في رحاب الحوراء زينب (ع) نرتقي روحيا وولائيا..ثم إنسانيا

المهندس غريبي مراد عبد الملك

مدخل:

لا أعتقد أن التاريخ الزينبي، نستحضره ونستشهد به وفق مناهج أدبية بسيطة  وأساليب بحثية عادية بالاستناد لقراءات تاريخية ترهق العقل المسلم المعاصر في بحثه عن القدوة الحقة، وشأن السيدة الحوراء عليها السلام هوكشأن جل الطيبين الأطهار عليهم السلام، نقرأ سيرهم بعقول غائبة وقلوب حرجة...

 حيث الفرح  يوم ميلادها والحزن يوم وفاتها عليها الصلاة والسلام، ثم في اليوم التالي أوالأسبوع الموالي لذكرياتها الجليلة العظيمة نصبح أونمسي كبني أمية وجلاوزتهم الذين ظلموا السيدة زينب عليها السلام...

ألسنا قوم نظلم أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا ونساء مجتمعاتنا- العليلة بالتخلف والجهل-، إن أكبر ظلم وأعظمه لهن، أننا جعلنهن  يعشن بعيدا عن ثقافة الحوراء  عليها السلام الرسالية الإسلامية، فنقتلهن كل يوم بهذا الظلم شر قتلة، ونظن ذلك رجولة منا حيث أن هذا الظلم يجعلنا نعيش أغبياء كأولئك الجبناء الذين تفرجوا في بلاط يزيد الفاجر على حرائر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهن يذقن ويلات الظلم والسبي وما هنالك من عظائم الأمور...

هناك مسائل حرجة في رحاب السيدة الطاهرة الجليلة الحوراء زينب عليها السلام، مسائل لا تتعلق بالمحنة التاريخية التي ألفنا سماعها من الخطباء الأجلاء، ولكنها المحنة الثقافية للمرأة المسلمة في العصر الراهن، هذه المرأة التي نجدها بالدوحة وأم الدنيا وكل عواصم العالم من باريس إلى واشنطن ولندن وبكين تجتهد لتستلهم من صاحبة الجلالة وصاحبة  الفخامة والفنانة الحسناء، لا لشيء سوى لنيل بعض الفتات لتفعيل مشاريع الخياطة ومؤتمرات للفقه النسوي، وما هنالك من لافتات تحدث عنها ذات يوم الشاعر العراقي الدكتور  أحمد مطر، ولأخذ بعض الصور التذكارية...

إن المرأة المسلمة عموما، لا تعرف شيئا عن السيدة زينب عليها السلام، ومنهن من تحمل إسم زينب لكنها لا تعرف عن هذا الوسام حتى النزر اليسير، والأدهى والأمر أنها قد تشوهه بسوء خلقها وجهلها أوببلادتها أوبعجبها...

ولعل النساء المسلمات اللواتي يعرفن جيدا السيدة زينب عليها السلام هن النساء المؤمنات الرساليات بنشاطاتهن التثقيفية ووجاهتهن  العلمية وعفتهن الإسلامية...أما الباقيات فقليل منهن العارفات حق المعرفة بمولاتي السيدة الحوراء زينب عليها السلام، والمضحك المبكي في هذا كله أن تجد مسيحيات عربيات وأجنبيات يعرفن عن السيدة زينب عليها السلام الكثير الكثير، حتى منهن من استفدن من سيرتها أعظم استفادة فيما يعرف بالإنسانية  وحقوق المرأة، بينما المسلمة المقهورة على جميع الصعد، يخشى مجتمعها المتخلف المستبد، أن تقترب من أمها وقدوتها الرائعة العظيمة  السيدة زينب عليها السلام... !

لأن السيدة زينب عليها السلام بالنسبة لنساء  الدنيا مثلها كمثل الإمام الحسين عليه السلام للإنسانية جمعاء، حيث الاستكبار كله سواء الداخلي أوالخارجي، يعمل جاهدا لإبقاء سيرة الحوراء عليها السلام قيد الكتمان وثقافتها رهن التعذيب والتشويه...لأن شروق عنوان التاريخ الزينبي في حياة  المرأة على الخصوص يعني بداية زوال الطغاة...

 أحبتي عشاق أمنا وسيدتنا العالمة غير المعلمة، بعد هذه الصرخة الزينبية أقول لكل مسلمة تقية نقية مسؤولة عارفة زاهدة مجاهدة متطلعة لغد إسلامي حر وأصيل، أمك السيدة زينب عليها السلام هي عنوان بداية الرسالية في حياتك...؟!

لأن أمها المعصومة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام عظيمة جدا كالنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام، لا يمكننا الارتقاء لدرجة وعي الولاء لهم عليهم الصلاة والسلام أجمعين إلا بعد ولوج عالم السيدة زينب عليها السلام...

 تعالي أيتها المسلمة المقهورة، نتعلم من الحوراء عليها السلام،كيف نعش القضية الإسلامية والولاية برحابة وصفاء وحكمة...

كما أعتقد دائما، الدرس الزينبي هومقرر إسلامي تمهيدي يجعلك تكتسب ميكانيزمات وآليات التواصل السليم مع المعصومين الأطهار عليهم السلام، وإلا سوف تسقط مع أول امتحان ولائي، لأنك ولجت رحاب الأطهار عليهم السلام عصاميا دون الإستفادة من أستاذة الولاء مولاتنا الحوراء عليها الصلاة والسلام...

نعم إنها السيدة زينب عليها السلام، القسم الأساسي في مشوار التطلع لنيل وسام الولاء الحقيقي للأطهار عليهم السلام، إنها عليه الصلاة والسلام باب الوعي الولائي، الذي من دخله ذاق حلاوة المسؤولية الإسلامية والصمود والعزة والكرامة...

 أكيد مثل هذه الذكرى الأليمة، لا يمكن أن نقرأها قراءة إنتحابية بائسة، بل العكس تماما في المنطق القرآني الإمامي–الإسلامي- إنها ذكرى تساهم في توضيح الصورة في الكثير من مشاهد السيرة العظيمة الخالدة وكثير من الدموع والشجون والأسى التي تتحدث عن الرزية المستمرة، وهذا كله نتج وناتج عن استكبار الذين لا يعلمون على الذين يعلمون...

"السلام عليك يا بنت سلطان الأنبياء، السلام عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء، السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء، السلام عليك يا بنت خديجة الكبرى، السلام عليك يا بنت سيد الأوصياء وركن الاولياء أمير المؤمنين، السلام عليك يا بنت ولي الله، السلام عليك يا أم المصائب يا زينب بنت علي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أيتها الفاضلة الرشيدة، السلام عليك أيتها العاملة الكاملة، السلام عليك أيتها الجليلة الجميلة، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المظلومة المقهورة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية..."

عذرا مولاتي وسيدتي ونور قلبي –كما دعاك والدك أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام يا نور عيني-  جئتك زائرا يوم ميلادك والتقيتك أعظم لقاء....لكنني اليوم،القهر حرمني زيارتك...سأنتظر مولاتي دعوتك لألبيها بكل مسؤولية وشوق وإيمان وصدق وعرفان بقدرك يا كريمة الأطهار عليكم الصلاة والسلام أجمعين...     

* كاتب وباحث إسلامي جزائري

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5 آب/2007 -21/رجب/1428