ملف تخصصي (الإحتباس الحراري)

المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ: الاحتباس الحراري هو ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة الحرارية من البيئة و إليها. و عادة ما يطلق هذا الإسم على ظاهرة إرتفاع درجات حرارة الأرض في معدلها. "موسوعة ويكيبيديا" و عن مسببات هذه الظاهرة على المستوى الأرضي أي عن سبب ظاهرة إرتفاع حرارة كوكب الأرض ينقسم العلماء إلا من يقول أن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية و أن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة و فترت باردة مستشهدين بذلك عن طريق فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و 18 في أوروبا.

 هذا التفسير يريح كثير الشركات الملوثة مما يجعلها دائما ترجع إلى مثل هذه الأعمال العلمية لتتهرب من مسؤليتها أو من ذنبها في إرتفاع درجات الحرارة حيث أن أغلبية كبرى من العلماء و التي قد لا تنفي أن الظاهرة طبيعية أصلا متفقة على أن إصدارات الغازات الملوثة كالآزوت و ثاني أوكسيد الكربون يقويان هذه الظاهرة في حين يرجع بعض العلماء ظاهرة الإنحباس الحراري إلى التلوث وحده فقط حيث يقولون بأن هذه الظاهرة شبيهة إلى حد بعيد بالدفيئات الزجاجية و أن هذه الغازات و التلوث يمنعان أو يقويان مفعول التدفئة لأشعة الشمس.

ففي الدفيئة الزجاجية تدخل أشعة الشمس حاملة حرارتها إلى داخل الدفيئة، ومن ثم لا تتسرب الحرارة خارجا بنفس المعدل، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل الدفيئة. كذا تتسبب الغازات الضارة التي تنبعث من ادخنة المصانع ومحطات تكرير البترول ومن عوادم السيارات (مثلا) في نفس الظاهرة،مسببة ارتفاع درجة حرارة الأرض .

ورغم التقنيات المتقدمة والأبحاث المضنية نجد أن ظاهرة الإحتباس الحراري بالجو المحيط بالأرض مازالت لغزا محيرا ولاسيما نتيجة إرتفاع درجة حرارة المناخ العالمي خلال القرن الماضي نصف درجة مئوية أخذ الجليد في القطبين وفوق قمم الجبال الأسترالية في الذوبان بشكل ملحوظ. ولاحظ علماء المناخ أن مواسم الشتاء إزدادت خلال الثلاثة عقود الأخيرة دفئا عما كانت عليه من قبل وقصرت فتراته. فالربيع يأتي مبكرا عن مواعيده. وهذا يرجحونه لظاهرة الإحتباس الحراري. ويعلق العالم الإنجليزي ( ر يكيامار ) علي هذه الظاهرة المحيرة بقوله :إن أستراليا تقع في نصف الكرة الجنوبي. وبهذا المعدل لذوبان الجليد قد تخسر تركة البيئة الجليدية خلال هذا القرن. وقد لوحظ أن الأشجار في المنطقة الشيه قطبية هناك قد إزداد إرتفاعها عما ذي قبل . فلقد زاد إرتفاعها 40 مترا علي غير عادتها منذ ربع قرن . وهذا مؤشر تحذيري مبكر لبقية العالم .لأن زيادة ظاهرة الإحتباس الحراري قد تحدث تلفا بيئيا في مناطق أخري به. وهذا الإتلاف البيئي فوق كوكبنا قد لاتحمد عقباه .فقد يزول الجليد من فوقه تماما خلال هذا القرن . وهذا الجليد له تأثيراته علي الحرارة والمناخ والرياح الموسم

و يربط العديد من العلماء بين المحيطات و التيارات الموجودة بها و بين درجة حرارة الأرض حيث أن هذه التيارات الباردة و الساخنة عبارة عن نظام تكييف للأرض أي نظام تبريد و تسخين و قد لوحظ مؤخرا أن هذه التيارات قد غيرت مجراها ما جعل التوازن الحراري الذي كان موجودا ينقلب و يستدل بعض العلماء على ظهور أعاصير في أماكن لم تكن تظهر بها من قبل.

كما يربط بعض العلماء التلوث الحاصل بتغير في عدد حيوانات البلانكتون في البحار نتيجة زيادة حموضة البحار نتيجة لإمتصاصها ثاني أوكسيد الكربون و يفسرون أن التلوث الذي يحدثه الإنسان هو شبيه بمفعول الفراشة أي أنها مجرد الشعلة التي تعطي الدفعة الأولى لهذه العملية و البلانكتون يقوم بالباقي.

من آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض، ذوبان الجليد عند القطبين..وهو ما يقدر العلماء أنه في حال استمراره فإن ذلك سيؤدي إلى إغراق كثير من المدن الساحلية حول العالم. كما سيؤدي إرتفاع درجة حرارة الأرض إلى تغير المناخ العالمي وتصحر مساحات كبيرة من الأرض. ثاني أكسيد الكربون ، الميثان ، أكسيد النيتروز ، الهالوكربونات ، سادس أكسيد الفلوريد

في تقرير نشرته وكالة حماية البيئة عما يقوله كثير من العلماء وخبراء المناخ من أن أنشطة بشرية مثل تكرير النفط ومحطات الطاقة وعادم السيارات أسباب مهمة لارتفاع حرارة الكون. وقالت الإدارة في تقريرها إن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تتراكم في غلاف الأرض نتيجة أنشطة بشرية مما يتسبب في ارتفاع المتوسط العالمي لحرارة الهواء على سطح الأرض وحرارة المحيطات تحت السطح. ويتوقع التقرير أن يرتفع مستوى سطح البحر 48 سم مما يمكن أن يهدد المباني والطرق وخطوط الكهرباء وغيرها من البنية الأساسية في المناطق ذات الحساسية المناخية. وإن ارتفاع مستوى البحر بالمعدلات الواردة في التقرير يمكن أن يغمر حي مانهاتن في نيويورك بالماء حتى شارع وول ستريت. و تعتبر الولايات المتحدة هي أكبر منتج لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الإنسان والتي يقول العلماء إنها السبب الرئيسي للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وتنبعث الغازات من مصانع الطاقة والسيارات وصناعات أخرى.

ولقد شهد العالم في العقد الأخير من القرن الماضي أكبر موجة حرارية شهدتها الأرض منذ قرن حيث زادت درجة حرارتها 6درجات مئوية. وهذا معناه أن ثمة تغيرا كبيرا في مناخها لايحمد عقباه. فلقد ظهرت الفيضانات والجفاف والتصحر والمجاعات وحرائق الغابات. وهذا ماجعل علماء وزعماء العالم ينزعجون ويعقدون المؤتمرات للحد من هذه الظاهرة الإحترارية التي باتت تؤرق الضمير العالمي مما أصابنا بالهلع. وهذا معناه أن الأرض ستكتسحها الفياضانات والكوارث البيئية والأوبئة والأمراض المعدية. وفي هذا السيناريو البيئي نجد أن المتهم الأول هوغاز ثاني أكسيد الكربون الذي أصبح شبحا تلاحق لعنته مستقبل الأرض. وهذا ما جناه الإنسان عندما أفرط في إحراق النفط والفحم والخشب والقش ومخلفات المحاصيل الزراعية فزاد معدل الكربون بالجو. كما أن لإجتثاث اَشجار الغابات وإنتشار التصحر قلل الخضرة النباتية التي تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو. مما جعل تركيزه يزيد به.

ولنبين أهمية المناخ وتأرجحه أنه قد أصبح ظاهرة بيئية محيرة. فلما إنخفضت درجة الحرارة نصف درجة مئوية عن معدلها لمدة قرنين منذ عام 1570 م مرت أوربا بعصر جليدي جعل الفلاحين يهجون من أراضيهم ويعانون من المجاعة لقلة المحاصيل. وطالت فوق الأرض فترات الصقيع. والعكس لو زادت درجة الحرارة زيادة طفيفة عن متوسطها تجعل الدفء يطول وفترات الصقيع والبرد تقل مما يجعل النباتات تنمو والمحاصيل تتضاعف والحشرات المعمرة تسعي وتنتشر. وهذه المعادلة المناخية نجدها تعتمد علي إرتفاع أو إنخفاض متوسط الحرارة فوق كوكبنا.

ولاحظ العلماء أن إرتفاع درجة الحرارة الصغرى ليلا سببها كثافة الغيوم بالسماء لأنها تحتفظ تحتها بالحرارة المنبعثة من سطح الأرض ولا تسربها للأجواء العليا أو الفضاء. وهذا مايطلق عليه ظاهرة الإحتباس الحراري أو مايقال بالدفيئة للأرض أو ظاهرة البيوت الزجاجبة. مما يجعل حرارة النهار أبرد. لأن هذه السحب تعكس ضوء الشمس بكميات كبيرة ولاتجعله ينفذ منها للأرض كأنها حجب للشمس أو ستر لحرارتها. وفي الأيام المطيرة نجد أن التربة تزداد رطوبة. ورغم كثرة الغيوم وكثافتها بالسماء إلا أن درجة الحرارة لاترتفع لأن طاقة أشعة الشمس تستنفد في عملية التبخير والتجفيف للتربة.

ودرجة حرارة الأرض تعتمد علي طبيعتها وخصائص سطحها سواء لوجود الجليد في القطبين أو فوق قمم الجبال أو الرطوبة بالتربة والمياه بالمحيطات التي لولاها لأرتفعت حرارة الأرض. لأن المياه تمتص معظم حرارة الشمس الواقعة علي الأرض. وإلا أصبحت اليابسة فوقها جحيما لايطاق مما يهلك الحرث والنسل. كما أن الرياح والعواصف في مساراتها تؤثر علي المناخ الإقليمي أو العالمي من خلال المطبات والمنخفضات الجوية. لهذا نجد أن المناخ العالمي يعتمد علي منظومة معقدة من الآليات والعوامل والمتغيرات في الجو المحيط أو فوق سطح الأرض.

فالأرض كما يقول علماء المناخ بدون الجو المحيط بها سينخفض درجة حرارتها إلي –15درجة مئوية بدلا من كونها حاليا متوسط حرارتها +15درجة مئوية. لأن الجو المحيط بها يلعب دورا رئيسيا في تنظيم معدلات الحرارة فوقها. لأن جزءا من هذه الحرارة الوافدة من الشمس يرتد للفضاء ومعظمها يحتفظ به في الأجواء السفلي من الغلاف المحيط. لأن هذه الطبقة الدنيا من الجو تحتوي علي بخار ماء وغازات ثاني إسيد الكربون والميثان وغيرها وكلها تمتص الأشعة دون الحمراء. فتسخن هذه الطبقة السفلي من الجو المحيط لتشع حرارتها مرة ثانية فوق سطح الأرض. وهذه الظاهرة يطلق عليها الإحتباس الحراري أو ظاهرة الدفيئة أو الصوبة الزجاجية الحرارية. ومع إرتفاع الحرارة فوق سطح الأرض أو بالجو المحيط بها تجعل مياه البحار والمحيطات والتربة تتبخر. ولو كان الجو جافا أو دافئا فيمكنه إستيعاب كميات بخار ماء أكثر مما يزيد رطوبة الجو. وكلما زادت نسبة بخار الماء بالجو المحيط زادت ظاهرة الإحتباس الحراري. لأن بخار الماء يحتفظ بالحرارة. ثم يشعها للأرض.

ولقد وجد أن الإشعاعات الكونية والغيوم تؤثر علي تغيرات المناخ بالعالم ولاسيما وأن فريقا من علماء المناخ الألمان بمعهد ماكس بلانك بهايدلبرج في دراستهم للمناخ التي نشرت مؤخرا بمجلة (جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز) التي يصدرها الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي. وقد جاء بها أنهم عثروا على أدلة علي العلاقة ما بين هذه الأشعة والتغيرات المناخية فوق الأرض. فلقد إكتشفوا كتلا من الشحنات الجزيئية في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي تولدت عن الإشعاع الفضائي. وهذه الكتل تؤدي إلي ظهور الأشكال النووية المكثفة التي تتحول إلى غيوم كثيفة تقوم بدور أساسي في العمليات المناخية حيث يقوم بعضها بتسخين العالم والبعض الآخر يساهم في إضفاء البرودة عليه. ورغم هذا لم يتم التعرف إلى الآن وبشكل كامل على عمل هذه الغيوم. إلا أن كميات الإشعاعات الكونية القادمة نحو الأرض تخضع بشكل كبير لتأثير الشمس. والبعض يقول أن النجوم لها تأثير غير مباشر على المناخ العام فوق الأرض. ويرى بعض العلماء أن جزءا هاما من الزيادة التي شهدتها درجات حرارة الأرض في القرن العشرين، ربما يكون مرده إلى تغيرات حدثت في أنشطة الشمس، وليس فقط فيما يسمى بالاحتباس الحراري الناجم عن الإفراط في استخدام المحروقات.

وقد قام الفريق الألماني بتركيب عدسة أيونية ضخمة في إحدى الطائرات. فوجدوا القياسات التي أجروها قد رصدت لأول مرة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي أيونات موجبة ضخمة بأعداد كثيفة. ومن خلال مراقبتهم وجدوا أدلة قوية بأن الغيوم تلعب دورا هاما في التغير المناخي حسب تأثيرها على الطبيعة الأيونية وتشكيل ونمو هذه الجزيئات الفضائية في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. مما يؤيد النظرة القائلة بأن الأشعة الكونية يمكن أن تساهم في التغيرات المناخية وتؤثر على قدرة الغيوم على حجب الضوء.

وفي مركز (تيندال للأبحاث حول التغيرات المناخية) التابع لجامعة إيست أنجليا في بريطانيا إكتشف مؤخرا أهمية الغيوم في المنظومة المناخية وأن للغيوم تأثيرا قويا في اختراق الأشعة للغلاف الجوي للأرض. لأن الغيوم تمنع بعض إشعاعات الموجات القصيرة الوافدة نحو الأرض، كما تمتص إشعاعات أرضية من نوع الموجات الطويلة الصادرة عن الأرض مما يسفر عن حجب هذه الأشعة القصيرة وإمتصاص الأشعة الطويلة برودة وزيادة حرارة الغلاف الجوي على التوالي. فقد يكون تأثير السحب كبيرا لكن لم يظهر حتي الآن دليل يؤيد صحة ذلك. لأن السحب المنخفضة تميل إلى البرودة، بينما السحب العليا تميل وتتجه نحو الحرارة. لهذا السحب العليا تقوم بحجب نور الشمس بشكل أقل مما تفعله السحب المنخفضة كما هو معروف.

لكن الغيوم تعتبر ظواهر قادرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء. لأن الغيوم العالية تكون طبقاتها الفوقية أكثر برودة من نظيرتها في الغيوم المنخفضة وبالتالي فإنها تعكس قدرا أقل من الأشعة تحت الحمراء للفضاء الخارجي. لكن ما يزيد الأمر تعقيدا هو إمكانية تغير خصائص السحب مع تغير المناخ، كما أن الدخان الذي يتسبب فيه البشر يمكن أن يخلط الأمور في ما يتعلق بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على الغيوم.

ويتفق كثير من علماء الجيوفيزياء على أن حرارة سطح الأرض يبدو أنها بدأت في الارتفاع بينما تظل مستويات حرارة الطبقات السفلى من الغلاف الجوي على ما هي عليه. لكن هذا البحث الذي نشر حول تأثير الإشعاعات الكونية يفترض أن هذه الإشعاعات يمكنها أن تتسبب في تغييرات في الغطاء الخارجي للسحب. و هذا الغطاء قد يمكن تقديم شرحا للغز الحرارة. وأن الاختلاف في درجات الحرارة بالمناخ العالمي ليس بسبب التغيرات التي سببها الإنسان على المناخ .لأن الشواهد علي هذا مازالت ضعيفة. فهذا التأثير يفترض أن يظهر في ارتفاع كامل في الحرارة من الأسفل نحو الغلاف الجوي.ورغم أن العلماء رأوا أن التغييرات الطارئة على غطاء السحب يمكن أن تفسر هذا الاختلاف، فإنه لم يستطع أحد أن يقدم دليلا عن أسباب الاختلافات الموجودة في مستويات الحرارة بالمناخ العالمي. لكن الدراسة الأخيرة رجحت أن تكون الأشعاعات الكونية، وهي عبارة عن شحنات غاية في الصغر وتغزو مختلف الكواكب بقياسات مختلفة حسب قوة الرياح الشمسية وربما تكون هذه هي الحلقة المفقودة في تأثير الأشعة الكونية علي المناخ فوق كوبنا .

وفي جبال الهيملايا وجد 20 بحيرة جليدية في نيبال و 24 بحيرة جليدية في بوتان قد غمرت بالمياه الذائبة فوق قمة جبال الهيملايا الجليدية مما يهدد المزروعات والممتلكات بالغرق والفيضانات لهذه البحيرات لمدة عشر سنوات قادمة. وبرجح العلماء أن سبب هذا إمتلاء هذه البحيرات بمياه الجليد الذائب. وحسب برنامج البيئة العالمي وجد أن نيبال قد زاد معدل حرارتها 1 درجة مئوية وأن الغطاء الجليدي فوق بوتان يتراجع 30 –40 مترا في السنة. وهذه الفيضانات لمياه الجليد جعلت سلطات بوتان ونيبال تقيم السدود لدرأ أخطار هذه الفيضانات.

الاحتبــاس الحــراري

ما يميز الكرة الأرضية عن الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية هو الغلاف الجوي الذي يحيط بها, ووجود الغلاف الجوي وثبات مكوناته يتوقف عليه استمرار الحياة بالشكل المتعارف عليه. وان مكونات الغلاف الجوي الرئيسية ثابتة منذ فترة طويلة "عشرات الآلاف من السنين" .

أهم مكونات الغلاف الجوي:

1-    النيتروجين (N) ونسبته تقريبا 78%.  

2- الأكسجسن (O2) ونسبته تقريبا 21%.

3-   الغازات الخاملة كالأرغون, نيون, هيليوم ونسبتها 0.9% .

4-   عدد كبير من الغازات مثل: 

 أ- ثاني أكسيد الكربون ونسبته 0.03%   ب- الأوزون   ج- الميثان

د- أكاسيد الكبريت   هـ - الهيدروجين   و- أكاسيد النيتروجين  ز- بخار الماء

وهذه الغازات تسمى غازات الندرة وتعتبر شوائب تسبب التلوث الجوي عندما يزيد تركيزها في الجو وتؤدي إلى حدوث اختلال في مكونات الغلاف الجوي والاتزان الحراري. وهذا ينتج عنه تغيرات في المناخ والجو وآثار سيئة على صحة وحياة الانسان والأحياء. وان من أهم الأخطار التي تهدد التوازن الطبيعي زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون

أسباب انبعاث الملوثات إلى الجو هي:

أولا: أٍسباب طبيعية وهي:

أ‌-      البراكين          ب- حرائق الغابات          ج- الملوثات العضوية

ثانيا: أسباب صناعية

أي ناتجة عن نشاطات الانسان وخاصة احتراق الوقود الاحفوري "نفط, فحم, غاز طبيعي".

أسباب التغيرات المناخية

أولا: طبيعية:

أ‌- التغيرات التي تحدث لمدار الأرض حول الشمس وما ينتج عنها من تغير في كمية الاشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض. وهذا عامل مهم جدا في التغيرات المناخية ويحدث عبر التاريخ. وهذا يقود إلى أن أي تغيير في الاشعاع سيؤثر على المناخ.

ب‌- الانفجارات البركانية                 ج- التغير في مكونات الغلاف الجوي

ثانيا: غير طبيعية:

وهي ناتجة من النشاطات الانسانية المختلفة مثل:

أ- قطع الأعشاب وازالة الغابات                  ب- استعمال الانسان للطاقة

ج- استعمال الانسان للوقود الاحفوري "نفط, فحم, غاز" وهذا يؤدي إلى زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو وهذا يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجو ( "الاحتباس الحراري" وكأن الانسان يعيش في بيت زجاجي ).

في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ظهر اختلال في مكونات الغلاف الجوي نتيجة النشاطات الانسانية ومنها تقدم الصناعة ووسائل المواصلات, ومنذ الثورة الصناعية وحتى الآن ونتيجة لاعتمادها على الوقود الاحفوري " فحم، بترول، غاز طبيعي " كمصدر أساسي ورئيسي للطاقة واستخدام غازات الكلوروفلوروكاربون في الصناعات بشكل كبير, هذا كله ساعد وبرأي العلماء على زيادة الدفء لسطح الكرة الأرضية وحدوث ما يسمى بـ

" ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warning " وهذا ناتج عن زيادة الغازات الدفيئة.

ما هي ظاهرة الاحتباس الحراري: هي الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. وسبب هذا الارتفاع هو زيادة انبعاث الغازات الدفيئة أو غازات الصوبة الخضراء "  green house gases" .

الغازات الدفيئة هي:

1- بخار الماء             2- ثاني أكسيد الكربون(CO2)     3- أكسيد النيتروز (N2O)

4-الميثان (CH4)                   5- الأوزون (O3)                  6- الكلوروفلوركاربون (CFCs)

دور الغازات الدفيئة:

ان الطاقة الحرارية التي تصل الأرض من الشمس تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة وكذلك تعمل على تبخير المياه وحركة الهواء أفقيا وعموديا؛ وفي الوقت نفسه تفقد الأرض طاقتها الحرارية نتيجة الاشعاع الأرضي الذي ينبعث على شكل اشعاعات طويلة " تحت الحمراء ", بحيث يكون معدل ما تكتسب الأرض من طاقة شمسية مساويا لما تفقده بالاشعاع الأرضي الى الفضاء. وهذا الاتزان الحراري يؤدي إلى ثبوت معدل درجة حرارة سطح الأرض عند مقدار معين وهو 15°س .

والغازات الدفيئة " تلعب دورا حيويا ومهما في اعتدال درجة حرارة سطح الأرض " حيث:

-   تمتص الأرض الطاقة المنبعثة من الاشعاعات الشمسية وتعكس جزء من هذه الاشعاعات إلى الفضاء الخارجي, وجزء من هذه الطاقة او الاشعاعات يمتص من خلال بعض الغازات الموجودة في الغلاف الجوي. وهذه الغازات هي الغازات الدفيئة التي تلعب دورا حيويا ورئيسيا في تدفئة سطح الأرض للمستوى الذي تجعل الحياة ممكنة على سطح الأرض.

-   حيث تقوم هذه الغازات الطبيعية على امتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من سطح الأرض وتحتفظ بها في الغلاف الجوي لتحافظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وبمعدلها الطبيعي " أي بحدود 15°س ". ولولا هذه الغازات لوصلت درجة حرارة سطح الأرض إلى 18°س تحت الصفر.

مما تقدم ونتيجة النشاطات الانسانية المتزايدة وخاصة الصناعية منها أصبحنا نلاحظ الآن: ان زيادة الغازات الدفيئة لدرجة أصبح مقدارها يفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وعند مقدار معين. فوجود كميات اضافية من الغازات الدفيئة وتراكم وجودها في الغلاف الجوي يؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي وبالتالي تبدأ درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع.

مؤشرات لبداية حدوث هذه الظاهرة

1-  يحتوي الجو حاليا على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغاز الأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءً بالمليون التي كانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية. ومن هنا نلاحظ ان مقدار تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أصبح أعلى بحوالي أكثر من 30% بقليل عما كان عليه تركيزه قبل الثورة الصناعية.

2-     ان مقدار تركيز الميثان ازداد إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية.

3-     الكلوروفلوركاربون يزداد بمقدار 4% سنويا عن النسب الحالية.

4-     أكسيد النيتروز أصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية ( حسب آخر البيانات الصحفية لمنظمة الأرصاد العالمية ).

ونلاحظ أيضا ما يلي:

أ‌-      ارتفع مستوى المياه في البحار من 0.3-0.7 قدم خلال القرن الماضي.

ب‌-   ارتفعت درجة الحرارة ما بين 0.4 – 0.8°س خلال القرن الماضي حسب تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة.

بعض التقارير والتحذيرات:

-        آخر التقارير التي نشرتها الحكومة البريطانية حول هذا الموضوع :

أ‌-      يتخوف من انصهار الجليدفي جرين لاند والذي يؤدي الى ارتفاع مستوى البحار حوالي 7 أمتار خلال السنوات الألف المقبلة.

ب‌- ان تزايد النشاط الصناعي والاقتصادي وزيادة البشرية بنسبة ست أضعاف في الـ 200 سنة المقبلة يشكلون عوامل مهمة في تفاقم الاحتباس الحراري, وضمن هذا الموضوع قال أحد الخبراء " ان كل ارتفاع في الحرارة بنسبة درجة واحدة سيلسيوس يزيد الخطر بنسبة كبيرة تؤثر وبشكل كبير وسريع على الأنظمة البيئية الضعيفة. وان كل ارتفاع يزيد عن درجتين سيلسيوس يضاعف الخطر بشكل جوهري قد يؤدي إلى انهيار أنظمة بيئية كاملة وإلى مجاعات ونقص في المياه وإلى مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة لا سيما في الدول النامية.

-   حذرت وكالة البيئة الأوروبية من التغير السريع الناتج من الاحتباس الحراري حيث ان ارتفاع الحرارة سيقضي على ثلاثة أرباع الثلوج المتراكمة على قمم جبال الألب بحلول عام 2050 مما يتسبب بفيضانات مدمرة في أوروبا واعتبرت هذا تحذيرا يجب التنبه إليه.

-        قال علماء بريطانيون أن عام 2005 هو ثاني أشد الأعوام حرارة في العالم منذ بداية الاحصاءات المناخية الدقيقة في الستينات من القرن التاسع عشر.

-        وقال الباحثون في هيئة الأرصاد وجامعة ايست انجليا البريطانيتين أن:

أ‌-      درجة الحرارة ارتفعت خلال عام 2005 في النصف الشمالي بمقدار 0.65°س فوق المتوسط الذي كان سائدا ما بين 1961 – 1990.

ب‌-  درجة الحرارة ارتفعت خلال عام 2005 بحوالي 0.48°س على مستوى العالم وهذا ما يجعل سنة 2005 أشد الأعوام حرارة بعد عام 1998.

ج- يعتقد العلماء أن نصف الكرة الشمالي يزداد سخونة بشكل أسرع من الجنـوب لأن  نسـبة أكبر من

تكوينه يابسة، وهي تتأثر بشكل أسرع بالتغيرات المناخية مقارنة بالمحيط.

د- اشار الباحث ديفيد فاينر من وحدة أبحاث المناخ بجامعة ايست انجليا أن درجة حرارة المياه بالمحيط

الأطلسي بنصف الكرة الشمالي هي الأعلى منذ عام 1880.

أصبح من المؤكد أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تدخل الجو ستستمر في الازدياد وبالتالي فإن درجة حرارة سطح الأرض ستستمر بالازدياد. ومعنى ذلك فان التأثير على المناخ سيغدو واضحا وأهم الظواهر التي ستحدث هي :

1-    أن أجزاءً كبيرة من الجليد ستنصهر وتؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر مما يسبب حدوث فياضانات وتهديد للجزر المنخفضة والمدن الساحلية.

2-    ارتفاع مستوى سطح البحر قد يحدث تأثيرات خطيرة 3-زيادة عدد وشدة العواصف.

4- انشار الأمراض المعدية في العالم.                    5- تدمير بعض الأنواع الحية والحد من التنوع الحيوي. 6- حدوث موجات جفاف.                         7- حدوث كوارث زراعية وفقدان بعض المحاصيل.

8-   احتمالات متزايدة بوقوع أحداث متطرفة في الطقس.

-   وحتى يكون كلامنا عن الاحتباس الحراري مقنعا أكثر يجب الحصول على سجل طويل لدرجة الحرارة لأجزاء كبيرة من الأرض للتعرف على معدلات درجات الحرارة لمئات السنين, وهذا أمر صعب فالأرض واسعة وثلاثة أرباعها مغطى بالماء. والمشكلة أن القياسات لم تتم بصورة منتظمة الا على مدى قرن – الى قرنين فقط .

-   لكن اليوم تقاس عناصر طقس الأرض يوميا في جميع الأجزاء من خلال شبكة عالمية من المحطات على الأرض وفي البحار, تعطينا درجات الحرارة والضغط ومعدل الأمطار والرطوبة وغيره, وهذه قاعدة المعلومات الرئيسية لعلم المناخ.

-       يتفق العلماء المعنيون في هذا الموضوع على ضرورة العمل للحد من ارتفاع درجات الحرارة قبل فوات الأوان وذلك من خلال معالجة الأسباب المؤدية للارتفاع واتخاذ الاجراءات الرسمية في شأنها على مستوى العالم بأكمله, لأن مزيدا من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة.

تقرير يحذر من آثار الاحتباس الحراري

حذّّر علماء من الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري على الحياة اليومية للبشر، لافتين إلى أنه وخلال عقدين، فإن مئات الملايين من البشر سيواجهون خطر فقدان كميات كافية من المياه.

تحذير هؤلاء العلماء يأتي في سياق تقرير أولي، استباقا لتقرير نهائي يعرضونه في قمة تعقد الشهر المقبل في العاصمة البلجيكية بروكسل.

ووفق أجزاء من نسخة للتقرير العلمي الدولي، حصلت وكالة أسوشيتد برس عليها، فإن أمراض معدية مثل الملاريا ستنتشر بكثرة، كما أن مصير الدببة القطبية ستنتهي في حدائق الحيوانات مع حلول العام 2050، بسبب تدهور أوضاع بيئاتها الطبيعية، فيما سيواجه عشرات الملايين من البشر النزوح من مساكنهم بسبب أمطار السيول والفيضانات، وسط ارتفاع في مستوى الأنهر ودرجات الحرارة.

ورغم أن مواسم الزرع ستدر بخيراتها بسبب الدفء في الحرارة في الأجزاء الشمالية من الكرة الرضية، إلا أنه بحلول العام 2080 فإن مئات الملايين من البشر سيواجهون المجاعة، وفق التقرير الذي مازال يخضع للمراجعة والتنقيح.

التقرير الذي تشرف عليه عدد من الحكومات ويتمحور حول آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، هو الثاني من أصل أربعة تقارير تصدر هذا العام.

ورغم أن أكثر من ألف خبير وعالم من أكثر من 10 دول قاموا بوضعه، إلا أن التقرير ما زال بحاجة لمراجعة مسؤولين من هذه الدول قبل إصداره.

ومن أبرز نتائج التقرير حول ظاهرة الاحتباس الحراري المحتملة، هو أن مئات الملايين من البشر في أفريقيا، وعشرات الملايين منهم في أمريكا اللاتينية سيواجهون شحا في كميات المياه في فترة أقل من 20 عاما.

كما أنه وبحلول 2050 فإن أكثر من مليار شخص في آسيا قد يواجهون أيضا شحا في المياه، فيما يتوقع أن يهدد هذا الواقع بحلول العام 2080، ما بين 1.1 مليار إلى 3.2 مليار انسان، وذلك وفقا لمستوى انبعاث الغازات الضارة، التي تنبعث على سبيل المثال من مداخن المصانع ومحطات تكرير البترول ومن عوادم السيارات.

أما معدلات الوفيات في الدول الفقيرة جراء أمراض ناشئة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، مثل سوء التغذية والاسهال اللذان يتسبب بهما الجفاف، فستشهد ارتفاعا ملحوظا في حلول العام 2030، فيما يتوقع ارتفاع الإصابة بحمى الضنك والملاريا.

أما القمم الجليدية في أوروبا فستختفي بشكل دراماتيكي بحلول 2050، فيما يتوقع أن تتعرض الثروة النباتية في أوروبا لخطر الاضمحلال بحلول العام 2100.

ومن الاحتمالات الأخرى الواردة في نسخة التقرير المبدئي، تعرض ما بين 200 إلى 600 مليون شخص بحلول العام 2080 للمجاعة بسبب آثار الاحتباس الحراري، كما يتوقع أن يتأثر قرابة 100 مليون شخص كل عام، بالسيول الناتجة عن ارتفاع في مستوى البحار بحلول 2080.

أما أكثر الأماكن المتضررة فهما القارتان الآسيوية والأفريقية، بالإضافة إلى بعض الجزر الصغيرة والمناطق الواقعة في القطبين الشمالي والجنوبي.

العلماء يترددون في الربط بين تحولات الطقس

هل الاحتباس الحراري وراء الكوارث الطبيعية الأخيرة؟

يظهر الطقس في العالم بوادر اختلال تكمن في تزايد الفيضانات وموجات الحر والبرد الشديدين، غير أن العلماء يترددون في ربط ذلك بظاهرة الاحتباس الحراري.

وأشارت المنظمة العالمية للأحوال الجوية الى ان العديد من مناطق العالم شهدت احوالا جوية قاسية جدا منذ مطلع العام.

وذكرت المنظمة من هذه الظواهر الجوية الشديدة قسوة الامطار الموسمية الاستثنائية في جنوب آسيا التي اوقعت اكثر من ألفي قتيل في بنغلادش والهند والنيبال، والفيضانات في بريطانيا وموجة الحر في جنوب شرق اوروبا والاعصار غونو الذي اوقع خمسين قتيلا في سلطنة عمان وإيران، وتساقط ثلوج غزيرة في جنوب افريقيا.

وبلغت درجات الحرارة على اليابسة في يناير/ كانون الثاني، وأبريل/ نيسان اعلى مستوى سجل حتى الآن لهذين الشهرين، بحسب ملاحظات اولية وضعتها المنظمة العالمية للاحوال الجوية.

وقال عالم الاحوال الجوية جان جوزيل ممثل فرنسا في المجموعة الحكومية لخبراء تطور المناخ ‘’ان مسألة حصول اختلال في الاحوال الجوية بالتزامن مع ظاهرة الاحتباس الحراري مطروحة’’.

لكنه، أضاف ‘’يجب لزوم الحذر والنظر الى الامور من مسافة. ليس هناك حاليا تشخيص حقيقي من العلماء حول وجود رابط بين الاحوال الجوية القاسية والاحتباس الحراري’’.

غير ان الخبراء العالميين في التغييرات المناخية الذين يصدرون هذه السنة تقويمهم الرابع لارتفاع حرارة الأرض سبق ان اعلنوا عن ارتفاع ‘’وسطي’’ في معدل درجات حرارة الأرض يبلغ 74,0 درجة مئوية في مئة عام بين 1906 و,2005 ويتوقعون زيادة اضافية تتراوح بين 8,1 درجة وأربع درجات بحلول نهاية القرن.

كذلك تتوقع المجموعة الحكومية لخبراء تطور المناخ تزايد موجات الحر القصوى والأمطار الغزيرة واشتداد الأعاصير الاستوائية والزوابع والعواصف.

لكن جان جوزيل اعتبر انه ‘’ينبغي انتظار بضع سنوات للتمكن من تأكيد وجود او عدم وجود رابط بين هذه الحالات الجوية القصوى والاحتباس الحراري’’.

وقال ‘’يجب اثبات الظاهرة بشكل جيد قبل اي شيء. فهل الحالات الجوية القصوى تتغير فعلا؟’’، موضحا ان ‘’الامر ليس بالبساطة التي تخيل للبعض، اذ ان الحالات الجوية القصوى هي من حيث طبيعتها احداث نادرة، وينبغي الانتظار بعض الوقت للتمكن من وضع احصاء بالارقام. ثم ينبغي اقامة رابط مع النشاط البشري، وهذه مرحلة ثانية’’.

وأوضح ان ‘’أحدا لا يعرف حاليا’’ ما اذا كانت العواصف التي اجتاحت فرنسا في نهاية ديسمبر/ كانون الاول 1999 كانت ‘’مرتبطة ام لا بالاحتباس الحراري’’.

واعتبر خبراء في مركز الابحاث الجوية الاميركي ومعهد التكنولوجيا في جورجيا في دراسة نشرت اخيرا ان الاحتباس الحراري وانعكاساته على حرارة المحيطات وعلى الرياح تسببت بتضاعف عدد الاعاصير السنوي المسجل في المحيط الاطلسي في القرن العشرين.

كما أبرزت دراسة اجراها فريق دولي ونشرتها مجلة ‘’نيتشر’’ في 23 يوليو/ تموز تأثير النشاط البشري على تطور الامطار الغزيرة جغرافياً خلال القرن العشرين.

وأخيرا ذكرت ظاهرتي ‘’النينيو’’ و’’لا نينيا’’ بين العوامل المسببة لاختلال الأحوال الجوية.

ويعد ‘’النينيو’’ مسببا لموجة الجفاف التي ضربت استراليا العام الماضي، وكانت الأسوأ في القرن، فيما تتسبب ظاهرة ‘’لا نينيا’’ العكسية بعواصف في المنطقة الاستوائية من المحيط الاطلسي وموجات برد في اميركا الشمالية وأمطار موسمية اكثر غزارة من العادة في آسيا.

ولفت باحثون بريطانيون اجروا دراسات تقوم على محاكاة الظروف الجوية على الكمبيوتر ان الاحتباس الحراري سيبدأ بالظهور بشكل جلي اعتبارا من 2009 مع تسجيل درجات حرارة قياسية، بعد ان خضعت تأثيراته في السنتين الماضيتين لظواهر طبيعية موازية خففت من حدتها.

واعتمد الباحثون البريطانيون في دراستهم على برنامج ادرجوا فيه درجات الحرارة وحركة التيارات في المحيطات وظواهر مناخية مثل ‘’لا نينيا’’.

ثم اجروا عملية محاكاة تغطي فترة عشر سنوات بين 2005 و,2014 واستخلصوا ان تدني درجات الحرارة في قسم من المحيط الهادي ومقاومة الاحتباس الحراري في المحيط المتجمد الشمالي يوازنان ارتفاع الحرارة الناتجة عن الغازات الدفيئة.

غير ان هذا التعويض الذي يلطف من ظاهرة الاحتباس الحراري سيبقى عابرا، ويتوقع علماء المناخ الذين نشرت نتائج أبحاثهم مجلة ‘’ساينس’’ ان تتخطى درجات الحرارة في فترة 2005-2014 الرقم القياسي الذي سجل العام ,1998 السنة الاكثر حرا حتى الآن.

واختبر داغ سميث الباحث في الارصاد الجوية البريطانية وزملاؤه نموذجهم الجديد على فترة 1982-2001 لمقارنة النتائج مع المعطيات الفعلية التي سجلتها الارصاد الجوية في العالم في تلك الفترة، فأعطت هذه الدراسة المقارنة نتائج اكثر دقة من البرامج المعلوماتية السابقة.

الاحتباس الحراري والكوارث الناجمة عنه

الاحتباس الحراري هو ارتفاع في المعدلات الحرارية عالميا يؤدي إلى التغيرات المناخية والبيئية التي نشهدها في أيامنا هذه. وقد تسارعت هذه المعدلات الحرارية في الارتفاع منذ بداية الثورة الصناعية. ولنتمكن من فهم الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى هذا الارتفاع الحراري يجب علينا أن نعلم أن المحيط الذي نحيا فيه والمكون من الغازات مثل النتروجين والأكسجين وثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى بخار الماء يملك تأثيرا حاسما على حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية. وتقوم بعض تلك الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميتان بامتصاص الحرارة, مخفضة بذلك كميات الحرارة التي يمكنها الانطلاق إلى الفضاء خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية.

وكلما امتص الغلاف الجوي الطاقة الحرارية كلما ارتفعت حرارة المحيطات وسطح الكرة الأرضية بشكل عام. ويسمى هذا بفاعلية البيوت الخضراء الذي بدونه يصبح متوسط حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية أقل بثلاثين درجة مئوية, مما يجعل الحياة غير ممكنة عليها. فامتصاص الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للحرارة المنبعثة كناتج لاحتراق أية مادة على سطح الأرض وفي الغلاف الجوي يؤدي إلى ارتفاع في المعدلات الحرارية. وقد تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في كوكب الزهرة على سبيل المثال إلى حد أدى إلى ارتفاع في الحرارة لايمكن العيش في وسطها لأي من الكائنات.

وقد تعاظمت وتسارعت الكوارث الناجمة عن الظروف المناخية والبيئية حول العالم. ففي نفس الوقت الذي بدأت فيه الأنهار والجبال الجليدية تذوب في القطبين ومناطق أخرى, تنتشر وتوسع مناطقها الأمراض المعدية مثل فيروس غرب النيل والملاريا والإيدز وجنون البقر وحمى الطيور وغيرها. فهل لهذه الظواهر علاقة بالتغيرات المناخية؟ وهل نساهم نحن البشر في صناعة هذه الأحداث؟ وما هو دورنا في تسريع التقلبات المناخية؟ وماذا نستطيع فعله لوقف الكوارث المستقبلية القادمة؟

ففي الوقت الذي لايستطيع فيه أحدا القول بأن عاصفة محددة سببها الاحتباس الحراري العالمي, فان هناك علاقة واضحة بين الحدثين. وتشكل الحرارة في الغلاف الجوي وقودا لأحوال جوية عاصفة. وتؤكد دراسات الأرصاد الجوي أن الارتفاع الحراري سوف يؤدي إلى تعاظم حدة وتكرار العواصف الشديدة, وخصوصا تلك العواصف الرعدية العنيفة التي تحدث في بعض أنحاء الكرة الأرضية. ويقوم الارتفاع الحراري في المحيطات الاستوائية بتغذية الأعاصير والزوابع الشديدة, وكلما ارتفعت حرارة المحيطات كلما اشتدت وتكررت تلك الأعاصير والزوابع المدمرة. وبالإضافة إلى أن هناك عددا كبيرا من العوامل المساهمة في نشوء الأعاصير بظروفها الغامضة فان تكرارها سوف يتزايد نتيجة للارتفاع الحراري العالمي. علما بأن ارتفاع منسوب البحار الناجم حصرا عن الاحتباس الحراري العالمي سوف يفاقم مشاكل الغمر الساحلي الذي يشكل الضرر الأعظم من تأثيرات هذه الأعاصير.

ويأتي غاز البيوت الخضراء من مختلف العمليات الحياتية الطبيعية. فعلى سبيل المثال تقوم النباتات بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين, مرجعة بذلك عمليات التنفس التي تسمح للإنسان والحيوان باستنشاق الأكسجين وإطلاق (زفير) ثاني أكسيد الكربون. وعلى نحو مماثل فان التعفنات التي تحدث لأسمدة الماشية والخث (تفحم المواد النباتية) تطلق غاز الميتان. وتنتج مختلف النشاطات البشرية أيضا غازات البيوت الخضراء. فمثلا ينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون عندما نحرق أي من الوقود الاحفوري ( النفط والغاز الطبيعي والفحم وما شابهه) لإنتاج الطاقة الكهربائية أو عندما نحرق البنزين والمازوت في سياراتنا أو عندما نشعل المواقد بأنواعها لطهي طعامنا. وينطلق غاز الميتان من المواد الموجودة في التربة. وقد عاظمت هذه النشاطات كميات مختلف الغازات في الغلاف الجوي. وقد أصبح تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكرة الأرضية حاليا أعلى بحوالي 32 % مما كان عليه قبل بداية الثورة الصناعية حوالي عام 1750, وأعلى من أي وقت مضى منذ أربعمائة ألف عام, وفقا للمعطيات العالمية.

وقد أكد مختلف العلماء في العالم أن ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الناجمة عن النشاطات البشرية رافقه ارتفاعا جوهريا في معدلات الحرارة العالمية. وفي عام 2002 كان المعدل الحراري العالمي ثاني أعلى معدل بعد عام 1998, حيث سجل ارتفاعا في هذا المعدل يساوي نصف درجة مئوية خلال العقود الثلاثة الماضية. وأظهرت التحليلات العلمية للتقلبات المناخية خلال السنوات الماضية بأن مثل هذا التسارع في ارتفاع المعدلات الحرارية غير طبيعي إلى حد كبير. ويتوقع العلماء أن المعدلات الحرارية للكرة الأرضية سوف ترتفع خلال هذا القرن بشكل لم يحدث خلال العشرة آلاف سنة الماضية.

وانه لمن الضروري جدا أن نعلم بأن الاحتباس الحراري يعني كل إنسان في هذا العالم, لأن ارتفاعا في المعدلات الحرارية لبضع درجات مئوية فقط قد يؤدي إلى كوارث مخيفة كما يحصل حاليا في مختلف أنحاء العالم. ويمكن لهذا الارتفاع الحراري إحداث تغييرات هائلة في الظروف الحياتية للإنسان وكذلك للإمكانيات الطبيعية على سطح الكرة الأرضية لدعم الحياة البشرية. وقد لايشعر بها البعض بشكل مباشر, إلا أن التغيرات المناخية تؤذينا جميعا. فمثلا قد يؤثر هذا على البعض بغلاء المعيشة لأنهم سيدفعون أكثر ثمنا للطعام, لأن الفيضانات في مناطق والجفاف في مناطق أخرى تؤثر سلبا على المحاصيل الزراعية. وقد تعني هذه التغيرات لأناس آخرين خطر الأمراض المعدية مثل الملاريا التي تنتشر بسرعة أكبر في ظروف الارتفاع الحراري والأجواء الرطبة. وهناك أيضا من يفقد منزله وكل أملاكه وقد يفقد أهله أو يفقد نفسه عندما يتعرض إلى كارثة طبيعية مثل تسونامي أو كاترينا وما شابههما من الكوارث الناجمة عن الاحتباس الحراري والتلوثات البيئية التي أصبحت لاتحتمل.

ولذلك فان كل إنسان في هذا العالم معرض للأذى من فعل الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية. إلا أن أبناء الدول الفقيرة سوف يتأثرون بشكل أكبر بكثير من أبناء الدول الغنية. ففي الدول الفقيرة تكون المنازل أقل أمانا إذا ماتعرضت للزلازل أو الفيضانات والأعاصير, وكذلك أنظمتهم الصحية الضعيفة بالإضافة إلى اقتصادهم الهزيل واعتمادهم الكبير على المنتجات الزراعية التي تخربها بشكل كامل تلك الكوارث. وقد تعاظمت الكوارث الناجمة عن الزلازل والأعاصير في أيامنا هذه وقتل فيها مئات الآلاف في مناطق عديدة من أنحاء العالم مثل ماحدث في جنوب أسيا وجنوب الصين ووسط أمريكا وأخرها ماحصل في الولايات المتحدة الأمريكية – كاترينا.

وهناك منظمات عالمية عديدة تقوم بدراسة التغيرات المناخية والبيئية حول العالم, مثل منظمة الأرصاد العالمية والهيئة العالمية للتغيرات المناخية والأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. وقد اتفقت كل هذه المنظمات على أن الاحتباس الحراري سببته النشاطات البشرية ولم يأتي بشكل طبيعي. إلا أن السؤال الأهم هو بأية سرعة سيستمر الاحتباس الحراري بالارتفاع خلال العقود القادمة وهل يمكننا توقع الأحداث الناجمة عنه؟ وتقول المعطيات المنشورة بأن الموديلات (النماذج) المستخدمة في الكمبيوترات من قبل العلماء المختصين في هذا المجال تتوقع حجما كبيرا من عدم الوضوح عن المستقبل, إلا أنها تؤكد بشكل عام على أن الارتفاع الحراري سوف يتسارع في الفترة القادمة مؤديا إلى تزايد حدة وتكرار العواصف والزلازل والأعاصير وكذلك فترات الجفاف العالمية بالإضافة إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات نتيجة لذوبان الثلوج والجليد القطبي.

ويتفق معظم العلماء على أن التكهن الدقيق لحجم الاحتباس الحراري المستقبلي غير ممكنا على الإطلاق, إلا أنه أصبح واضحا اليوم أن خطر الانبعاثات الغازية الناجمة عن احتراق الوقود الاحفوري يهدد العالم بأثره. وقد أنذرت الهيئة العالمية للتغيرات المناخية لضرورة خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الذي وصلت نسبته إلى مرة ونصف من المستوى الذي كان عليه في الجو قبل الثورة الصناعية. إلا أن بعض مؤسسات الطاقة العالمية تتوقع بأن تركيز هذا الغاز في الغلاف الجوي سوف يتزايد بحجم 70 % بقدوم عام 2030 نتيجة لازدياد الكميات البترولية والفحمية والغازية المحروقة نظرا لازدياد الحاجة العالمية مع تزايد العدد السكاني في العالم.

ويقول العلماء أن التغيرات المناخية والبيئية التي حدثت خلال العقدين الماضيين وخصوصا خلال السنوات القليلة الماضية لم تشهدها الكرة الأرضية منذ قرون وحتى منذ آلاف السنين. ويجب علينا أن نكون منذرين في أننا وفي أي وقت قادم قد نصل إلى ظروف بيئية ومناخية سريعة التطور, مدمرة وغير قابلة للتراجع والعودة إلى الظروف الطبيعية لأن المعدلات الحرارية العالمية تستمر في الارتفاع.

وإذا لم يتم خفض الانبعاثات الحرارية عالميا, فان المعدلات الحرارية العالمية قد تتزايد بعشرة مرات أسرع من متوسط معدلات تزايدها اعتبارا من نهاية أخر عصر جليدي وحتى أيامنا هذه, وفقا لتقديرات معظم العلماء. وان حصل هذا فان مستوى المياه في البحار والمحيطات سوف يرتفع وتغمر المناطق الساحلية. وسوف تضرب العالم موجات حرارية أكثر شدة وتكرارا, ويتعاظم الطوفان في مناطق ويضرب الجفاف مناطق أخرى, وتتكرر وتزداد حدة العواصف والزلازل والأعاصير. بالإضافة إلى تزايد عدد وأنواع الأوبئة الزراعية التي ستؤدي إلى تناقص المحاصيل. ويتسارع الانقراض البشري, لأن البعوض الناقل للأمراض سوف يصبح في بيئة تمكنه من التكاثر كما ونوعا.

والمصادر الحقيقية للغازات المنبعثة التي تسبب مثل هذه التغيرات البيئية والمناخية الحادة هي الصناعات والأعمال والاستخدامات الكثيفة في الدول المتقدمة التي تعتمد على الوقود الأحفوري بشكل كبير. فمثلا تشكل أوربا واليابان وأمريكا الشمالية مجتمعة مايقرب من 15 % من سكان العالم, إلا انهم مسؤولون عن مايقدر بثلثي غاز ثاني أكسيد الكربون (66 %) المنبعث في الجو حتى يومنا هذا. وأما الولايات المتحدة الأمريكية التي لايزيد عدد سكانها عن 5 % من سكان العالم فهي مسؤولة عن مايقدر بربع (25 %) الغازات المنبعثة في الأجواء العالمية. أي أن أقل من 20 % من سكان العالم يتسببون باطلاق أكثر من 91 % من الغازات المدمرة في الأجواء العالمية. وتنتشر هذه الغازات في الغلاف الجوي بواسطة الرياح ليعاني منها من أطلقها ومن لم يطلقها على حد سواء. وتقول التقارير الصادرة في هذا المجال أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك مايقرب من 130 مليون سيارة, تنفس من الكربون مايعادل كل ماينفسه كامل الاقتصاد الياباني. والولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة مابين الدول الثمانية الكبار التي لم توقع على اتفاقية كيوتا لخفض الانبعاثات الغازية في العالم.

هذا الواقع الذي لا تستطيع فيه لا الأفراد ولا حتى الدول الصغيرة والكبيرة منفردة التأثير فيه بشكل معقول, يحتاج إلى تعاونا وتضامنا دوليا كاملا لإصلاحه. وفي نفس الوقت لو فكرنا مليا بالأمر لوجدنا أنفسنا جميعا متهمين, ويمكن لكل منا أينما وجدنا على سطح هذا الكوكب الذي ندمره المساهمة الفعالة في خفض حقيقي لكميات الطاقة المستنزفة غير القابلة للتعويض وكذلك خفض التلوث البيئي قبل أن ينتقم منا بلا رحمة. فهناك مثلا إمكانية لتوليد الكهرباء باستخدام الرياح أو الأشعة الشمسية, هذه الطاقة التي تسمى بالخضراء والنظيفة. ويمكننا أيضا استخدام النقل العام بدلا من اعتلاء كل منا سيارته العامة أو الخاصة وخفض عدد الرحلات والمشاوير غير الضرورية في السيارات والطيارات. ويمكننا أيضا إغلاق صنابير المياه وترشيد استخدامها. وهكذا أيضا بالنسبة للإضاءة التي يمكن الاستغناء عنها, وإغلاق الكمبيوتر الذي لا نستخدمه. فاليابانيون دعوا مجتمعهم إلى عدم ارتداء ربطة العنق كي يخفضوا حاجتهم للتكييف في الصيف أثناء العمل. والشعوب الاسكندنافية تستخدم الدراجات الهوائية للذهاب إلى العمل والتنزه أيضا, وحتى وزرائهم. والأبنية المعزولة جيدا مثل الترابية القديمة مثلا تحتاج أقل بكثير للتدفئة شتاء وللتبريد صيفا. وهناك صفا كاملا من الممكنات لتوفير الطاقة وخفض التلوث البيئي وخصوصا عند الهادرين للثروات.

فقراء العالم سيدفعون تكاليف الاحتباس الحراري

حذر خبراء يشاركون في مؤتمر دولي بشأن التغيرات المناخية من أن مليارات من البشر يواجهون نقصا في المواد الغذائية والمياه مع زيادة مخاطر الفيضانات.

وقد ورد هذا التحذير في تقرير أعده مئات من الخبراء الدوليون في شؤون البيئة.

وقد تم التوصل بين الخبراء المجتمعين على فحوى التقرير النهائي وصياغته بعد مناقشات استغرقت ليلة كاملة في العاصمة البلجيكية بروكسل.

ويقول الخبراء المجتمعون إن الفقراء في العالم سيكونون الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية.

وقال مارتن بيري، مساعد الفريق الحكوماتي بشأن التغيرات المناخية إن الدلائل أشارت إلى أن للتغير المناخي تأثيرا مباشرا على الحيوانات والنباتات والمياه.

وكانت أبرز النقاط التي توصل اليها التقرير كما وردت في المؤتمرالصحفي على النحو التالي:

النتائج الرئيسية:

75- 250 مليون شخص في أرجاء افريقيا يمكن أن يواجهوا نقصا في المياه بحلول عام 2020.

قد تنمو حصيلة الحاصلات الزراعية بنسبة 20 في المائة في شرق وجنوب شرق آسيا، وبنسبة 30 في المائة في وسط وجنوب آسيا.

قد تنخفض الزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار بنسبة 50 في المائة في بعض مناطق القارة الافريقية بحلول عام 2020.

من 20 إلى 30 في المائة من كل النباتات والفصائل الحيوانية تواجه مخاطر الانقراض في حالة ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل من 1.5 إلى 2.5 درجة

يتوقع أن ينخفض مستوى الثلوج مما يقلل من المياه التي تتوافر في البلاد التي تعتمد على ذوبان الثلوج في الحصول على المياه.

ويقول التقرير إن الزيادة المنظورة في معدلات درجة حرارة الأرض من "الأرجح جدا" أن تكون راجعة إلى الانبعاثات الغازية الناتجة عن الاحتباس الحراري.

ويشمل التقرير الذي أعده الفريق 29 ألف معلومة عن تغيرات تم رصدها في النواحي الفيزيائية والبيولوجية في البيئة الطبيعية.

ويعتقد أن 89 في المائة من هذه المعلومات ذات علاقة بارتفاع درجة حرارة الأرض.

وقد رحب العلماء والسياسيون بهذا التقرير إلا أن عدة دول من بينها الولايات المتحدة والسعودية والصين والهند طالبت بتخفيف لهجة الصيغة النهائية لما تم الاتفاق عليه.

وسيطرح الاتفاق على قمة مجموعة الدول الثمان الصناعية الكبرى المقرر انعقادها في يونيو/ حزيران المقبل.

ويعد هذا هو التقرير الثاني الذي تصدره اللجنة خلال العام الجاري.

وتم إصدار تقرير سابق يتعلق بعلم التغير المناخي في شهر فبراير/ آب الماضي أكد أن الانشطة الانسانية مسؤولة بشكل كبير عن ارتفاع درجة حرارة الأرض والذي يتم رصده منذ خمسينيات القرن الماضي.

ومن المقرر أن يصدر تقرير ثالث في مايو/ أيار المقبل عن السبل المقترحة لوقف الانبعاثات الغازية وارتفاع درجات الحرارة.

وسيخلص تقرير رابع يصدر في أواخر العام ما توصل إليه الخبراء على مدى العام.

وكان الصندوق العالمي للطبيعة حذر مؤخرا من ان التغيير المناخي يهدد عشر مناطق أو اجناس حية تعتبر من روائع الطبيعة، ومن بينها غابات الامازون والكتل الجليدية في الهملايا ونمور البنغال.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لارا هانسن، المسؤولة العلمية عن برنامج المناخ في الصندوق، لدى عرضها دراسة اجرتها المنظمة في بروكسل قولها: "من السلاحف الى النمور من صحراء شيواوا الى الامازون كل روائع الطبيعة هذه مهددة بفعل الاحتباس الحراري الذي يهدد كذلك احتياطي المياه العذبة على الارض".

وحذر الصندوق العالمي للطبيعة من ان 30 الى 60 بالمائة من غابات الامازون التي تحوي 40 الف نوع من النباتات و427 جنسا من الثدييات قد تتحول الى سهول مقفرة.

كذلك ادرجت على لائحة الروائع المهددة صحراء شيواوا الممتدة بين الولايات المتحدة والمكسيك والتي تؤوي 3500 نوع من النباتات وحيوانات نادرة.

وفي الهملايا حيث اكبر كمية من كتل الجليد في العالم بعد المناطق القطبية فان الجليد قد يذوب بوتيرة متسارعة ما سيؤدي الى تحولات كبرى في المنطقة.

الإحتباس الحراري .... يجلب الأوبئة والأمراض

أفادت دراسة نشرتها المجلة العلمية الشهيرة ساينس  SCIENCE  ، ان ظاهرة الاحتباس الحراري التي    تعاني منها الأرض ستزيد من مخاطر انتشار الأوبئة بين الحيوانات والنباتات البرية والبحرية مع زيادة مخاطر انتقال  هذه الأمراض إلى البشر .

يقول العالم (( درو هارفيل )) من جامعة ( كورنل ) ورئيس فريق البحث العلمي (( ان ما يثير الدهشة والاستغراب ان الأوبئة الشديدة التأثر بالمناخ تظهر عبر أنواع مختلفة جدا من مولدات المرض من فيروسات وجراثيم وطفيليات ، وتصيب مجموعة متنوعة للغاية من الكائنات ، منها المرجان والمحار والنباتات البرية والعصافير والبشر )) .

لقد كرس الباحثون دراستهم طوال سنتين حول العلاقة بين التغير في درجة الحرارة ونمو الفيروسات والجراثيم وغيرها من عوامل الأمراض ، مع دراسة عوامل نشر بعض الأمراض مثل القوارض والبعوض والذباب ، وقد وجد انه مع ارتفاع درجة الحرارة ، يزداد نشاط ناقلات الأمراض   - حشرات وقوارض  – فتصيب عدد أكبر من البشر والحيوانات ، وقد وجد أن فصول الشتاء المتعاقبة والمعتدلة حراريا فقدت دورها الطبيعي  في الحد من مجموعة الجراثيم والفيروسات وناقلات المرض ، كذلك فقد لوحظ أن فصول الصيف في العقد الأخير من القرن الماضي زادت حرارة وطولا ، مما زاد من المدة التي يمكن للأمراض أن تنتقل خلالها إلى الأجناس الحية الشديدة التأثر بالتغييرات الحرارية وخصوصا في البحار والمحيطات ، يقول الباحث (( ريتشارد اوستفيلد )) من معهد دراسة الأنظمة البيئية في نيويورك (( أن المسألة لا تقتصر على مشكلة مرجان أبيض وفقد لونه كما يقول حماة البيئة ، أو بعض حالات الملاريا المتفرقة التي يمكن السيطرة عليها ، الأمر له أوجه كثيرة ومتفرقة ونحن قلقون )) .

لقد تناولت الدراسة حياة الكثير من الطيور والحيوانات التي تأثرت بفعل ارتفاع الحرارة ، ويذكر الباحثون على سبيل المثال طيور ( الأكيبا ) في هاواي ، حيث تعيش هذه الطيور على ارتفاع يبلغ 700  متر في جبال جزيرة ( ماوي ) ، محتمية بالبرودة على هذا الارتفاع من البعوض والحشرات التي تدمر حياتها ، غير ان ارتفاع الحرارة جعل البعوض يصل إلى مثل هذا الارتفاع جالبا معه جراثيم الملاريا التي أصابت أعـداد   كبيرة من هذه الطيور وفتكت بها ولم تترك منها إلا عددا ضئيلا . 

في ظل الاحتباس الحراري.. المرأة أكثر بقاءً

أفادت دراسة أميركية حديثة بأن قلوب الرجال أقل تحملا للارتفاع المتزايد في درجات الحرارة وتقلبات المناخ من قلوب النساء, الأمر الذي يجعل معدلات الوفاة بين الرجال أكثر مرتين من معدلات الوفاة بين النساء اللواتي يعشن في نفس الظروف.

أشارت الدراسة التي قامت برصد وتحليل أسباب وفاة مرضى القلب في الولايات المتحدة الأميركية في الفترة من عام 1993 إلى عام 2003 إلى أنه توجد علاقة بين معدلات الوفاة وارتفاع درجة الحرارة مؤكدة أن النساء سيصبحن أكثر قدرة على البقاء أحياء خلال السنوات المقبلة وفي ظل الاحتباس الحراري لأن مقاومتهن لارتفاع الحرارة تفوق قدرات الذكور.‏

الإحتباس الحرارى يزيد حساسية الربيع

 أكد باحثون أمريكيون أن ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وتفاقم ظاهرة التسخين الحراري يؤديان الى مضاعفة تركيز حبوب اللقاح المسببة للحساسيات في الجو ، حيث توصل العلماء إلى أن عشبة الريجيد Ragweed المركبة ، التي تعتبر من أهم مسببات الحساسية التنفسية في الولايات المتحدة ، تزيد من إطلاقها لحبوب اللقاح تحت تأثير زيادة تركيز ثاني اوكسيد الكربون في الجو.

50 ألف حالة تسمم بأطعمة بحرية بسبب الاحتباس الحراري

أكدت دراسات علمية حديثة، أن ظاهرة الاحتباس الحراري، وما يرافقها من تغييرات مناخية، تتسبب في وصول أعشاب استوائية سامة إلى مياه البحار الباردة بشكل متسارع، مسؤولة عن أكثر من 50 ألف حالة تسم نتيجة تناول المأكولات البحرية سنوياً حول العالم.

وأظهرت الدراسات أن 90 في المائة من تلك الحالات لا يتم التبليغ عنها، مما يرفع من مخاطر عدم إدراك الحجم الحقيقي للمشكلة، خاصة وأنها تطال أنواعاً شعبية واسعة الانتشار تشكل الغذاء الأساسي للكثير من شعوب العالم وخاصة في آسيا.

ويبدو أن الخطر الأكبر يأتي من المرض الفتاك المعروف باسم "التسمم السيجاتيري" وهو مرض استوائي يصيب الأسماك التي تتناول أنواعاً من الأعشاب البحرية التي تفرز أنزيمات سامة، وقد بات ينتشر  بسرعة خارج نطاقه الجغرافي التقليدي، مع الانتشار المتزايد لتلك الأعشاب في البحار بسبب ارتفاع حرارة الأرض.

وذلك إلى جانب المخاطر الناتجة عن مصادر التلوث التي باتت "تقليدية" في هذه الحالة، كالمخلفات الكيماوية التي ترميها المصانع، ومياه الصرف الصحي للتجمعات السكانية على طول السواحل.

ويطال التهديد بشكل أساسي عشرات فصائل الأسماك التي تقطن الأجراف القارية المحاذية للشاطئ، وخاصة فصائل الباركودا وأسماك الحفش، التي تعتمد في غذائها على الأسماك الصغيرة وأعشاب البحر التي تنمو في مناطق تحولت في الغالب إلى مصب للمخلفات.

ويصيب هذا المرض سنوياً 250 شخصاً في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى جانب المئات في دول آسيوية لم تعرف هذا المرض من قبل مثل هونغ كونغ والفيليبين وفقاً للأسوشيتد برس

وقد واجه أطباء تلك الدول صعوبة شديدة للتعرف على ماهية عوارض هذا المرض، حيث كانوا يعجزون عن تقديم أي تفسير لحالات التسمم الشديد والشلل الجزئي التي كانت تقابلهم في المستشفيات.

ورغم أن خطر "التسمم السيجاتيري" معروف في المناطق الحارة حيث يشتهر سكان بعض الجزر الكاريبية بعادة إطعام الأسماك للكلاب أولاً للتأكد من أنها غير سامة إلا أن هذا الخطر يرتدي طابعاً شديد الأهمية مع وصول الأعشاب البحرية المسببة له إلى بحار آسيا وأوروبا.

وقد حذّر العلماء بشدة من المخاطر الهائلة التي تترصد شعوب المناطق الأكثر فقراً في آسيا، حيث تكاد البنى الطبية والحكومية تكون معدومة، داعين إلى أوسع حملة توعية لشرح مخاطر هذا المرض الفتاك فيها.

الاحتباس الحراري ينشط الاعاصير

قال باحث امريكي بارز ان ارتفاع درجات حرارة الارض هو سبب الرقم القياسي للاعاصير الذي سجل العام الماضي.

واضاف جريج هولاند وهو رئيس قسم في المركز الوطني للابحاث الجوية في بولدر بولاية كولورادو ان "الاعاصير التي نراها هي في حقيقة الامر نتيجة مباشرة للتغير المناخي ولم تعد شيئا سنراه في المستقبل فهي تحدث الان".

وقال هولاند امام جمهور غفير اكتظت به احدى القاعات التي تستضيف المؤتمر السابع والعشرين حول الاعاصير والارصاد الجوية الاستوائية في مونتيري بولاية كاليفورنيا ان الرياح والمياه الاكثر دفئا اللذين يسببان تكون الاعاصير في الكاريبي "يرجعان بشكل متزايد... الى ظاهرة الاحتباس الحراري. يبدو انه لا يوجد اي شيء منطقي اخر يمكن للمرء ان يستنتجه".

والنتيجة التي توصل اليها هولاند ستكون موضع مناقشة في المؤتمر الذي يستمر اسبوعا وتنظمه الجمعية الامريكية للارصاد الجوية. وسيقدم باحثون آخرون بحوثا معارضة تقول أن تغير اتجاهات الرياح ودرجات الحرارة في مناطق استوائية تحدث بسبب ظواهر طبيعية وليس بفعل تراكم انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

والكثير من العلماء الذين تجمعوا في مدينة مونتيري الساحلية يعملون في مؤسسات اتحادية تحت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش التي تجادل بأن ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الارض ليست نظرية مؤكدة.

وعلى الرغم من ان الكثير من العلماء المشاركين في المؤتمر وعددهم 500 يبدو أنهم يتفقون على ان اتجاها لزيادة درجات الحرارة في المناطق الاستوائية سبب لزيادة قوة الاعاصير عن المعتاد الا أن بعضهم يقولون ان ارتفاع درجات حرارة الارض ليس هو المسؤول الوحيد.

ويرجع البعض مثل وليام جراي وهو باحث مخضرم في الاعاصير في جامعة ولاية كولورادو زيادة درجات الحرارة الى دورات طبيعية. وقال جراي انه يعتقد ان زيادة ملوحة الماء وحركة تيارات المحيط يمكن ان تسبب دورات من زيادة ونقص درجات الحرارة. وتوقع أن تستمر درجات حرارة مياه الكاريبي في الارتفاع لمدة من خمس الى عشر سنوات ثم تبدأ في الانخفاض.

وقدم ادم ليا وهو باحث اكاديمي حاصل على الدكتوراه في جامعة يونيفرستي كوليج لندن في سوري ببريطانيا بحثا يرتكز على دراسات بريطانية والمانية وروسية وكندية توصلت الى ان نصف نشاط الاعاصير الزائد في المناطق الاستوائية يمكن ان يعزى الى ارتفاع درجات حرارة الارض.

وقال هولاند ان التغيرات في العواصف الاستوائية في عقدي الاربعينات والخمسينات كان من الممكن ان يعزى سببها الى تغيرات طبيعية.

لكنه قال ان ثاني اوكسيد الكربون بدأ تغيير أنماط يمكن تتبعها في السبعينات وبحلول مطلع التسعينات كانت النتائج الجوية تؤثر على عدد وشدة العواصف.

وقال هولاند الذي ولد في استراليا "ما نراه الان في درجات حرارة العالم يحمل بصمات التغير المناخي...الغالبية العظمى من المجتمع العلمي تقول بوجود علاقة مباشرة بين ما يحدث الان وبين ظاهرة الاحتباس الحراري".

واضاف أن معظم الاعاصير الكبرى تتكون بفعل منخفضات في الضغط الجوي تتحرك من افريقيا باتجاه الغرب واذا وصلت الى المياه الدافئة في المنطقة الاستوائية فانه يمكن ان تتكون اعاصير. واذا كانت المياه ادفأ من المعتاد فان الاعاصير تزداد شدتها ويصبح من المرجح بشكل أكبر ان تصل الى الولايات المتحدة.

وكان الاعصار كاترينا الذي ضرب سواحل لويزيانا ومسيسيبي في 29 اغسطس اب الاكثر قوة في 77 عاما والاكثر تكلفة فقد أدى الى خسائر في الممتلكات قدرت بحوالي 75 مليار دولار.

وهذا العام يتنبأ مركز التوقع الاستوائي بحدوث اعاصير اكثر من المعتاد ولكن ليس بمثل الكثرة التي كان عليها الحال العام الماضي.

وقال ايريك بليك وهو احد المتخصصين بالمركز "لا يبدو (عام 2006) بمثل نشاط 2005 لكني لست متأكدا اننا سنواجه على الاطلاق سنة تماثل 2005.".

واضاف ان موسم الاعاصير في 2006 ربما سيكون مماثلا بشكل اكبر بموسم الاعاصير في 2004

الاحتباس الحراري يذبل الأشجار

قال علماء أميركيون إن اتساع ثقب الأوزون وانبعاث الغازات السامة في الجو يجعلان الأشجار أكثر جفافاً، ما يجعلها بحاجة للحصول على كميات أكبر من المياه لمنعها من الذبول.

وحسب الدراسة التي أجراها باحثون من "جامعة تينيسي أند أوك ريدج ناشيونال لابوراتوري" فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزيد من حدة الاحتباس الحراري في البيئة.

وأجرت الباحثة ساندي ماكلوكين تجارب على أشجار في جبال شرق تينيسي حيث تبين لها أن مستويات الأوزون أثرت على نمو الأشجار الكبيرة وعلى نقل المياه من التربة إلى الجو، وأدت إلى انخفاض منسوب مياه الجداول والأماكن التي تتجمع فيها المياه.

لكن باحثين آخرين قالوا إن هناك حاجة لإجراء المزيد من التجارب لمعرفة ما إذا كانت أسباب أخرى لجفاف الأشجار والغابات التي تتأثر أكثر من غيرها جراء ذلك.

الاحتباس الحراري سبب أزمة دارفور والصومال

حّمل الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون التغييرات المناخية جزئياً تبعة أزمة دارفور حيث دفع القحط والجفاف بطرفي النزاع على الإقتتال على الكلا ومصادر المياه.

فندرة المياه وقلّة الطعام، وفقا لكي مون، أدّت إلى نشوب الحروب في دارفور والصّومال وساحل العاج، وهو ما أدّى إلى فقدان أرواح الآلاف لأجل هذه الأسباب، نقلا عن وكالة الأسوشيتد برس.

ويضيف كي مون، في مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست": "عندما تجري مناقشة ما يتم في إقليم دارفور، فإننا غالبا ما نرجع الأمر إلى أسباب سياسيّة وعسكريّة، إلا أنّنا إذا ما نظرنا إلى جذور المشكلة لوجدنا أنّ الأسباب أكثر تعقيدا من ذلك بكثير."

وقد أظهرت العديد من الدّراسات أنّ معدّل سقوط الأمطار في دارفور انخفض خلال العقدين الماضيين، ويعود ذلك وفقا للتقارير إلى "الأفعال البشرية" على سطح كوكب الأرض.

وأكد كي مون على ضرورة وجود تطوّر اقتصادي مستمر في الإقليم، حيث يمكن تطوير وسائل جديدة للرّي، وتخزين المياه، وهو الأمر الّذي سيساعد في تحسين المستوى الصحي والتعليمي للسّكان.

يقول كي مون: "يجب على المجتمع الدولي أن يساعد في تنظيم هذه الجهود، عبر التّعاون مع الحكومة السّودانيّة والمنظّمات الدوليّة، وذلك لنشل سكان دارفور من المستنقع القاتم الّذي يعيشون فيه حاليا."

يذكر أنّ الاقتتالات في دارفور أدّت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 200 ألف شخص منذ 2003.

وبعد أشهر من الضّغط الدّولي، وافقت الحكومة السّودانية الأسبوع الماضي على السّماح لقوّة دوليّة- إفريقيّة مؤلّفة من 19 ألف فرد من الدّخول إلى دارفور بدلا من القوّة الإفريقيّة الحاليّة المكوّنة من  سبعة آلاف فرد.

وقد وصف بان كي مون هذا الاتفاق بالتّاريخي، إلا أنّه أكّد على ضرورة الاستمرار فيما تم البدء به، والوصول إلى حل طويل المدى لإنهاء هذه الأزمة.

الاحتباس الحراري يهدد حوض البحر المتوسط

تزايد مؤخرا اهتمام العلماء بظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وفي هذا الإطار تعقد عدة مؤتمرات لدراسة أسباب الظاهرة بمناطق مختلفة من العالم حيث تعرض نتائج آخر الدراسات التي ترصد معدلات ارتفاع درجة الحرارة والتأثيرات السلبية لذلك على البيئة والمناخ.

وتستضيف مدينة إسطنبول التركية حاليا نحو ثمانمائة عالم يشاركون في أعمال المؤتمر الـ38 للجنة الدولية للاستكشاف العلمي في البحر المتوسط. وتركز المناقشات على تأثيرات ارتفاع درجة الحرارة بالمتوسط والتي أدت لتزايد الأسماك والأعشاب الاستوائية في مياهه.

يُشار إلى أن انتقال أسماك وأعشاب استوائية إلى شرق المتوسط ظاهرة معهودة منذ شق قناة السويس في مصر عام 1869. لكن هذه الأنواع تمثل اليوم 80% تقريبا من 550 صنفا دخيلا بحوض المتوسط.

وقال عدد من العلماء إن حرارة مياه المتوسط ارتفعت درجة واحدة خلال العقد الماضي. من جهة أخرى كشفت لجنة المتوسط أن درجة الحرارة ارتفعت في أعماق البحر بمعدل 0.3% درجة مئوية بين عامي 1985 و2000، وفقا لتحاليل أجريت عند مستوى مضيق جبل طارق.

وذكر مدير اللجنة فريديريك بريان أن الكائنات في المياه العميقة تتكيف مع درجات حرارة محددة بـ13 درجة مئوية "وهي غير معتادة على التقلبات المناخية الموسمية".

من جهته أكد الأستاذ بجامعة طنجة المغربية بوستة المومني أن ارتفاع مستوى البحر نتيجة ذوبان الثلوج تحت تأثير الحرارة بدأ في حوض المتوسط. وأضاف أنه خلال الستينيات كانت هناك نزعة هندسية لتشييد المباني على الشواطىء، وفي عدد كبير من المناطق غمرت المياه هذه المباني أو دمرتها نتيجة لارتفاع مستوى البحار.

وأوضح المومني أن ارتفاع الحرارة درجة واحدة عن المعدل الطبيعي يتسبب في امتداد مياه البحر إلى اليابسة عشرات الأمتار، قائلا إن الأسوأ آت لأن مناطق ساحلية ستختفي تماما مثل البحيرات الساحلية كما أن المنازل والمنتجعات على الشواطئ ستضرر.

مع ارتفاع الحرارة ستختفي مناطق وكائنات وتظهرأخرى

أفادت دراسة بأن ارتفاع درجة حرارة الأرض قد يغير من تركيب المناطق المناخية في العالم ويظهر مناطق جديدة بحلول عام 2100.وأضافت الدراسة التي عرضتها نشرة "ناشيونال أكاديمي أوف ساينس" أن التغير قد يساهم في اختفاء بعض المناطق المناخية القطبية والجبلية تماما وظهور أخرى غير معروفة من قبل في المناطق الاستوائية.

وقال المساهم الرئيسي في إعدادها جاك وليامز إنه عندما تختفي هذه المناطق المناخية فإن الحيوانات والنباتات التي تعيش فيها تصبح مهددة بخطر الانقراض.

وتوقعت الدراسة أنه مع ارتفاع الحرارة على الأرض -المتوقع أن يحدث بثماني درجات مئوية عند بعض خطوط العرض بحلول نهاية هذا القرن- ستتحرك المناطق المناخية بعيدا عن خط الاستواء وباتجاه القطبين.

وقال وليامز إن الدببة القطبية وأنواعا من عجول البحر التي تعتمد على الثلوج القطبية قد تكون ضمن السلالات المهددة بالانقراض بتحرك المناطق المناخية.وتوقعت الدراسة أيضا تشكل مناطق مناخية جديدة في أسخن جهات العالم مع اختفاء المناطق القطبية.وأرجعت ارتفاع الحرارة إلى تزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى مسببة ظاهرة الاحتباس الحراري

كما أفاد تقرير صدر في فبراير/شباط الماضي عن اللجنة الأميركية للتغيرات المناخية بأن الإنسان مسؤول بنسبة 90% عن ارتفاع حرارة الكوكب.

الاحتباس الحراري وسنينه

- صوبة العالم الزجاجية

- مستقبل البشرية في خطر

- احترار متنام أم جدل ممتد؟

من منا لم يتحرق ولم يتصبب عرقاً، ومن منا لم يتمن أن ينخلع من ملابسه، بل من بشرته الذاتية هرباً من حرارة هذه الأيام؟ من منا لم يستغرب تلعثم مناخ الأرض وتقلبه بغير نذير بين قيظ قاس وبرد قارس، وبين فيضانات غامرة وموجات جفاف حارقة، أو بين أعاصير جامحة وحرائق غابات مهلكة؟ ومن منا لم يتساءل.. ماذا حدث في هذه الدنيا؟ وما أسباب انقلاب المناخ علينا بهذا الشكل المفاجئ؟

التفسير الأوحد والأقرب لكل هذه الفوضى ولكل هذه العذابات، يتلخص في ظاهرة "الاحتباس الحراري"، أو احتباس الحرارة داخل غلاف الأرض الجوي ومن ثم سخونة سطحها بصورة غير اعتيادية.

هذه الظاهرة جديدة على المجتمع البشري، وإن لم تكن جديدة على كوكب الأرض، حيث طفت على السطح بقوة منذ بداية التسعينيات، وذلك عندما أصدرت الهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي IPCC وهي هيئة علمية تابعة للأمم المتحدة تقريراً رسمياً يشير إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل متنام، ويشير أيضاً إلى أن ذلك يشكل خطراً بالغاً على مستقبل البشرية، بل على مستقبل كوكب الأرض بأكمله.

ومنذ ذلك الحين والجدل والخلاف لم ينقطعا بين مشكك في حقيقة تلك الظاهرة وواقعية تداعياتها ومخاطرها المحتملة وبين مرجح لصحتهما، أو بين مؤيد للإجراءات المتخذة للحد منها وأهمها برتوكول كيوتو وآلياته المختلفة، وبين معترض على جدوى الحلول المقترحة وعلى تكلفتها الباهظة.

صوبة العالم الزجاجية

العالم في صوبة زجاجية كبيرة" وصف دقيق يلخص وضعية العالم الحالية ومعاناته التي أصبحت أزلية جراء ما يعرف بتأثير الصوبة الزجاجية، وهو أهم محفز على حدوث الاحتباس الحراري. فمن أهم صفات الصوبة الزجاجية، السماح بدخول أشعة الشمس الخارجية وتخزين جزء كبير منها دون السماح لها بالنفاذ ثانية، وهو ما يعني ارتفاع درجة الحرارة بشكل واضح داخل الصوبة مقارنة بالجزء المحيط بها، وهذا هو تماماً حال كوكب الأرض حالياً.

فالطبقة الداخلية لغلاف الأرض الجوي تبدو كأنها محاطة بطبقة أخرى عازلة من غازات "الدفيئة" تقوم بعمل زجاج الصوبة الزراعية، إذ تسمح هي الأخرى بدخول الإشعاع الشمسي ولا تسمح بنفاذ معظمه ثانية، مسببة بذلك احتباس الحرارة بالداخل ومن ثم انكواء جميع من بداخلها سواء كان إنساناً أو حيواناً أو غير ذلك بحرارة ذلك القيظ  القاسي.

وتعتبر غازات ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والميثان، والأوزون وأكاسيد النيتروجين ومركبات الكلورو فلورو كربون من أهم غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وإن كان الأول هو أهم هذه الغازات وأكثرها تأثيراً.

وعلى الرغم من أن وجود هذه الغازات، وبخاصة ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، ضروري للمحافظة على استمرار الحياة بشكلها الحالي، إذ بدونها قد تصل الحرارة على الأرض إلى ما دون 15 درجة تحت الصفر، إلا أن ممارسات الإنسان السيئة وأبرزها إزالة الغابات والمناطق الخضراء وتلويث البحار والمحيطات والإسراف في حرق النفط وبقية أنواع الوقود الحفري الأخرى، قد حولت هذه النعمة الصالحة إلى نقمة طالحة.

فقد أدت هذه الممارسات إلى زيادة إنتاج غازات الدفيئة، في الوقت الذي قل فيه معدل امتصاصها، لتتراكم على هذا النحو بكميات كبيرة وزائدة عن الحد في طبقات الجو، وهو ما أدى إلى تعاظم تأثير الصوبة الزجاجية وبالتالي حبس كميات إضافية من الحرارة زائدة عن الحاجة داخل الغلاف الجوي، مسببة في النهاية ظاهرة الاحترار العالمي Global Warming، المعروفة اصطلاحاً بظاهرة "الدفيئة" أو "الاحتباس الحراري".

وتشير القياسات العلمية بالفعل إلى ارتفاع الحرارة على سطح الأرض بما بين 0.4 و 0.8 درجة مئوية خلال الـ150 عامًا الماضية، وهذا بالتزامن مع ارتفاع مستوى انبعاثات غازات الدفيئة في الجو.

ورغم أن هذه الزيادة تبدو للوهلة الأولي طفيفة وغير مؤثرة، فإنها كافية في الواقع لاضطراب حركة التيارات والأمواج في البحار والمحيطات، وكافية أيضاً لتغير مسارات التيارات الهوائية وكميات السحب والثلج المتساقط وغيرها من العوامل المتحكمة في طبيعة المناخ العالمي.

من هنا لم يكن غريباً اقتران هذه الزيادة بارتفاع مستوى سطح البحر بين 10 و 20 سنتيمتراً، كما لم يكن غريباً اقترانها بتكرار ظهور موجات الحر والجفاف، وحرائق الغابات والفيضانات والأعاصير وذوبان أو انهيار الكتل الجليدية والصخرية، وغمر أجزاء من الأشرطة والمدن الساحلية بمياه البحر الطاغية، وهي كلها علامات واضحة تدل على تغير مناخ الأرض بصورة ملحوظة.

مستقبل البشرية في خطر

تستمر تلك النظرة التشاؤمية لأبعد من هذا، عندما تشير تقديرات لجنة الـIPCC الأممية، وكذلك معظم النماذج الرياضية المختصة في التنبؤ بحجم التغير المناخي المستقبلي، إلى أن الأرض ستتعرض - إذا ما ظلت انبعاثات غازات الدفيئة على وتيرتها الحالية– لارتفاع في درجة الحرارة مقداره أربع درجات في المتوسط بنهاية القرن الحالي.

وستتباين هذه الزيادة من منطقة جغرافية إلى أخرى، فمثلاً ستقتصر هذه الزيادة على درجتين مئويتين فقط في منطقة جنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية، بينما ستحظى منطقة الجزيرة العربية والشام وشمال أفريقيا، إضافة إلى أميركا بزيادة تتراوح بين 3 و 5 درجات مئوية، في حين أن منطقة مثل القارة القطبية الشمالية سترتفع فيها الحرارة بمقدار عشر درجات مئوية.

والسؤال البديهي الآن هو إذا كانت زيادة الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية قد سببت لنا تقلبات مناخية جامحة ومتاعب متزايدة بهذا الشكل، فما بالنا إذن بزيادة مقدارها أربع درجات كاملة؟ النتائج والتداعيات ستكون في الحقيقة كارثية، وسيصعب تحملها، لكن يجب على أي حال معرفتها والتوعية بها، لعل أن تكون في ذلك فائدة، أو لعله يعطينا تصوراً عن فداحة الخسارة المترتبة على إهمالنا وعدم مبالاتنا بحق البيئة المحيطة وبحق أنظمة الأرض الطبيعية، ومن تلك التداعيات:

- ذوبان أجزاء كبيرة من القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند، مما سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البحر بمقدار قد يصل إلى تسعة أمتار كاملة، وهو ما يعني غرق أجزاء كبيرة من الجزر الاستوائية والدلتاوات البحرية والمناطق الساحلية المنخفضة خاصة في شمال أوروبا وشرق أميركا ومصر وبنغلاديش والهند والصين.

- زيادة معدل انتشار الأمراض والأوبئة المستوطنة مثل الملاريا وحمى الضنك والتيفود والكوليرا بسبب هجرة الحشرات والدواب الناقلة لها من أماكنها في الجنوب نحو الشمال، وكذلك بسبب ارتفاع الحرارة والرطوبة ونقص مياه الشرب النظيفة.

-تدمير أو انخفاض إنتاجية بعض الموائل الطبيعية الحيوية، وعلى رأسها الشعاب المرجانية والغابات المدارية، وهي من أهم الموائل على ظهر الأرض ومن أكثرها عطاء للإنسانية، تتبع ذلك زيادة معدلات انقراض الكائنات الحية كنتيجة مباشرة لتدمير مثل هذه الموائل وعدم قدرة الكثير من كائناتها على التأقلم مع التغيرات الجديدة.

-زيادة نسبة الأراضي القاحلة وانخفاض الإنتاجية الزراعية كنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الجفاف وتأثر عدد كبير من المحاصيل الزراعية سلباً بتغير درجة الحرارة والمناخ.

-تغير أنماط الأمطار والثلوج وتيارات المحيطات وارتفاع ملوحة وحموضة مياه البحر، وما يتبع ذلك من زيادة موجات الجفاف وحرائق الغابات وحدة العواصف وغير ذلك من الاضطرابات المناخية المذكورة آنفاً.

ليس من المبالغة  إذن وصف هذه التداعيات بأنها مدمرة، وليس من قبيل المزايدة القول بأنها ستتسبب في رسم خريطة جديدة للكرة الأرضية، وللتوزيعات البشرية عليها. ولعل هذا ما دعا جموع العالم مؤخراً إلى الاجتماع على هدف واحد هو محاولة الحد من انبعاثات غازات الدفيئة ووقف ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومن أجل هذا صدقت بالفعل حوالي 141 دولة من بينها 12 دولة عربية على برتوكول كيوتو وآلياته المختلفة، وأبرزها ضريبة الكربون وتجارة الانبعاثات، رغم ما ينطوي عليه ذلك من ضرر لجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول.

احترار متنام أم جدل ممتد؟

إلى أي مدى يمكن أن تَصدُق تلك التوقعات المتشائمة؟ الحقيقة أن الأمر لا يخلو من جدل ومعارضة، فعلى الرغم من اتفاق عدد كبير من العلماء على حقيقة سخونة الأرض واحتمالية تعرض البشرية بالفعل لأخطار محدقة بسببها، فإن هناك علماء يرون غير ذلك، مستندين على نظرة تفاؤلية وعلى حقائق علمية ومؤشرات جدلية لا يمكن تجاهلها.

فبعض العلماء يرى مثلاً أن احترار كوكب الأرض قد يكون جزءاً من دورة مناخية طبيعية، ولا دخل للإنسان أو لغازات الدفيئة فيها، وبرهانهم على هذا مرور الأرض بحالة مماثلة من الدفء العالمي في فترة ما قبل الثورة الصناعية، أي قبل تنامي أنشطة الإنسان وقبل تلوث الجو بغازات الدفيئة، ومرورها أيضاً بحالة من البرودة النسبية خلال حقبة السبعينيات رغم استمرار تنامي الانبعاثات الغازية والملوثات الجوية في تلك الفترة، ويعني ذلك أن دفء الأرض قد ينقلب في أية لحظة برداً وسلاماً على كل ما عليها.

ويرتكز تفاؤل هؤلاء العلماء على حقيقة أن مناخ الأرض يتصف بالديناميكية والتغير وتؤثر فيه عناصر وعوامل كثيرة جداً، طبيعية وبشرية، مما يعني صعوبة التمييز بين إسهام الأنشطة البشرية في هذا التغيير وبين دور العوامل الطبيعية في إحداثه. كما يرتكز أيضاً على أن تزامن زيادة نسبة غازات الدفيئة وتكاثرها في الجو مع ارتفاع متوسط درجة الحرارة على الأرض لا يعتبر دليلاً ولا يكفي لكي نتهمها بالتسبب في حدوث الاحتباس الحراري.

بل إن هناك من العلماء من يذهب في تفاؤله إلى حد القول بأن التغير المناخي حتى لو تحقق لن يخلو من فوائد، منها مثلاً تحسن إنتاجية بعض الغابات والمحاصيل، وزيادة مصادر المياه، وتحسن حالة بعض الموائل الطبيعية، وغير ذلك من التقديرات المتفائلة.

بعد الاطلاع على أوجه هذا الجدل، يثور هنا أكثر من سؤال منطقي مثل: هل يجدر تطبيق المقولة "في اختلاف العلماء رحمة" هنا، والأخذ بها في هذه القضية؟ وهل من الأفضل الركون إلى تفاؤل بعض العلماء أم ينبغي النظر بعين الاعتبار لوجهة النظر المتشائمة؟

في تقديري أنه لا بأس هنا من بعض التشاؤم، لأن الركون إلى رحمة وراحة الاختلاف، والتمادي في التفاؤل والاسترخاء لن يخرجنا من المشكلة ولن يجنبنا أخطار ومضار تبدو فعلاً محدقة، وهذا ببساطة لأن سخونة سطح الأرض بغض النظر عن أسبابها ودور غازات الدفيئة فيها، أو عن كونها ظاهرة طبيعية أو ذات خلفية بشرية، هي الحقيقة الوحيدة المتفق عليها والتي تبدو مؤكدة في هذه القضية، مما يعني أن استمرارها أو تناميها قد يحفز فعلاً على حدوث تغيرات مناخية، لا يعلم مداها إلا الله.

كما أن الثابت أيضاً أن مشكلة الاحتباس الحراري تفوق في حجمها وخطورتها أي مشكلة أخرى تهدد العالم حالياً، بل تفوق مشكلة الإرهاب الدولي حسب رأي السير ديفد كينج، كبير المستشارين العلميين في الحكومة البريطانية، وذلك لأنها تحصد في كل يوم بل في كل ساعة آلاف الأرواح والمنشآت بسبب ما ينتج عنها من فيضانات وأعاصير وموجات جفاف وحرائق غابات، وتداعيات أخرى يصعب حصرها.

وهذا يعني أن الخطر هنا مشترك، وأنه لا توجد منطقة في العالم بمنأى عن مخاطر تلك المشكلة. لذا فإنه يجب تكاتف الجميع والعمل جدياً من أجل حلها والحد من تداعياتها.

لقد جفت حلوق علماء البيئة وجماعات الخضر لكثرة الحديث عن أضرار التلوث، وأهمية المحافظة على أنظمتنا البيئية، وجدوى التنمية المستدامة، وغيرها من المبادئ البيئية المحافظة، لذا نحسب أننا لن نزيد على هذا ولن نقدم جديداً مهما قلنا.

ومع ذلك لا ينبغي الكف عن التذكير بأن ما ننفثه اليوم من غازات وملوثات ضارة، قد نجنيه غدا كوارث وتغيرات مهلكة. الأمر إذن واضح، ولا يحتاج إلى مزيد من الشرح أو التعليق، فهل نعقلها ونتوكل؟

الاحتباس الحراري وأجندة الصراع العسكري العالمي

ان تداعيات أزمة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، لم تتوقف مشكلة التأثير سلباً على ظواهر المناخ والطقس والبيئة الطبيعية، بل امتدت تأثيراتها إلى التوازنات والتفاعلات الجيو- سياسية العالمية والدولية، وقد انتقلت عدوى أزمة الاحتباس الحراري العالمي إلى مجال العلاقات الدولية والصراع الدولي، وذلك على النحو الذي أدى إلى نزاع روسي- أمريكي، حول السيطرة على القطب الشمالي.

* طبيعة الأزمة الجديدة.. من البيئة إلى السياسة:

أدى الاحتباس الحراري العالمي إلى الارتفاع المضطرد في معدلات درجات الحرارة في سائر أنحاء العالم، وقد ترتب على ذلك ذوبان الجليد، وعلى وجه الخصوص في منطقة القطب الشمالي، الأمر الذي أدى بدوره إلى انكشاف الغطاء الجليدي عن سطح الأراضي المرتفعة الموجودة في منطقة بحر اركتيك على الجانب المجاور لأراضي روسيا.

الأزمة السياسية بين روسيا وأمريكا نشأت حول من هو الأحق بالسيطرة على هذه الأراضي، وبكلمات أخرى ضمن نطاق إي مجال سيادي يجب أن يتم تضمين هذه الأراضي: مجال السيادة الروسية أم مجال سيادة الولايات المتحدة الأمريكية؟

ينظر المراقبون وخبراء النظام الدولي، إلى أن المعركة الروسية- الأمريكية الدائرة حالياً حول أركتيك، تمثل في حقيقة الأمر إحدى مكونات أجندة الصراع العسكري العالمي المتعلقة باحتلال الأراضي والسيطرة وفرض النفوذ عليها.

* معاهدة الأمم المتحدة حول القانون البحري وتعميق الأزمة:

رفضت الولايات المتحدة الأمريكية الالتزام بقواعد وبنود معاهدة الأمم المتحدة حول القانون البحري، والتي ظلت روسيا وكندا تلتزمان بها باعتبارهما الدولتين المجاورتين للقطب الشمالي، وأما الولايات المتحدة الامريكية، فقد لجأت إلى تخطي هذه المعاهد والتصرف من جانب واحد واستخدمت وجود ساحل منطقة الاسكا المقابل للقطب الشمالي كذريعة للتدخل ومحاولة فرض النفوذ على المنطقة.

يقول الخبراء بأن ساحل منطقة الاسكا الأمريكية بعيد نسبياً عن القطب الشمالي، وحتى إذا تم التسليم جدلاً بأنه له شريط ساحلي في مواجهة القطب الشمالي فهو شريط ضيق.

* الموقف الروسي- الأمريكي وإشكالية توازنات الصراع:

تستند كل دولة على ذرائع خاصة تتمسك بها في دعم وإسناد موقفها:

- الموقف الأمريكي: يرى الأمريكيون بأن أراضي القطب الشمالي التي ظهرت بسبب ذوبان الجليد لا تتبع لأي نطاق سيادي، وبالتالي فإن معيار تبعيتها السيادية هو أمر مفتوح لكل دول العالم، وفقد يتوقف على من يقوم أولاً ويستبق الآخرين في الإعلان عن السيادة، وبناء على ذلك يرى الأمريكيون بأن مناطق القطب الشمالي قد تم اكتشافها بواسطة المكتشفين الأمريكيين الذين كانوا أول من وصل إلى هذه المنطقة، ولما كانوا يحملون العلم الأمريكي فإن ذلك دلالة على أن السيادة على هذه المناطق هي لأمريكا وحدها.. ومن أبرز المكتشفين الأمريكيين الذين وصلوا إلى القطب الشمالي نجد فريدريك البيرت كوك الذي تمكن في عام 1908 من الوصول إلى القطب الشمالي، وأيضاً المهندس روبرت ادوين التابع لأسطول البحرية الأمريكية، والذي وصل إلى القطب الشمالي في 6 نيسان 1909م، وغيرهم..

- الموقف الروسي: يقول الروس بضرورة تبعية أراضي اركتيك إلى روسيا، وذلك لجملة من الأسباب أبرزها:

أ‌- ان روسيا هي صاحبة أطول خط ساحلي مقابل لمنطقة اركتيك.

ب‌-  يقطن بالقرب من منطقة أركتيك حوالي 400 ألف روسي، بينما لا يقطن أي أمريكي في المنطقة الصغيرة المقابلة لأركتيك.

ت‌-  في حالة ذوبان الجليد بشكل كامل، فإن أراضي منطقة اركتيك سوف تتصل مباشرة مع الأراضي الروسية، وبالتالي، فإن أراضي اركتيك هي جزء مكمل للأراضي الروسية، طالما أن ذوبان الجليد يؤكد مادياً بأنها جزء مكمل لا يتجزأ من الجرف القاري للأراضي الروسية وامتداداتها داخل البحر، والقانون البحري الدولي ينص على تبعية كل الأراضي مباشرة لأراضي الدولة إذا ثبت أن الأراضي البحرية الجديدة تشكل امتداداً للجرف القاري.

الصراع حول منطقة اركتيك، تتزايد حدته أكثر فأكثر، وذلك بسبب دخول المزيد من الأطراف الدولية الجديدة، وقد أصبحت أطراف الصراع بالإضافة إلى روسيا وأمريكا تتمثل في: كندا، الدانمارك، ومن المتوقع قريباً دخول السويد والنروج.

* مزايا منطقة اركتيك:

تمتلك منطقة القطب الشمالي عموماً، ومنطقة اركتيك التابعة لها على وجه الخصوص الكثير من المزايا الخاصة، والتي جعلت منها أحد المناطق العالمية ذات الأهمية الخاصة الفائقة الحساسية في فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا.

- توجد الكثير من الغواصات النووية الروسية والأمريكية في هذه المنطقة.

- توجد الكثير من القواعد النووية الروسية والأمريكية في المناطق الساحلية الروسية المقابلة لهذه المنطقة، وفي منطقة الاسكا الأمريكية التي تعتبر الأقرب أمريكيا بالنسبة للأراضي الروسية.

- على أساس اعتبارات الصراع الصاروخي الباليستي، فإن أي حرب صاروخية أمريكية- روسية، سوف تعتمد بشكل أساسي على مدى نجاح مدى إدارة الهجمات وتبادل الردع والردع المضاد عبر منطقة اركتيك، وذلك لأن أقرب مسافة بين الأراضي الروسية والأراضي الأمريكية تمر عبر منطقة أركتيك.

المعلومات تؤكد وجود كميات هائلة من مخزونات النفط والغاز في هذه المنطقة، وبسبب قرب هذه المنطقة من الأراضي الروسية، ومن الأراضي الكندية، ومن الأراضي الأمريكية، فقد تحرك نهم الشركات الأمريكية النفطية الكبرى باتجاه دفع الإدارة الأمريكية من أجل القيام بأي طريقة بإكمال عملية السيطرة ووضع اليد على منطقة اركتيك.

ويقول الخبراء بأن الصراع بهذه الطريقة على منطقة أركتيك ستترتب عليه سابقة خطيرة للغاية في القانون البحري الدولي، وذلك لأن سابقة (وضع اليد) سوف تتيح لأمريكا القيام بالكثير من عمليات وضع اليد الأخرى في العالم، وبالذات في الجزر النائية الصغيرة المنتشرة في مختلف بحار ومحيطات العالم، وذلك على النحو الذي يمكّن الولايات المتحدة من تحويل هذه الجزر إلى قواعد عسكرية نووية جوية وبحرية، على غرار ما حدث في جزيرة دييغو غارسيا الموجودة في المحيط الهندي، وهو أمر سوف يؤثر كثيراً على الميزان العسكري الاستراتيجي العالمي والدولي.

وستشهد المحيطات وما يقطنها من كائنات تغيرات بالغة بصورة لا رجعة عنها بسبب الاحتباس الحراري وتغير المناخ الشامل. ويشير العلماء الى ان ارتفاع درجة حرارة الارض سيرفع من مستويات سطح البحر بسبب ارتفاع حرارة مياهه وذوبان الجليد القطبي، ما سيغير حركة التيارات البحرية.

 التيارات البحرية

المياه في محيطات عالمنا دائمة الحركة – تسحبها حركات المد والجزر وتدفعها الأمواج وتدور ببطء حول الكرة الارضية بقوة "الحزام الكبير الناقل لحركة المحيط" (والمسمى ايضا "الدوران المدفوع بالتباين الحراري والملحي في المحيط"). ويستمد "ناقل الحركة" قوة التشغيل من التفاوت في مستويات حرارة المياه وملوحتها، واكثر عناصره شهرة "تيار الخليج" (تيار سطحي تدفعه الرياح) الذي يؤمن لاوروبا مناخا معتدلا نسبيا. بالاضافة الى تدفئة اوروبا والدور الهام الذي يلعبه في المناخ العالمي، يعمل "ناقل الحركة" على دفع المياه الغنية بالمواد الغذائية من قاع المحيط الى السطح بفعل المغذيات القاعية في المحيط، كما يزيد من امتصاص المحيط لثاني اكسيد الكربون.

المشاكل المحتملة

تحذر دراسات مقلقة اجريت مؤخرا من امكانية وجود دليل على ان سرعة دوران "ناقل الحركة" تتباطأ فوق سلسلة الجبال البحرية الممتدة بين اسكتلندا وغرينلاند. وفي حين يبدو ان "ناقل الحركة" كان يعمل بشكل موثوق نسبيا خلال عدة الاف من السنين، الا ان فحص عينات الالباب الجليدية من غرينلاند والقطب الجنوبي يوضح ان الامر لم يكن دائما على هذا النحو. في الماضي السحيق، ارتبطت التغيرات التي طرأت على "ناقل الحركة" بحدوث تغير مفاجئ في المناخ.

بايجاز، ان تخفيف ملوحة مياه المحيط - من خلال ذوبان جليد القطب الشمالي (مثل طبقة جليد غرينلاند) و/أو زيادة كمية المياه المتساقطة – قد يوقف أو يقلل من سرعة "ناقل الحركة" أو يحول اتجاهه. وسيؤدي هذا التبريد المفاجئ الى تدمير شامل للزراعة والمناخ في اوروبا وسيؤثر على التيارات البحرية الاخرى ودرجات الحرارة حول الكرة الارضية.

ارتفاع مستوى سطح البحر

من المتوقع في خلال مئة عام حدوث ارتفاع لمستوى سطح البحر في العالم يتراوح بين 9 و88 سنتم وذلك بسبب غازات الدفيئة الاضافية التي تسبب الاحتباس الحراري والتي تسببنا في اطلاقها في الماضي وسنوطلقها في المستقبل. كما سيحدث ارتفاع مماثل تقريبا بسبب ذوبان الجليد القطبي والتمدد الحراري للمحيطات (المياه تتمدد عند ارتفاع حرارتها).

وسيؤدي هذا الارتفاع المتوقع والمعتدل نسبيا في مستوى سطح المحيطات الى دمار هائل. ان الاضرار الناجمة عن العواصف وفيضان البحر على السواحل، وتأكل السواحل وتلوث مصادر المياه العذبة والمناطق الزراعية بالمياه المالحة واغراق المستنقعات الساحلية والجزر الحاجزة، وزيادة ملوحة مصبات الانهار، ستحدث نتيجة ارتفاع بسيط في مستوى البحر. كما ستتأثر بعض المدن والقرى المنخفضة بهذا الارتفاع الذي سيهدد ايضا الموارد الاساسية لسكان الجزر والسواحل كالشواطئ وموارد المياه العذبة ومصائد الاسماك والجزر المرجانية ومواطن الحيوانات البرية.  

الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي الغربي

منذ أربع سنوات فقط، كان من الممكن عموما القبول بأن الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي الغربي ثابتة، إلا أن حدوث ذوبان مفاجئ في المنطقة يحمل العلماء على إعادة التفكير في هذه الفرضية. 

  في عام 2002، تفككت طبقة الصخور الجليدية "لارسن بي" في أقل من شهر وكانت تزن 500 مليار طن وتغطي مساحتها ضعفي مساحة لندن العظمى. في الواقع لم يسهم ذلك مباشرة في رفع مستوى البحر لان الكتلة الجليدية ظلت عائمة، لكن تفككها شكل رسالة تذكيرية مؤسفة بتأثيرات ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة. عام 2005، نشر "المعهد البريطاني لدراسات القطب الجنوبي" نتائج تشير إلى أن 87% من الأنهار الجليدية على شبه جزيرة القطب الجنوبي قد تراجعت خلال الخمسين عاما الماضية. وفي السنوات الخمس المنصرمة فقدت الانهار الجليدية المتضائلة ما معدله 50 م منها كل عام.

 ومن المحتمل أن يسهم ذوبان الطبقة الجليدية للقطب الجنوبي الغربي في ارتفاع مستوى سطح البحر بستة أمتار اضافية. وعلى الرغم من انخفاض احتمالات حدوث ذلك كما ورد في تقرير التقييم الثالث للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إلا أن الأبحاث في الآونة الأخيرة تشير إلى وجود دليل جديد على حدوث ذوبانات جليدية ضخمة من الطبقة الجليدية.  تحتجز الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي كمية من المياه تكفي لرفع مستويات سطح البحر في العالم بمقدار 62 متر.

الانهار الجليدية في غرينلاند

في يوليو من عام 2005، قام العلماء على متن سفينة غرينبيس "أركتيك سنرايز" باكتشاف مذهل – وهو اكتشاف الدليل على أن الأنهار الجليدية في غرينلاند آخذة في الذوبان بمعدل جديد غير مسبوق. إنه مجرد دليل آخر على أن تغير المناخ لم يعد أمرا يلوح في الأفق، فقد وصل بالفعل إلى عتبات بيوتنا، وإن كنت تعيش في مدينة ساحلية فلن يكون هذا الكلام بالنسبة لك صورة مجازية على الاطلاق.

أشارت النتائج إلى أن النهر الجليدي "كانجاردلوجساج" في الساحل الشرقي لغرينلاند قد يكون من أسرع الأنهار الجليدية تدفقا في العالم حيث تكاد تصل سرعته إلى 14 كلم في السنة. وتم اجراء القياسات باستخدام نظام تحديد  الموقع الشامل (جي بي أس) البالغ الدقة. كما تقلص النهر الجليدي فجأة حوالى خمسة كلم منذ العام 2001 بعد ان حافظ على موقعه طوال السنوات الاربعين الماضية.

تحتجز الطبقة الجليدية الضخمة في غرينلاند أكثر من 6% من إمدادات العالم من المياه العذبة، وهي آخذة في الذوبان بوتيرة أسرع مما كان متوقعا. وإذا ما ذاب جليد غرينلاند بأكمله، فسوف يرفع مستويات سطح البحر حول الكرة الأرضية بنحو 20 قدم. وحتى ارتفاع مستوى سطح البحر بنسبة تتراوح بين أربعة وخمسة أقدام قد يؤدي الى فيضانات في المناطق المنخفضة من مدن مثل نيويورك وأمستردام والبندقية وبنغلادش.

إن الانحسار المقلق للنهر الجليدي "كانجاردلوجساج" يشير إلى أن الطبقة الجليدية في غرينلاند قد تكون آخذة في الذوبان بأكملها بشكل أسرع بكثير مما كان يُعتقد من قبل. فقد افترضت كافة التوقعات العلمية الراهنة الخاصة بظاهرة الاحتباس الحراري أن تكون معدلات ذوبان الجليد أقل من ذلك. ويشير هذا الدليل الجديد الى ان التهديد الكامن في الاحتباس الحراري اكبر بكثير واكثر الحاحا مما كان يعتقد من قبل.

خسارة المواطن

يؤثر الارتفاع في درجات الحرارة على سائر السلسلة الغذائية البحرية. على سبيل المثال، العوالق الطافية التي تتغذى عليها القشريات الصغيرة بما فيها قشريات الكريل تنمو تحت الجليد البحري. بالتالي، أي تقلص في الجليد البحري يعني ضمنيا تراجع اعداد الكريل – وهي غذاء مهم لأنواع كثيرة من الحيتان بما في ذلك الحيتان الضخمة. 

عند ارتفاع درجات الحرارة تجنح الحيتان والدلافين الى الشاطئ، كما تتعرض الحيتان الضخمة الى خطر فقدان اماكن غذائها في المحيط المتجمد الجنوبي بسبب ذوبان وانهيار طبقات الجليد البحرية. الى ذلك تمسي كافة الانواع البحرية الى مهددة مباشرة حيث يتعذر عليها ان تحيا في مياه ارتفعت درجة حرارتها. على سبيل المثال، تراجعت اعداد البطريق بنسبة 33% في بعض انحاء القطب الجنوبي بسبب انحسار مواطنها. كما يؤدي ارتفاع حرارة المياه الى مضاعفة خطر اصابة الكائنات بالامراض.

ممثلو 200 دولة يناقشون تغير المناخ

يجتمع ممثلون عن حوالي 200 بلد في مدينة بون الألمانية لمناقشة الخطوات التالية الواجب اتخاذها لمعالجة قضية تغير المناخ.

وقال المنظمون إن النقطة الرئيسية التي سيركز عليها المؤتمر الدولي، الذي تنظمه الأمم المتحدة، ستكون عما سيحدث عندما ينتهي مفعول "بروتوكول كويوتو" الذي يضع إطارا لمعالجة قضية انبعاث الغازات فيما بات يعرف بظاهرة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتأمل الدول الأوروبية أن توافق كل من الولايات المتحدة واستراليا، اللتان لم توقعا على البروتوكول، على تخفيض انبعاثات الغازات في بلديهما في إطار اتفاق جديد.

والتحدي الآخر أمام المؤتمر هو إمكانية انضواء الأمم الأكثر غنى مع الدول التي تمر في طور النمو الاقتصادي كالصين والهند والبرازيل والمكسيك في إطار اتفاق جديد لمعالجة التغير المناخي.

كما سيناقش المؤتمر، الذي يستمر لمدة أسبوعين، الاستخدام الأوسع للطاقة المتجددة والتقنيات المستخدمة في تطوير الوقود النظيف كطاقة بديلة.

وكان خبراء شاركوا في مؤتمر قمة دولي حول التغير المناخي نظمته الأمم المتحدة في العاصمة التايلادية بانكوك قد أكدوا أنه بالامكان الحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري دون أن يدفع الاقتصاد ثمنا باهظا لهذا الأمر.

وقال الخبراء ان تشجيع استخدام الطاقة الالمتجددة والحد من ذوبان الجليد وتحسين فعالية الطاقة، كل ذلك بامكانه المساهمة في تحقيق الهدف المنشود.

وقال مدير الهيئة الدولية للتغير المناخي، راجندرا بشاوري، ان التقرير الذي صدر عن المؤتمر كان "رائعا"، وأضاف قائلا للصحفيين في مؤتمر عقد في بانكوك:"على المجتمع الدولي أن يبحث عن وسائل لتغيير نمط الاستهلاك".

ويضيف التقرير انه في حال الرغبة في تجنب تغييرات مناخية دراماتيكية يجب أن يصل مستوى اتبعاث الغازات الى قمته ويبدأ بالتضاؤل في خلال عقد أو عقدين.

وقد ارتفع معدل انبعاث الغازات المسببة للانبعاث الحراري بمعدل 70 في المئة منذ عام 1970 وسيزداد بمعدل يتراوح ما بين 25-90 في المئة في السنوات الخمس والعشرين القادمة اذا لم تتخذ اجراءات للحد من ذلك.

وستكون الزيادة ناجمة عن الاستمرار في استخدام الوقود النظيف كمصدر رئيسي للطاقة في العالم.

ويبلغ التركيز الحالي لثاني أكسيد الكربون في الجو 452 وحدة بالمليون.

يذكر ان تقييم تأثير تركيز ثاني أكسيد الكربون على المناخ ليس علميا دقيقا، ولكن الكثير من العلماء يعتقدون ان المحافظة على مستوى ثاني أكسيد الكربون في الجو بنسبة 420 وحدة في المليون هو شيء ضروري اذا رغبنا في ابقاء معدل الارتفاع الحراري الكوني تحت معدل 2 درجة مئوية وبالتالي تجنب التغيرات المناخية الكبرى.

ألمانيا تعلن «الحرب» على الاحتباس الحراري

دقّت ألمانيا ناقوس الخطر الدولي وبدأت حربها ضدّ الاحتباس الحراري، من خلال تحضير أكبر وأشمل استراتيجية لمواجهته، وخصوصاً أنّ طلائعه وتحولاته غير المسبوقة بدأت تهدّد الكائنات الحيّة على كوكب الأرض. صيف القارّة الأوروبية يتحوّل إلى شتاء، والأمر نفسه في بقيّة القارات، بالإضافة إلى تباشير انقراض بعض الحيوانات وقسم من النباتات، وربما أمراض غير مسبوقة بدأت معالمها وسمومها الخطيرة منذ اليوم تظهر داخل جسم الإنسان

في الأسبوع الماضي، توجّهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برفقة وزير البيئة زيغمار غابريال إلى منطقة «غرينلاند» في القطب الشمالي، وهي المنطقة المصنّفة بأنّها تمثّل «الخطوط الأمامية» على جبهة الحرب ضدّ تحوّلات المناخ والبيئة. وجاء في إعلان مكتب المستشارية الألمانية ما يفيد بأن الحرب ضدّ الاحتباس الحراري بدأت، عبر الجولة التفقّديّة الأولى. إذ «شاءت المستشارة الاطّلاع عن كثب ومباشرة على تغيّرات المناخ وعلى خطر التبدّل الحراري على كوكب الأرض وانعكاساته على الحياة».

ويشير مكتب المستشارية إلى أنّ القطب الشمالي وتحديداً مدينة «إيلوليسات» لم تعد منطقة سياحية جذّابة للتمتّع بانفجار الصخور الجليدية والتقاط صورها متساقطة تذوب في البحيرات، بل تحوّلت في نظر علماء البيئة والمناخ إلى «المنطقة صفر» التي تتهدّد الحياة الإنسانية بأكملها على كوكب الأرض في حال عدم اتّخاذ إجراءات سريعة لتطويقها.

ويؤكّد تقرير اللجنة الدولية للبيئة (أيه بي سي سي) أنّ الفترة الزمنية الباقية لمواجهة تحدّيات البيئة والمناخ ومنع ذوبان الثلوج في القطب الشمالي، لا تتجاوز 15 عاماً، فيما تلفت الدائرة الأميركية للمناخ الدولي التابعة لـ«الوكالة الوطنيّة للفضاء والطيران» (ناسا)، إلى أنّ «غرينلاند» تخسر سنوياً 220 كيلومتراً مربعاً من الثلوج، أي ما يعادل ضعف الكمية التي كانت تخسرها في عام 1996.

كما تكشف تقارير منظّمة «يونسكو» في الأمم المتحدة أنّ سرعة ذوبان الجليد في القطب الشمالي هي بمعدل 20 متراً في اليوم الواحد. ويقول كثير من العلماء إنّ «الذوبان» في «غرينلاند» والقطب الجنوبي سيرفع في العقود المقبلة منسوب مياه البحر، ما سيهدّد المدن الكبرى بالغرق، من طوكيو إلى نيويورك وصولاً إلى الجزر المرجانية المنخفضة في المحيط الهادي. وبنظر وسائل الإعلام الألمانية، فإنّ «انعكاسات حرب المناخ على الإنسان ليست موضوعاً علمياً نظرياً بحتاً، بل باتت تطال القرّاء، حيث باتوا يشعرونها في أجسامهم».

وكان عام 2005 قد سجّل أعلى درجة حرارة منذ بدء عمليات الرصد الجوي. وكانت للسياسات العالمية للدول الصناعية أثر في تفاقم هذا الوضع. فعلى سبيل المثال، عملت إدارة الرئيس الأميركي بوش على عرقلة تطبيق القرارات المتعلّقة بخفض الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، في ظلّ انبعاث ربع كميّتها من الولايات المتحدة وحدها.

الصندوق الأخضر" لإنهاء الاحتباس الحراري

أنفقت أغنى شركات العالم مليارات الدولارات، واستعانت بأرقى العقول لحل مشكلة انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض المعروفة باسم “الاحتباس الحراري” ثم جاء ثلاثة من العاملين في مزارع الاسماك ليقولوا ببساطة انهم وجدوا حلاً لهذه المعضلة.

طور المزارعون الثلاثة صندوقا يقولون انه يمكن ان يثبت أسفل السيارة بدلا من كاتم العوادم، ليقوم بحبس الغازت المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بما في ذلك ثاني اكسيد الكربون وأكاسيد النتروجين ولا يخرج هذا الصندوق أكثر من بخار ماء. وبعد ذلك يمكن معالجة الغازات المحبوسة في الصندوق لإنتاج وقود حيوي عن طريق استخدام طحالب معدلة جينياً.

ويقول مخترعو تكنولوجيا “الصندوق الاخضر” التي طورها خبير الكيمياء العضوية ديريك بالمر والمهندسان ايان هوستون وجون جونز انها يمكن ان تستخدم في السيارات والحافلات والشاحنات وفي نهاية المطاف في المباني والصناعات الثقيلة بما في ذلك محطات الطاقة.

وقال بالمر الذي عمل مستشاراً لمنظمات منها منظمة الصحة العالمية لرويترز “تمكنا من تطوير طريقة تمتص بنجاح غالبية الانبعاثات من أقذر المحركات التي عثرنا عليها”.

طرأت فكرة الاختراع للثلاثة حين كانوا يجرون تجارب على ثاني أكسيد الكربون لزيادة نمو الطحالب في مزرعة أسماك وكونوا شركة اسمها “مايس انتوريو” المحدودة وهي عبارة بلغة أهل ويلز يمكن ترجمتها الى “مغامرات ميدانية”. وبمساندة ممثلي ويلز في البرلمان يسعى المخترعون الثلاثة للحصول على رأسمال مخاطر من الحكومة او الصناعة ويقولون ان الانبعاثات الوحيدة التي قد لا يستطيع صندوقهم الاخضر التعامل معها هي عادم الطائرات.

وعلى الرغم من ان حجم الصندوق الاخضر الذي صنعه الثلاثة لعرض فكرتهم يقترب من حجم مقعد صغير بلا ظهر الا انهم يقولون انه يمكن تصنيع صندوق أصغر يركب بدلاً من كاتم العوادم في السيارة يمكنه استيعاب وامتصاص الغازات المنبعثة من احراق كمية البنزين الموجودة في خزان السيارة بالكامل.

ويقول هوستون ان الجانب الحاسم في هذه التكنولوجيا هي امتصاص وحبس ثاني اكسيد الكربون في حالة آمنة. فالتكنولوجيات الاخرى لحبس الكربون هي أكثر تعقيدا وقد تحتاج على سبيل المثال لخطوط انابيب طويلة يقدر طولها بالكيلومترات لنقل الغاز.

وقال هوستون خلال عرض للاختراع باستخدام مولد يعمل بوقود الديزل في مركز لاختبار الانبعاثات الغازية تابع لوزارة النقل البريطانية “يمكن التعامل مع ثاني اكسيد الكربون المحتجز في حالة آمنة غير فعالة ونقله ثم اخراجه في بيئة محكومة بسهولة وبأقل قدر من الطاقة المطلوبة”.

ويقول المخترعون الثلاثة انهم اجروا 130 اختباراً على مدى عامين في مراكز اختبار عدة وان معدل النجاح في حبس الغازات تراوح فيها بين 85 و95 في المائة. وعرض الثلاثة “الصندوق الاخضر” على ديفيد هانسن النائب البرلماني لشمال ويلز الذي ينتمي لحزب العمال الحاكم في بريطانيا والذي يساعدهم الآن على الترويج لاختراعهم.

سيدني تطفئ أنوارها لوقف الاحتباس الحراري

تم في العاصمة الأسترالية سيدني إطفاء جميع الأنوار في المدينة لمدة ساعة واحدة وذلك للدعوة إلى تخفيف استهلاك الطاقة في أستراليا، وبالتالي الحد من تأثير الاحتباس الحراري.

وقال كلوفر مور، محافظ المدينة، إن سيدني تطالب جميع سكانها التفكير بأي طريقة يمكن تنفيذها للحد من الاحتباس الحراري، وذلك بعد أن طلب من جميع موظفيه إطفاء الأنوار غير الضرورية والتي تزيد من استهلاك الطاقة.

ويأمل المنظمون أن يبدأ الناس بالتفكير مليا بطرق جديدة لتوفير الطاقة، عبر إطفاء جميع الأنوار والأجهزة التي لا يحتاجونها في بعض الأوقات، حيث أنه من المتوقع أن يخف استهلاك أستراليا للطاقة بعد هذه الإجراءات بنسبة خمسة في المائة خلال العام الجاري.

وكانت عدد من الدراسات التي أجرتها جامعة نيوساوث ويلز الأسترالية قد أظهرت أن الأستراليين هم الأكثر استهلاكا للطاقة عالميا، وأن الاستمرار في هذا النمط من الاستهلاك قد يرفع من درجة الحرارة في أستراليا 6.7 درجات بحلول عام 2080.

تقرير للأمم المتحدة يدق ناقوس الخطر الحراري

أفادت مسودة تقرير للامم المتحدة ان مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري لن تكون باهظة التكاليف ولكن الحكومات لا تملك الوقت الكافي لتجنب ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات خطيرة.

وتشير مسودة التقرير الذي سيصدر في بانكوك في الرابع من مايو أيار المقبل الى أن درجات الحرارة في طريقها للارتفاع درجتين مئويتين فوق المعدل الذي كانت عليه قبل الفترة الصناعية وهو المستوى الذي يعتبره الاتحاد الاوروبي بداية لتغير "خطير" في الطبيعة.

وطرح التقرير وهو الثالث الذي تصدره الامم المتحدة في العام الجاري لتقديم ارشادات لصناع السياسات تصورين لمواجهة ظاهرة الاحتباس في العالم أفاد خلالهما أن تكاليف خفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري قد تعني خسارة 0.2 أو 0.6 في المئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول 2030.

وتشير بعض النماذج الى أن اجراءات مثل رفع كفاءة احتراق الوقود الاحفوري مثل النفط والفحم قد يؤدي الى دفعة بسيطة للاقتصاد العالمي.

وأفاد النموذج الاكثر تشددا أن مطالبة الحكومات بضمان خفض انبعاثات الغازات المسببة للظاهرة خلال 15 عاما سيكلفها ثلاثة بالمئة من اجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2030.

وجاءت استنتاجات التقرير لتؤيد ما جاء بتقرير أصدره في العام الماضي كبير الخبراء الاقتصاديين سابقا في البنك الدولي نيكولاس ستيرن الذي قدر تكاليف تنفيذ اجراءات فورية لإبطاء الظاهرة بنحو واحد في المئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي مقارنة بنسبة قد تصل من 5 الى 20 في المئة في حالة تأجيل مواجهة الظاهرة.

وقالت مسودة التقرير ان هناك امكانية لتحقيق "مكاسب اقتصادية كبيرة" من خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وخاصة الناتجة عن احتراق الوقود الاحفوري بما يكفي "لخلق موازنة مع زيادة الانبعاثات العالمية أو خفض الانبعاثات أقل من مستوياتها الحالية".

وقال تقرير (الحد من آثار تغير المناخ) ان الوقت بدأ في النفاد. وأضاف أن "جهود الحد من اثار تغير المناخ خلال العقدين أو الثلاثة عقود المقبلة ستحدد الى حد كبير متوسط زيادة درجات الحرارة في العالم والاثار المصاحبة التي يمكن تجنبها".

وانسحب الرئيس الامريكي جورج بوش من اتفاقية كيوتو وهي خطة وضعتها الامم المتحدة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري حتى عام 2012 بدعوى التكاليف الباهظة لخفض الانبعاثات واستثناء الدول النامية من الاتفاقية حتى عام 2012.

وتوقعت دراسة رسمية أمريكية أن الالتزام بالاتفاقية قد يكلف الولايات المتحدة نحو 4.2 في المئة من اجمالي ناتجها المحلي بحلول عام 2010. وستدرس مجموعة الثماني الصناعية تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في قمة تعقد في يونيو حزيران المقبل.

وقال التقرير ان خفض الانبعاثات سيكلف العالم 0.2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2030 استنادا على استقرار تركيز مستويات الانبعاثات عند 650 جزء من المليون في الهواء الجوي بحلول عام 2030 وهي نسبة أعلى من النسبة الحالية وهي 430 جزءا من المليون.

وتشير "أفضل تقديرات" الامم المتحدة الى ان ذلك قد يؤدي لارتفاع درجات الحرارة بمعدل 3.2 الى 4.0 درجات مئوية فوق المستوى الذي كانت عليه قبل الفترة الصناعية.

وينص السيناريو الأسوأ والذي يشمل انخفاضا قدره ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي لخفض نسبة الانبعاثات بين 445 و535 جزء من المليون بحلول عام 2030 مع ارتفاع محتمل في درجات الحرارة من 2 الى 2.4 درجة مئوية.

وارتفعت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 70 في المئة في الفترة بين عامي 1970 و2004 ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة تتراوح بين 25 و90 في المئة بحلول عام 2060 من عام 2000 بدون قيود جديدة بفعل ارتفاع معدلات النمو في الدول النامية مثل الصين والهند.

وسيمثل هذا نقلة في توزيع الانبعاثات في العالم. ففي عام 2000 كانت الدول الغنية التي يعيش فيها 20 في المئة من تعداد سكان العالم مسؤولة عن 46 في المئة من الانبعاثات.

وتوقع تقرير اخر للامم المتحدة بشأن الاثار الاقليمية لتغير المناخ صدر في السادس من الشهر الجاري أن افريقيا واسيا ستواجهان مزيدا من المجاعات ونقص المياه وارتفاع منسوب مياه البحار في العالم وزيادة موجات المد وموجات ارتفاع درجات الحرارة. وفي فبراير شباط الماضي انتهى تقرير للامم المتحدة الى أن النشاط الانساني هو المسؤول عن ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض بنسبة 90 في المئة.

الاحتباس الحراري .. هل من معالجة؟

في حقل الدفاع عن البيئة يعتبر غريغ ايستربروك، من معهد بروكنغز، معروفا بتفاؤله. وأحد أسباب ذلك هو السخام في لوس انجليس.

وفي عام 1975 تجاوزت لوس انجليس مستوى الأوزون لفترة 192 يوما في السنة، مما يعني أن السخام كان سيئا بحيث انه كان من الأفضل للأطفال والبالغين والضعفاء من كبار السن تجنب الممارسة الخطرة لاستنشاق الهواء خارج البيت. وفي عام 2005 جرى تجاوز مستوى الأوزون لفترة 27 يوما فقط. ولدى لوس انجليس 30 عاما من التحسين المستمر في تقليص السخام.

وكما يمكن أن يتوقع المحافظون فان هذه المكاسب كانت الى حد كبير نتيجة للتكنولوجيا، المحول الوقودي والبنزين المحيد، وليس عبر الذهاب الى العمل بالدراجات او الغاء الثورة الصناعية. فقد جرى تقليص السخام بصورة رئيسية عبر الابتكار وليس عبر التقشف.

ولكن الليبراليين محقون بشأن شيء آخر. فهذا التقدم التكنولوجي لم يكن له ان يحدث نتيجة للسوق الحرة وحدها. ويجادل ايستربروك بأنه ما دام انتاج التلوث هو سلعة حرة، بدون ان تكلف من ينتجها شيئا، فان هناك القليل من الحافز الاقتصادي لإنتاج طرق جديدة لتقييد ذلك. والضوابط الفيدرالية وفي الولايات على انبعاث الغازات من السيارات ونوعية الهواء خلقت بيئة كان فيها ابتكار تكنولوجيات جديدة ضروريا من الناحية الاقتصادية.

وهناك دروس خاضعة للجدل بشأن الاحتباس الحراري العالمي. والجدل أقل وأقل بشأن وجود المشكلة نفسها. ويتسع ويتعزز الاجماع في الرأي على ان درجات الحرارة في العالم تزيد، وان البشر أسهموا في تلك الزيادة وان هذا في خاتمة المطاف شيء سيئ بالنسبة لكوكبنا، وهي آراء تتبناها حركة الدفاع عن البيئة ويجري تأكيدها علنا من جانب الرئيس الحالي. والهستيريا بشأن البيئة اغراء ليبرالي. غير ان الحذر يبقى فضيلة محافظة ويتطلب معالجة قضية الاحتباس الحراري. ولكن هل يمكن معالجتها ؟ وهل يمكن لأية تغيرات في السياسة من جانب الكونغرس والرئيس ان تفعل شيئا في هذا الاتجاه ؟ هناك مبرر معقول للشك. فانبعاث غازات الاحتباس الحراري في اميركا مثل ثاني أوكسيد الكربون هي مجرد جزء من المشكلة العالمية.

غير ان هذا ليس تبريرا لعدم القيام بعمل. فهناك مبرر آخر أكثر الحاحا لدراسة مسألة تقليص انتاج ثاني أوكسيد الكربون. وفي حالة مكافحة السخام في لوس انجليس فان هذا النمط من الضوابط الحكومية يمكن ان يخلق حوافز اقتصادية لتطوير تكنولوجيات جديدة، حوافز غير موجودة في السوق الحرة. فخزن ثاني أوكسيد الكربون بعيدا عن مشاريع الطاقة هو، في كل الحسابات، تحد تقني صعب. ولكن من المحتمل جدا ان يجري حلها اذا كان هناك من لديه مصلحة اقتصادية مباشرة في الحل.

وهناك عدد من الاقتراحات من جانب أعضاء في الكونغرس، بينها مشروع قانون من الحزبين، من السناتور جوزيف ليبرمان والسناتور جون وارنر، من المقرر طرحه الشهر المقبل، يدعو لإتباع طريقة التعامل مع غازات الاحتباس الحراري.

وهذا النظام في تقليص انبعاث الغازات ليس مثاليا، فهو عرضة للتلاعب، ذلك ان الشركات في الدول الأخرى زادت في بعض الأحيان من انتاج المواد الملوثة للحصول على فوائد من تقليصها لاحقا. ويمكن أن يستخدم مشروع القانون المقترح من جانب الكونغرس لدفع الأمور باتجاه تقديم المعونات لبعض المشاريع البيئية.

ولكن الحجة الشاملة لهذا النظام قوية. والجواب على الاحتباس الحراري العالمي سيكون تكنولوجيا في خاتمة المطاف، أي انتاج الطاقة بدون انتاج غازات الاحتباس الحراري. ولكن الحكومة وحدها هي القادرة على خلق الحوافز للأميركيين للعمل على حل هذه المشكلة بصورة ملحة وجادة. وهناك أمل يمكن ان نجده في السماء الصافية للوس انجليس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23 آب/2007 -9/شعبان/1428