آسيا الوسطى... الهدف الجديد للأطماع الدولية

شبكة النبأ: تدور منافسة شديدة بين الدول الكبرى روسيا والصين والولايات المتحدة لبسط نفوذها في (اسيا الوسطى) المنطقة الغنية باحتياطات الغاز والنفط والواقعة على تخوم اوروبا والصين ودول الجنوب الاسلامية افغانستان وايران.

ويبدو متجر للوازم العسكرية يملكه احمد قسيموف في سوق بيشكك ساحة معركة مصغرة، ففي قلب هذه السوق المزدحمة في عاصمة قرغيزستان احدى دول اسيا الوسطى موضع المنافسة الدولية الى جانب كازاخستان واوزبكستان وطاجيكستان يبيع هذا المتجر بزات عسكرية لجيوش الدول الثلاث المتجاورة.

ويمكن العثور فيه على بزة عسكرية صينية مرقطة لقاء 400 سوم (10,5 دولار) فيما يبلغ سعر بزة روسية ضعفي هذا المبلغ وتبقى البزة العسكرية الاميركية الاغلى ثمنا اذ تباع ب34 دولارا. ويقول صاحب المتجر ان البزة الصينية هي الاكثر رواجا فهي متدنية السعر.

ويربط تحالف على ما يبدو بين بكين وموسكو اللتين نظمتا اخيرا مناورات عسكرية مشتركة من اجل التصدي للمطامع الاميركية.

وبالرغم من مساحاتها الشاسعة من الجبال والسهول تبدو اسيا الوسطى صغيرة جدا على المنافسة المحتدمة عليها.

وتتفوق الصين على خصميها باعتمادها الاقتصاد كوسيلة للتوسع في دول المنطقة ولا تملك فيها وجودا عسكريا خلافا لروسيا والولايات المتحدة.

وبلغ حجم المبادلات التجارية بين الصين وقرغيزستان 2,8 مليار دولار عام 2006 طغت عليها الصادرات الصينية بشكل شبه كامل. وتشير بكين الى تسارع هذه الحركة التجارية.

فجميع المنتجات في اسواق هذا البلد البالغ عدد سكانه خمسة ملايين نسمة من صنع الصين. ويؤكد احد الباعة في متجر قسيموف انه حتى بزات الجيش الاميركي غير اصلية وهي ايضا صينية الصنع.

وفيما يشق الصينيون طرقات لنقل بضائعهم تراهن واشنطن على بقاء قواعدها العسكرية واحداها قريبة من بيشكك وعلى مجموعة الضغط الخاصة بسوق المحروقات.

ورأى المحلل القرغيزي مراد كزاكباييف ان الولايات المتحدة ستعزز وجودها في قرغيزستان. انه موقع متقدم في استراتيجيتها الشاملة.

وتقيم واشنطن علاقات جيدة مع كازاخستان الغنية بالنفط وتسعى للتقرب من تركمانستان الغنية بالغاز غير ان اخفاقاتها في العراق وافغانستان لا تخدم مصالحها. كما انها تعجز عن تسويق عقيدتها القائمة على نشر وتعزيز الديموقراطية في العالم في هذه الدول التي تحكمها انظمة دكتاتورية.

اما روسيا فهي لا تزال تسيطر على شبكات انابيب الغاز والنفط الممتدة في المنطقة ما يمكنها من السيطرة على صادراتها والمشروع المهم الوحيد في هذا المجال الذي سيسمح بتصدير نفط كازاخستان وغاز تركمانستان يهدف الى تموين الصين وليس الغرب.

كما ان ارتفاع اسعار المحروقات يخدم مصالح موسكو. وقد وعد الرئيس فلاديمير بوتين الاسبوع الماضي في بشكيك بتوظيف استثمارات بقيمة ملياري دولار.

وتتفوق موسكو ايضا على الصين والولايات المتحدة بدورها التاريخي كقوة مستعمرة سابقة في المنطقة. وتبقى الروسية منتشرة بشكل واسعة وتستخدم لغة تواصل بين الدول الاربع.

ويبدي قاسيموف سروره ازاء التنافس على المنطقة معتبرا انه ينعكس عليها ايجابا ويقول انه امر جيد فهم يأتون جميعا لمساعدتنا.

إيران تدخل لعبة الهيمنة على آسيا الوسطى

ويجمع غالبية المراقبين على ان جولة الرئيس الايراني نجاد التي شملت افغانستان ومنطقة اسيا الوسطى السوفياتية سابقا جاءت في اطار جهود طهران ترسيخ اقدامها في المنطقة، والدخول في حلبة اللعبة مع القوى الكبرى المتنافسة على مصادر الطاقة وطرق نقلها، واحتلال مواقع استراتيجية ذات اهمية جيوـ سياسية. بيد ان السؤال يدور حول امكانيات طهران تحقيق تلك الاهداف. واسفرت زيارة الرئيس محمود نجاد لتركمانيا عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات.

ويرى مراقبون ان عزم محمود نجاد جعل ايران لاعبا رئيسيا في منطقة اسيا الوسطى، حيث تتقاطع مصالح روسيا وامريكا والصين، سيكون عاملا جديدا لا يمكن التكهن بسلوكه في »اللعبة الكبرى« للهيمنة السياسية على ثروات الطاقات في اسيا الوسطى وطرق نقلها.

ويقول رئيس قسم اسيا الوسطى وكازاخستان في معهد بلدان رابطة المستقلة اندريه غروزين:من دون شك ان ايران تسعى لتوسيع نفوذها في اسيا الوسطى السوفياتية سابقا، بيد ان قدراتها محدودة. اضافة الى ذلك فثمة فروقات عرقية بين ايران وسكان المنطقة، ولذلك فان طهران يمكن ان تجد لها فرصة سانحة لتعزيز نفوذها في طاجيكستان فقط.

وعلى حد رأي الخبير فان تنوع الولاءات القبلية والمناطقية للنخب السياسية بطاجيكستان يجعل من المبالغة القول بان ايران قادرة على الفوز بمواقع هامة والتضييق على روسيا والصين والدول الغربية حتى هناك. واضاف، سيكون من الصعوبة على ايران ان تضع اقدامها في منطقة نفوذ تاريخية لروسيا والصين.

ويلفت المراقبون الى ان الرئيس الايراني قام بهجمة دبلوماسية«على اسيا الوسطى في وقت تمر فيه بلاده بمرحلة صعبة. في اشارة الى التداعيات السلبية التي يمكن ان تنجم عن رفض ايران تنفيذ قرار مجلس الامن الذي تبناه في مارس 2007 ويطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم.

وان ايران معرضة الان لتشديد العقوبات. ولم يؤد تكثيف طهران المباحثات مع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومع الاتحاد الاوروبي خلال الصيف الحالي، الى بلوغ اتفاق يذكر. وفي الوقت نفسه فان الشكوك تحوم على تورط ايران بتزويد تشكيلات طالبان التي تهاجم قوات حفظ السلام بافغانستان، بالسلاح، الامر الذي تنفيه طهران بشدة.

ويرصد بعض المحللين ان ايران من جانبها يمكن ان تستخدم عدد من الاوراق الجيوـسياسية الرابحة في سبيل تعزيز اقدامها في اسيا الوسطى، والخروج من العزلة الدولية المفروض عليها من قبل الغرب. ويشيرون بذلك بالدرجة الاولى الى العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع عواصم المنطقة. ومن بينها ان ايران تُعتبر اكبر مستورد بعد روسيا للغاز من تركمانيا. بيد ان الصداقة مع عشق اباد لم تمنع ايران من وضع خططها الخاصة واسعة النطاق للتنافس على اسواق الغاز.

فان تنفيذ مشروع »نلبوك« لنقل الغاز الايراني الى اوروبا سوف يجعل منها مصدر اقليمي كبير للغاز يمكن ان يزيح الصديقة تركمانيا.ويحظى هذا المشروع بدعم اوروبا بيد ان امريكا تنظر له من دون حماس نظرا لموقفها المعروف من النظام الايراني.ويمكن ان توظف ايران ايضا العامل الديني لتعزيز مواقعها في اسيا الوسطى.ولكن يمكن قد تشأ على هذا المسار صعوبات ايضا، نظرا لان النخب السياسية في كافة جمهوريات اسيا الوسطى السوفياتية سابقا تنظر بحذر الى نموذج التطور الايراني.وثمة مؤشرات على ان هذه الجمهوريات تفضل النموذج العربي على الفارسي. وفقا للمهتمين بشؤون المنطقة.لذلك فان طريق توغل ايران في اسيا الوسطى ومد نفوذها كقوة اقليمية كبرى لن يكون سهلا وغير مُعبد بالورود.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 26 آب/2007 -12/شعبان/1428