باريس تدخل بغداد من البوابة الساركوزية

عدنان آل ردام العبيدي

 عندما حددت قوات التحالف ساعة الصفر لبدء الهجوم البري على قوات النظام المخلوع لطردها من دولة الكويت عام 1992 كانت المفاجأة كالصاعقة على ادارة الاليزيه التي سمعت بالنبأ من الوسائل الاعلامية بالوقت الذي كانت قواتها تتجحفل جنباً الى جنب مع القوات الامريكية والبريطانية والقوات المتحالفة التي تنتمي لأكثر من ثلاثين دولة.

وعندما سئلت بعض القيادات الامريكية والبريطانية عن سبب عدم إخبار الجانب الفرنسي بتحديد موعد الهجوم كان الجواب آنذاك يميل الى الخشية من تسريب ذلك القرار الى نظام صدام، وهذا ما يستبطن دلائل هامة وخطيرة ربما اكدها القرار الفرنسي فيما بعد وتحديداً مع انسحاب الطيران الفرنسي من عملية NO Flaizon أي حظر الطيران العراقي ضمن المناطق الواقعة جنوب وشمال خطي العرض (33درجة) و(36 درجة)على التوالي.

المواقف الفرنسية الداعمة للنظام في جانبها العسكري لم تنحصر في ذلك المفصل الزمني او في تلك الاحداث إنما هنالك مواقف غير مسبوقة في اعراف العلاقات الدولية، ففرنسا ربما تكون الدولة الوحيدة التي اعارت طائراتها لدولة تدخل بحرب شمولية مع دولة جارة لها في حين كان الاجدر بالفرنسيين وغيرهم سواء أكانوا امريكان ام بريطانيين ام عرب، السعي لحقن انهر الدماء التي نتجت عن تلك الحرب خصوصاً وان احد مشاهد او فصول تلك الحرب كان قد اتخذ من المدن مسرحاً له واطلق عليه في حينه (حرب المدن).

لكن عملية اعارة النظام المخلوع الطائرات الفرنسية نوع soper ltendar المزودة بصواريخ xozeet كانت تشكل انحيازا فرنسيا فائقا لأحد اطراف الحرب وبالتالي لمدها بالوقود اللازم لإطالة عمرها وتوسيع رقعتها، وهذا ما يخالف منطق الدول المتحضرة والكبيرة.

اما سياسياً فهناك من الشواهد ما لا يحصى والتي تؤكد رعاية باريس الديغولية لنظام مرفوض من شعبه على طول عقد التسعينيات وبداية الالفية الثالثة.

الخطوة الفرنسية الساركوزية المتمثلة بزيارة وزير الخارجية الفرنسي لبغداد والتي تعد الاولى من نوعها منذ سقوط نظام صدام وحتى الان بالتأكيد انها غيرت اتجاهات السياسة الفرنسية القديمة، وبالتأكيد ايضاً فإنها ستؤسس لعلاقات فرنسية عراقية قائمة على الرغبة المشتركة بين الشعبين الصديقين استناداً الى التحولات الجذرية التي حصلت في بلادنا بعد التاسع من نيسان عام 2003.

ان التحولات التي شهدتها فرنسا اثر صعود الساركوزية ستفضي حتماً الى استعادة فرنسا لدورها الذي افتقدته بسبب السياسات غير الموفقة التي اعتمدها اليمين الديغولي، وما يهمنا نحن كعراقيين ان تكون لفرنسا علاقات طيبة مع الشعب العراقي تمكِّن باريس من ازالة الصورة المشوهة التي طبعتها الادارات الفرنسية القديمة في نفسية الشارع العراقي خصوصاً وان لفرنسا مصالح استراتيجية في المنطقة بشكل عام وفي العراق على وجه التحديد، لذا فإن الزيارة التي يقوم بها حالياً السيد وزير الخارجية الفرنسي لبغداد هي موضع ترحيب شارعنا بكل أطيافه وهذا هو الأهم. 

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 5 أيلول/2007 -22/شعبان/1428