم يسمها، بالاستحواذ على 250 عجلة خاصة بقوات الشرطة.

واتهم اللواء الركن جليل خلف قائد شرطة البصرة في لقاء مع عدد من أدباء مدينة البصرة عقده ، الأحد، في مقر قيادة شرطة المحافظة وحضره مراسل وكالة (أصوات العراق) ما وصفها بـ "كيانات ومراكز قوى تربت على القتل وسرقة أموال الشعب" بأنها لا تريد عودة الأمن والاستقرار والازدهار إلى البصرة، وقال إنها ترى ذلك "ليس من مصلحتها"، ولذلك "تعمل على إشاعة الخراب فيها."

وكشف خلف أن هناك "أكثر من 250 سيارة وأسلحة (بنادق ومسدسات) عائدة للشرطة، تستحوذ عليها جهات ليس لها أي علاقة بالشرطة، كما أن هناك بحدود 4000 شرطي ليس لهم وجود أي يعملون لصالح أحزابهم وجهاتهم السياسية." من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل عما سيتم اتخاذه من إجراءات بهذا الشأن.

وقال خلف الذي نجا من عدة محاولات اغتيال تعرض لها خلال ثلاثة شهور من توليه قيادة شرطة البصرة إن أعمال هذه الجهات، التي لم يسمها، "غيرت التركيبة الاجتماعية الخاصة لمدينة البصرة المعروفة بتنوعها وعراقتها، ودفعت بمثقفيها وعلمائها وكفاءاتها العلمية وجميع مبدعيها إلى مغادرتها."

وأضاف خلف أن "هذه الجهات لا تريد للشرطة أن تعمل بل تريد أن تتخذها مطية لتحقيق مآربها."

وكان قائد شرطة البصرة قد حذر أحزابا سياسية بالمحافظة لدى توليه منصبه بأنه سيفرض الأمن في البصرة حتى لو اضطر لمواجهة عناصرها.

وأصدر المالكي قبل أيام قرارا بتثبيت اللواء الركن جليل خلف في منصبه كقائد لشرطة البصرة، فيما مدد فترة عمل الفريق موحان حافظ فهد، قائد غرفة عمليات البصرة، لمدة ثلاثة شهور.

وقال قائد شرطة البصرة "نواجه في البصرة دولا وليس كيانات حزبية أو مسلحة فقط." وأضاف إنهم "يسرقون ثرواتنا وآثارنا ويرسلون لنا الأسلحة والمخدرات والقناصين، ولكن على الرغم من هذا لن نسمح للاشرار في المضي بمخططاتهم."

وأشار خلف أن رئيس الوزراء نوري المالكي قال له أن سنة 2008 ستكون سنة البصرة، من حيث إقرار الأمن وانطلاق المشاريع العمرانية فيها.

ونسب اللواء الركن جليل خلف كقائد لشرطة البصرة بأمر من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمدة ثلاثة شهور، فيما نسب الفريق الأول الركن موحان حافظ كقائد لغرفة عمليات البصرة نهاية حزيران يونيو الماضي من قبل رئيس الوزراء العراقي للمدة ذاتها. وترافق تعيينهما مع خروج القوات المتعددة الجنسيات من اغلب قواعدها في البصرة.

طرد 340 شرطيا في كربلاء لارتباطهم بالميليشيات

من جهة اخرى اعلن قائد شرطة محافظة كربلاء العميد رائد جودت ان مديرية الشرطة فصلت 340 شرطيا وضابطا في اعقاب احداث كربلاء لثبوت ارتباطهم بالميليشيات المسلحة.

وقال شاكر "تم فصل 340 من منتسبي شرطة المحافظة خلال الفترة التي اعقبت احداث الزيارة الشعبانية بعد ثبوت انتمائهم الى الميليشيات المسلحة في المحافظة وتخاذل البعض الاخر في صد المواجهات التي شهدتها كربلاء".

وكان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر امر غداة هذه المواجهات التي اسفرت عن مقتل 52 من الزوار الشيعة واصابة 300 اخرين الى تجميد جميع انشطة جيش المهدي الذي يتزعمه لمدة ستة اشهر.

ووقعت الاشتباكات خلال احياء حشود من الشيعة ذكرى مولد الامام المهدي الامام الثاني عشر لدى الشيعة.

واضاف قائد الشرطة ان "هذه الحملة جاءت بعد عمليات التقصي والتحري التي اجريت على جهاز الشرطة لتطهيره من كل العناصر المسيئة التي تدين بولائها الى الميليشيات المسلحة وليس للبلد" مشيرا الى ان "بين المفصولين ضباطا" لكنه لم يكشف عددهم. وتابع ان فصلهم جاء من وزارة الداخلية.

وقامت قيادة شرطة كربلاء السبت بتوزيع الاف النسخ لصور يظهر فيها اشخاص مقتولون بطرق متعددة قالت انهم ضحايا عمليات نفذتها ميلشيا جيش المهدي ضد المواطنيين على مدى اربع سنوات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13 تشرين الثاني/2007 - 2/ذوالقعدة/1428