منظمة ارهابية جديدة باسم (المجلس السياسي للمقاومة العراقية)

بقلم: سامي جواد كاظم

 الاحتلال والمقاومة مصطلحان احدهما سبب الاخر ودائما يكون الاحتلال هو الاسبق في الولادة تعقبه المقاومة، ولكن كم هي الفترة الزمنية التي تعقب الاحتلال لولادة المقاومة.

من خلال الاطلاع على تاريخ الامم التي عانت الاحتلال نجد ان المقاومة تولد مع اول طلقة تطلق من قبل المحتل على بلد المقاوم، والتاريخ يشهد لكثير من حركات المقاومة التي قارعت الاحتلال وانتصرت وان كان البعض منها مقاومة سلمية كما كانت عليها مقاومة المهاتما غاندي للاستعمار البريطاني للهند، واما ما هو مسلح فلعل الكل يشهد للمقاومة العراقية البطلة ضد الاحتلال البريطاني بداية القرن العشرين.

جانب اخر مهم في ادبيات الاحتلال والمقاومة هو ان ارض المقاومة او الجبهة التي تقاتل منها المقاومة تكون باتجاه اول نقطة حدودية قد يصل اليها الاحتلال ومن بعدها تتكون ساحات للقتال حسب نتائج المعارك العسكرية بين الاحتلال والمقاومة.

والمسالة المهمة الاخرى في ماهية الاحتلال هو معرفة هوية المقاوم لدى شعبه على اقل تقدير حتى يستطيع شعبه دعمه واسناده بكل ما هو ممكن واقلها هو الدعاء له بالسلامة والنصر.

والان لنعود الى الوضع العراقي وما هو عليه الان، المعلوم ان الادارة الامريكية اعلنت انها عازمة على احتلال العراق قبل ستة اشهر من بداية احتلالها للعراق، فاين كان دور الوطنيين (المقاومة العراقية) من هذا الاحتلال، لنقل انهم لم يصدقوا ما ستقدم عليه امريكا، ولكن وقع المحذور وبدأ القصف الامريكي في 19 اذار 2003 ومعه الزحف البري، من هو المقاوم لهذا الاحتلال ؟! لا احد باستثناء شتات في ميناء ام قصر وانتهت بعد بضعة ايام، والملاحظ ان هذا الاحتلال دخل بغداد والموصل والرمادي وصلاح الدين بدون مقاومة تذكر، لا اعلم اين كانوا؟ هل كانوا في ساحات التدريب الافغانية ام السورية في اللاذقية وحلب وما الى ذلك، ام كانوا في الاراضي الوهابية ؟!!.

بعض القنوات المشبوهة والمواقع الانترنيتية كانت تعلن عن وجود (مقاومة شريفة) بعد عام من الاحتلال، أي ان الصحوة حصلت بعد عام، ولنسلم جدلا انها مقاومة وبعيدا عن هوياتهم وسبب تاخرهم لنسأل سؤال من هو المحتل الذي قاوموه ؟

 من خلال كل العمليات التفجيرية والقتالية التي حدثت في العراق نجد ان نسبة ما تعرضت له القوات الامريكية من هذه العمليات الحربية لا تتجاوز 5% من مجموع ما تعرض له الشعب العراقي، كيف لنا ان نعلم من هي (المقاومة الشريفة).

بعد الانتخابات الثانية التي جرت في العراق وتاسيس (اضحوكة البرلمان العراقي) ظهرت كتل برلمانية تنادي باسم (المقاومة الشريفة) ولو سالت هذه الكتل عن هوية المقاومة واعمال المقاومة لوضعوا اصابعهم في افواههم من غير ان يجيبوا.

واليوم بعد اربع سنوات من الاحتلال والتي دفع ثمنها الشعب العراقي فقط دون غيره فكم من دار هدمت وكم من شارع صبغ باللون الاحمر؟ وكم من حفرة احتضنت من كان سعيد الحظ وعثر على جثة له بعد التفجير؟ وكم من عائلة افترشت الصحراء والتحفت السماء تاركة دارها بتهديد من لا هوية لهم كما يقال؟، وكم من ارملة وطفل يتيم وعراقي معوق خلفتهم التفجيرات الارهابية ؟وكم من لاجيء يعيش الذل والهوان خارج بلده ؟وكم وكم وكم....

بعد هذه الكمات الهائلة، طل علينا الاعلام بمولد (مجلس سياسي للمقاومة العراقية) يا للمهزلة ويا لهذا المجلس.

تعالوا نتباحث في بيانه التاسيسي ونرى الى أي مدى تنطبق عليه صفات المقاومة كما عرفت في التاريخ القديم ولناخذ العراقي إنموذجا.

المعلوم ان المقاومين العراقيين للاحتلال الانكليزي منذ عام 1914 وعقبها ثورة العشرين انهم اتجهوا الى البصرة لمقاومة الانكليز قبل دخولهم الاراضي العراقية، فهل فعلت مثلهم المقاومة المزعومة اليوم ؟! المعلوم ان المقاومة العراقية انذاك كانت من شخصيات لها ثقلها وسمعتها على الساحة العراقية منهم الحبوبي والحكيم والجواهري والحلفي فمن هم المقاومين اليوم الذين اسسوا المجلس سيء الصيت ؟!،قد لا تعترف (المقاومة العراقية اليوم) بابطال ثورة العشرين مثلا  فهل انهم يجهلون المقاومين العرب الابطال امثال  عمر المختار وعبد القادر الجزائري وعرابي وسعد زغلول وما الى ذلك من شخصيات المقاومة التي هي معروفة على الساحة العربية وساحة المحتلين، فمن انتم اليوم ؟!

بعد اربع سنوات من الاحتلال افتكرت (المقاومة العراقية) ان تؤسس مجلس سياسي فما هي الغاية من هذا المجلس السياسي، وهل هي خطوة موفقة ام ان الوضع الراهن تطلب ذلك ؟

اعتقد ان المرحلة الراهنة هي التي تطلبت ذلك وانا اعتقد ان هذا المجلس وبمساعدة القوات الامريكية فانه سيلتف بطرقة وباخرى على العملية السياسية في العراق تحت عباءة المصالحة الوطنية التي اعلن عنها المالكي في بداية حكمه.

هذا المجلس المشؤوم ومن خلال قراءة ما بين سطور بيانه التاسيسي ستتضح مخاطره ومن اهم التعليقات على بيانهم التاسيسي هي:

1- لم يذكر البيان من اول كلمة ابتدأ بها الى اخر كلمة لفظة الاحتلال الامريكي بل اكتفى بمقاومة الاحتلال و(نفوذه)ولم يعلنها صراحة انهم الامريكان، هنا كلمة (نفوذه) ابعاد اعتقد لا تغفل على المواطن العراقي البسيط.

2- لكم ان تتخيلوا مجلس يبارك له (الشيخ) اسامة بن لادن وهذا غني عن التعليق.

3- يقول في البيان فقرة 13 (صيانة ثروات العراق، خاصة الثروتين النفطية والمائية، وهي ملك لكل العراقيين) من هو الذي يوزع الثروات ومن هو الذي يصونها ؟! هل هم رجالات المقاومة المجهولين الذين يفجرون انابيب النفط  ؟ام ان هناك الية لم يفصح عنها ؟

4-  من النقطة العاشرة للبيان جاء فيها (تشكيل حكومة من المهنيين، تدير شؤون البلاد خلال مرحلة انتقالية) انها دلالة واضحة على رفض الديمقراطية والانتخابات في العملية السياسية بل لم يشر اليهما في بيانه فان دل على شيء فانما يدل على رفض تشكيل حكومة طبقا للانتخابات الديمقراطية وحتى انه اشار الى تشكيل حكومة مهنية انتقالية ولم يشر من هو الذي يشكل هذه الحكومة ؟ومن يشكل الحكومة الدائمة؟!

5- جاء في النقطة الخامسة للبيان (والعمل على دحر المشروع الطائفي - العرقي التقسيمي، والحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً.. أما المسألة الكردية فلها خصوصية ينظر فيها بعد التحرير) وهذا خطاب التوافق بعينه والذي دائما مايردده قادته.

6- في الفقرة 6 من البيان جاء فيها (إعادة المهجرين إلى مناطق سكناهم وتعويضهم عما لحق بهم من اضرار مادية ومعنوية وتأمين الحماية اللازمة لهم)، كيف يوفر الحماية لهم من هو هجرهم.

7- واخيرا لو تمعنتم جيدا في فقرات البيان التاسيسي لهذا المجلس لترونها نفسها اهداف حزب البعث التي اعلن عنها عندما استحوذ على السلطة في العراق.

ولعلي لا اتي بجديد ان قلت لكم ان القوى التي اسست هذا المجلس هي نفسها التي قامت القوات الامريكية بتسليحها بحجة مقاومة القاعدة والاصح تعزيز دور القاعدة في العراق.

ومن هنا اناشد كل القوى الشريفة التي غايتها دحر الظلم عن الشعب العراقي ان تكون بالمرصاد لهكذا مؤامرات امريكية بعثية قاعدية توافقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 26 تشرين الاول/2007 - 14/شوال/1428