الصفقات النفطية الكردية بين خرق القانون وفرض الامر الواقع

 شبكة النبأ: رغم ان الاكراد غالبا ما ينادون بمصالح ووحدة العراق على اسس مشتركة تضمن الحقوق والواجبات للجميع الا انه من الملاحظ وخلال العامين الماضيين على حكومة اقليم كردستان انها تتصرف بالثروات النفطية العراقية بمطلق الحرية من خلال عقد اتفاقيات ثنائية وابرام صفقات مع شركات اجنبية للتنقيب والانتاج دون الرجوع الى الحومة المركزية، وفي ظل ذلك يقوم  الاكراد ببناء صناعتهم النفطية الخاصة بينما يعاني القطاع النفطي في باقي اجزاء البلد شللا شبه تام بسبب تعثر اقرار قانون النفط العام.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية ان الاكراد ابرموا صفقات نفطية جديدة غايتها تفرض الامر الواقع إلا أنها ستزيد من توتر الموقف مع بغداد.

وأوضحت الصحيفة ان  الحكومة الكردية الاقليمية توصلت الى ابرام اربع اتفاقات جديدة لاستكشاف النفط، مما يزيد توتر العلاقات مع كثير من القادة العراقيين في بغداد، الذين يريدون ترسيخ سيطرة مركزية على الاحتياطيات النفطية الهائلة في البلاد.

 وأضافت أن  الصفقات الجديدة هي الاخيرة في جهود يبذلها الاكراد لبناء صناعتهم النفطية الخاصة بهم في وقت يراوح فيه قانون النفط الوطني في البرلمان.

وتشير الصحيفة الى أن العقود الكردية الجديدة قد ابرمت مع شركة هيرتج النفطية وهي شركة تجارية كندية عامة ومع شركة بيرينكو اس . أي وهي شركة فرنسية خاصة بالاضافة الى صفقتين اخريين مع شركات عالمية ذات خبرة سيعلن عنها قريبا، وقالت إنه ، حسب ما ذكرت الحكومة الاقليمية الكردية،  يتوقع ان تصل القيمة الكلية الابتدائية إلى 500 مليون دولار.

وأضافت، لقد ابرمت اتفاقية مشابهة الشهر الماضي مع شركة هنت النفطية من ولاية دالاس وتعرضت لانتقاد من جانب وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني، الذي وصفها باللا شرعية.

وقالت الصحيفة الامريكية إن مسؤولين اكراد ذكروا انهم يسعون الى زيادة الصناعة النفطية بقدر كبير، وان الاتفاقيات تتمشي مع الدستور العراقي، مشيرة إلى ان الكثيرين في البرلمان يعترضون على التفسير الكردي لمواد الدستور، ويقولون ان من غير الواضح كيف سيتناسب في النهاية قانون النفط الكردي الاقليمي، الذي اقروه في آب اغسطس الماضي، مع ما اقرته الحكومة المركزية.

وتشير الصحيفة الى ان الكثير من القادة السنة العرب يعترضون على اتفاقيات المشاركة بالانتاج التي تفاوض الاكراد بشانها، والتي تدعو شركات عالمية الى استثمار مبالغ طائلة لتمويل عمليات البحث عن النفط وانتاجه وان تحصل على نسبة من الارباح التي تاتي بها الحقول النفطية الجديدة.

وتلاحظ الصحيفة ان أي قانون نفطي فدرالي ينبغي ان ياخذ بالحسبان الاهتمامات الكردية والشيعية القائلة بان الحكومات الاقليمية تعطى استقلالية حقيقية لتنفيذ خططهم التمنوية الخاصة بهم ورغبة السنة العرب في اقامة سيطرة مركزية قوية لتامين الحصول على حصة عادلة من العائدات، حتى وان كانت محافظاتهم تحوي على كميات نفط قليلة.

فضلا عن ذلك، كما تواصل الصحيفة، فان هذه المشكلات اثبتت تعذر تجاوزها وان قانون النفط الذي يمثل احد النقاط التي وضعها الرئيس الامريكي جورج بوش للتقدم في العراق، ما زال مؤجلا.

وقالت، اذا ما قادت عمليات الاستكشاف الى انتاج نفط ، يقول مسؤولون اكراد ان شروطا صارمة تضمنتها الاتفاقيات تسمح للشركات باستعادة انفاقاتها وتقاسم الارباح، بحيث تذهب 15% الى الشركات و 85% الى الحكومة. وقال مسؤول كردي ان هذا سيتطلب ما بين 3 الى 5 سنوات قبل ان يبدا الانتاج.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة النفط العراقية، في بغداد، شجبه إبرام عقود الاستكشاف الجديدة وحذر الشركات من الامضاء على الصفقات من دون مصادقة الحكومة الوطنية.

وقال المتحدث عاصم جهاد ان أي عقود تبرم قبل المصادقة على قانون النفط سوف تسقَط او تعد غير شرعية.

 وقالت الصحيفة، كما ان مسؤولا رفيع المستوى في وزارة الخارجية ببغداد انتقد ايضا العقود النفطية لانها تزيد توترات لا داعي لها بين الاكراد وبغداد.

وتابعت الصحيفة قائلة ان، مسؤولا كرديا دافع عن هذه الصفقات قائلا ان العائدات سيجري تقاسمها مع المناطق العراقية كلها وان اعاقة ابرام اتفاقيات الاستكشاف سيؤخر الحصول على اموال تحتاجها الخزينة التي هي في امس الحاجة إليها.

وقال المسؤول، بامكاننا الان ان نتطلع الى الاستكشاف، ومع الوقت سنحتاج الى تدفق الاموال الى البلاد. وقالت شخصية تنفيذية غربية مشتركة في المفاوضات مع الاكراد ان الحكومة الاقليمية بدات انها تحاول خلق امر واقع، من خلال ابرام اتفاقيات كثيرة جدا مع شركات اجنبية من المحتمل ان تقبل الحكومة المركزية في النهاية بالشروط التي سعى الاكراد لتضمينها في اية نسخة نهائية من قانون النفط.

وذكرت الصحيفة ان مسؤولا في شركة نفطية اخرى قال ان الانفجار في الاتفاقيات يعكس اهتمامات الاكراد بان تنميتهم النفطية قد اعيقت طوال عهد حكم النظام السابق وبانهم تخلفوا كثيرا في الانتاج مقارنة مع الجنوب العراقي.

وقال هذا المسؤول ، الذي طلب عدم ذكر اسمه حسبما ذكرت الصحيفة، انا اعتقد بانهم يعرفون غريزيا انهم متخلفون عن ذلك، وان عليهم التحرك الان والا لن يحصلوا على مواردهم من الارض. واضاف، لعل الاكراد يلعبون من اجل اللحاق بالبزنس النفطي، لكنهم يمارسون اللعبة بنحو جيد.

اربعة عقود نفطية جديدة

واعلنت حكومة اقليم كردستان العراق انها صادقت على اربعة عقود نفطية جديدة على الرغم من انتقادات الحكومة العراقية وواشنطن لها.

وقالت حكومة اقليم كردستان في البيان الذي نشر على موقعها الالكتروني انها صادقت على اربعة عقود استكشاف وانتاج واقرت ايضا مشروعين لبناء مصافي جديدة في اقليم كردستان في شمال العراق.

واكد البيان ان "توقيع عقدي المشاركة بالانتاج تم مع شركة هيريتيج انيرجي ميدل ايست لمتد بعقد ثانوي من شركة الشركة الكندية هيريتيج وشركة بيرينكو اس ايه المشاركة مع الشركة الفرنسية بالاسم ذاته.

وقال البيان ان توقيع العقدين الاخرين سيتم مع شركتين عالميتين قريبا بعد انجاز التعاقدات الاولية.

واكد البيان ان الاموال التي ستستثمر في الاستكتشاف الاولي لمشاريع الانتاج تبلغ 500 مليون دولار. واضاف ان الاموال التي ستستثمر في مشروعي المصافي ستبلغ حوالي 300 مليون دولارا.

وتثير قضية التعاقدات في اقليم كردستان ازمة في البلاد بسبب عدم المصادقة على قانون النفط والغاز من قبل البرلمان حتى الان.

وكانت حكومة اقليم كردستان اعربت منتصف الشهر الجاري عن استيائها الشديد من وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني وطالبته بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للاقليم وبالاستقالة من منصبه لانه اعتبر العقود النفطية في الاقليم "غير قانونية".

ويقول محللون ان الخلاف بشأن حق التصدير ليست له عواقب تذكر لان من غير المرجح أن توقع أي من حكومات البلدان المجاورة ذات السيادة اتفاقا هاما مع حكومة اقليم كردستان دون موافقة بغداد.

وقال جوليان لي الخبير البارز في مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن، اخراج النفط والغاز من أي منطقة لا تطل على سواحل دائما ما يكون أمرا صعبا... وهو صعب بصفة خاصة للمنطقة الكردية ولاسيما اذا اعتبر أنها تنفذ تلك السياسة غير مبالية ببغداد.

وستكون تركيا المسار المفضل للصادرات حيث يوجد بالفعل خط أنابيب يصل بين حقول النفط في شمال العراق وميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط.

لكن بغداد وقعت اتفاق التصدير مع أنقرة في الوقت الذي يوجد فيه بتركيا اقلية كردية كبيرة وتنتاب أنقرة الشكوك ازاء تقدم المنطقة الكردية في العراق.

ويقول محللون ان أنقرة ترغب في تجنب التعامل المباشر مع المنطقة الكردية خشية أن يشجعها ذلك على الاستقلال وهو ما يمكن بدوره ان يزعزع استقرار تركيا.

وقال اليكس مونتون المحلل بمؤسسة وود ماكينزي الاستشارية العالمية، القضية الرئيسية هي أن المنطقة الكردية لا تزال تعول على التوصل الى اتفاق مع الحكومة الاتحادية لتصدير نفطها.

واضاف، هذا يتأثر أيضا بالسياسة الخارجية. فالحكومة التركية تعارض بشدة حصول كردستان على سلطات أكبر. وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية فهي تتعامل مع بغداد وليس أربيل.

غير أن مسألة الصادرات اصبحت بالفعل مثار قلق بالنسبة لشركة دي.ان.أو النرويجية التي قامت ببناء وصلة لربط حقل نفط طاوكي في كردستان بميناء جيهان التركي. ولم تحصل دي.ان.أو بعد على ترخيص من بغداد لتصدير النفط وتسلم النفط في شاحنات لمصاف محلية.

وتعتزم أداكس بتروليوم السويسرية طرح خطة تطوير لحقل نفطي بتكلفة مليار دولار على الحكومة كردستان يمكن أن تؤدي الى انتاج 200 ألف برميل يوميا من حقل نفط طاق طاق. لكن الخطة تتطلب الحصول على منفذ للتصدير.

القيادة الكردية تدعو إلى مؤتمر موسع

من جهة اخرى دعت رئاسة إقليم كردستان، الأحزاب العراقية الى مؤتمر موسع يعقد في أربيل لمناقشة النظام الفدرالي، واصفة الرافضين لقرار الكونغرس الأمريكي غير الملزم حول تقسيم العراق، بأنهم أعلنوا موقفا شوفينيا أو عبروا عن عدم دقة في قراءة القرار.

وقال بيان صدر عن رئاسة إقليم كردستان العراق، وتسلمت وكالة (أصوات العراق) نسخة منه، ندعو كافة ممثلي الأحزاب العراقية، إلى مؤتمر عام في كردستان وفي عاصمة الإقليم أربيل.. لمناقشة كافة القضايا المتعلقة بكيفية بناء النظام الاتحادي (الفدرالي).

وانتقد بيان الرئاسة الكردية، الأصوات الرافضة لقرار مجلس الشيوخ الأمريكي غير الملزم حول تقسيم العراق فدراليا، واعتبر بيان الرئاسة الكردي ان الرافضين للقرار، أما لم يقرؤوه بتمعن ودقة، أو أنهم استغلوا هذا الوضع ليعبروا عن أفكارهم الشوفينية وإيمانهم بعودة المركزية المقيتة.. ومحاولتهم إجهاض الدستور العراقي والمبادئ الفدرالية.

وأعرب البيان عن اعتقاد رئاسة إقليم كردستان بأن مشروع مجلس الشيوخ ينسجم مع الدستور العراقي والذي تم بناء المسيرة السياسية على دعائمه.

ولفت البيان الكردي الى ان العراق "مقسم" حاليا على أساس الهويات الدينية، موضحا أن الهويات الدينية والمذهبية تعبر عن نفسها في أطر سياسية، حيث هناك أحزاب سياسية تعتبر نفسها ممثلة للمكون السني.. وأحزاب تعبر عن المكون الشيعي.

وأضاف ان العراق العربي بصورة خاصة، مقسم أيديولوجياً الى نظرة سنية وأخرى شيعية حول الدولة والحكومة والأمور الاجتماعية والسياسية.

ولم يحدد البيان موعدا لعقد المؤتمر المذكور، واكتفى بالاشارة الى ان دعوة رسمية لحضور المؤتمر الموسع ستوجه الى جميع الأحزاب العراقية، بعد التشاور مع الأطراف المعنية وإنضاج الأمر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 7 تشرين الاول/2007 -24/رمضان/1428