نفط العراق بين النهب الآني والتسويف طويل الأمد؟

شبكة النبأ: اثار التراجع المتواصل في اسعار صرف الدولار، والأزمة التي تعصف حالياً في اسواق المال الأمريكية، تساؤلات لدى بعض خبراء الاقتصاد حول التكلفة الهائلة لحرب العراق، والتي قد تبلغ قرابة تريليوني دولار خلال العقد المقبل.

وأبدى الخبراء استغرابهم حيال تبدد الوعود الأولى التي اطلقها البيت الأبيض حيال تمويل الحرب من عوائد النفط العراقي، مستغربين تردي اوضاع هذا القطاع وعجز الإدارات المحلية والإقليمية عن استعادة طاقة ذلك البلد الإنتاجية، والتي يمكن لها ان تبلغ ستة ملايين برميل يومياً.

وكانت الإدارة الامريكية قد طمأنت دافعي الضرائب في الولايات المتحدة الى ان إسقاط  نظام الدكتاتور صدام ، لن يكلف اكثر من 50 مليار دولار، على ان يتم تمويل كلفة إعادة إعمار البلاد من مبيعات النفط.

ويمتلك العراق بالفعل احتياطي نفطي لا يقل عن 115 مليار برميل من النفط، بما يجعله الثاني أو الثالث من حيث الحجم على المستوى العالمي بعد السعودية وإيران. بحسب الـCNN.

ويعتقد عدد من الخبراء أن  بوسع بغداد ضخ أكثر من ستة ملايين برميل من النفط إلى أسواق العالم يومياً، مما يجعلها أيضاً ثالث أكبر منتج على المستوى الدولي بعد المملكة العربية السعودية وروسيا.

غير أن قدرات العراق التصديرية لا تتجاوز حالياً مليوني برميل، وذلك بعد عقود من الحروب وانعدام الصيانة، علماً أن البلاد كانت تنتج أواخر العقد السابع من القرن الماضي 3.5 ملايين برميل يومياً.

ويعتبر إنتاج العراق الحالي أدنى مما كان عليه عشية إطاحة الجيش الأمريكي بنظام الحكم السابق فيه، ويرجح خبراء القطاع أن يسجل الإنتاج تراجعاً بمقدار 200 ألف برميل يومياً كل عام في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

وقد عاد النفط العراقي على البلاد بقرابة 30 مليار دولار عام 2006، وقد خصصت هذه المبالغ بمجملها لمصاريف الحكومة العراقية التي باتت تعتمد على هذه العوائد لتمويل 90 في المائة من ميزانيتها.

ويبدو إنعاش هذا القطاع مصلحة مشتركة لجميع الأطراف في العراق، فمن جهة يمكن للحكومة العراقية توفير المزيد من الأموال، بينما ستتقلص فاتورة الكلفة العسكرية وإعادة البناء التي تسددها واشنطن، والتي بلغت 368 مليار دولار عام 2007.

وبالرغم من حصول بعض الشركات الصغيرة على عقود نفطية في مناطق عراقية، وخاصة في منطقة الحكم الذاتي الكردية المستقرة، إلا أن الواقع الأمني المضطرب في سائر أنحاء البلاد والهجمات التي تتعرض لها منشآت النفط ستحول دون دخول عمالقة القطاع، مثل أكسون وشل وشيفرون إلى العراق.

وفي هذا السياق، قال غريغ بريدي، وهو خبير ومحلل في قطاع الطاقة من مكتب "مجموعة أوراسيا" الاستشارية، إذا رغبت بوجود شركات أجنبية مستعدة لإنفاق عشرات المليارات (في التنقيب والحفر والتصدير) يجب توفير بيئة مستقرة وآمنة على المدى الطويل.. الجميع يعرف أنها فرصة للاستثمار الطويل الأمد لكن يجب التحقق من الوضع السياسي أولا.

وكان مجلس النواب العراقي قد حاول خلال دورته الماضية تمرير قانون جديد لتنظيم قطاع النفط وتوزيع عوائده، غير أن ذلك تعثر مع رفض الأكراد منح الحكومة المركزية في بغداد الحق الحصري لإبرام العقود.

وذلك إلى جانب الانتقادات الأخرى التي صدرت عن أكثر من جهة، لفتت إلى أن مواد القانون تمنح الشركات الأجنبية سيطرة واسعة على الثروة النفطية وحقولها ولا تفرض عليها بالمقابل توظيف العراقيين أو تقديم مشاركة تكنولوجية.

ابي زيد: علينا ان نعتمد على قوات اقليمية في الشرق الاوسط 

من جهة اخرى قال الجنرال جون أبي زيد القائد العام السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط  إن هذه القوات قد تبقى في المنطقة لنصف قرن.

كان أبي زيد يتحدث في جامعة كارنيجي ميلون الأمريكية. وقال موضحا: بمرور الوقت سيتعين علينا خفض حجم قواتنا التي تشتبك مباشرة في القتال ونعتمد على قوات اقليمية، وسيتعين علينا القيام بدور غير مباشر، ولكن يجب ألا يخطر على بالنا للحظة أن القوة العسكرية الأمريكية سيكون بوسعها العودة إلى الوطن، علينا أن نسترخي ونتعامل مع هذا الأمر ببساطة، لأن الوضع الاستراتيجي في المنطقة لا يُظهر أن هذا ممكنا.

وكان أبي زيد قد تنحى عن منصبه باعتباره صاحب أطول مدة خدمة كقائد للقيادة المركزية الأمريكية، ثم تقاعد من الخدمة العسكرية في مايو/ أيار الماضي وهو حاليا مستشار لمعهد هوفر في جامعة ستانفورد.

الحرب والبترول

وفي محاضرته قال أبي زيد إن، تطرف السنة، والتطرف القائم للشيعة، والصراع العربي الإسرائيلي، واعتماد العالم على بترول الشرق الأوسط، كل هذه العوامل ستبقي الأمريكيين في المنطقة لمدة طويلة.

وأوضح: أنا لا أقول إن هذه حرب من أجل البترول، بل إن البترول يؤدي إلى تحركات جغرافية سياسية تواجهها القوى السياسية هناك.

ومضى قائلا، ومن الضروري للغاية أن نعرف في الولايات المتحدة، على المدى الطويل، كيف يمكن أن نقلل من اعتمادنا على المصادر الخارجية للطاقة.

وأكد أبي زيد ما صدر عنه من تصريحات في سبتمبر/ أيلول من أنه يتعين على الولايات المتحدة القيام بعمل أفضل في مجال استخدام الوسائل الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لكي يتحول النزاع، من نزاع عسكري إلى قضية سياسية.

وكان أبي زيد الذي أطلق على الوضع الحالي في المنطقة "الحرب الطويلة" قد أدلى بتصريحات في سبتمبر/ أيلول لوكالة اسوشيتدبرس قال فيها إن الأمر قد يقتضي مرور من 3 إلى 5 سنوات قبل أن تصبح الحكومة العراقية قادرة على تولي أمورها بنفسها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12 تشرين الثاني/2007 - 1/ذوالقعدة/1428