بسبب السياسات الصارمة: الاقتصاد الايراني يواجه التهديد والعزلة 

شبكة النبأ: بسبب استمرار واشنطن في تضييق الخناق حولها من جهة، وبسبب السياسات الصارمة التي تصد المستثمرين في الجمهورية الإسلامية من جهة اخرى، أكد عدد من خبراء الاقتصاد الدولي ان مشاكل ايران الاقتصادية مرشحة للتفاقم والازدياد.

ولفت الخبراء إلى أن المواقف التي تتخذها طهران إزاء المستثمرين الأجانب ستهدد في نهاية المطاف عصب الاقتصاد الإيراني، المتمثل في القطاع النفطي، الذي بات إنتاجه يتراجع مع انعدام الاستثمار فيه، كما سيكون من شأن عزل البلاد بقرار ذاتي إيقاع أضرار فادحة بقدرتها على الصمود مستقبلاً إزاء أي تحرك غربي مرتبط بالملف النووي.

وفي هذا السياق، قال ميكل هيربورغ، وهو إداري نفطي سابق، يعمل حالياًَ في المكتب الوطني للأبحاث الآسيوية، الذي أنشأته الحكومة الأمريكية، في الواقع.. إنهم يقومون بفرض الحظر على أنفسهم نيابة عنا.

وأضاف: الشروط التي يقدمونها لعقود شركات الطاقة الأجنبية غير مناسبة على الإطلاق، فالعوائد المقترحة لا تتناسب وارتفاع المخاطر الأمنية في المنطقة، وفقاً لأسوشيتد برس.

واتخذ الخبراء من إحجام الشركات الصينية عن ارتياد الأسواق الإيرانية دليلاً إضافياً على صحة رؤيتهم، وذكّروا بأن بكين سبق لها واستثمرت في بقع ملتهبة من العالم، وفي مقدمتها السودان.

وفي الإطار عينه، تباينت التحليلات لحقيقة الوضع الإيراني، ففيما حمّل البعض دعوة واشنطن، دول المنطقة إلى المساهمة في محاصرة إيران مسؤولية اتساع رقعة الأزمة، قال آخرون إن سياسة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد المتشددة تقف خلف معظم المشاكل، خاصة إصراره على بناء "القدرات الذاتية" الإيرانية و"توزيع" عوائد النفط على الفقراء.

ورغم الخلافات التي تبرز أحياناً بين أركان التيار المحافظ، حيال الملف النفطي، ودعوة الرئيس السابق، هاشمي رفسنجاني إلى إصلاح الهياكل الاقتصادية لجذب المستثمرين الأجانب، إلا أن معلومات تؤكد أن رفسنجاني نفسه يسيطر على جزء كبير من قطاع النفط.

وتعرض إيران على المستثمرين الأجانب نظاماً خاصاً للمشاريع النفطية، تحتفظ بموجبه الحكومة بملكية المشاريع مقابل منح الشركات عائداً ثابتاً، وهو أمر فشل في جذب رؤوس الأموال الأجنبية بسبب قلة المردود مقارنة بحجم المخاطر.

وقد ساهم ارتفاع أسعار النفط خلال الأعوام الأخيرة في بلوغ العوائد الأرباح الإيرانية من هذا القطاع 50 مليار دولار سنوياً، غير أن كافة التقارير تشير إلى أن الناتج النفطي في تراجع دائم بسبب انعدام الاستثمار في البنية التحتية وحاجة طهران إلى استيراد المشتقات النفطية المكررة ومواد أخرى بقيمة 60 مليار دولار سنوياً.

وقد سبق لأكبر طرقان، مدير عام شركة "فارس" للنفط والغاز الإيرانية أن أكد في يوليو/تموز الماضي أن إنتاج بلاده سيتراجع بمعدل 5 في المائة سنوياً في حال لم تدخل استثمارات جديدة على القطاع، فيما يعتقد خبراء أن إيران ستتوقف عن إنتاج النفط كلياً خلال عقد.

يذكر أن طهران كانت قد لجأت في أواخر يونيو/حزيران الماضي إلى تطبيق برنامج تقنين توزيع البنزين في محطات الوقود لديها، في محاولة للحد من التكلفة الباهظة التي تتكبدها البلاد لاستيراد المادة، مما ولّد نقمة شعبية عارمة.

كما سبق للأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية، أن توقعت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، نضوب العوائد النفطية الإيرانية بحلول العام 2015.

وتنتج إيران يوميا قرابة 3.7 مليون برميل، أي أقل بـ300 ألف برميل عن الحصص المخصصة لها من قبل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، فيما يساوي هذا النقص قرابة 5.5 مليار دولار من دخل إيران النفطي، في العام.

تغيير وزير النفط لن يفيد شركات النفط الكبرى

وربما تواجه شركات دولية صعوبة أكبر في العمل في إيران ثاني أكبر دولة منتجة للنفط بين أعضاء منظمة أوبك عقب تغيير وزير النفط الايراني مؤخرا.

وأضحى العمل في إيران ينطوي على مخاطرة بسبب الضغط الامريكي لابعاد شركات النفط عن العمل هناك والخلافات السياسية المحلية وما تراه شركات النفط من ضعف في بنود الصفقات مع ايران.

واستبعد محللون أن تتحسن البنود اذا كان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ينوي إجراء مزيد من التغييرات بين كبار المسؤولين في الوزارة. بحسب رويترز.

وقال محلل في قطاع الطاقة، العواقب لن تكون طيبة بالنسبة لصناعة النفط. هذه المجموعة لديها نزعة قومية قوية وسيدهشني أن تقدم تنازلات لتجعل العقود أكثر جاذبية.

ويرى البعض أنها خطوة من أحمدي نجاد لابعاد وزير يعارض تغييرات إدارية يعتزم الرئيس تنفيذها ولكن البعض الاخر يشكك في هذا الرأي ويشير الى تعيين وزيري هامانه مستشارا رئاسيا غير أنه لم يتضح طبيعة السلطات التي سيتمتع بها في منصبه الجديد.

وقال محللون ان صناعة النفط تحتاج لضخ استثمارات وخبرات أجنبية ضخمة لتحقيق أهداف زيادة الانتاج ليتجاوز نحو أربعة ملايين برميل تنتجها ايران يوميا وحتى تصبح من كبار مصدري الغاز.

وأعلنت ايران عن توقيع العديد من مذكرات التفاهم بشان صفقات نفط وغاز دولية محتملة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات الا أنها لم توقع أي اتفاق مهم منذ سنوات.

ومن المحتمل أن يمر بعض الوقت قبل تعيين وزير جديد وسيؤدي ذلك لابطاء عملية اتخاذ القرار الطويلة بالفعل بشأن اتفاقيات مرتقبة.

وقال ستيوارت لويس مدير مؤسسة اي.اتش.اس لاستشارات الطاقة في الشرق الاوسط "ثبت أن تعيين وزير مقبول سياسيا ولديه خبرة مناسبة صعب جدا على المدى القصير لذا سيكون هناك قدر من عدم الوضوح لبعض الوقت."

ويقول مراقبو الصناعة إن شركات النفط العالمية ربما تكتشف ان دورها في بعض حقول الغاز والنفط تقلص لمجرد تقديم الخدمات اذا ما منحت طهران عددا اكبر من العقود للشركات المحلية. ومن المحتمل ان تتعاقد الشركات المحلية التي تفتقر للخبرة اللازمة مع شركات اكبر لتنفيذ الاعمال.

وقالت مصادر ان عاملا محتملا في قرار تعيين وزير جديد محل وزيري هامانه ربما يكون ضعف الاقبال على الجولة الاخيرة من المزايدة على قطع مخصصة لعمليات تنقيب عن النفط والغاز.

وذكر لويس أن التهديد بعقوبات جديدة أو طويلة الامد من جانب الامم المتحدة والولايات المتحدة بسبب برنامج ايران النووي ربما يكون سببا في احجام الشركات عن المشاركة رغم التوقعات الكبيرة بوجود نفط وغاز.

وتابع "المؤشرات التي لدى في الوقت الحالي تفيد أن جولة (عقود)التنقيب لم تنجح الى حد كبير في اجتذاب شركات نفط دولية. لذا ربما يكون الوزير الحالي يدفع الى حد ما ثمن سريان العقوبات."

وذكرت مصادر أنه كان مقررا التقدم بعروض تخص 17 منطقة في أول اغسطس اب وان عددا قليلا من الشركات الاجنبية شارك في المنافسة. ولم تنشر السلطات الايرانية أي معلومات عن المزايدة بعد. وتمنع العقوبات الشركات الامريكية من العمل في قطاع الطاقة في ايران.

وأبدى مراقبون آخرون للصناعة تفاؤلا أكبر بشأن التعاون مع شركات النفط الدولية في المستقبل والتغييرات في الوزارة وقالوا انه ينبغي على ايران الاستعانة بها في وقت قريب لوقف تراجع الانتاج من الحقول الاكبر والاقدم.

وقال برافين مارتيس عضو فريق الشرق الاوسط بمؤسسة وود ماكينزي الدولية للاستشارات، الحقيقة على أرض الواقع ستملي ما سوف يحدث.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22 آب/2007 -8/شعبان/1428