القرار 1770

علي حسين علي

 اثار صدور قرار مجلس الامن الدولي المرقم(1770) اهتماماً لدى الاوساط  السياسية العراقية والتي تباينت بعض مواقفها ازاءه، فالذين تحمسوا للترحيب به قد حمّلوه اكثر من نصه ومضمونه، فالقرار لم ينقل في أي بند من بنوده القضية العراقية الى مرحلة التدويل.. اما الذين فهموه على اعتبار ان دور الامم المتحدة على وفق القرار الجديد لا يعدو كونه ناصحاً واستشارياً فان هؤلاء قد اقتربوا كثيراً من فهم القرار الاممي، فالامم المتحدة عبر مؤسساتها وبعدتها في العراق لن تكون وصية على هذا البلد.

وهذا يعد الامر الاهم، لان العراق لن يقبل وبعد اكثر من اربع سنوات ان يعود الى المربع الاول، فقد انجز العراقيون مؤسسات الدولة وتم وضع دستور دائم، وجرت انتخابات عامة اسفرت عن تشكيل مجلس نواب ذو ولاية تمتد لاربعة اعوام.. وقد ثبت في الدستور الحق في اختيار النظام الفيدرالي التعددي الديمقراطي.

كل هذه الانجازات قد رصنت اسس الدولة، وبات على هذا الاساس ان الوصاية او ما يشبه ذلك تعد امراً غير مقبول، وعلى ضوء تلك الحقيقة جاء التركيز في قرار مجلس الامن(1770) على ابداء الاستشارة والنصح للحكومة العراقية المنتخبة وليس اكثر من ذلك.

نعتقد انه من المهم جداً ان لا يستغل القرار الاممي الاخير بشأن العراق، او يحرف اتجاهه ليكون وسيلة لقوى دولية للتخلي عن مسؤولياتها القانونية الالتزامية ازاء العراق..

وكذلك نعتقد بانه اذا ما كانت لدى بعض القوى الدولية الفاعلة رغبة في اضفاء شرعية اممية على تصرفاتها او ممارساتها في العراق فان الامر يستلزم عقد اتفاقية مع القوات متعددة الجنسية لتنظيم العلاقات والصلاحيات والحركة في المجال الامني، وان يعطي للقوات الاجنبية دور محدد في حفظ الامن بعد ان يتم تنظيم وتسليح وتقوية القوات المسلحة العراقية لتقوم بمهامها في حفظ الامن والاستقرار في بلادنا.

وكما فهمنا القرار الدولي الاخير، فان الشأن العراقي-وتحديد الامني منه- يظل مسؤولية العراقيين بالدرجة الاولى، وفي حال الضرورة القصوى يمكن الاستعانة بالقوات متعددة الجنسيات.

وكان العراق قد طالب قبل حوالي عام من القوات المتعددة تنظيم علاقاتها وتحديد واجباتها، ويبدو ان الامور تتجه في هذا الاتجاه.

واخيراً، تظل هناك بعض المخاوف لدى قطاع من العراقيين من ان القوات  متعددة الجنسيات ربما تتخلى عن بعض التزاماتها، غير ماهو معروف حتى الان، وكذلك يذهب البعض الى الاعتقاد بأن القوات المتعددة ستستغل الدور الاممي لاضفاء شرعية على ممارسات غير قانونية.. الا ان تبديد هكذا افتراضات يكمن في الاسراع  بابرام الاتفاقية الامنية بين الحكومة العراقية والقوات المتعددة الجنسية تحدد مسؤوليات والتزامات الاخيرة.

 وهذا هو المسار الصحيح الذي من شأنه ان يفضي الى نتائج مرضية ومقبولة للجميع.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24 آب/2007 -10/شعبان/1428