التجارة العراقية الإيرانية بين الضرورة الاقتصادية والتوجس الامريكي

شبكة النبأ: السلاح المهرب الى العراق عن طريق الحدود العراقية من ايران يثير التوجس الامريكي على الدوام الا ان فقدان الدليل الدامغ والاستناد الى المشكوكية والظن هو المعول في الاوقات الراهنة وهو ما يجعل الصراع الامريكي الايراني صراعا مستترا في هذه النقطة بالذات وغالبا ما يظهر بصورة انعكاسية على مربع المفاعل النووي الايراني في الاخذ والرد.

فانتعاش التجارة على الحدود الايرانية العراقية ولكن دون اكتشاف اسلحة سبب كثير من التصريحات النافية لإيران والمؤكدة من الجانب الامريكي دون ان يعطي اي طرف وثيقة او دليل مادي يثبت البراءة او الإدانة الحقيقية.

وتشهد حركة التجارة ازدهارا على الحدود بين العراق وايران، ورغم الحرب الدائرة في واحدة منهما والعقوبات الغربية على البرنامج النووي للاخرى الا ان الشاحنات المحملة بكل شيء بدءا من المحاصيل الطازجة الى الاثاث ومن الملابس الى الالكترونيات الاستهلاكية تتوافد كل يوم على الحدود التي تمتد لمسافة 1400 كيلومتر.

لكن مسؤولين بريطانيين يقولون انه بالاضافة الى التجارة في السلع المشروعة والتي انتعشت في العام المنصرم الا ان هناك تدفقا مطردا "للمساعدات الفتاكة" من ايران الى العراق ومنها الصواريخ والمتفجرات التي تستخدم في تصنيع القنابل التي تزرع على جوانب الطرق. بحسب رويترز.

وتنفي ايران تقديم السلاح للميليشيات الشيعية العراقية التي نفذت عشرات الهجمات القاتلة على القوات البريطانية والامريكية في العراق.

لكن المسؤولين البريطانيين متأكدون من ان الاسلحة الايرانية تدخل العراق، ورغم انهم يستدلون على ذلك بوجود شظايا صاروخية تحمل علامات ايرانية الا انهم يقولون في الوقت نفسه انهم لا يملكون ادلة دامغة على ان ايران.

وقال الميجر انتوني لامب الذي يشرف على تدريب الوحدات المسؤولة عن امن الحدود العراقية: من العدل ان نقول انه لم يتم ضبط اي شخص متلبسا بجلب مساعدة فتاكة عبر الحدود.

واضاف: تجرى المئات من عمليات التفتيش كل يوم ولكن لم تكن هناك مصادرة مباشرة لمساعدة فتاكة.

ويقول لامب انه في بعض الايام التي يزور فيها الجنود البريطانيون المعابر الحدودية الكبرى في جنوب العراق يمكنهم رؤية بعض الشاحنات الايرانية وهي تعود أدراجها ولكن لا يوجد ما يؤكد انها تفعل ذلك لانها تحمل اسلحة بصورة غير مشروعة.

وقال: ربما كانت تحمل ملابس نسائية داخلية .. ويشعرون بالحرج من ذلك.

ويقول مراقبو الحدود ان المرجح ان دخول الاسلحة يتم من خلال دفع رشى او ان المهربين ينجحون في نقل كميات صغيرة في اوقات معينة عبر الحدود غير المحكمة والمترامية الاطراف.

وبالاضافة الى ان الحدود تمتد لما يقرب من 1500 كيلومتر فانها جبلية في الشمال وتعج بالمستنقعات في مناطق كبيرة من الجنوب وهو ما يجعلها نموذجا مثاليا للانشطة الخفية، كما أقامت القبائل البدوية منذ فترة طويلة منازلها على امتداد قطاعات كبيرة من الحدود.

وقال لامب: التجارة بين القبائل على الجانبين قائمة منذ قرون.. الحدود لا تعني شيئا بالنسبة لهم.

وتابع: بالنسبة للبعض فان التهريب كان دائما وسيلة للحياة.. ربما كانوا يهربون الماشية او اشياء اخرى.

وأقامت الولايات المتحدة منذ غزوها للعراق عام 2003 مئات الحصون على الحدود العراقية ومنها اكثر من 60 على امتداد 500 كيلومتر من الحدود العراقية مع ايران في الجنوب.

ويحرس كل حصن ما بين 12 الى 40 حارسا ينفذون دوريات متكررة على الرغم من عدم وجود سياج على الحدود التي تعج بالالغام منذ الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي.. ويراقب الايرانيون جانبهم الحدودي ايضا ويمكن رؤيتهم من مسافة قريبة.

وبالاضافة الى الحصون فهناك كتيبتين من قوات حرس الحدود العراقية درب افرادها على ملاحقة المهربين ومنع تدفق الاسلحة الى البلاد بصورة غير مشروعة.

وقال قائد امريكي كبير: ان عدد القنابل الخارقة للدروع التي تقول الولايات المتحدة انها ترد من ايران تراجع في العراق خلال الاشهر القليلة الماضية.

وقال اللفتنانت جنرال راي اوديرنو اكبر قائد عسكري امريكي في العراق مسؤول عن العمليات اليومية: انه من السابق لاوانه تحديد ما اذا كان هذا التراجع يعني ان ايران حدّت من تهريب الاسلحة الي العراق.

وتتهم الولايات المتحدة ايران بتوريد العبوات الخارقة للدروع الي متطرفين في العراق اغلبهم ميليشيات شيعية، وتنفي ايران الاتهام.

وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس انه واثق من ان قوة القدس الايرانية على علم بتهريب الاسلحة ويعتقد ان كبار الزعماء الايرانيين بمن فيهم الزعيم الاعلى اية الله على خامنئي على دراية بذلك ايضا.

واضاف: انه فهم ان الايرانيين اعطوا تأكيدات غير معلنة للعراق بوقف تدفق الاسلحة.

وقال: لا اعلم ما اذا كان ينبغي ان اصدقهم.. سأنتظر لأرى.

وادى مقتل قوات امريكية في هجمات باستخدام القنابل الخارقة للدروع الى تزايد التوتر بين واشنطن وبين الحكومة الايرانية بشأن برنامج ايران النووي.

وقال اوديرنو: رغم انني اعتقد ان لدينا (في العراق) الكثير جدا من المقذوفات الخارقة للدروع فان ذلك اتجه الى التراجع خلال الاشهر القليلة الماضية.

واضاف: ان قواته سجلت 53 حادثا تشمل هذه المتفجرات في اكتوبر تشرين الاول، واوضح ان هذه الحوادث هى انفجار 30 عبوة والعثور على 23 قبل انفجارها.

وقال ان اجمالي هذه الحوادث في سبتمبر ايلول بلغ 52 وفي اغسطس اب 78 وفي يوليو تموز سجل رقما قياسيا بلغ 99 حادثا.

واضاف: ان المستوى الراهن مازال اعلى من يناير كانون الثاني وفبراير شباط ومارس اذار من هذا العام.

وكانت صحيفة لوس انجليس تايمز قد نقلت عن مسؤولين امريكيين وعراقيين في سبتمبر ايلول الماضي قولهم ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ابلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اغسطس اب انه سيوقف تدفق الاسلحة واشكال الدعم الاخرى الى الميليشيات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10 تشرين الثاني/2007 - 29/شوال/1428