الانتخابات المقبلة وأهمية الوعي والدقة في الاختيار

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: بعد التجربة السابقة للانتخابات واخطائها في الكيفية التي اصطفت الكيانات فيها امام الناخب وما افرزته من نتائج مدمرة في البنية السياسية واهدرت اربع سنوات لحد هذه اللحظة دون ان تتقدم بانجاز حيوي في الجانب الاقتصادي او السياسي يحسب الى جانب جهدها كحكومة متولدة من تلك الانتخابات، كيف ينظر او يقترح العراقي ان تكون الانتخابات القادمة؟.

ولكن قبل ان نرى الاجابات لا بد من ان نعطف النظر قليلا ونرصد الوضع الراهن للهيكل المتهالك والمتداعي لكيان الحكومة الرسمية التي استهلكت حصتها السياسية مبكرا.

فالحكومة الحالية هي مجرد حكومة من بين حكومات شتى تتساوى في المقومات الاساسية من سلاح وتمويل بغض النظر عن مصدر التمويل او  السلاح وكذلك الاعلام والجيش والشرطة وهذه الحكومات قد تشترك في الجيش الرسمي للدولة العراقية من خلال الانتماءات المتعددة للجهات او للحكومات المتحاصصة في الجسد العراقي.

فعندما يراد امرا مهمّا ويهرع الجهد الحكومي ان يجسده في الميدان تنظر الجهات او الحكومات وبحسب مرجعياتها سواء كانت مرجعيات داخلية او إقليمية او حتى طائفية في تقليب الامر فعندذاك يصفر كل عريف الى فصيله على طريقة الجيش، وفي تلك اللحظة تعرف الحكومة الرسمية ان جيشها لم يكن حسابه عدديا وكذلك شرطتها فكل رقم انسحب الى مرقمه من جيش وشرطة وموظفين، وهذا يفرضه واقع الحصة السياسية ويقودنا الى السؤال هل كانت طريقة الانتخابات السابقة خطأ؟.

وما عساها تفعل حكومة المالكي، انها ببساطة لم تستطع ان تحقق للشعب العراقي ابسط الامور وهو قانون التقاعد وظل وزير المالية يماطل به ويسوغ له امام مجلس النواب.

 فما هي غايته او مراميه وحكومة المالكي بحاجة الى مثل هذه المسالة لترتكس في نقطتها الجامدة.. نقول كل شئ محتمل والله اعلم بالنوايا.

الكهرباء صارت من المستحيلات وربما الشعب العراقي لن يطالب بها احدا من السياسيين اليوم وغدا.

الزراعة في الوقت الراهن تدفع المرء الى الظن بان العراق صحراوي مائة بالمائة ووجود بعض البساتين على حواف الانهر انما هو من قبيل التشبه بالواحات النادرة.

ولسنا هنا لتعديد النواقص فانها كثيرة وعليه فاننا سنعود الى السؤال الاساسي ونقول:

كيف تقترح ان تكون الانتخابات المقبلة بعد التجربة المريرة للانتخابات السابقة؟.

اجابتنا لهذا السؤال انما هي تحصين لنا من الخطأ وعدم الاصرار عليه فان المسلم لا يلدغ مرتين.

يقول الكاتب احمد جويد: كان من الأرجح أن يكون نظام الحكم في العراق نظاماً رئاسياً تصبح بموجبه السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية الذي ينتخب مباشرةً من قبل الشعب، وان يعطى صلاحيات تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة لأداء مهامه والسيطرة على وزرائه بدون تدخل الكتل الحزبية في التعديلات والتغيرات التي تتم في الوزارات والمؤسسات التابعة للجهات التنفيذية في حال الإخلال بالعمل أو عدم القيام بالمهام المناطة بهم بصورة صحيحة، أو في حال تجيّر وزاراتهم لصالح أحزابهم أو طوائفهم التي ينتمون إليها.

وبذلك يكون دور البرلمان مراقبة أداء الحكومة واستجوابها في الحالات التي يراها من الضروري بمكان أن تأتي بالمسؤول مهما تكن خلفياته الحزبية أو العرقية أو الطائفية إلى قبة البرلمان ومحاسبته أمام مرأى ومسمع الشعب.

ويضيف احمد جويد، إذا ما أراد القائمون على العملية السياسية إتمام مهامهم بنجاح والوصول إلى حلول ناجعة من شأنها التغيير والإصلاح لبناء دولة القانون الخالية من العنف والتطرف عليهم:

أولاً: إجراء بعض التعديلات الدستورية وجعل نظام الحكم في العراق رئاسياً يعطي للرئيس صلاحيات التعديل والتغير في حكومته لتنفيذ برنامجه الحكومي، ويتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب دون أن يتم تعينه من قبل البرلمان على أسس توافقية ترسخ المحاصصة.

ثانياً: جعل دور القوات الأمريكية والعاملة معها قوات مساندة وعدم قيامها بالمداهمات أو الاعتقالات إلا بعلم القائد العام للقوات المسلحة.

ثالثاً: لكون الوجود الأمريكي في العراق يسبب الكثير من المشاكل بين الكتل السياسية وهو الذريعة التي تتخذها العديد من الجماعات المسلحة للقيام بعملياتها داخل المدن، يجب على الحكومة والبرلمان التصويت على قانون يضع جدولة زمنية لتواجد القوات الأمريكية والعاملة معها في العراق.

رابعاً: إجراء تغيير على قيادات الكتل السياسية التي تتصف بالطائفية وانعدام المرونة في التعامل مع الآخر.

صباح جاسم مدير تحرير شبكة النبأ اجاب عن هذا السؤال بما يلي: تعد الانتخابات الحرة في العالم المتقدم الوسيلة الاساسية والمثلى لتنصيب الاصلح من المرشحين في مناصب الحكم والتشريع، الا ان خضوعها الى المحاصصة الحزبية والطائفية في العراق الحديث العهد بالديمقراطية- من المؤكد انه افرز نتائج سلبية عرقلت العملية السياسية والنهوض العام بكونها تشترط تعجيزية واستحالات سياسية غير بذات فوائد للمستقبل العراقي وتلك الشروط انما هي في المستوى الخاص لذلك الحزب او الفئة او الطائفة.  

ونرى انه من الواجب الاستفادة من الاخطاء التي حدثت في تجربة الانتخابات الاولى حيث كان الفرد العراقي مهتما بممارسة حقه الطبيعي في عملية الاقتراع الحرة اكثر من اهتمامه بمن سينتخب، او لعله تبع مغريات جهات ذات اسماء كبيرة وعدته بالسعادة والرخاء والازدهار، ولكنها لا تزال بعد سنوات من تلك الوعود ترزح تحت مختلف الضغوط الداخلية والخارجية وتستمر في الاستجابة لتلك الضغوط على حساب الملايين التي تحدت الارهاب ونصبت الحكومة والمجلس التشريعي-هذا المجلس الذي لم يشرع لحد الان القوانين ذات الطبيعة الاستراتيجية المهمة.

الاعلامي عصام حاكم محمد يقول: قطعا بان التجربة الديمقراطية هي مراس مهم من اجل الابتعاد عن اوجه الدكتاتورية المقيتة بكل توجهاتها، ولم تكن تلك المحطة هي منسج الخيال او بدعة مبتدعة، بيد انها معيار مهم للارتقاء بالمواطن وكذلك مسؤولية مشتركة يتحمل كل من المواطن الى المسؤول جزءا مهما منها، وما نراه في الساحة العراقية اليوم هو بمثابة التشبث او التخبط في تلك القراءات المتحضرة.

نرى بان الانتخابات المقبلة والتي اتمنى ان تجري مبكرا ان تقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية، وألا تجري على نفس الاسس التي جرت عليها الانتخابات السابقة والغاء طريقة الكتل او المحاصصة فرئيس الجمهورية هو المخول بتاليف الوزارات التي يراها ملائمة للوضع والمصلحة العراقية وليس تلك الطريقة التي اسست لعدة دكتاتوريات في الجسد العراقي.

قد يكون استطلاعنا خارج عن الحدود الاكاديمية لكن الاكاديميين او ذوي الاختصاص بامكانهم تحويل هذه الرؤية البسيطة الى حيز التنظير ومن ثم اعتمادها في الانتخابات المقبلة لندفع ولو متاخرين الخطر الماحق لإنهيار الدولة العراقية او على الاقل الاحتفاظ بشئ من الزمن القادم ريثما يتعافى العراق ويكون اولى بالامل والرجاء في قابل الزمن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 3 آب/2007 -19/رجب/1428