كوندليزا رايز وحديث نقصان العقل والدين والحظ

جاسم فيصل الزبيدي

يقول فولتير(ان الذي يعتنق ديناً من الاديان من غير تفكير شأن الاغلبية من الناس ،لهو اشبه بالثور الذي يستسلم للنير ويحمله على عنقه راضياً مختاراً) العقل زينة ابن ادم وهو الواسطة لفهم العالم الخارجي فهو اذن سيد المحيط بلا منازع ولولا العقل ماجعل الله الانسان (خليفته في ارضه) ومن اجل ذلك ركزت المنظومة القرآنية على ضرورة استخدام العقل لاستيعاب الحياة وما فيها استعاباً يطور المجتمع الانساني وهذا الاستخدام لا ياتي الا عن طريق القراءة وفهم النص والتواصل الثقافي والتلاقح الحضاري بين ابناء الانسانية للوصول الى اعلى مراتب الفهم...

ولكن للاسف هناك من ظل على التقوقع في غياهب الجهل والتخلف والمصدر الواحد والعناد على طريقة حكاية الشخصين والغراب ومانتج عنها من(معزى..معزى وإن طار). وباضعف الايمان يحاول ان يمسك الكتاب للقراءة وربما يجامل نفسه بالقراءة من دون ان يسمح للعقل بالتفكير،واذا فكر فهو لا يعمل لانه (يؤمن بمافي ايدي علمائه ايماناً قطعياُ ويقف موقف المتشكك بما في ايدي الله سبحانه وتعالى) مع ان علمائنا يؤكدون في اكثر من مناسبة قديماً وحديثاً ان كلامهم ليس كتاباً مقدساً وعلى مقلديهم البحث وتطوير انفسهم بحسب توجيهات بيت الرحمة والنبوة.

اسوق هذه المقدمة بعد ان جمعتني الظروف مع احد (المتدينين الجدد)اثناء الزيارة في سيارة الاجرة بعد ان تجاذبنا اطراف الحديث حول الاوضاع كافة لان الطريق طويل والصمت يقتل المرء.. دار الحديث في نقطة حول مشاركة المراة العراقية في العملية السياسية ومكانتها في المجتمع الاسلامي، فما كان من صاحبي الا ان انبرى قائلاً:ـ المراة لا تصلح للسياسة لانها ناقصة عقل ودين وحظ..وان الرسول الاعظم قال(لا يفلح قوم ولوا عليهم امراة)وما الى ذلك من الاحاديث..

وراح صاحبي يشرح حديث النقصان باسلوب مسهب وبدأ يهاجم المرأة ،فاخبرته بان ماذكره ليس كافياً للحكم بالاعدام على نسائنا(المساكين)وان نظرته خاطئة ودليله لا يرتقي الى النهوض ولا يصمد امام النصين النبوي والتاريخي والشواهد كثيرة. اذ ان حديث النقصان ليس كما يفهم ظاهرة بل فيه معان اخرى يحتاج الى ايضاح اكثر عمقاً وفهماً !!فهل قيل بظرف معين!؟ومن هي المراة المقصودة بهذا الحديث!؟وهل كل نساء العالم مشمولات بهذا الحديث قديماً وحديثاً بما فيهن نساء وبنات الرسل والانبياء والاوصياء، باعتبارهن نساء ويمرن بما تمر به النسوة.

ان الحديث يخص المراة التي ترضى وتقنع بالعيش في سجون عبودية التخلف والجهل ولا تحاول ان ترتقي بنفسها الى مصاف العلم والمعرفة والاطلاع لتطوير نفسها وبيتها..والا فان الحديث بحسب نظرة صاحبي يشمل بعض الرجال. فالرجل (الفاسق)مثلاُ مرفوض الشهادة عند بعض العلماء ،على ان البعض من العلماء من يرفض استقبال شهادة(المطيرجي) وهذا لايعني الطعن في انسانيتهم وانما زيادة في الاحتياط للعدالة. كذلك الحال فيما يخص نقصان الدين فهناك من الرجال من يدخل دائرة المرض او السفر ـ بظرف او باخر ـ فهل معنى ذلك انهم ناقصو دين.

ليس الامر كذلك وانما هناك نص منحهم الحق في الافطار على ان يتم تعويض الايام بايام اخرى او دفع تعويض او عتق رقبة..وبالمناسبة هناك نكته شرعية لطيفة بخصوص موضوع الافطار للرجل والمراة حيث ان الله الزم الرجل ان يقضي الصلاة والصيام عند افطاره اما المراة التي تمر(بمرض النسوان) كما تسميه (عجائزنا حفظهن الله وابقائهن لنا ذخراً وخيراً)فهي لا تقضي الصلاة بينما تقضي الصيام وهذا بحد ذاته وسام شرف منحه الله عزوجل للمراة رفعة ومجداً لتمجيد مكانتها بين المجتمع..

اما فيما يخص حظها في الميراث فان الصحيح ـ على ارض الواقع ـ ان المراة هي صاحبة الحظ الاوفر ذلك بان الرجل مهما حصل على ميراث فانه سيمنح ذلك الميراث الى زوجته..فالرجل على حد تعبير الشيخ المرحوم(محمد جواد مغنية)(عبد لزوجته وبيته)يعمل ويصرف؟؟

قال صاحبي: ان كلامك شبيه بكلام السفسطائية الذين يقلبون الحقائق المحسوسة والملموسة..!!

قلت له: من لسانك ادينك..قلت(الحقائق المحسوسة والملموسة) مارايك بكوندليزارايز؟؟

قال: وزيرة الخارجية الامريكية..ماذا بها؟؟

قلت:هل هي امراة ام لا؟؟

قال: نعم..ولكنها كافرة لا ينطبق عليها حكم الاسلام؟؟

قلت: دع عنك مسالة الاديان..وحدثني هل هي ناقصة عقل ؟؟ بعد ان اذلت كبرياء المتعجرفين من حكام العرب بحركاتها المكوكية والدبلوماسية وطريقة كلامها وجلوسها مع قائدة العرب(الابطال)..

قال: امريكا تريد ان تدمر الاسلام؟؟

قلت: لقد عرف الغرب مدى احتقارنا للمراة فقرروا ان يحتقرونا ويسقطون عرشنا بالمرأة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 7 تشرين الاول/2007 -24/رمضان/1428