قبل رحيله بساعات كتب

علي الطالقاني

تمتاز حياة العلماء والمفكرين عن غيرهم بأنهم دائما ما ينشغلون ليقدموا أعمال ينطبق عليها الحديث الشريف الذي يقول { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له } ، والكثير من العلماء والمفكرين يجهدون انفسهم وعقولهم  ليكتبوا حتى آخر لحظة من حياتهم..

المرجع الديني السيد محمد الحسيني الشيرازي قد قضى معظم الليل في استقبال شهود هلال العيد. وألقى خطابا على جمع من النساء في تلك الليلة، فركز كلامه في ثلاث نقاط: التقوى والموت والصبر.. ثم أوصاهم بعشر من الوصايا.

ولما وجد (المايكرفون) لم يصلح بعد (وكان بها خلل من قبل) خاطب المسؤول عنها قائلاً: ألا زالت اللاقطة كما هي، فمتى تصلح؟ فقال قريباً إن شاء الله. فرد عليه: أبعد موتي. قال: لا يا مولاي. بل غداً. فقال الإمام الشيرازي: إذن لن تنفعني بشيء! 

و عندما فتشوا قميصه الذي قُبض فيه خلال ايام العيد وجدوا ورقة كتب عليها (إن دراسة علم الفقه تحتاج إلى الأمر الإلهي. محمد الشيرازي).

وهكذا انهى حياته بكتابة تلك السطور التي ابدأ مسيرتها في مرحلة مبكرة من عمره وقد ألف وكتب في عدة علوم أهمها : موسوعة الفقه : التي بلغت 150 مجلداً، وهي تكشف عن سعة علمه وشموليته ومدى إحاطته بالأصول والقواعد والفروع الفقهية . فأن كتابه الأصول  الذي يكشف عن عمقه العلمي ودقته وهو كتاب يدرس في بعض الحوزات العلمية يقع في 8 أجزاء.

 كما كتب لأساتذة المدرسة الدينة وطلابها : إيصال الطالب إلى المكاسب ، 16 مجلداً ، الوصول إلى كفاية الأصول، 5 مجلدات ، الوصائل إلى الرسائل، 16 مجلداً ، شرح منظومة السبزواري ، القول السديد في شرح التجريد ، البلاغة .

و كتب للشباب الجامعي: الحقوق ، القانون ، الاجتماع ، السياسة ، الاقتصاد، العولمة، فقه الدولة، الانترنت، الفضاء . 

 ولطبقة المثقفين : السبيل إلى إنهاض المسلمين، ممارسة التغيير، الوصول إلى حكومة اسلامية ، طريق النجاة ، الحرية الإسلامية ، الشورى في الإسلام . 

ولعامة الناس : الحكومة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين ، نحو يقظة إسلامية ، السيرة الفواحة ، الحجاب الدرع الواقي ، العدل أساس الملك .  

ولطلاب الابتدائية والجيل الناشئ :العقائد الإسلامية ، قصص الحق ، هل تعرف الصلاة ، سلسلة فروع الدين .

إن السيد الشيرازي ليس حدثا عاديا تتخلله معطيات محددة، بل هو المرجع الديني والقائد الذي تقلده وتتبعه في الاحكام الفقيه والفكرية عشرات الملايين من الجماهير التي تنتشر في كثير من بقاع الأرض، وتستلهم منه الرؤى والبصائر لتسير على منهج الإسلام وتطبيقه في مختلف مجالات الحياة .

رحل سلطان المؤلفين ورحلت معه تلك اليد المعطاء التي لاتعرف الكلل والملل.. والتي انتجت أكثر من 1250 كتاباً، و ينقل لي أحد الاصدقاء أن أصابعه قد شلت بعضها أثرا لما تركه القلم طيلة نصف قرن من الزمن.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12 أيلول/2007 -29/شعبان/1428