الأنبار كابوس ام نموذج

 شبكةالنبأ: ظلت محافظة الانبار السنية غرب العراق لفترة طويلة كابوسا بالنسبة للقيادة الاميركية قبل ان تتحول مع مطلع العام 2007 الى واجهة نموذجية لاستراتيجيتها القائمة على اشراك العشائر المحلية في مكافحة تنظيم القاعدة.

وقال الرئيس جورج بوش في الخطاب الذي القاه حول العراق واحتل وضع هذه المحافظة حيزا كبيرا منه ان "محافظة الانبار مثال جيد على نجاح استراتيجيتنا" مضيفا ان "التغييرات تثبت لجميع العراقيين ما يمكن انجازه حين يستبعد المتطرفون".

وكانت هذه المحافظة الصحراوية الاكبر بين المحافظات العراقية الـ18 والواقعة بين سوريا والاردن والسعودية منذ شن الحرب في اذار/مارس 2003 وحتى شباط/فبراير 2007 مسرحا لاخطر العمليات التي خاضتها القوات الاميركية.

وسكان الانبار جميعهم تقريبا من السنة المتمسكين بالتقاليد والشعائر الدينية ولا يعترفون سوى بسلطة زعمائهم القبليين وقد واجه صدام نفسه في الماضي صعوبات احيانا في فرض سلطة الدولة المركزية عليهم.

وظهرت وحشية المجموعات المتمردة في هذه المحافظة من خلال اعمال عنف وهجمات دامية وفي مقدمها قتل اربعة من موظفي شركة امنية اجنبية في كمين في 31 اذار/مارس 2004 وتعليق جثثهم المتفحمة في الفلوجة على مسافة 60 كلم غرب بغداد.

وكانت المحافظة تشهد حركة تمرد ناشطة يقوم بها بعثيون سابقون واسلاميون متطرفون ومجموعات معارضة للاحتلال الاجنبي كما زرع فيها تنظيم القاعدة منذ اندلاع النزاع خلايا استقدمت مئات المقاتلين الاجانب وجندت عددا غير مسبوق من الانتحاريين.

وخرج الوضع في المحافظة عن السيطرة الى حد دفع مسؤولي الاستخبارات الاميركية الى الاقرار في نهاية 2006 بان حكومة بغداد المركزية والقوات الاميركية "خسرت" الانبار.

غير ان تغييرا جذريا في الاستراتيجية في مطلع 2007 اتاح فتح حوار مع الزعماء المحليين امثال الشيخ عبد الستار ابو ريشة الذي قتل الخميس ومجموعات متمردة مثل كتائب ثورة العشرين بهدف حثهم على مواجهة القاعدة.

وازاء احتجاج سكان المحافظة المتزايد على ممارسات ناشطي القاعدة واستيائهم من تجاوزاتهم رأى الزعماء القبليون من مصلحتهم ان يديروا سلاحهم ضد المتطرفين الاجانب.

وحصلوا لقاء وقوفهم الى جانب القوات الاميركية على دعم مالي كبير سواء من الجيش الاميركي او من سلطات بغداد التي يسيطر عليها الشيعة وغالبا ما تتهم بعدم الاهتمام بالمناطق السنية.

واتاحت هذه المقاربة الجديدة الحد من اعمال العنف في الانبار الى مستوى جعل قيادة القوات الاميركية في العراق تتحدث عن تحقيق "نجاح".

وفي الثالث من ايلول/سبتمبر امضى بوش بضع ساعات في قاعدة الاسد العسكرية حيث اثنى على ما انجز في الانبار معتبرا انه مثال يحتذى به وتحدث للمرة الاولى عن امكانية خفض القوات الاميركية في العراق.

وبعد ثلاثة ايام رأس قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والسفير راين كروكر في الرمادي مؤتمرا اطلق عليه اسم "منتدى الانبار" بهدف تشجيع النمو الاقتصادي والاستثمارات في هذه المنطقة.

القاعدة: السنة المعتدلين "خونة"

وندد زعيم جماعة بقيادة القاعدة في العراق بالجماعات السنية المعتدلة متهما اياها "بالخيانة" في تسجيل صوتي اذاعته قناة تلفزيون الجزيرة يوم الجمعة بعد يوم من قتل زعيم عشائري سني عراقي بارز.

وفي التسجيل الصوتي قال ابو عمر البغدادي زعيم دولة العراق الاسلامية "ان مشروع الجهاد في بلاد الرافدين يتعرض لهجمة شرسة وحرب ضروس على ايادي الغدر والخيانة باسم الدين والمحافطة على مصالح ومكاسب المسلمين."

واضاف "اننا نحب الصراحة وان كانت احيانا مرة ولكن ينبغي على امتنا الغراء ان تدرك ان الاخوان المسلمين في بلاد المسلمين وعلى راسهم الحزب الاسلامي يمارسون اليوم اشنع حملة لطمس معالم الدين في العراق وخاصة ذروة سنام الجهاد فابتهجوا ورحبوا بتأسيس مجلس ثوار الانبار وساندوهم بكل قوة حتى ان الدكتور الجامعي وشيخ جبهة التوافق الدليمي رضي ان يعبر اجتماع لهؤلاء الخونة."بحسب رويترز.

وتابع "لقد دخل في هذا المشروع الخبيث بعض فصائل المقاومة والتي تلبث زورا ثوب السلفية ويبطل قادتها عقيدة التامر الاخوانية فشاركوا في اجتماع خطير ضم فصائل المقاومة الشريفة على حد زعمهم في احدى الدول العربية وباشراف امريكي بيتوا فيه امرا خطيرا على الدين والجهاد مفاده ان تشكل هذه الاطراف حلفا تمنع بموجبه الدولة الاسلامية من الوجود في اماكن نفوذها سواء بالقتال او بدعم العشائر المتحالفة مع الحكومة الحالية مقابل ان تقوم القوات الامريكية بضرب جيش المهدي وكف متمردي الشيعة على ان يسلم فيما بعد السلطة السياسية لهذه الفصائل.

العراقيون يتعهدون بمكافحة القاعدة بعد مقتل ابو ريشة

وتعهد العراقيون السنة والجيش الامريكي وكذلك الحكومة العراقية في محافظة الانبار بمواصلة القتال ضد تنظيم القاعدة بعد اغتيال زعيم عشائري كان يعمل مع الامريكيين في واحدة من الحالات الامنية الناجحة القليلة في العراق.

وقتل عبد الستار ابو ريشة في هجوم بالقرب من منزله في الرمادي عاصمة ما كان في يوم من الايام واحدة من اخطر مناطق العراق. بحسب رويترز.

وقال أحمد أبو ريشه، شقيقه، لرويترز، ان جميع العشائر اتفقت على قتال القاعدة حتى اخر طفل في الانبار.

وتزعم أبو ريشة الذي التقى مع الرئيس الامريكي جورج بوش قبل اقل من اسبوعين (مجلس صحوة الانبار) وهو تحالف يضم العشائر السنية التي تعمل مع القوات الامريكية لطرد اعضاء القاعدة من معظم المنطقة الصحراوية الشاسعة.

وقال الشيخ راشد مجيد وهو زعيم عشيرة في الرمادي ان قتل الشيخ أبو ريشة يعطيهم مزيدا من القوة الدافعة لمواصلة مواجهة اعضاء القاعدة والتخلص منهم.

واضاف ان قتله سيجعلهم أكثر حرصا لان سبب قتل أبو ريشة كان الاهمال في الامن. وقال انهم متأكدون بنسبة 90 في المئة من ان القاعدة كانت وراء اغتياله.

ويتفق مع ذلك كثير من العراقيين العاديين. وقال محمد حسين علي (45 عاما) من الرمادي "كل الانبار تدين لهذا الرجل الذي قدم الامن والاستقرار."

وانضم موفق الربيعي مستشار الامن الوطني في العراق ووزير الداخلية جواد البولاني ووزير الدفاع عبد القادر جاسم واللفتنانت جنرال رايموند اوديرنو ثاني اكبر قائد امريكي في العراق الى مئات المعزين في جنازة أبو ريشة وسط اجراءات امنية مشددة.

وشارك المئات من الاشخاص من شيوخ العشائر ومسؤوليين حكوميين ومحليين ورجال دين يوم الجمعة في تشييع جنازة ابو ريشة ووري الثرى في مقبرة قرب مسقط رأسه وسط شعارات تدعو الى الثأر من تنظيم القاعدة.

واظهرت صور تلفزيونية لمصور رويترز اشتراك المئات من الاشخاص من بينهم شيوخ عشائر محافظة الانبار ومن مجلس صحوة الانبار في مراسيم التشييع يتقدمهم شقيقه الاكبر الشيخ احمد ابو ريشة الذي تم انتخابه خلفا لشقيقه يوم الخميس.

ودفن ابو ريشة في المقبرة التي دفن فيها والده الشيخ بزيغ فتيخان ابو ريشة الذي قتل قبل ثلاث سنوات عندما اطلق عليه مسلحون يعتقد انهم من تنظيم القاعدة النار عليه عندما كان داخل سيارته وقتلوه وسائقه في الحال.

كما يرقد في نفس المقبرة شقيقه الاصغر محمد الذي قتل على ايدي مسلحين يعتقد ايضا انهم من تنظيم القاعدة قبل مايقارب السنتين داخل سيارته واثنان من حراسه في منطقة التنف قرب الحدود العراقية السورية عندما كان متوجها الى سوريا.

وتعرض اثنان من اشقاء ابو ريشة وهم عبد الله الذي يكبر الضحية والاخر علي وهو يصغر الضحية الى الاختطاف في مدينة الرمادي بعد عام 2004 ولم يعثر على جثتيمها حتى الان كما لم يعرف اي شيء عن مصيرهما وهو ماقد يشير الى احتمال قتلهما.

وقال الربيعي لرويترز ان تنظيم القاعدة أراد من خلال قتل ابو ريشة اسكات صوت العشائر العراقية وان رؤساء العشائر سيواصلون القتال ضد القاعدة وستدعمهم الحكومة في ذلك.

وشكل أبو ريشة مجلس صحوة الانبار في العام الماضي بعد ان ضاق زعماء العشائر السنية المحلية ذرعا من القتل العشوائي الذي تمارسه القاعدة وتفسيرها المتشدد للاسلام.

وأشاد بوش في كلمة يوم الخميس بشجاعة ابو ريشة واشار الى تحسن الامن في الانبار كدليل على ان الاستراتيجية الامريكية تحقق تقدما.

وقال الميجر جيف بول وهو متحدث عسكري امريكي في الانبار، كان ( أبو ريشة) شخصية مهمة لا شك في ذلك. ومقتله يعد بالتأكيد خسارة. وقال، ما بدأه لا يمكن ايقافه. لقد قطعنا شوطا طويلا. واعتقد ان المجلس سيمض قدما.

وقال محمد الفهداوي وهو ضابط شرطة في الرمادي، رد الفعل سيكون عنيفا ضد القاعدة التي تريد قتل جميع زعماء العشائر وقادة الشرطة والجيش. واضاف، قررنا عدم التماس الرحمة نحو اي شخص يتعاطف مع القاعدة لانه اما نحن أو هم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17 أيلول/2007 -4/رمضان/1428