لسنا بحاجة لحكومة تكنوقراط

عبدالامير علي الهماشي

 كثُر الحديث عن ((التكنوقراط)) كتقليعة جديدة بدأ يُرددها السياسيون بعد أن تداولها أحد التقارير الامريكية كحل لمعالجة الضعف في الاداء الحكومي بسبب الاعتماد على نظام المحاصصة وهكذا أصبحت تُردد في التصريحات اليومية بمناسبة أو غير مناسبة.

وتناغما مع هذه الاجواء أو لاستغلال الاعتراف من قبل السياسين بأن المشكلة في المحاصصة المفروضة بدأ مستشارو السيد رئيس الوزراء وصولا الى السيد نوري المالكي بتصريحه المتناغم مع هذا الامر للتخلص من أعباء الوزراء الذين فرضهم نظام المحاصصة الذين يمارسون أعمال الوزارة في مقر إقامتهم ونادرا ما يتواجدون في الوزارة التابعة لهم.

وأما الجهات المشاركة-المعارضة في الحكومة التي تناست أنها لم تتسلم هذه المناصب لولا المحاصصة ،وأنها لم تكن لتتمكن من التصريح والتلويح والاستماع اليها لولا نظام المحاصصة وهم يرفضون المحاصصة علنا ويتشبثون بها سرا ومن خلال المباحثات الرسمية الجدية لتسمية الوزراء ،فهم يلعنون المحاصصة جهرا ويتلبسون بها سرا كفعل أو رد فعل.

وهكذا قرأنا تصريحات السيد النائب ((طارق الهاشمي)) لصحيفة عكاظ السعودية مؤخراحيث طالب بحكومة تكنوقراط وهو يعرف قبل غيره كيف يُدار نظام الحكم في المملكة السعودية والاغرب في تصريحه أنه طالب برئيس حكومة تكنوقراط كنتيجة لحكومة تكنوقراطية وهو مطب سياسي وهفوة من هفواته التي كثُرت في الاونة الاخيرة.

ولم أجد بلدا في العالم يرأس حكومته بهذا الشكل سواءا اعتمد النظام الجمهوري أو الملكي حيث أن المسالة تتعلق بالنظام السياسي للبلد وممكن أن تكون في الوزارات الاختصاصية أن تعتمد التكنوقراط.

ولم أجد شرطا من هذا القبيل في ترشيحات الاحزاب العراقية أو القوائم التي شاركت في الانتخابات الماضية وهو ما لم أجده في لائحة الشروط للبلدان المعروفة المتقدمة في المجال الانتخابي، وربما جاءت تصريحاته للقفز على الاستحقاق الانتخابي والالتفاف على المشكلة الحقيقية في العراق.

وهو يعلم أن المشكلة ليست في التكنوقراط لتكون قطب الرحى في تصريحاته وتصريحات الاخرين للتعويل عليها كحل،وقد شاهدنا في الفترة الماضية أن بعض الوزراء ((التكنوقراط)) لم يستطيعوا حل المشكلة في وزاراتهم ووصلت الى حد الازمة ،فما فائدة الوزير التكنوقراط إن لم يكن يملك فن الادارة والارادة لتنفيذ مايتمناه الشعب.

لقد أصبحت الادارة فنا وعلما يدرس ،فما فائدة رئيس الجامعة صاحب التخصص في جامعته وهو لايستطيع إدارة الجامعة وهكذا عميد الكلية نزولا الى مدير المدرسة وصعودا الى ادارة المؤسسات الحكومية.

والمشكلة في العراق تتعلق في نقاط أذكر بعضها:

أولا: الارادة السياسية من قبل المشاركين في الحكومة لتسيير الامور وصولا الى شاطئ الامان.

ثانيا: منح الحكومة الصلاحيات أو (حرية الحركة)للتنفيذ في المجالات المتعددة ومساعدتها للتحرر من الاتفاقات التي تم توقيعها بين الجانبين العراقي والامريكي.

ثالثا: منح رئيس الوزراء الفرصة لاختيار وزرائه وعدم تأخير التصويت عليهم في البرلمان لحسابات المحاصصة وليتحمل رئيس الحكومة مسؤولية الاختيار ضمن البرنامج الذي سيقدمه الوزير ومدى نجاحه في التنفيذ بعد مدة يحددها البرلمان.

رابعا: يحاول بعض السياسيين أن يتصور المسألة وكأنها مشكلة الوزير فقط دون النظر الى الحلقات التنفيذية في الوزارة وهي أهم بكثير من تلك التي يصوروها لحاجة في نفوسهم.

خامسا: يحاول بعض السياسين حصر المشكلة برئيس الحكومة وهم يعلمون أن الوزير عندما تواجهه مشكلة ما أو يطالب ببرنامجه سيحتمي بكتلته فورا والكثير من الوزراء ولاءهم للكتل وبالتحديد لرؤساء الكتل او الاحزاب وليس للحكومة وبرنامجها المقترح.

إن مشكلتنا فيمن يحاول تسطيح المسألة وطلاقها دون معالجة حقيقية لاصل المشكلة ،والكثير من السياسين في البرلمان أو في المجلس الرئاسي أو الوزاري يحاول عرقلة القرارات على قاعدة ((لاحبا بمعاوية وإنما بغضا لعلي)).

وقد لاحظنا في زمن النظام البائد العديد من الوزراء لايستطيع قراءة جملة واحدة وأدار وزارة لوجود القوة التنفيذية والصلاحيات المخولة.

خامسا: إن استقرار الامن وفرض سلطة الحكومة وإحترام الدولة سيؤدي بالوزارات أن تحتل مكانها الطبيعي وتأخذ دورها وحجمها ضمن الحلقات الحكومية المتعددة.

سادسا: لازلنا بحاجة الى تثقيف في العراق الجديد أن الموظف خادم للشعب وليس للنظام وولاءه للدولة العراقية وليس للحكومة سواءا كان مؤيدا لها أو معارضا.

ولازلنا بحاجة الى تثقيف يجعل الموظف قادرا على أداء عمله دون الحاجة الى تسليط الرقيب أو حمل السيف على رقبته كما كان الامر في زمن الطاغية المقبور.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 7 تشرين الثاني/2007 - 26/شوال/1428