مقترحات لإدارة عائدات السياحة الدينية في العراق

 عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: ما من شك ان القوة المالية تتراجع قيمتها الفعلية وانخفاض تاثيرها في السوق يوما بعد آخر ما لم تتفاعل مع التنمية وتكون جزءا اساسيا منها.

فالمدخرات هي نوع من الاكتناز وربما الاحتراز الذي يكون محدود الفعل وان كان يصرف منه على شكل اعانات او مساعدات وربما يمول بعض التوجهات الثقافية كمؤسسات تعني بتنمية الوعي الجماهيري إلا انها تبقى نشاطات صغيرة جدا قياسا للوارد المالي الضخم من السياحة الدينية في العراق وان جميع المصروفات تكون من خالص المال وهو امر لايحل اشكالات العوز الجماهيري الذي يضرب باطنابه المحرومين وزيادة البطالة وتراجع الجانب الزراعي الذي يعتبر في العراق الممول الرئيسي للغذاء والاعتمادية الاقتصادية.

والاموال المذكورة انما تصلح لهذا القطاع الحيوي ويقصد به الزراعة وبالامكان مثلا شراء مساحات واسعة من الاراضي التي يمكن اصلاحها والاستفادة منها في التخفيف من البطالة وايجاد فرص عمل امينة ودائمة وتكون مصدر كبير من ضمن الغلة الكلية للزراعة في العراق إضافة الى ان خطوة مثل هذه قابلة للتطور والتوسع وتخلق نموذجا للقطاع الخاص في ان يشارك بجهده واستثماراته في تلك التجربة التي تعد من منظور فرادتها تجربة رائدة وعصرية للتنمية الاقتصادية والبشرية وتؤسس لعلاقات صحية بين المجتمع تطبّع الحال الاجتماعي على الاصالة التي سارت بسبب الظروف غير الصحية الى خط مغاير للفهم الديني الصحيح.

واستثمار من هذا النوع انما لها مردودات عدا ما ذكرنا وذلك لأنها تخلق علاقة حميمية ومتفاعلة مع المبدا الاخلاقي الذي ينادي به الدين او المؤسسة الدينية ومع القانون العام الذي ينظم الامور الاقتصادية والاجتماعية ويحقق الرفاه والتآخي بين افراد المجتمع ويقضي على ظواهر التدافع المصيري في العيش وسلوك السبل الملتوية لإستحصاله.

ومن جملة الامور الأخرى انه يخفف من التكدس على المدن ويقطع الهجرة الريفية كلما توسعت المشاريع الزراعية من هذا النوع.

ان الجهد الحكومي سيبقى محدود في الزمن الراهن وحتى في الزمن المنظور للعشرة سنوات المقبلة ولا يتوخى بحكم الظروف الحالية ان تنهض الدولة بالقطاع الزراعي ما لم تتظافر الجهود الوطنية من خلال الاستثمارات والكل يعرف ان استثمارات القطاع الخاص في القطاع الزراعي ستكون استثمارات محدودة على وفق المقولة الشائعة ( ان راس المال جبان) وعلى هذا لا بد من ايجاد نموذج ناجح ومثمر يسوق الاطمئنان والضمان الحقيقي من خلال تنامي النموذج ومطابقته للتقديرات المحتملة.

ومعلوم ايضا بان المستلزمات لهكذا مشروع رائد ستكون من الضرورات للنجاح المؤكد فكلماجرى اغفال المستلزمات كلما كانت فرص الاخفاق متاحة اكثر فالمكننة هي الاساس الفعال في المشروع الرائد الذي يراد ان يكون ناجحا بطريقة انموذجية.

قد تكون البداية لهكتار من الارض بداية متواضعة يمكن السيطرة عليها ويمكن التغاضي عن مردوداتها الزراعية المباشرة لمدى موسمين او ثلاث مواسم ريثما تتخلق مصلحة وتشجيع للفلاحين المباشرين بزراعة الارض كي يكونوا هم ايضا نموذجا لبقية الفلاحين الذين لم ينخرطوا في هذا المشروع الكبير والمراقبين لنتائجه وما يؤول اليه النماء والمردود في آخر المحصول بالنسبة للفلاحين العاملين فيه.

والسياحة الدينية لو انخرطت بجانب الاستثمار ونظرا لقدرتها المتنامية كراس مال مستمر ناميا بذاته بما تضخ عليه السياحة كل عام فانه يتطور بتسارع كبير ويكون هو في كل الاحوال الفاعل القوي الذي لا يضاهيه جهد الدولة مهما كان متوفرا على امكانات كبيرة وحقيقية.

ولعل هذا النموذج الزراعي يقبل التطوير ويمتد الى القطاع الصناعي ويدير عمليات التدريب والتنمية لهذا القطاع البائس في شكله الحالي.

ومن الممكن ايضا ان تستثمر بعض الاموال او انها تدخل كشريك مع السياحة الدينية التي تمتلكها جهات متنوعة في المجتمع العراقي كذلك قد يصار الى زج بعض المال العام كمشارك او كمعضد من قبل الدولة.

ولا غضاضة من ان تشارك الجهات التربوية الدينية في هكذا توجه  طالما يتوخى منه الصالح العام ويساهم في رفع الحيف ويقضي على البطالة والهجرة الريفية ويحقق الرفاه الاجتماعي والعافية الاقتصادية لهذا البلد الفقير في كل شئ.

ان الادارة الناجحة كما يقول الامام الشيرازي (قدس سره) هي خلق الظروف الضامنة للنجاح والاستمرار.

وقطعا يكون المقصود بالظروف الضامنة للنجاح هي بالدرجة الاساس مستلزمات العمل والادارة الكفوءة التي تحسب نجاحها بمدى استفادة عدد من افراد المجتمع وهذا بحد ذاته نجاحا كبيرا بالمقياس الانساني وكلما تطور واخذ يشمل افرادا آخرين كلما وصل للهدف النهائي من وجوده فوق الميدان التنموي.

ولعل ذوي الاختصاص لهم رؤية مختلفة في تنفيذ المشروع الرائد في الزراعة وفي الصناعة والممول من قبل السياحة الدينية، وكلامنا هذا لايعدو كونه في الخطوط الاساسية والعامة من وجهة النظر الانسانية والتاكيد على انه ممكن وقابل للتنفيذ، وفق ما يراه المهندسون الزراعيون وذوي الاختصاص ممن لهم اطلاع نظري او عملي لهكذا توجهات ومقترحات عملية فليس هناك مستحيل اذا توفرت النوايا والخروج من صندوق الانتظار والنظر بحرية خلاقة الى الفضاء الفسيح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 10 آب/2007 -26/رجب/1428