مطابخ سياسية خارج الحدود

حسين ابو سعود

لا احد ينكر بان للسياسة مطابخ تطبخ فيها الدسائس والمكائد والمؤامرات والخطط، والمطابخ توجد في الداخل والخارج ولكن مطابخ الخارج تعد اكثر خطرا لان  فيها عناصر خارجية دخيلة لا تمت الى الوطن بصلة وسلا يهمها مصلحة البلد بقدر ما تهتم لمصالحها، والذي دعاني الى طرق هذا الباب هو اطلاعي على خبر مفاده قيام  النائب سعد الحريري (لبناني) بايعاز من زعماء الخليج (عرب) لاجتماع بالسيد نواز شريف رئيس وزراء باكستان الاسبق والطلب منه عدم العودة الى باكستان في الحال الحاضر، وكيف انه لم يذعن لهذا الطلب  فاصر على العودة الى بلاده ولكن تم  ابعاده مرة اخرى الى الخارج  رغما عنه.

 والى جانب هذا الخبر  كانت اخبارا اخرى تتشابه في الطبخ السياسي والتدخل في شئون البلدان الاخرى منها ان ساركوزي (الفرنسي) يعد بالتدخل لمنع انتقال الصراع في العراق  الى المنطقة، وزعماء دارفور يتهمون الاتحاد الافريقي بمحاباة الخرطوم، ولايخفى امر التدخلات في الصومال وافغانستان والعراق وفي كل مكان، وقد لا يعرف  الكثيرون بان السفارات الوادعة تقوم هي الاخرى بالتدخل في شئون البلدان المضيفة عن طريق  جمع ادق المعلومات واهمها  وارسالها الى حكوماتها ببريد دبلوماسي سري محكم الاقفال تسمى الحقيبة الدبلوماسية، واحيانا تقوم المراكز الثقافية للدول بنفس العمل تحت ستار نشر الثقافة، لذا فان الدول عادة ما تطلب معلومات كافية عن السفير المعين لديها وقد ترفض اعتماده اذا لم يكن مرضيا عنه وفق حساباتها، كما وهناك تدخلات سياسية خارجية تتم تحت ستار الاستثمارات التجارية الضخمة التي تتم في البلدان ولا سيما الفقيرة منها، حيث يتم عبرها املاء شروط قاسية عليها.

 على ان المطابخ السياسية خارج الحدود قد تطبخ احيانا  ما هو صالح للاستعمال كالصلح والتوفيق بين رأسين بالحلال ولكنها قليلة على اي حال  لان المصالح هي التي تحكم الطبخات دائما، ونستطيع ان نعتبر الحروب وكافة اشكال الاحتلال هي تدخلات خارجية قد تحدث على مستوى الافراد ايضا كتدخل الحماة الدائم في شئون منزل كنتها وتدخل الجيران في شئون الاخرين، وقد يتدخل الانسان في شئون  اناس يبعدون عنه مسافات بعيدة كالتدخل الحاصل في الصحراء الغربية، فهناك دول تؤيد واخرى تعارض، وكذلك في كشمير التي منع اهلها من ممارسة حق تقرير المصير وصارت بعض الدول تؤيد الهند واخرى تؤيد باكستان وكل حسب مصالحها.

كما ان غالبية الانقلابات التي تحدث في الدول تكون في الغالب بتخطيط خارجي والامثلة كثيرة، وقد حاربت مرة السعودية مصرا على ارض اليمن لسنوات طويلة، وقد حدث كثيرا ان يتم البحث عن حلول لمشاكل بلد معين في دولة اخرى والظريف بانه يشترك  في ذلك ممثلون من دول الجوار وغير الجوار وكأنهم اطراف حقيقية ومعنية واصحاب شأن  وقد تدخلت تركيا في قبرص بشكل مسلح بحجة حماية الاتراك في قبرص وكذلك فعلت اليونان بحجة حماية المسيحيين.

ومن مصاديق التدخل اقامة القواعد العسكرية في الدول الاخرى وكذلك السماح للناشطين المطلوبين من الدول الاخرى بدخول اراضيها بغية استخدامهم في المستقبل كورقة ضغط حيث يرفضون تسليمهم  عند الطلب كما ان هناك تدخل من نوع مقدس تطبخ في مطابخ دينية تؤدي بالنهاية الى تكفير الطرف الاخر وتعييره في ممارساته وصرف الاموال الطائلة على ما يسمى بوقف البدع والشركيات يقابله اتهام للطرف الاخر بالتزمت والتكفير ولاادري ان كانت هناك علاقة خفية للتدخل الديني بالاقتصاد كما يحلو للبعض ربط السياسة بالاقتصاد في اكثر الاحيان.

ولكي لا نننسى بان مهنة الجاسوسية هي مهنة قديمة وموجودة على مر العصور وتلجأ الدول الى تجنيد جواسيس لها من مواطني الدول الاخرى وتغريهم  بالاموال والمحفزات لتأكيد تدخلها في شئون الدول الاخرى وتسهيل ما تريد تركيبه في مطابخها السياسية  لتلك الدول، وقد لانجد مثالا  اوضح وافصح واكمل واشمل  واصفى وانقى  للتدخل والطبخ السياسي الخارجي من العراق حيث تحولت ساحته الداخلية الى ساحة صراع بين اطراف خارجية باقنعة داخلية، حيث تشابكت الامور الى درجة  بدت الرؤية غير واضحة للغاية، ولم يبق في العالم دولة الا وصارت لها مصالح في العراق واصبحت تتدخل  بشكل او باخر  للحفاظ على هذه المصالح، واقول اعان الله الحكومة التي ضاعت عليها الطاسة، فهي عاجزة عن وقف تدخل منظمة ارهابية مثل القاعدة فكيف تستطيع ان توقف تدخل دول قائمة وقوية.

ثم بعد كل هذا يقال ان الدول ذات سيادة  وانها مستقلة في اتخاذ قراراتها فيما نرى بان السياسي الذي يرشح نفسه لمنصب خطير يجب ان يزور الدول المجاورة ليكسب رضاها اولا  والا فانه لا يستطيع اعتلاء سدة الحكم اذا لم يكن مرغوبا من الدول ذات العلاقة حتى وان حصل على نسبة 99% من اصوات الناخبين.  خوش سيادة..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 7 تشرين الاول/2007 -24/رمضان/1428