الجدران العازلة هل تساعد على وقف العنف الطائفي في بغداد؟

شبكة النبأ: رغم انها ستزيد من العزل والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في مناطق بغداد إلا ان الجدران العازلة قد تكون هي الحل الأمثل على طريقة (الأمن اولاً ثم التطبيع والبناء) التي اتُبعت ابان الحرب الاهلية في ايرلندا بين طائفتي المسيحيين الرئيسية الكاثوليك والارثوذكس.

لأن العراقيين لا يمكن ان يتناسوا حقيقة ماثلة على الارض الان وهي انه لا يستطيع الشيعة ولوج مناطق السنة ولا يستطيع السنة الدخول الى مناطق شيعية وكذلك فان الكثير من الطرق المتشعبة بين الاثنين توفر مجالا كبيرا للاعتداءات، ومن هنا قد توفر الجدران العازلة فسحة للتأمل والتفكير فيما جرى من شرخ كبير بين الطائفتين لعل العقلاء اصحاب الحل والعقد بين الاثنين يدركون عن قناعة تامة انه لا مناص من (تطبيع) العلاقة من جديد والتعايش السلمي كما كان الوضع في السابق، وعندها لن تكلف ازالة الحواجز الأمنية تلك سوى بضعة ايام فقط.

وفيما تراه طريقة لخفض العنف الطائفي ببغداد تواصل القوات الاميركية منذ مطلع ايلول/سبتمبر بناء جدار عازل يفصل بين منطقتي الغزالية حيث غالبية السكان من السنة والشعلة التي تضم غالبية شيعية رأى فيه اهل المنطقتين "تكريسا للطائفية".

وقام اهالي الغزالية والشعلة بتظاهرة حاشدة لاعلان رفضهم للجدار الذي يبلغ ارتفاعه حوالى خمسة امتار ويمتد مئات الامتار بين المنطقتين. بحسب فرانس برس.

وقال رزاق محمد (35 عاما) وهو شيعي من الغزالية يعمل سائق سيارة اجرة على الطريق بين منطقته والشعلة ان، الجدار جاء في وقت غير مناسب لانه سيكرس الطائفية ويسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

واضاف محمد الذي يسكن الغزالية منذ حوالى 25 عاما والاب لطفلين ان، الجدار سيعزل الطرق التي تربط المنطقتين وسيؤثر بشكل كبير على عملي كسائق تاكسي، مؤكدا انه مع ذلك لن يغير علاقاتنا رغم المصاعب التي سيخلقها لنا ورغم تزامن بنائه مع شهر رمضان الخير والاسلام.

وقام اهال من المنطقتين باعلان رفضهم للجدار بكتابة شعارات باللغتين العربية والانكليزية وباللون الاسود على جانبيه من بينها "كلا كلا للجدار" و"نعم نعم للعراق" و "نعم نعم للوحدة".

من جانبها قالت ام علي (50 عاما) وهي شيعية تسكن الغزالية منذ اكثر من 15 عاما ان الجدار سبب لنا مصاعب كثيرة فهو غير لائق حتى كمنظر فقد حجب الرؤيا عن المنطقتين.

واضافت ام علي التي كانت ترتدي عباءة سوداء تقليدية وهي في طريقها الى سوق الشعلة، حتى زيارة الاقارب والاصدقاء اصبحت صعبة بسبب غلقه لعدد كبير من الطرق التي تربط المنطقتين.

واكدت هذه السيدة التي فقدت ثلاثة من ابنائها في اعمال عنف في بغداد ان الجدار يزرع كراهية وعزلة بين الناس فيما نعيش الايام الاولى من رمضان البركة والمغفرة.

من جانبه قال ابو علي (41 عاما) الذي يملك محلا لبيع مواد منزلية في منطقة الشعلة حيث يسكن منذ حوالى عشرين عاما ان، الجدار سبب عزلة كبيرة وخلق حاجزا نفسيا بين اهالي المنطقتين خاصة وانه تزامن مع ايام شهر رمضان.

واضاف ان عددا كبيرا من اهالي الغزالية كانوا يترددون على سوق الشعلة لكن قليلا منهم يواصل المجىء للبحث عن ماتحتاجه اسرهم رغم خصوصية ايام رمضانية.

واعتادت الاسرة العراقية كغيرها من المسلمين على توفير اكبر قدر ممكن من المواد الغذائية في منزلها لتامين وجبة افطار مميزة يجتمع حولها عادة معظم افرادها.

وتؤكد القوات الاميركية في العراق ان الجدار العازل الذي فرضته اولا حول المنطقة الخضراء التي تضم مقر الحكومة العراقية والسفارتين الاميركية والبريطانية وسيلة فاعلة للحد من الصراع الطائفي في العراق.

بدوره اكد الطبيب محمد ابراهيم من مستشفى الصدرين في الشعلة حيث اعتاد اهالي المنطقتين تلقي العناية الطبية ان عددا كبيرا من المرضى من اهالي الغزالية كانوا يتلقون العلاج في مستشفانا بعضهم يصل في ساعات متاخرة من الليل.

واضاف الطبيب الذي تجمع حوله نساء واطفال لاجراء فحوصات، يصلنا عدد محدود منهم الان خصوصا في المساء فتقوم دوريات الشرطة بايصالهم للمستشفى.

ووصفت ام رائد (39 عاما) وهي من اهالي الغزالية بينما كانت تجمع حبات الطماطم من مخزن الحاجة ام حكيم وسط سوق الشعلة ان السياج خلق لنا متاعب كبيرة في الوصول الى السوق لانه الغى عددا كبيرا من الممرات بين المنطقتين.

واضافت، ان كثيرين من اهالي الغزالية السنة يأتون للتبضع من سوق الشعلة بينهم نساء خصوصا خلال ايام رمضان.

من جانبها اكدت الحاجّة ام حكيم (62 عاما) وهي جالسة بملابسها السوداء وسط انواع كثيرة من الخضار، ابيع الخضروات منذ زمن الزعيم (عبد الكريم قاسم) ولا افرق بين زبائني السنة والشيعة.

اما ابو هدى (44 عاما) السني الذي يعمل سائق حافلة صغيرة بين الشعلة والغزالية ويقيم في الغزالية ان الجدار اصبح يعزل بين المنطقتين فقد اصبح التنقل صعبا مؤكدا ان هذا امر سيء جدا.

وكانت القوات الاميركية بنت في نيسان/ابريل الماضي جدارا عازلا مماثلا يبلغ طوله 45 كيلومتر من كتل الاسمنت المسلح تزن الواحدة منها اكثر من ستة اطنان وارتفاعه خمسة امتار حول منطقة الاعظمية السنية (شمال بغداد).

جدران عزل وفق نموذج إيرلندا الشمالية 

وأوصى تقرير مقدم من الكونغرس بإقامة جدران في بغداد على غرار الأنموذج الذي طبق في بلفاست لـ"الحد من المذابح الطائفية".

وقالت صحيفة الغارديان في عددها الصادر، ان بلفاست ينبغي ان تستخدم كأنموذج تطبيقي لتأمين بغداد والحد من المذابح الطائفية التي تحدث في المدينة، حسب ما أوصى تقرير جديد للكونغرس اطلعت الغارديان عليه.

وتقول الصحيفة ان تشييد المزيد من "جدران السلام" في العاصمة العراقية تشبه الجدران التي فصلت بين اكبر مدن ايرلندا الشمالية منذ العام 1969، هو احد المقترحات الواردة في تقرير اللجنة المستقلة الخاصة بقوات الأمن العراقية، التي شكلها الكونغرس في العام الجاري، من اجل المساعدة في صياغة سياسة أمنية للبلد الذي مزقته الصراعات.

واللجنة التي ترأسها الجنرال المتقاعد جيمس جونز تضم 19 شخصية كبيرة من الجيش او ضباط الشرطة، وزارت اللجنة 70 موقعا في عموم العراق هذا الصيف وقابلت 200 عراقي.

وأشارت الصحيفة الى ان احد معدّي التقرير، هو دنكن ماكوسلاند، مساعد مدير شرطة بلفاست، وقد حث على انشاء جدران مماثلة للحواجز الـ 62 التي عزلت الطائفتين الكاثوليكية والبروتستانتية عن بعضهما منذ العام 1969.

وكان ماكوسلاند قد وجه دعوة الى وحدة من فيلق مشاة البحرية الأميركية، لزيارة مقر الشرطة في بلفاست الشهر المقبل، للاطلاع على كيفية تولي ضباطه الدور الامني الرئيسي عندما يعملون مع الجيش البريطاني. وسترسل الوحدة الى محافظة الانبار في حين سيتدرب افراد منها في بلفاست.

وأوردت الغارديان ان من بين التوصيات التي تهدف الى مساندة ومتابعة اصلاح الجيش العراقي والشرطة رفع العلم العراقي في قواعد الجيش والشرطة بما فيها تلك التي تحت السيطرة الامريكية او البريطانية، لتأكيد سيادة حكومة العراق، الى جانب السماح للجماعات العرقية المختلفة ان تتولى امن جماعاتها وإصلاح وزارة الداخلية بكل اسسها واقسامها، التي يخلص التقرير الى انها منحازة عرقيا و"معطلة".

ويوصي التقرير بإنشاء "مقرات انتقالية" تتولى الاشراف الكامل على التسليم المحتمل لمسؤولية الامن للعراقيين، على ان يقودها ضابط شرطة عراقي وليس جنرالا من الجيش، كما يدعو التقرير الى استخدام حوالي ثلاثة آلاف مستشار من الشرطة من جميع أنحاء العالم، لتدريب الشرطة العراقية ومساعدتها، وتسريح 20 ألفا من قوات الشرطة الحالية.

وذكرت الصحيفة ان السيد ماكوسلاند قال ان الجدران هي طريقة لتوفير "الأمن أولاً ثم يمكننا التطبيع والبناء" بين المواطنين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20 أيلول/2007 -7/رمضان/1428