ملف تخصصي: الاقتصاد الايراني في مهب الريح

اعداد:علي الطالقاني

شبكة النبأ: بينما تنتظر وتراقب الشركات الروسية والصينية الوضع عن كثب. مع محاولات أوروبية تحاول درء المخاطر من ممارسة عملية القتل الرحيم للاقتصاد الايراني ذكر دبلوماسيون ان الاتحاد الاوروبي يحاول منع تحركات الجانب الاميركي لمعاقبة شركات اجنبية تتعامل تجاريا مع ايران.

ويقول الدبلوماسيون ان الاتحاد الاوروبي يخشى ان تؤدي التحركات الاميركية الى انقلاب الحلفاء الغربيين على بعضهم البعض وتقويض وحدة الصف ضد طهران في ما يتعلق برفضها تخصيب اليورانيوم.

وتقول قوى اوروبية رئيسية انها مستعدة للانضمام الى واشنطن في السعي لفرض عقوبات اشد على ايران في الأمم المتحدة. لكن الدبلوماسيين الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم قالوا ان الاتحاد الاوروبي سيقاوم اي محاولة لتطبيق قوانين اميركية احادية الجانب لمعاقبة شركات اوروبية تستثمر في ايران او تتعامل تجاريا معها، وسيلجأ إلى منظمة التجارة العالمية اذا دعت الضرورة.

ويشعر الاتحاد الاوروبي على وجه الخصوص بالقلق من مشروع قانون اقره مجلس النواب الاميركي يلغي العمل بوثيقة رئاسية كانت تستثني الشركات الاوروبية من عقوبات تفرضها واشنطن على الشركات التي تستثمر اكثر من 20 مليون دولار في قطاع النفط والغاز الايراني.

وصدرت الوثيقة في عام 1998 لانهاء نزاع بين اوروبا والولايات المتحدة في ما يتعلق بمساعي لتطبيق تشريع اميركي خارج اراضيها.

تضاؤل الاستثمارات

ويقول مسؤولون اوروبيون ان الاستثمارات الجديدة للاتحاد الاوروبي في الجمهورية الإسلامية تتضاءل بالفعل بسبب المخاطر السياسية ونقص التمويل للمشروعات الكبيرة وان الصادرات الى ايران تتراجع مع تقليص الحكومة والبنوك الاعتمادات التجارية.

وقال مكتب الاحصاء التابع للاتحاد الاوروبي 'يوروستات' ان دول الاتحاد الاوروبي السبعة والعشرين صدرت بضائع لايران بقيمة 12.99 مليار يورو (18.06 مليار دولار) في عام 2005 و11.27 مليار يورو العام الماضي و4.66 مليارات يورو في النصف الاول من العام الحالي.

وأظهرت الاحصائيات ان اكبر المصدرين هم ألمانيا وايطاليا وفرنسا. لكن معدل التجارة يشهد تراجعا في كل حالة.

انتخابات امريكية

وذكرت صحيفة لوموند ان الحكومة الفرنسية ابلغت الشركات الفرنسية العاملة في ايران بضرورة ارجاء اي استثمارات جديدة في ايران، واشارت الى مشروع للغاز الطبيعي المسال يضم شركة الطاقة الفرنسية توتال والمجمد حاليا.

ويشعر الاتحاد الاوروبي بالقلق من ان يتنافس الساسة في الفترة التي تسبق انتخابات الرئاسة الاميركية وانتخابات الكونغرس على تقديم اقترحات باتخاذ اجراءات اشد ضد ايران من دون اعتبار للحلفاء في اوروبا واليابان.

روسيا والصين في الانتظار

وتقول جماعات ضغط في قطاع الاعمال انه اذا تعرضت الشركات الاوروبية إلى ضغوط لسحب استثماراتها من ايران من دون صدور قرار للامم المتحدة، فان الشركات الروسية والصينية ستحل ببساطة محلها.

وتدعو مشاريع قوانين اخرى اقرها مجلس النواب الاميركي الحكومة الاميركية الى نشر قائمة باسماء الشركات التي تستثمر اكثر من 20 مليون دولار في قطاع الطاقة الايراني وعرض اجراءات حماية قانونية لمديري صناديق الاستثمار الذين يسحبون اموال من الشركات التي تبرم معاملات هناك.

وكانت استثمارات توتال في حقل جنوب فارس العملاق للغاز في ايران في قلب صراع عبر الاطلسي في منتصف التسعينات.

وذكرت وحدة ابحاث الكونغرس أخيرا ان شركات اجنبية مثل توتال ورويال داتش شل وايني الايطالية وانبكس هولدنغ اليابانية استثمرت اكثر من 100 مليار دولار في مجال الطاقة في ايران منذ 1999.

وقال دبلوماسيون اوروبيون ان تحركات الكونغرس قد تضر بالتعاون عبر الاطلسي في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة واوروبا الى التوصل الى نهج مشترك لمحاولة احتواء طموحات ايران النووية بخليط من الحوافز والعقوبات.

القتل الرحيم للاقتصاد الإيراني

ويشكل الملف النووي الإيراني مساحة الإتفاق التي تجمع بين الاتجاهين بين الجمهوريين والديمقراطيين. ففي أعقاب الأزمات المتكررة، التي هزت الاقتصاد الإيراني- وأخرها أحداث الشغب التي شهدتها طهران بسبب ارتفاع أسعار البنزين مؤخرا- أيقن صناع القرار في واشنطن أن ورقة الحرب الاقتصادية ضد إيران تفرض نفسها على حساب الخيار العسكري. وأدركت واشنطن أيضا أن الخيار العسكري لن يفضي بتحقيق الرغبة الأمريكية في إسقاط النظام الإيراني، بل بالعكس سيعطي التيار المحافظ الإيراني الفرصة الذهبية لاستعادة شعبيته، بعد أن انخفضت بشكل كبير في العاميين الماضيين.

توافق أمريكي ضد إيران

التوافق بين التيارين، الليبرالي والمحافظ، حول الملف النووي الإيراني تجلى في أبهى صوره في مجموعة حلقات نقاشية عقدها معهد أمريكان إنتربرايز بواشنطن American Enterprise Institute- المعروف باتجاهه المحافظ-  لتقييم وضع الاقتصاد الإيراني وبحث كيفية تجريده من الاستثمارات الأجنبية، التي يعتمد عليها بشكل كبير، وجاءت الحلقات النقاشة، والتي كان عنوانها "محاربة الاستثمار في إيران ، في وقت يستعد فيه الكونجرس لمناقشة مشروعات قوانين خاصة بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وتجريم التعاون مع أي كيان اقتصادي يحمل الجنسية الإيرانية. الحلقات النقاشية، التي استمرت على مدى يوما كامل، تحدث فيها العديد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين والجمهوريين، وفي البداية قالت دانيال بلتيكا  نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، إنه منذ بداية هذا العام وهناك شبه إجماع بين قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري على إصدار تشريعات من شأنها تجريد الاقتصاد الإيراني من الاستثمارات الأجنبية، وأضافت أنه دائما ما كان يخلط بين فرض العقوبات الاقتصادية ، والتجريد أو عدم الاستثمار  حيث أن الأخير مختلف تماما عن الأول، فالتجريد هو اختيار يتم عن طريق الأفراد، مثل الشركات والبنوك وباقي المؤسسات التنظيمية التي على شاكلتها، وأشارت إلي أن هذا المبدأ أصبح يمثل معضلة أخلاقية، بمعنى أنه على الكيانات الاقتصادية أن تسأل نفسها هل المالي Mullahs، الذين يتحكمون في الاقتصاد الإيراني شريك جيد يمكن أن تعقد معهم اتفاقيات من ناحية، ومن ناحية أخرى نحاربهم لأنهم يعيشون في دولة ترعى الإرهاب ! 

عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي براد شيرمان ، وهو أعد أعضاء لجنة مكافحة الإرهاب الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الخارجية ، وصف ما تقوم به الولايات المتحدة حاليا مع إيران بالعجز، مضيفا أنه على الرغم من الآليات المتعددة التي تملكها واشنطن لإجبار طهران على تعديل سلوكها النووي، إلا أنها لم تستخدم إلا الحد الأدنى من هذه الآليات، وأستعرض شيرمان المخاطر التي ستواجهها الولايات المتحدة في حالة امتلاك إيران سلاحا نووي، قائلا أن ذلك من شأنه سيشجع العديد من دول العالم على السعي لامتلاك سلاحا نوويا، خاصة دول الخليج والدول المجاورة لإيران، مما سيؤدي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، كما أن إيران النووية ستكون أكثر جرأة من الوقت الحالي وسيحفزها على الدخول في صراعات مباشرة مع الولايات المتحدة، وذلك لبسط سيطرتها على الشرق الأوسط من خلال "عملائها" الموجودين في العراق وفلسطين ولبنان. شيرمان تحدث  حول "تجريد إيران من الشركات الأجنبية المستثمرة فيها" قائلا إن عملية التجريد هي خطوة هامة في الوقت الحالي لتغيير سلوك النظام الإيراني، فالعديد من التقارير التي تلقتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب تقول أن أعمال الشغب التي حدثت في الفترة الأخيرة بسبب تقنين البنزين، تؤكد أن الاقتصاد الإيراني هش وأن سحب الاستثمارات الأجنبية من شأنها تدميره، وأضاف أن هناك عاملين سيساعدا واشنطن على ذلك، الأول؛ أن النظام الإيراني الحالي متمثلا في هيمنة أيه الله على القرارات الاقتصادية أدى إلي انعكاسات سلبية على إدارة الاستثمارات الأجنبية، فمشكلة الاقتصاد الإيراني ليس أنه يستورد 43% من احتياجاته من الجازولين، فإيران لديها الموارد المالية لشراء احتياجاتها، لذلك تجريدها من تلك الموارد سيكون بمثابة عصا سحرية لتدمير الاقتصاد الإيراني ومن ورائه صورة النظام الثوري ،خاصة أن إيران لن تستطيع الاستمرار في تقديم الدعم للمواطنين على الجازولين لمدة طويلة ، وهذا ما حدث حين رفعت سعر جالون البنزين من 25 سنت إلي 41 سنت.  

استدلالات شيرمان

النوع الاول ،هو أن الديناميكية السياسية في إيران أصبحت معقدة بشكل لافت، فهي ليست بلدا ديمقراطيا، إلا أنها في نفس الوقت بلدا يمكنك أن ترى فيه احتجاجات وتظاهرات بسبب مشاكل اقتصادية، وذلك عكس الوضع في كوريا الشمالية التي لا يستطيع أي مواطن فيها أن يعترض على أي شيء. شيرمان شرح كيف تسعى لجنته الفرعية لتطبيق " تجريد إيران" تعديل بعض التشريعات الحالية، ومن ضمنها قانون فرض العقوبات على إيران ،وأشار شيرمان أن الخطوة الأولي تغيير سلوك الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران، وذلك بإقناعهم بأن الاستثمار هناك تمثل مخاطرة كبيرة على مستقبلهم المالي، كما أنه سيفقدهم الفرصة في إيجاد فرص استثمار في مناطق أخرى في العالم، وخاصة دول الإقليم، وأضاف أن هذا الخطوة لابد أن تقوم على استهداف ثلاثة أنواع رئيسية من الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران وهي كالتالي:

• النوع الأول هي الشركات التي تستثمر في قطاع النفط الإيراني وحجم إستثماراتها أكثر من 20 مليار دولار.

• النوع الثاني هو الشركات متعددة الجنسيات أو ما يطلق عليها الشركات عابرة القارات، وهذا النوع ليس من السهل إقناعه بمبدأ التخلي عن استثماراته في إيران، إلا أنه في الوقت نفسه من الممكن الضغط عليه من خلال فروعه الموجودة على الأراضي الأمريكية عن طريق فرض عقوبات عليها إذا تجاوزت القوانين أو التشريعات، التي تحظر التعاون مع أي كيانات اقتصادية إيرانية.  

• النوع الثالث الذي يجب استهدافه؛ فهو تلك الشركات، التي تصدر الذخائر لإيران ومعظمها شركات يابانية وصينية وروسية وأوروبية.

شيرمان شدد أيضا على أهمية العامل الدبلوماسي قائلا أنه على الإدارة الأمريكية أن تحاول كسب بعض الإطراف الدولية في صفها، مثل روسيا بمعنى أن تقدم واشنطن تنازلات في بعض الملفات العالقة بين الطرفين، والتي تمثل أهمية أقل من الملف الإيراني عند الولايات المتحدة، وذلك في مقابل تمرير بعض القرارات الدولية داخل مجلس الأمن.

سوء أداء اقتصاد إيران

وفي كلمته قال باتريك كلوسون  الباحث بمعهد واشنطن لشئون الشرق الأدنى ، إن الاقتصاد الإيراني بات أداءه باهت في الخمس سنوات الأخيرة، مضيفا أنه يعاني من أربعة مشاكل رئيسية، الأولى هي سيطرة المؤسسات الثورية على الاقتصاد وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني ، والتي تجنى مكاسب سياسية خرافية من جراء نفوذها مما يعزز الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، أما المشكلة الثانية؛ هي الاستخدام الغير السيئ  لموارد الحكومة، والتي تنفق معظمها على دعم السلع الاستهلاكية والبنزين. المشكلة الثالثة؛ تتعلق بالبطالة والتي تتزايد بشكل مستمر، خاصة في أوساط الشباب الذين يمثلون الأغلبية من التعداد السكاني الإيراني، أما الرابعة؛ فهي خاصة بالانحدار المستمر في أداء قطاع البترول، والتي تشهد حالة من الانهيار بعد أن أصبحت المصافي النفطية الإيرانية  فقيرة للغاية، غير قادرة على توفير الحد الأدنى من احتياجات الشعب الإيراني من الجازولين. وأقترح كلوسون الذي عمل بالبنك الدولي لفترة طويلة، أن تستخدم الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة مع إيران عن طريق استغلال هذه المشاكل الرئيسية ، لضغط على النظام الإيراني لتغيير سلوكه أو لإسقاطه بعد أن يكون الاقتصاد الإيراني قد انهار تماما.   

صراع القوى داخل إيران

مراكز القوى التي تحكم المجتمع الاقتصادي الإيراني كانت محور حديث كين كاتزمن Ken Katz man المتخصص بشئون الشرق الأوسط بوحدة الأبحاث بالكونجرس الأمريكي Congressional Research Service، وحدد كين مراكز القوى بأنهم أثنين، الأول يتمثل في التيار الذي يتزعمه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. والذي يؤمن بسيطرة الحكومة على الاقتصاد، وتقديم الدعم لطبقة الفقيرة والعاملة عن طريق منح قروض صغيرة ميسرة، وتلك الطبقتين- العمال والفقراء- يمثلون في وجهة نظرة كين القاعدة الشعبية التي يعتمد عليها الرئيس الإيراني الحالي، وهم يعيشون بعيدا عن عيون الإعلام في الريف الإيراني. ويضيف كين أن من ينتمون لهذه الطبقة لا يكترثوا للعقوبات الاقتصادية التي فرضت أو سوف تفرض على إيران لأنها لن تضرهم فهم ليس مستهلكين لسلع الرفاهية وليس لدي معظمهم سيارات تجعلهم يغضبون من غلاء البنزين، وهذا يفسر استمرار ارتفاع نسبة شعبية أحمدي نجاد. فالمتضرر الحقيقي من هي طبقة رجال الأعمال التي تستورد وتصدر إلي دول العالم، فهي التي تسعى وراء اتفاقات التبادل التجاري مع الدول الأوربية والصين ودول جنوب شرق أسيا.  ومن هنا يكمن نقطة الضعف في الاقتصاد الإيراني فالضغط على هذه الطبقة، عن طريق فرض عقوبات أو تجميد أرصدة ، سيصيب المجتمع الإيراني ككل بحالة من الشلل المؤقت، حيث أن الأعمال التجارية التي تقوم بها طبقة رجال الأعمال الإيرانيين توفر ملايين فرص العمل للمواطنين الإيرانيين، وهذا مع الوضع في الاعتبار أن الحكومة فشلت في توفير فرص عمل مما أدى لارتفاع معدلات البطالة.

ويرى كين أن أية قوانين تصدر من الكونجرس أو قرارات خاصة بفرض عقوبات على الاقتصاد الإيراني، عليها أن تركز على ضرب مصالح هذه الطبقة- رجال الأعمال، التي من المتوقع أن تشكل عامل ضغط كبير على النظام المحافظ الإيراني الحالي. 

وعقبت دانيال بلتيكا  نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، على حديث كين قائلة إن الكونجرس أصدر قرارين بشأن دارفور والسودان، يقضيا بفرض عقوبات اقتصادية على الخرطوم إلا أنه ليس من المؤكد أن يتحول قرار فرض العقوبات على إيران إلي قانون . وأشارت إلي أن المشكلة ليست في الشركات الأمريكية، التي أعلن معظمها أنه سيسحب إستثمارته من إيران، إلا أن المشكلة الحقيقية في الشركات الأجنبية، التي لديها فروع في الولايات المتحدة، وأضافت أنه لم يكن من السهل على الإدارة الأمريكية الحالية أن تقنع بريطانيا وفرنسا وروسيا بالموافقة على القرارين الأخيرين الذي أصدرهم مجلس الأمن، وهذا ينعكس على الوضع الحالي حيث ترددت العديد من المؤسسات البنكية الدولية وغيرها من الشركات في تنفيذ العقوبات التي وردت في قرار مجلس الأمن الأخير.

السيناتور الجمهوري جون كيل شبه الخطر الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني بالخطر النازي الذي كان يهدد العالم خلال الحرب العالمية الثانية، قائلا أن على واشنطن أن تتخذ العديد من الخطوات لاحتواء الخطر الإيراني، مضيفا أن حملة فعالة لتجريد الاقتصاد الإيراني من استثماراته الأجنبية ستكون مجدية، وهذا بالتوازي مع هجوم دبلوماسي يجب على الإدارة الحالية أن تشنه على كل الصين وروسيا لممارسة ضغوط اقتصادية عليهم.

 أما سارة ستيل مان أمينة خزانة ولاية ميسوري عرضت خبرتها المحلية في التعامل مع الشركات الأمريكية بولاية ميسوري، والتي لها استثمارات في إيران، وقالت إنها عندما تولت المنصب وجدت العديد من الكيانات الاقتصادية الكبيرة لديها استثمارات مباشرة في إيران. مضيفة أن ذلك من شأنه يشكل عملية تمويل مباشر لأحد "أخطر أعداء الولايات المتحدة في العالم، وأشارت أن الولاية استطاعت من خلال بعض التشريعات المحلية الحد من هذه الاستثمارات وذلك عن طريق إقناع المستثمرين بخطورة الاستثمار في الاقتصاد الإيراني. وأردفت قائلة إن هذه الإجراءات وجدت رد فعل إيجابي من قبل العديد من الشركات، ومن أمثلتها شركة يو بي إس والتي رفضت سحب إستثماراتها من إيران في البداية، وكان رد فعلنا عليها هو طردها من قائمة بيع الأسهم الخاصة بالولاية. وهذه الخطوة جعلت تلك الشركة ترضخ لشروطنا بعد أن أدت العقوبات، التي فرضت عليها من قبل الولاية إلي توقف معظم أعمال الشركة وخسارتها ملايين الدولارات في فترة قصيرة.

تيد دويتش أحد أعضاء كونجرس ولاية فلوريدا  ، عرض أيضا كيف تعاملت ولاية فلوريدا على المستوى المحلي مع الشركات التي لديها استثمارات في إيران. وقال ‘ن قانون معاقبة إيران في فلوريدا يمس أكثر من ثلاثين شركة، يبلغ حجم إستثماراتها نحو 830 مليون دولار. وأضاف أن معظم الشركات رضخت لقرارات الولاية الخاصة بفرض عقوبات يقوم بتمويل دولة ترعى الارهاب مثل إيران.

دعت إلى عقوبات أوروبية وطالبت الشركات الفرنسية بعدم الاستثمار في إيران 

فرنسا تتوقع الأسوأ في الملف الإيراني 

من جانبه أعلنت فرنسا ان الأزمة النووية الايرانية تقتضي 'توقع الأسوأ' وهو الحرب، معطية الأولوية في الوقت الراهن للتفاوض. وفي مقابلة اذاعية وتلفزيونية الاحد عشية زيارته الى موسكو قال وزير الخارجية برنار كوشنير ردا على سؤال حول الأزمة النووية الايرانية 'لا بد من توقع الاسوأ' والأسوأ حسب قوله 'هو الحرب'. وتابع الوزير الفرنسي 'نستعد من خلال السعي اولا الى وضع خطط هي من اختصاص قيادات الاركان، وهذا الامر لن يكون للغد، الا اننا نستعد ايضا لقول 'لن نقبل بصنع هذه القنبلة - النووية الايرانية - علقوا تخصيب اليورانيوم وسنثبت لكم اننا جادون' قبل ان يقترح 'الاعداد لعقوبات تكون اكثر فعالية' من التي فرضت حتى الآن.

وتابع كوشنير 'لا بد من التفاوض حتى النهاية'.

واضاف 'لا توجد خارج الاستعدادات العسكرية اي اشارة تتيح لنا الاعتقاد بأن ايران ستقصف قريبا، لا اعتقد اننا وصلنا الى هذا المستوى الا انه من الطبيعي ان نضع خططا'.

دعوة للعقوبات

وحرص كوشنير على القول ان 'الجيش الفرنسي لا يشارك حاليا في اي شيء او اي مناورة من اي نوع كان' ضد ايران!

وقال 'قررنا فيما تتواصل المفاوضات التي يجب ان تتكثف، ان نعد لعقوبات محتملة خارج اطار الامم المتحدة، تكون عقوبات اوروبية'.

واضاف 'لقد اقترح اصدقاؤنا الألمان ذلك'، انها ستكون 'عقوبات اقتصادية ومالية وتستهدف بشكل خاص الثروات الكبيرة والمصارف' في ايران وليس المواطنين العاديين.

عدم الاستثمار

وفي الاطار نفسه، اعلن كوشنير ان الحكومة الفرنسية، طلبت 'من بعض الشركات الفرنسية الكبرى عدم الاستثمار في ايران، وعدم الرد على عمليات استدراج عروض'.

واضاف 'اعتقد انه تم الالتزام بما قلناه، ولسنا وحدنا من قام بذلك'، مشيرا الى شركات مثل 'توتال وغاز دي فرانس وشركات اخرى بالطبع'.

طلب استدعاء متكي

في غضون ذلك، وحول ما أعلنه وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي ان الوقود النووي اللازم لتشغيل محطة بوشهر النووية جاهز، ذكرت وكالة الانباء الايرانية ان نوابا في مجلس الشورى طلبوا استدعاء الوزير متكي للرد على استفساراتهم بشأن عدم تدشين المحطة في الموعد المحدد اي سبتمبر الحالي.

ونقلت الوكالة عن النائب نور الدين قوله ان اعضاء طالبوا استدعاء متكي لتقديم ايضاحات، وان وزير الخارجية السابق كمال خرازي كان قد وعد البرلمان ايضا بتدشين وتشغيل المحطة في سبتمبر 2007 لكن الخارجية لم تقم بما يلزم.

وفي موسكو نفى مصدر في قطاع الطاقة النووي الروسي قول متكي ان الوقود النووي للمحطة جاهز. واوضح ان 'اجراء ختم الوقود النووي من قبل خبراء دوليين لاعداده للنقل الى بوشهر لم تتم بعد'.

حرب اقتصادية على أبواب إيران

الحرب خيار قائم، يردد المسؤولون الاميركيون من صقور وحمائم، ومنذ اكثر من سنتين ترّكز طهران جهودها على مواجهة ذلك «التحدي الغربي»، في حين ينزلق بساطها الاقتصادي من تحت قدمي مسؤوليها. يقول القائد العسكري الاميركي في العراق الجنرال دايفيد بترايوس ان الخطة الأمنية تحتاج الى اكثر من عشر سنوات لتنجح، طبعاً لا يهضم المسؤولون الاميركيون في الكونغرس ولا الاعلام الاميركي هذا التصريح، وتعلو الاصوات المطالبة بجدولة الانسحاب من العراق، ويجد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في هذه المطالبة فرصة ليقول يوم الاثنين الماضي، ان ايران مستعدة لعقد مفاوضات اضافية مع الولايات المتحدة، لبحث الوضع الامني في العراق، «فهي لم ترفض مبدأ المفاوضات الاولى، وملتزمة بوحدة العراق وعلى استعداد للمساعدة في استتباب الامن والاستقرار فيه».

هذه الضجة في واشنطن وفرت نافذة ليتنفس من خلالها احمدي نجاد، لأن وضعه كرئيس داخل ايران ليس افضل من وضع الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش داخل ادارته.

همّ ايران التأثير على الاوضاع في العراق بشكل يجعل نفوذها حاسماً فيه، هي تفكر بمصالحها الامنية والجيو ـ سياسية والاقتصادية وهذه تتوفر بحكومة في العراق لا تسمح بإقامة قواعد عسكرية اميركية فيه، لأن هذا يحد من قدرة ايران على تحقيق طموحاتها الاقليمية، كما تتوفر في تأجيج الوضع الامني في العراق اكثر فاكثر، فهذا اولاً، يدفع بالمسؤولين الاميركيين الى تجنب مجرد التفكير بتوجيه ضربة عسكرية ضد ايران، وثانياً، يدفعهم الى جدولة الانسحاب من العراق.

من ناحيتها تعرف واشنطن، انها في حاجة الى تحسين علاقاتها مع القوى والأطراف الصديقة في المنطقة وان تحافظ على وجود لها في الخليج من اجل ايجاد استراتيجية تمنع ايران من تحقيق اهداف اقليمية ابعد من مصالحها الامنية والجيو ـ ستراتيجية فقط في العراق، خصوصاً لجهة ما يتعلق بفرض سيطرتها المطلقة في الخليج.

لذلك، تدرس الولايات المتحدة ما اذا كان عليها التجاوب وكيفية استثمار حالات الشغب التي عمت ايران بسبب ازمة الوقود. وتبدو ادارة الرئيس بوش منقسمة ما بين الذين يرون في حالات الشغب هذه فرصة لزعزعة نظام احمدي نجاد، وهؤلاء موجودون في مجلس الامن القومي ورؤساء الاركان، وما بين الذين يتخوفون من أي استغلال اميركي للاوضاع، وهؤلاء موجودون في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، ويحثون على التريث، ويحذرون واشنطن من حال الظهور بمظهر محرك العنف، خصوصاً ان وضع ايران المتآكل اقتصادياً، قد لا يحتاج الى حرب عسكرية، فإيران تشبه الآن ما كان عليه الاتحاد السوفياتي عام 1988، انها في حالة تدمير ذاتي. قلة لاحظوا ذلك، على الاتحاد السوفياتي عندما حذر رئيس الوزراء آنذاك ميخائيل غورباتشوف من ان الشيوعية تدفع بروسيا الى حافة الانهيار في مواجهة النمو الاقتصادي المضطرد للولايات المتحدة الاميركية وحلفائها. يومها لم تعد روسيا تملك الموارد لمواصلة سباق التسلح مع الولايات المتحدة، وانهارت تحت ضغوط التحضيرات العسكرية الاميركية.

بالنسبة لإيران، الامر الآن مجرد وقت، فقد عمت مظاهرات الشغب عدداً من المدن الايرانية بعدما قنن احمدي نجاد وقود السيارات. في مدن كثيرة احرق المتظاهرون محطات الوقود والمصارف المملوكة للدولة كردة فعل على صفوف الانتظار الطويلة. تلك المظاهرات كانت الاسوأ التي شهدتها ايران منذ مظاهرات الطلاب عام 1999، وهي دفعت احمدي نجاد الى اعلان حالة الطوارئ في 22 مدينة، ونشرت الحكومة عشرات الآلاف من رجال الامن والشرطة في المدن الكبرى لقمع العنف، ولأول مرة منذ انتخابه عام 2005 صب المتظاهرون جام غضبهم على احمدي نجاد ورددوا: «لنخصّب النفط وليس اليورانيوم» (في اشارة الى برنامج ايران النووي الذي كلف حتى الآن 2.5 مليار دولار). كما هتفوا «الموت لأحمدي نجاد» لأنهم اعتبروا حقهم بوقود رخيص السعر، امراً مفروغاً منه.

وكانت حكومة احمدي نجاد قررت تحديد كمية 22 غالونا في الشهر لكل سيارة، وهذه لا تكفي السيارات الكبيرة التي يفضل الشباب الايراني قيادتها. وانتشرت اخبار عن بدء التهريب الى تركيا، حيث توفر حمولة شاحنة من نوع البيك ـ آب عائداً يصل الى ثلاثة آلاف دولار، هو المدخول السنوي للفرد الايراني.

ادرك احمدي نجاد ان المظاهرات يمكن ان تهدد نظامه، فهب حلفاؤه من الائمة والسياسيين لنجدته وقال آية الله احمد جنتي، من ابرز المؤيدين للنظام: «ان النفط يجب ان يستعمل لإعادة البناء».  

مالت اكثر الدوائر الامنية في الولايات المتحدة الى فكرة استغلال مظاهرات شغب الوقود لزعزعة نظام احمدي نجاد والضغط عليه لوقف برنامج ايران النووي. والتقى المسؤولون الاميركيون على ان تلك المظاهرات كشفت عن قابلية طهران للتأثر من فرض حصار نفطي عليها، لاسيما وان ايران تستورد اكثر من 40% من حاجاتها من الغازولين، لذلك وضع النائب في الكونغرس مارك كيرك (جمهوري من ايلينوي) مشروعاً قدمه الى الكونغرس يطالب فيه بفرض حظر نفط دولي على ايران، وقال كيرك وهو عضو في احدى اللجان الخارجية: «انه مع استمرار ايران في تحدي مجلس الامن الدولي والوكالة الدولية للطاقة النووية، نحن في حاجة الى استكشاف انواع جديدة من الحصار الاقتصادي لنرفع من قوة ضغوطنا الديبلوماسية، وأضاف: «ان المشروع الذي يستهدف استيراد الغازولين يوفر افضل فرصة للوكالة الدولية للطاقة النووية لتحقيق النجاح في مهمتها في ايران».

في ظل هذا المشروع، فإن المقاطعة الاميركية يمكن ان تطال كل شركة او فرد يقدم او يساعد ايران على استيراد البترول المكرر. وقد يؤدي ذلك الى فرض مقاطعة على سماسرة او وسطاء النفط والغازولين، وحاملات النفط، وشركات التأمين. وتستورد ايران حاجاتها من الغازولين من دول الخليج والهند، والوسيط في كل هذه الحالات هو الشركة الهولندية «فيتول»، كما ان شركة لويدز البريطانية تقوم بتأمين حاملات الغازولين الى ايران.

لكن، وزارة الخارجية الاميركية تشكك في احتمال نجاح فرض حظر على استيراد الغازولين. ويقول مسؤولون فيها ان ادارة بوش فشلت في اقناع حلفاء لها داخل حلف الناتو مثل بريطانيا، وألمانيا وفرنسا لإغلاق المصارف الايرانية، او الشركات الواجهة التي تسهل برامج ايران النووية والصاروخية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية توم كايسي: «علينا ان نفعل كل شيء ونستمر في وضع العراقيل في وجه برنامج ايران النووي. اننا الآن ندرس اجراءات اضافية يمكن فرضها».

موقف وزارة الخارجية الاميركية لا يعني عدم اتفاق كافة المسؤولين الاميركيين على ان احمدي نجاد في حالة ضعف واضحة، وقد تلقت وزارة الخارجية تقارير عن سيارات وباصات محترقة في عدد من شوارع طهران. وقال مسؤولون اميركيون ان المظاهرات وقعت في وقت مناسب جداً، وان أحمدي نجاد يزداد ضعفاً مع قرب اجراء الانتخابات النيابية في نهاية هذا العام، ويمكن لمظاهرات الوقود ان تحرّض المعارضة ضده، خصوصاً من قبل الحرس القديم امثال الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي.

وينوي الكونغرس استعمال عصا المقاطعة ضد كل الذين يصدرون الوقود الى ايران. وفي ظل القانون الجديد، فإن المقاطعة تعني منع كل من يخرق ما جاء فيها من ممارسة اي عمل في الولايات المتحدة، او مع اي شركة او مؤسسة اميركية، وسوف يبدأ تفعيل هذا القانون في بداية عام 2008، ويلقى القانون دعم قيادتي الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، وقال العضو روبرت اندروز احد المشاركين في وضعه: ان تقييداً دولياً على الغازولين هو اداة ديبلوماسية ناجحة لحرمان ايران من القدرة على مواصلة الجهود للحصول على الاسلحة النووية».

إن التفكير الاميركي الجديد، يؤكد ان حرباً اقتصادية ضد ايران صارت تتفوق على ورقة الحرب العسكرية، وهذا التفكير ينطلق من معادلة، ان حرية اكثر للشعب الايراني ممزوجة بمشاكل اقتصادية ستعجل في تغيير النظام، تماماً كما حدث في روسيا في ثمانينات القرن الماضي. والمعروف ان ايران تستورد حوالي نصف احتياجاتها من الغازولين، لأنها لا تملك القدرة على التكرير. وفي دراسة وضعها اخيراً الدكتور رودي بروك عن اسعار النفط، قال ان ايران لن تكون مع عام 2014 قادرة على تصدير النفط.

ويبدو ان هذا الوضع سيزداد سوءاً، اذ تتوقع دراسة اخرى وضعها روجر سترن من جامعة جون هوبكنز بتكليف من «الاكاديمية الوطنية للعلوم» ان «تبلغ عائدات ايران من النفط 50 مليار دولار في السنة، لكن التصدير سيتقلص بحوالي 12% الى 15% سنويا، وفي ظرف خمس سنوات سيصل الى النصف بحيث ينتهي عام 2015».

وهذا ما اكده نائب وزير النفط الايراني للشؤون الدولية محمد هادي نجاد حسينيان، الذي قال: «اذا لم تسيطر الحكومة على استهلاك المنتوجات النفطية في ايران، وإذا لم تقم مشاريع لزيادة القدرة على الانتاج ولحماية آبار النفط، فإنه في ظرف عشر سنوات لن يكون هناك من نفط لتصديره».

إن وضعاً نفطياً سيئاً، يضاف اليه حصار دولي لمنع استيراد الغازولين، وبطالة تتجاوز الثلاثين في المائة، ونسبة تضخم تفوق 20%، ولجوء الحكومة الى طبع العملة، كل هذا يجعل المؤسسة الدينية الايرانية امام خيارين: اما ان ترضى بما آل اليه الاتحاد السوفياتي، او ان تلجأ الى المغامرة، وهي بدأت في تحقيق تلك المغامرة عبر دعم مالي وعسكري لحلفاء شيعة امتداداً من البصرة الى بيروت، مع توفير دعم مماثل لبعض «الزبائن» السنّة مثل حماس والجهاد الاسلامي (فلسطين)، والهدف السيطرة على حقول النفط في جنوب العراق اولاً، ومن ثم حقول النفط في دول الخليج الأخرى!

طبول الحرب تقرع في واشنطن وصداها يتردد في باريس

يبدو أن سماء المنطقة باتت ملبّدة بغيوم حرب، طبولها تُقرع في واشنطن، وصداها يتردد في باريس ولندن وتل أبيب، لتنذر بـ«الأسوأ» الآتي، وسط سيناريوهات باتت شبه جاهزة بانتظار قرار تنفيذها، الذي قد لا يتأخر كثيراً، ولا سيما أن مؤشرات العدوان تفيد بأنه قد لا يقتصر على إيران وحدها، وإنما قد يطال سوريا، التي كثرت الأنباء الأميركية عن نيتها الحصول على أسلحة دمار شامل، في حملة تحاكي تلك التي سبقت غزو العراق، وتأتي بعد أيام من الغارة الإسرائيلية على أراضيها.

المؤشّر الأبرز لاقتراب المواجهة الشاملة خرج من باريس، التي دعا وزير خارجيتها برنار كوشنير إلى «توقع الأسوأ، الذي هو الحرب» في الأزمة الإيرانية، مشيراً إلى دخول فرنسا مباشرة في الاستعدادات لها. وقال «نستعد بالسعي أولاً إلى وضع خطط هي من مهمة قيادات الأركان، وهذا لن يكون للغد». وأضاف «إلا أننا نستعد أيضاً عبر القول: لن نقبل بصنع هذه القنبلة (النووية الايرانية). علقوا تخصيب اليورانيوم وسنثبت لكم أننا جادون»، قبل أن يقترح «إعداد عقوبات تكون أكثر فاعلية» من تلك التي فرضت حتى الآن على طهران.

إلا أن الوزير الفرنسي دعا مع ذلك إلى إعطاء فرصة للدبلوماسية، مشيراً إلى أنه «لا بد من التفاوض حتى النهاية». وقال إن حصول إيران على السلاح النووي سيكون «خطراً فعلياً على العالم أجمع»، معلناً أن الحكومة الفرنسية «طلبت» من بعض الشركات الفرنسية الكبيرة عدم الاستثمار في إيران بسبب الازمة القائمة حول الملف النووي الايراني. وأضاف «أعتقد أنه تم الالتزام بما قلناه، ولسنا وحدنا من قام بذلك»، مشيراً الى شركات مثل «توتال وغاز دي فرانس وشركات أخرى».

وتتطابق تصريحات كوشنير مع ما قالته مصادر فرنسية لجهة تأكيدها أن «الدبلوماسية الفرنسية باتت على اقتناع تام بعدم إمكان تجنّب ضربة توجه لإيران»، مشيرة إلى أن مصادر عديدة في وزارة الخارجية الفرنسية باتت مقتنعة «بأن إيران تصنع قنبلة نووية». وأضافت المصادر نفسها أن زيارة كوشنير إلى المنطقة والتشديد على «الخطوات الإيجابية التي تمثلها لقاءات (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس و(رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت» تأتي في سياق «مساعدة الأنظمة المقربة من الغرب على استيعاب الضربة المقبلة تجاه شعوبها».

وترافقت التحذيرات الفرنسية أمس مع سيناريو للحرب نشرته صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية، التي أشارت إلى أن مسؤولين عسكريين وأمنيين أميركيين رفيعي المستوى يعتقدون أن رئيس بلادهم جورج بوش ودائرته الداخلية اتخذا خطوات لوضع الولايات المتحدة على طريق الحرب ضد إيران.

وقالت الصحيفة إن مخططي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) طوّروا لائحة تضم 2000 هدف لضربها في إيران. وأضافت «أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» والبنتاغون يعتقدان أن البيت الأبيض بدأ، بمنتهى الحرص، بتنفيذ برنامج تصعيدي يمكن أن يقود إلى مواجهة عسكرية مع إيران، كما تبيّن أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، التي كانت تضغط من أجل حل دبلوماسي مع إيران، باتت مستعدة الآن لتسوية خلافاتها مع نائب الرئيس ديك تشيني وتأييد العمل العسكري».

ونسبت الصحيفة إلى مصدر في وزارة الخارجية الأميركية وصفته بأنه «مطلع على نقاشات البيت الأبيض»، قوله «إن رايس تواجه ضغوطاً من كبار مسؤولي الحد من انتشار الأسلحة النووية لكي تقرّ بأن العمل العسكري قد يكون ضرورياً ضد إيران وتعمل الآن مع تشيني للبحث عن طريقة لتسوية خلافاتهما وتقديم موقف موحد أمام الرئيس بوش».

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولاً استخبارياً رفيع المستوى رسم سيناريو مرعباً للطريقة التي ستنطلق بها الحرب، وهي بداية بإدانة التدخل الإيراني في شؤون العراق واتهامها بتسليح وتدريب الميليشيات العراقية وتتوّج بشن غارات على معسكرات التدريب الإيرانية وقصف مصانع تطوير الأسلحة. وقالت الصحيفة إن «قاعدة الفجر، التي يديرها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في جنوب إيران، وتعتقد وكالات الاستخبارات الغربية أن العبوات الناسفة الخارقة للدروع التي تستخدم ضد القوات البريطانية والأميركية يجري تصنيعها هناك، ستكون هدفاً رئيسياً للقصف الأميركي». وأضافت «بحسب السيناريو الأميركي، يتوقع أن ترد إيران على هذه الهجمات ربما بقطع إمدادات النفط في الخليج، ما سيعطي الولايات المتحدة مبرراً لشن غارات جوية وبحرية وعمليات إنزال برمائي وعمليات خاصة داخل العمق الإيراني لمدة 21 يوماً، تستهدف نحو عشرين موقعاً نووياً في إيران، وشل قدرة إيران على الرد الانتقامي بقصف كل مواقع القيادة والتحكم والرادارات ومواقع الصواريخ ومخازن الأسلحة والذخيرة، والمطارات والسفن الحربية والقواعد العسكرية».

ونسبت «صنداي تلغراف» إلى المسؤول الاستخباري قوله «إن الضربة ستلي حتماً تصعيداً تدريجياً حيال إيران، وستقوم الولايات المتحدة في غضون الأسابيع والأشهر المقبلة ببناء التوتر وتقديم أدلة على النشاطات الإيرانية في العراق».

وفي السياق، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الرئيس الأميركي استغل مناسبة الجدال المركز خلال الأسبوع الحالي على مسألة عديد القوات الأميركية في العراق، لتشديد الضغط على إيران في خطابه الذي أشار إلى الحاجة لاحتواء طهران باعتبارها السبب الرئيسي لاستمرار الوجود الأميركي العسكري في العراق.

ورأت الصحيفة أن خطاب بوش أشار إلى أن وجهة النقاش حول إيران في الإدارة الأميركية مالت لمصلحة تشيني، من خلال قوله «إذا كنا سننقاد إلى خارج العراق، فستتعزز قوة المتطرفين من جميع الأنواع. ستستفيد إيران من الفوضى وتتشجّع على الاستمرار بجهودها لامتلاك أسلحة نووية والهيمنة على المنطقة».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية قولهم إنه إلى «جانب البرنامج النووي، برزت إيران كمصدر متزايد للمشاكل بالنسبة لإدارة الرئيس بوش من خلال إلهاب التمرد في العراق وأفغانستان ولبنان وغزة، حيث توفر المساعدات العسكرية والمالية للمجموعات الإسلامية المقاتلة».

ورغم الأنباء المتزايدة عن الخيار العسكري، قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس أمس إن الدبلوماسية لا تزال «الخيار المفضل» بالنسبة إلى الولايات المتحدة، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى ان «كل الخيارات مطروحة».

وردّاً على سؤال في شأن أنباء عن تعاون بين كوريا الشمالية وسوريا، قال غيتس إنه «لن يتطرّق إلى أمور استخبارية، لكننا نراقب كوريا الشمالية وسوريا بدقة». وأضاف «إذا كان هذا التعاون قائماً بالفعل، فسيكون موضع قلق كبير، لأن الرئيس (جورج بوش) وضع محددات صارمة للقيادة الكورية في شأن أي جهود نووية في المستقبل». وتابع «من الواضح أن أي جهد من سوريا للحصول على أسلحة دمار شامل سيكون موضع قلق بالنسبة إلينا».

اقتصاد إيران يشهدا نموا قويا

وأظهرت أرقام البنك المركزي الايراني أن الاقتصاد الايراني شهد نموا قويا وارتفاعا كبيرا في الفائض التجاري في الاشهر الاولى من السنة المالية الحالية. وارتفع الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لايران رابع أكبر منتج للنفط في العالم بنسبة 6.4 في المائة سنويا في الاشهر الثلاثة حتى 21 يونيو (حزيران) من 4.8 في المائة في الربع الاول من العام السابق.

واستهدفت الحكومة تحقيق معدل نمو اقتصادي يبلغ 7.1 في المائة في السنة المالية الحالية مقارنة مع 4.8 في المائة في السنة المالية التي انتهت في 20 مارس (اذار) الماضي. وتراجع النمو في القطاع النفطي الى 2.9 في المائة في الربع الاول من السنة المالية مقارنة مع 4.7 في المائة في الفترة المقابلة من العام الماضي.

لكن عوض ذلك نمو القطاع غير النفطي بنسبة 6.9 في المائة ارتفاعا من 4.8 في المائة.

ومن القطاعات التي كان أداؤها قويا قطاع الصناعات التحويلية والتعدين الذي سجل نموا بلغ 11.4 في المائة في الربع الاول وقطاع الانشاء الذي نما بنسبة عشرة في المائة.

وبفضل ارتفاع أسعار النفط قفز فائض ميزان المعاملات الجارية الايراني الى 7.1 مليار دولار في نهاية الستة أشهر الاولى من السنة المالية في 21 سبتمبر (ايلول) الماضي بالمقارنة مع 2.4 مليار دولار في الفترة المقابلة من السنة المالية السابقة.

وتظهر أرقام أخرى نشرها البنك المركزي أن معدل البطالة بلغ 10.9 في المائة في الربع الاول انخفاضا من 11.9 في المائة قبل عام لكنه ارتفع من 10.3 في المائة في الربع السابق. واستقر معدل التضخم بصفة عامة على 10.6 في المائة في الشهر الذي انتهى في 22 أكتوبر (تشرين الاول) مقارنة مع 10.9 في المائة في الشهر السابق.

وبلغ متوسط التضخم السنوي في 12 شهرا حتى 22 أكتوبر 14.1 في المائة أي ما يقل قليلا عن المستوى الذي تستهدفه الحكومة في السنة المالية التي تنتهي في 21 مارس (اذار) المقبل وهو 14.6 في المائة.

لكن الحكومة سجلت عجزا ماليا في الاشهر الستة الاولى من السنة بلغ 21.1 تريليون ريال (2.3 مليار دولار) مقارنة مع 8.7 تريليون ريال في الفترة المقابلة من العام الماضي. ويعادل العجز 5.3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الحالية.

المصادر:

*الأخبار

*تقرير واشنطن 

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 21 أيلول/2007 -8/رمضان/1428