مخاطر تسليح العشائر في العراق

شبكة النبأ: في ظاهرة اتسعت ما وراء محافظة الانبار لتصل الى بغداد وديالى ومناطق اخرى من البلاد انخرط ما يزيد على 30 الفا من ابناء العشائر السنية  للعمل مع القوات الامريكية والعراقية على مدى الشهور الستة الماضية، في دفع للجهود المركزة للقضاء على القاعدة في العراق.

ورغم ان اسلوب التسليح والتطويع هذا قد يؤتي ثماره في المناطق السنية التي تغلغلت فيها القاعدة بفعل تعاون السنة معها في البداية، إلا ان الامر ليس كما هو عليه في المناطق المختلطة طائفيا حيث امكانية تعرض المسلحين للاهالي والمدنيين من الطوائف الاخرى خاصة وانه لا زالت هناك اختراقات كبيرة من قبل القاعدة في صفوف المسلحين السنة. فضلا عن ان الحكومة العراقية تخشى ان يشجع هذا الوضع مستقبلا في قيام انتفاضة عشائرية مسلحة.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن تزايد انضمام ابناء العشائر العراقية الى الجهد العسكري الذي وصل إلى 30 ألف متطوع يخدمون الان في صفوف الشرطة والجيش، يثير أسئلة عن مدى رسوخ التحالفات مع شيوخ العشائر.

وقالت الصحيفة ان الحكومة العراقية، بحثّ من السلطات الامريكية، امرت الشهر الحالي وحدات الجيش العراقية والشرطة بضم المتطوعين الى عملياتها. ونقلت الصحيفة عن البريغاديير جنرال جون كامبل، نائب قائد الجيش الامريكي ببغداد تعليقه عن هذا الاجراء ان هذا شيء هائل. فهو يثبت لهم [للمتطوعين] اننا نتطلع اليهم.

لكن الصحيفة ترى انه على الرغم من كل شيء تبقى هناك اسئلة قائمة عن مدى رسوخ التحالفات مع شيوخ العشائر، وعن قدرتهم على تحسين الوضع الامني في المناطق المختلطة طائفيا من مثل محافظة ديالى وبغداد، وعن نيتهم في اشاعة الاستقرار والمصالحة الوطنية، او انهم سيكونون داعيا لتجزئة العراق من خلال تكاثر الجماعات المسلحة.

وتضيف، أن القاعدة المرتبطة بالمسلحين السنة ابتدأوا حملة لاغتيال رؤساء العشائر المتعاونين مع القوات الامريكية، مؤخرا باستخدام الانتحاريين كما حدث عندما قتل انتحاري شيوخا ومسؤولين في لقاء مصالحة بين شيوخ عشائر شيعة وسنة في بعقوبة، عاصمة محافظة ديالى.

وفي وقت مبكر، اعيقت جهود الجيش الامريكي في تفعيل عشائر عراقية بسبب الاعتراف المحدود للزعامة العشائرية، ومساحة التأثير على الارض ودرجته، كما قال خبراء عسكريون.

وقال اللفتنانت الاحتياط مايكل ايزينستات، الذي بحث في العشائر العراقية، ان من المؤكد ان هذا شيء علينا القبول بوجوده، لكن علينا الاعتراف باحتمال ظهور ميولات طاردة مركزيا لتؤكد نفسها. مشيرا الى انه في المدى البعيد ستظهر الحاجة الى العمل المكثف لابقائهم يعملون معا. واضاف، ان من المحتمل ان تنقلب العشائر على القوات الامريكية.

وكان الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد قوات التحالف في العراق، اشاد بتحرك العشائر للانضمام الى القوات الامريكية لحماية مناطقهم. واعترف ان "صحوة" عشائر الانبار التي بدأت منذ عام وجهت سياسيا ولا يمكن ان يحدث مثلها في مناطق اخرى، الا انه قال ان التحول في الولاءات اخذ بالانتشار.

وفي بغداد، تطوع ما يزيد عن 8.000 من ابناء العشائر في احياء مثل المنصور وابو غريب وتجري عملية فحصهم ليكونوا قوات شرطة، كما قال نائب قائد الجيش الامريكي ببغداد. وهناك حوالي 1.500  عنصر جرى استئجارهم ليكونوا شرطة في ابو غريب وقد اكملوا تدريباتهم في الاسبوعين الماضيين، كما قال الميجر جنرال جوزف فل، قائد قوات بغداد.

اما في جنوب بغداد، فقد تقدم ما يزيد عن 14.000 في الشهور الاخيرة للقيام بمهمة الامن المحلي، ومن بينهم حوالي 12.000 سني و 2.000 شيعي من سكان المنطقة، كما ذكر الميجر جنرال رك لينتش، القائد الامريكي للمنطقة. وهذا يؤشر زيادة تقترب من 10.000 متطوع عن شهر آب اغسطس، كما قال لينتش.

وتتابع الصحيفة قولها ان جهد الجيش الامريكي في استقطاب العشائر يعود في جزء منه الى الحاجة الى قوة بشرية اضافية للمساعدة في تأمين المناطق التي نظفتها القوات الامريكية والعراقية بهدف حمايتها من السقوط ثانية تحت سيطرة المتمردين او الميليشيا.

وفي بغداد، حيث تعمل القوات الامريكية والعراقية على تمزيق او طرد المتمردين من 46% مما مجموعه 474 حيّاً، قال "فل" انه يأمل ان تكون "شعبية" قوات الامن "حافزا" للتغيير.

وذكرت الصحيفة ان الميجر جنرال بنجامن ميكسن، قائد المنطقة الشمالية، قال ان العشائر توفر قوة لا سبيل لتجاهلها. وقال ميكسن في لقاء معه "ليس لدينا القوات الكافية لتأمين كل قرية من هذه القرى الصغيرة." واضاف "ولو وفقنا في الحصول على غالبية الشيوخ للعمل معنا... فسيقلل هذا الامر من مساحة المنطقة التي يعمل فيها العدو."

وتقول الصحيفة ان الحكومة التي يقودها الشيعة تنظر بحذر الى قوات العشائر السنية، بخاصة عندما تظهر في المناطق المختلطة طائفيا بالقرب من بغداد. وقال كامبل، الذي ذكر انه أمضى اسابيع عدة برفقة قائد قوات بغداد اللواء عبود قنبر في زيارة المناطق التي تشكلت فيها قوات متطوعين من ابناء العشائر، ان الحكومة تخشى ان يشجع هذا الوضع انتفاضة مسلحة.

وقال كامبل ان الحكومة العراقية اصدرت امرا في الاسبوع الاول من ايلول سبتمبر الجاري من خلال لجنة المصالحة الوطنية الى وزارتي الداخلية والدفاع والتشكيلات الاخرى لتوجيه القادة للعمل مع المتطوعين.

ويأمل القادة الاميركيون ان توضع قوات العشائر السنية على جدول رواتب الحكومة بوصفهم شرطة او جنودا، كما ان هذا الاجراء سيعزز المصالحة على المدى الطويل من طريق توفير فرص عمل للسنة وربطهم بالحكومة المركزية.

وتقول الصحيفة ان اختبارا ستخضع له العشائر والمتطوعون لتحديد القادر منهم على المساعدة في تأمين المناطق المختلطة طائفيا مثل ديالى، حيث تصاعد القتال فيها في العام الماضي.

وديالى، التي تربط بين بغداد وايران، تسكنها حوالي 25 عشيرة، من بينها ست مختلطة من سنة وشيعة.

وتقول الصحيفة، حسب ما تظهر البيانات العسكرية فإن العمليات التي تنفذها القوات الامريكية والعراقية قد قللت من العنف في ديالى في الاسابيع الاخيرة.

وتضيف، تطوع حوالي 3.500 من ابناء العشائر وجماعات اخرى ليشكلوا قوات امن محلية، كما ان اتفاقا بين 68 رئيس عشيرة ساعد في تخفيف القتال بين القرى السنية والشيعية، طبقا لما يقول الكولونيل ديفيد سذرلاند، قائد احد الالوية الامريكية العاملة في ديالى. الا ان الشكوك ما زالت عميقة بين الطرفين، كما يقول الكولونيل، اذ ان اتفاق سلام ابرم العام الماضي بين اثنين من القرى المتنازعة جاء بعد شهور من حرب اهلية.

وتنقل الصحيفة ان بعض المحللين يرون التعاون العشائري آيل الى الزوال. ويقول ايزينستات ان الميل الطبيعي بين اوساط العشائر ينحو الى الفرقة. وقال ان العمل العشائري اليوم يوجهه تهديد جماعات التمرد السنية مثل القاعدة. فقد تعهد شيوخ الانبار في الرمادي بالقضاء على التنظيم بخاصة بعد مقتل قائدهم الشيخ عبد الستار ابو ريشة، في 13 من ايلول سبتمبر الجاري واعلنت احدى الجماعات المرتبطة بالقاعدة مسؤوليتها عن قتله.

واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة ان ايزنستات كتب مؤخرا في مجلة عسكرية قائلا: سنرى... هل يمكن لصحوة الانبار ان تبقى موحدة... هل يمكن تكرار نجاح الانبار في مناطق اخرى من العراق، او ما اذا كانت جهود التحالف للعمل مع العشائر وتسليح المليشيات العشائرية هي في الواقع تمهد الطريق لحرب أهلية في العراق اشد عنفا؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4 تشرين الاول/2007 -21/رمضان/1428