مع شحة المياه.. شبكات الكهرباء في العراق على حافة الإنهيار

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: في ظل حرارة الصيف التي تتجاوز الـ45 مئوية تختفي في اغلب ساعات اليوم امدادات المياه للعراقيين، وتقف شبكات نقل الطاقة الكهربائية على حافة الانهيار بسبب الارهاب، وعمليات التخريب، وارتفاع الطلب، ونقص الوقود، والمحافظات التي تفصل محطات التوليد المحلية عن الشبكة الوطنية لتتجاوز على الحصص المقررة لها مستغلة وجود تلك المحطات ضمن حدودها الجغرافية. الامر الذي يجعل الحياة لا تطاق.

وتتفاقم ازمة الكهرباء في ظل رفض بعض المحافظات العراقية مشاركة مناطق اخرى من البلاد فيها، فضلا عن ان التجهيز بالكاد يلبي نصف الكمية المطلوبة للبلاد. الامرالذي يشير ايضا الى ضعف  الحكومة المركزية في التعامل مع الحكومات المحلية.

وأشارت صحيفة الجارديان البريطانية إلى قول عزيز الشمري، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، ان توليد الطاقة على المستوى الوطني لا يلبي إلا نصف الطلب، وان أربعة انقطاعات شاملة حدثت على مدى اليومين الماضيين.

وقالت الصحيفة، يشهد نقص الطاقة الكهربائية فى جميع انحاء البلاد اسوأ مستوياته منذ صيف عام 2003، بعد مدة قصيرة من الغزو بقيادة الولايات المتحدة لاسقاط نظام صدام حسين وأن الطاقة الكهربائية تشهد انقطاعات متواصلة كل صيف، وانخفض تجهيزها الآن الى بضع ساعات يوميا في احسن الاحوال فضلا عن تاثر الامدادات بالماء الصافي بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤثر بدوره في محطات ضخ وتنقية المياه.

وأشار إلى أن محافظة كربلاء الواقعة الى الجنوب من بغداد، تشهد انقطاعا للتيار الكهربائي منذ ثلاثة ايام متواصلة، مما تسبب بجفاف انابيب المياه في المدينة التي هي اصلا متآكلة وغير مطابقة للمواصفات الصحية بسبب تقادمها.

وحذرت الصحيفة من خطورة هذا الحال على الصحة العامة في البلاد ، مشيرة إلى ان نقص الكهرباء مشكل دائم في العراق، على الرغم من انه يتربع على قمة واحدة من أكبر احتياطيات العالم النفطية.

وقالت ان انقطاع التيار الكهربائي يجعل من الحياة شيئا لا يطاق بخاصة في شهور الصيف عندما تصل درجات الحرارة في المتوسط يوميا بين 43.3 مئوي (110فهرنهايت) و48.8 مئوي.

محافظ كربلاء يهدد بالتجاوز على الحصة المقررة

وهدد محافظ كربلاء برفع نظام السيطرة الذي يحدد الحصة المقررة من الطاقة الكهربائية التي تزود بها المحافظة في ظل استمرار انقطاع الكهرباء عن عموم المحافظة منذ الثلاثاء الماضي. 

ونقل مصدر بالمحافظة عن الدكتور عقيل الخزعلي قوله خلال اجتماع، في مبنى المحافظة، مع غرفة الطوارئ والأزمات لتدارس أزمة الطاقة الكهربائية وانعكاساتها على المحافظة: ستقوم الحكومة المحلية في كربلاء برفع نظام السيطرة (RTU) وهو نظام التحكم عن بعد مثلما فعلت محافظات اخرى تجاوزت على حصصها المقررة.

وأضاف المصدر لوكالة (أصوات العراق) أن المحافظ قال في الاجتماع: إن ما قامت به محافظتا النجف والديوانية برفع هذا النظام أدى إلى انهيار المنظومة بالكامل وحرمان كربلاء منذ يوم الثلاثاء الماضي من الطاقة الكهربائية.

ونقل علن المحافظ قوله إن انقطاع التيار الكهربائي عن المحافظة، ادى الى تعرض الأراضي الزراعية إلى الغرق بمياه المبازل وكذلك طفح المجاري في الشوارع وانقطاع الماء على المنازل وتعطل الحياة في المحافظة بسبب انقطاع الكهرباء.

وأشار المصدر إلى أن حصة كربلاء من الطاقة الكهربائية وحسب نظام التحكم عن بعد هو 105 ميكا واط إلا إنه في  اليومين الماضيين انقطعت حتى خطوط الطوارئ."

وذكر أن المحافظ قال في الاجتماع، ما وصلنا الخميس هو 15 ميكا واط ليصل الآن إلى 35ميكا واط وهو لا يكفي لتشغيل بعض محطات تصفية المياه أو محطات سحب مياه المجاري فيما بقيت المستشفيات تعاني من الانقطاع التام في الكهرباء.

وقال المصدر أن المحافظ طالب من المراجع الدينية كافة، إصدار فتوى تحرم على المحافظات رفع نظام السيطرة؛ لان هذا يؤدي إلى إلحاق أضرار بحقوق المواطنين إضافة إلى ما يسببه الرفع من انهيار للمنظومة الكهربائية تماما، كما دعا المحافظ الحكومة المركزية إلى الإسراع بحل مثل هذه التجاوزات لان الأمر يتكرر بين فترة وأخرى مما يعرض المحافظات الملتزمة إلى أزمات وفقدان الثقة.

تظاهرات احتجاجية في البصرة 

وقال شهود عيان من مناطق مختلفة من البصرة، إن العديد من التظاهرات انطلقت في البصرة احتجاجا على إنقطاع التيار الكهربائي فيها.

وأوضح شاهد عيان من منطقة التميمية لوكالة(أصوات العراق) أن العشرات، من المواطنين من منطقة التميمية (وسط مدينة البصرة) تظاهروا، الجمعة، إحتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي.

وأضاف شاهد العيان أن المحتجين، قاموا بحرق الإطارات، ومنع المركبات من المرور الى وسط المدينة.

فيما قال شاهد عيان اخر إن أكثر من 300 محتجا، تظاهروا في منطقة الطويسة (وسط مدينة البصرة) احتجاجا، على انقطاع التيار الكهربائي في البصرة.

وحسب مواطنين من أنحاء مختلفة من البصرة، أن خدمات التيار الكهربائي ازدادت سوء في الأيام الأخيرة، وارتفعت ساعات قطع التيار الكهربائي مع أشتداد درجة الحرارة في البصرة المعروفة بجوها اللاهب، إلى حوالي العشرين ساعة يوميا.

وفي البصرة العديد من المحطات لتوليد الطاقة، اهمها محطة الهارثة التي تعمل الأن بنصف طاقتها 400 ميغا واط ، ومحطة النجيبية 180 ميغا واط، والمحطة الغازية 250 ميغا واط، ومحطات صغيرة أخرى، وكل هذه المحطات مرتبطة بالشبكة الوطنية، وتوزع طاقتها التوليدية مركزيا، وتبلغ حصة البصرة من كهرباء الشبكة الوطنية حوالي 200 ميغا واط مع الحمل الصناعي، في الحين الذي تقدر حاجتها حسب مسؤولين في كهرباء البصرة بأكثر من 600 ميغا واط.

حالة غليان في النجف

وتعاني محافظة النجف ايضا، إنخفاضاً هائلاً في عدد ساعات التزود بالتيار الكهربائي في معظم مناطقها، وصل إلى نصف ساعة تجهيز طوال اليوم بعد أن أطفأت شبكة الكهرباء الوطنية محطتي النجف اللتان تزودان المحافظة بالتيار الكهربائي... الأمر الذي ولد حالة من الغليان والتوتر لدى المواطن النجفي، خصوصاً وأن درجة الحرارة وصلت إلى (48) درجة مئوية.

وقال مصدر في دائرة كهرباء النجف لوكالة(أصوات العراق)، إن وزارة الكهرباء عمدت، من خلال السيطرة المركزية في الشبكة الوطنية، إلى إطفاء محطتي النجف اللتان تزودان المحافظة بالتيار الكهربائي، وهما: المحطة الشمالية، ومحطة الحزام.

ولفت المصدر إلى أن هذا الإجراء من جانب الوزارة جاء بعد أن اتخذ مجلس محافظة النجف قراراً يقضي بفصل المحطة الغازية في النجف عن الشبكة الوطنية، ورفع جهاز تحديد القدرة (R.T.U) من المحطة، موضحاً أن وزارة الكهرباء امتعضت من هذا الإجراء، وقامت بإطفاء المحطتين المذكورتين اللتين تتحكم بهما الوزارة من بغداد.

وبدأت آثار هذا الإنخفاض الكبير في عدد ساعات التزود بالتيار الكهربائي تظهر في معظم مناطق محافظة النجف، وعلى سبيل المثال فقد ارتفعت أسعار ( الثلج) حتى وصل سعر القالب إلى أكثر من (16) ألف دينار، في حالة ما إذا كان موجودا... حيث أصبح نادرا في الأسواق، ويتوقع أن يرتفع سعره اليوم ( الجمعة) إلى أكثر من ذلك. وكان السعر قبل الإرتفاع الأخير يترواح بين أربعة إلى خمسة آلاف دينار.

وسادت حالة من الإستياء الشديد بين أهالي النجف، خصوصاً في ظل الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة التي وصلت إلى (48) درجة مئوية.

ويقول المواطن علي محمد الغزالي أنا منذ صباح اليوم وحتى الظهر أبحث عن (ربع قالب) ثلج، دون جدوى.. فقد وصل سعر القالب إلى ما بين (16) إلى (20) ألف دينار، والمواطنون يتدفقون أفواجا على المحلات التي لديها (ثلج)... ويتدافعون من أجل الحصول عليه بأي ثمن، لإستخدامه في مياه الشرب وترطيب الأجواء وحفظ الطعام."

ويضيف الغزالي متسائلا، ما ذنب المواطن فيما حدث بين وزارة الكهرباء ومجلس المحافظة..؟... وما هو دور الحكومة في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين..؟.

ويوضح مواطن آخر أنه ليس الثلج وحده الذي ارتفع سعره، إنما البنزين أيضا أصبح سعر الـ (20) لترا منه بـ (35) ألف دينار إن وجد، حيث يتدافع المواطنون عليه ليستطيعوا تشغيل المولدات المنزلية. وكان السعر يتراوح قبل ذلك بين (18) إلى (22) ألف دينار.

ويستطر المواطن قائلا "نحن هنا في حالة من الشلل التام، حر... وإنعدام للكهرباء، ما افقدنا التركيز والتفكير... فإلى متى تبقى الحكومة المركزية بلا فاعلية، وتتخد موقف المتفرج من الشعب..؟.

وكان نائب محافظ النجف السيد عبد الحسين عبطان قد أعلن، في وقت سابق، من خلال تلفزيون ( الغدير) المحلي في النجف، عن قيام المحافظة برفع جهاز تحديد القدرة، وفصل المحطة الغازية عن الشبكة الوطنية. مؤكداً أن عدد ساعات القطع ستكون أربعة مقابل ساعتي تجهيز، وأشار إلى موافقة مجلس المحافظة على ذلك القرار.

لكن عضو مجلس المحافظة براك الشمرتي، قال إن المحطة الغازية لم تفصل عن الشبكة الوطنية، مشيرا إلى أن قرار المجلس يقضي برفع جهاز تحديد القدرة، الذي ينظم سيطرة الشبكة الوطنية على كمية الكهرباء المزودة للمحافظة... وعلى أن تلتزم محافظة النجف بالحصص المقررة لها.

ووجه عدد من المسؤولين عن كهرباء النجف الإنتقادات إلى قرار الفصل الذي اتخذه مجلس المحافظة، واعتبروه قراراً ارتجالياً، لم تتم دراسته بشكل جيد من قبل المختصين وأصحاب الخبرة والإختصاص.

وتحتاج محافظة النجف ما بين (350) إلى (400) ميجا واط من الطاقة الكهربائية... وما تنتجه المحطة الغازية لا يمكن، في أحسن الحالات، أن يسد حاجة خطوط الطوارئ في المحافظة... فضلاً عن باقي الإحتياجات للمواطنين والهيئات والمصالح الخدمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9 آب/2007 -25/رجب/1428