لبناء مفوضية مستقلة للانتخابات

المقدمات الخاطئة تأتي بنتائج خاطئة

علي حسين علي

 كنا قد أبدينا رأينا قبل أكثر من عامين بشأن تشكيل المفوضية المستقلة للانتخابات والتي كانت تتهيأ لادارة انتخابات عامة في عموم البلاد.. ووقتها طالبنا بأن تتسم كافة مفاصل هذه المفوضية بالشفافية وكذلك آلياتها.

وقد استجيب لبعض الملاحظات ولكن في العموم كانت ادارة المفوضية المستقلة والتي كانت تحت إشراف الأمم المتحدة ولها صلة بها، كانت قد أحرزت تقدماً وأعطت مؤشراً بأنها قد كانت فعلاً مستقلة وأنها ادارت انتخابات نزيهة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الثغرات في الأداء.

ان من الأهمية بمكان ان تجري، في أي محافظة من محافظات العراق انتخابات او استفتاءات تكون نزيهة وشفافة، وكثيراً ما تلجأ الدول والحكومات الى استدعاء مراقبين أجانب للتدقيق في سلامة الانتخابات التي تجري فيها.. وكانت الحكومات، وخصوصاً في العالم الثالث، تحرص على ان تنال عملية الانتخابات في بلدانها على الشرعية من قبل منظمات دولية غير حكومية، وقد تلجأ احياناً الى الأمم المتحدة طالبة منها ان تراقب انتخاباتها..

فالمهم لدى بعض الدول الحرة وحكوماتها الوطنية هو ان تجري الانتخابات في بلدانها وقد حققت قدراً كبيراً من النزاهة وكذلك حققت اعترافاً دولياً بذلك.. وحتى الدول الكبرى مثل امريكا فإنها تلجأ في بعض الأحيان الى الطلب من البرلمانات الأوربية للانضمام الى رقابتها على الانتخابات، كل ذلك من اجل ان يصل صوت الناخب واختياره الى هدفه الصحيح.

واذا كانت مفوضية الانتخابات المستقلة السابقة قد حققت نسبة عالية من الكفاءة والنزاهة في أداء دورها، مع بعض الهنات، فإن من الضروري جداً ان نضمن قيام هيئة الانتخابات الجديدة بالمهمة المكلفة بها على أحسن وجه.

ان بعض ما يتداول في الأوساط السياسية في سلامة بناء المفوضية الجديدة وما أعلن من ان الأمم المتحدة غير راضية عن الصيغة التي ستظهر بها، قد بات كل ذلك يشكل هاجساً للعراقيين، خصوصاً اذا ما علمنا بأن المفوضية أياها قد وجهت مذكرات الى الكيانات السياسية تدعوهم لترشيح من يرونه مناسباً للقيام بمهمة الأشراف والرقابة والتدقيق على الانتخابات المقبلة.

نعتقد ان المذكرة تلك والتي وصلت الى العديد من الأحزاب والأطراف السياسية العراقية تشكل خللاً في استقلالية المفوضية والمهام التي تضطلع بها كالانتخابات المقبلة.

 فالأحزاب والأطراف السياسية هل يُعقل ان ترشح احداً من دون ان تكون له علاقة بها؟ وحتى لو كان مستقلاً من حيث الشكل، فإن مجرد ترشيحه من قبل حزب او حركة سياسية تتنافس على الفوز بالمقعد النيابي سيجعله منحازاً للجهة التي رشحته، وهذا أمر لا خلاف عليه، وهل يعقل ايضاً ان يرشح حزباً او حركة سياسية شخصاً لا يضمن ولاؤه لها؟.

 بداية خاطئة بالتأكيد، ولكن هذا الخطأ ليس مسموحاً به ولا مقبولاً اذا ما أردنا انتخابات نزيهة فعلاً وليست مبرقعة بالنزاهة؟.

ان احترام إرادة الشعب العراقي في اختيار نوابه او أي شخص يمثله نفترض ان تؤخذ بجدية، وان توضع مقاييس تضمن نتائج نزيهة، ولعل اول ما ينبغي ان يؤمن في هذا الجانب هو ان تكون مفوضية الانتخابات نزيهة غير منحازة وليست خاضعة لمقترحات او ترشيحات السياسيين، لأنهم وحدهم المستفيدون من هذا، بينما تضيع على الشعب العراقي فرصة اختيار من يريد، ولعل خاتمة القول هو: ان المقدمات الخاطئة تأتي حتماً بنتائج خاطئة.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 3 تشرين الثاني/2007 - 22/شوال/1428