تسليح العشائر السنّية سلاح ذو حدين

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: لا تزال تداعيات توجه الجيش الامريكي الى تسليح وتمويل فصائل وعشائر سنّية في المناطق الساخنة بهدف قتالها مع القوات الامريكية ضد القاعدة، ذات تفاعالات مثيرة للجدل حيث ان اقل مايثار عنها القلق من انقلاب هذه العشائر وتوجيه سلاحها نحو الحكومة العراقية او القوات الامريكية في اي وقت اخر لان هذه الفصائل هي التي جلبت القاعدة وقدمت لها مختلف المساعدات اللوجستية والاستخبارية.   

وفي ظل ذلك تشير الأنباء المتواترة الى وجود خلاف كبير بين رئيس الوزراء المالكي وقائد القوات الامريكية الجنرال باتريوس حول هذا الموضوع، في حين ابدى برلمانيون عراقيون من كتل رئيسية في مجلس النواب مواقف متباينة تجاه الجدل الدائر بشأن تسليح عشائر في بعض المناطق الساخنة غرب وشرقي البلاد، ففي حين اعترض عضو بالائتلاف على الخطط الامريكية ووصفها بانها خطوة لصنع ميليشيات جديدة، اعتبرها عضو في التوافق خطوة لتطهير البلاد من عناصر القاعدة، ومن جانبه شكك مصدر رفيع بوزارة الدفاع بجدية الجانب الأمريكي في مسألة تسليح العشائر، فيما قال مصدر امريكي ان الدولة العراقية هي من تقوم بالتسليح.

وكانت تقارير إعلامية أجنبية تحدثت عن تسليح القوات الأمريكية لمجاميع من المسلحين في مناطق ساخنة ذات أغلبية سنية، كانت تقاتل سابقا مع تنظيم القاعدة أو تنتمي إلى الجيش العراقي السابق، لمساعدتها في محاربة تنظيم القاعدة. وظهرت تسميات مختلفة لهذه المجاميع منها (قوات المقاومة المشروعة) و(فرسان العامرية) على غرار مجلس صحوة الأنبار الذي ينشط في تتبع عناصر القاعدة في الأنبار بإسناد ودعم حكومي معلن.

وكانت الحكومة العراقية اعترضت على قيام القوات الأميركية مؤخرا بتسليح جماعات مسلحة في ديالى ومناطق أخرى من العراق بحجة مساعدتها لمحاربة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، مطالبة أن تتم مثل هذه الخطوات بعلمها وموافقتها محذرة من مخاطر تسليح العشائر خارج سيطرتها؛ باعتباره خطوة لخلق ميلشيات يمكن أن توجه سلاحها للدولة فيما بعد، وطرح بعض أعضاء مجلس النواب العراقي الموضوع في البرلمان في جلسة الأحد الماضي.

موقف الحكومة العراقية هذا عبر عنه النائب حيدر العبادي بقوله:لا يجوز تسليح أية جماعة من دون علم الحكومة العراقية؛ لكي تتأكد من أنهم غير خارجين عن القانون.

وقال، نحن اتفقنا مسبقا على أن يكون السلاح بيد الدولة وأن يتم نزع سلاح المليشيات.

وأضاف النائب، الذي ينتمي إلى الائتلاف العراقي الموحد في اتصال هاتفي مع وكالة (أصوات العراق)، من غير المسموح للقوات الأجنبية تسليح أي جماعة تحت أي ذريعة كانت.

وتابع، لسنا مع تزويد القوات الأجنبية لمسلحين ...لا مصالحة مع الذين يقتلون العراقيين على الهوية أو المذهب.

وزاد، إن خلق مليشيات جديدة سيسبب المزيد من المشاكل ويؤدي إلى المزيد من الاحتقان وسفك الدماء.

وتعد كتلة الائتلاف العراقي الموحد، المؤلفة من أحزاب وحركات سياسية إسلامية شيعية، الكتلة الكبرى بالبرلمان وتحتفظ بـ 113 مقعدا من أصل 275 العدد الإجمالي لمقاعد مجلس النواب.

لكن نائباً عن جبهة التوافق العراقية عد الخطوة الأميركية بتسليح جماعات وعشائر إنما تأتي من باب المصلحة المشتركة للطرفين في القضاء على عناصر القاعدة في العراق، متهما الحكومة بأنها "لا تريد الاستقرار" في المناطق الساخنة.

وقال خلف العليان رئيس مجلس الحوار الوطني أحد المكونات الثلاثة لجبهة التوافق العراقية "أنا مع التعاون من أجل القضاء على المجاميع الإرهابية."

واستدرك، لكن الحكومة لا تريد ذلك.. فهي تريد أن تبقى المناطق السنية ساخنة وتتحارب فيما بينها أو مع الأمريكان لكي تعمل هي (الحكومة) ما تريد.

وأوضح العليان لـ (أصوات العراق ) أن، المصلحة المشتركة للأمريكان ولفصائل المقاومة والعشائر في المناطق السنية، يأتي بسبب نشوب خلاف بين تنظيم القاعدة وفصائل المقاومة الذي نجم عن تعدي الأول على الفصائل وأهالي المناطق مما ولد حالة تذمر لدى الجميع للتخلص منهم (عناصر تنظيم القاعدة).

وتعد جبهة التوافق العراقية، التي ينتمي إليها العليان، ثالث أكبر كتلة بالبرلمان، إذ تحتفظ بـ 44 مقعدا من أصل 275 العدد الإجمالي لمقاعد مجلس النواب، وهي مؤلفة من ثلاثة أحزاب وحركات سياسية إسلامية سنية.

وأضاف العليان، الأمريكان استغلوا هذه النقطة وصوروا الموضوع وكأن المقاومة تتعاون مع المحتل. مشيرا إلى سبب آخر يدفع الجانب الأميركي للتعاون مع من سماهم، فصائل المقاومة بقوله إن، قطعات الجيش العراقي الحالي يصعب عليها محاربة تنظيم القاعدة... لأن الأمر يتطلب حرب عصابات.

رفض شيعي لتسليح العشائر العشوائي

وكان عمار الحكيم نجل رئيس المجلس الإسلامي العراقي عبد العزيز الحكيم أعلن رفضه تكوين مؤسسات بديلة لملئ الفراغ الأمني وقال، لا يمكن أن نرتضي إلا ببناء المؤسسة العراقية بناءا محكما لتقوم هي بملء الفراغات وليس ببناء مؤسسات بديلة يمكن أن تعمق من الشرخ العراقي ويمكن أن تحرج المشروع العراقي في مستقبله.

 وأضاف في خطبة له، سنعمل مع القوى الوطنية المختلفة في هذا البلد لإنهاء الوجود الأجنبي وتعزيز السيادة العراقية عبر المقاومة السلمية والسياسية وعبر بناء قواتنا الامنية  بناءا محكما  من حيث التدريب والتجهيز والسلاح وكل مقومات النجاح.

وعلى العكس من هذا التوجه طالب نائب في التحالف الكردستاني بضرورة أن يكون أي تسليح ضمن سياق حكومي عراقي ويخضع لضوابط تضعها الحكومة متفقا مع طروحات النائب عن الائتلاف حيدر العبادي.

وقال فرياد راوندوزي، اعتقد أن تسليح العشائر وبعض الجماعات يجب أن يأتي في سياق حكومي وليس انفرادي من قبل القوات الأجنبية؛ لأنه ينبغي أن يكون ضمن ضوابط ومعايير تضعها الحكومة كي لا تكون هذه الأسلحة رأس حربة فيما بعد .

واعتبر راوندوزي عضو التحالف الكردستاني أن تسليح جماعات بشكل عشوائي أمرا غير جيد وقال، هذا سيشكل تهديدا في المستقبل، لافتا إلى أن مسألة تسليح عشائر أو جماعات تحت أشراف قوات عراقية أو منظومة وطنية كان أمرا مطروحا سابقا من قبل أطراف سياسية عراقية. 

ويحتفظ التحالف الكردستاني الذي ينتمي إليه راوندوزي بـ 55 مقعدا في البرلمان العراقي، وهو يعد الكتلة الثانية في البرلمان بعد الائتلاف العراقي، ويضم التحالف الحزبين الكرديين الرئيسين؛ الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني رئيس الجمهورية، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، فضلا عن عدد من الأحزاب الأخرى الصغيرة.

الامريكان: التسليح بعلم الحكومة العراقية!

الجانب الأميركي من جهته يقول إن تسليح بعض الجماعات لمحاربة تنظيم القاعدة تم بعلم الحكومة العراقية، إذ قال المنسق العربي في المركز الإعلامي المشترك جناح حمود لـ (أصوات العراق )، إذا كان قد تم  تسليح  العشائر فهذا تم بعلم الحكومة العراقية، وبعد أن خضعوا لتدريبات على يد القوات العراقية. مبينا أن،الجيش الأميركي أو قوات التحالف لن، ولا، تسلح أحدا إلا إذا كان قد خضع إلى دورات تدريبية.

وأضاف حمود أن، الدولة العراقية هي من تسلح أبناء العشائر.. وقوات التحالف تعمل  فقط لمساندة الخطط الامنية.

وتابع أن، الحكومة العراقية والجيش العراقي وقوات التحالف تعمل معا وبصورة مشتركة للقضاء على الظاهرة الإرهابية كما في فرض القانون والسهم الخارق للقضاء على القاعدة في كل أنحاء العراق.

المالكي.. انتقاد واضح للتسليح!؟

لكن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كان قد انتقد، علانية، الخطوة الأمريكية بتسليح عشائر من دون موافقة حكومته، مبينا ضرورة أن تترك قرارات من هذا النوع للحكومة العراقية، وقال في مقابلة مع مجلة نيوزويك مؤخرا، أن الجيش الأمريكي يمكن أن يسبب نشوء ميليشيات جديدة بتسليحه عشائر عراقية.

وأضاف أن، عددا من الضباط الميدانيين (الأمريكيين) يرتكبون أخطاء بتسليحهم بعض العشائر أحيانا. مشيرا إلى أن هذا يشكل خطرا؛ لأنه سيؤدي إلى تشكيل ميليشيات جديدة.

وقال، اعتقد أن قوات التحالف لا تعرف خلفيات العشائر. مؤكدا على أن هذه العملية عائدة إلى الحكومة العراقية.

وهو الموقف نفسه الذي شدد عليه الناطق باسم وزارة الدفاع محمد العسكري بقوله، رأينا كأجهزة أمنية وكجزء من الدولة العراقية، أنه لا يمكن أن يكون هناك تسليح أو تنسيق مع أي تجمعات عشائرية أو مدنية خارج إطار الدولة وخارج إطار القانون العراقي.. ومن دون موافقة الحكومة العراقية .

وأضاف العسكري، نحن ندعم أية عملية تساعد مكافحة تنظيم القاعدة.. ولكن ضمن إطار الدولة. موضحا أنه "لا يمكن أن نقوم بتسليح عشائر أو مواطنين في أحياء أو قرى ونعطيهم سلاحا أو دعما من  دون أن يكونوا هم جزءا من وزارة الدفاع أو الداخلية.

وأضاف، هذا توجيه صدر عن القائد العام للقوات المسلحة والذي هو رئيس الوزراء (نوري المالكي) ونحن في الدفاع أو الداخلية ملتزمون بهذا التوجيه.

لكن العسكري أعرب عن اعتقاده بعدم جدية القوات المتعددة الجنسيات بهذه الخطوة، وقال اعتقد أن هذا الموضوع لو كان جديا وحقيقيا لكان نوقش مع الحكومة العراقية، لكن هذه التقارير نطلع عليها في وسائل الإعلام فقط ولم نسمع أي مسؤول أمريكي تحدث بالأمر أو مسؤول عراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 1 آب/2007 -17/رجب/1428