وليد الكعبة.. قبلة التوحيد

بقلم / رفعت الواسطي

التوحيد في الاسلام من يؤمن بالله الواحد الاحد ربا واحدا لاشريك له، ويجسد ايمانه هذا فعلا صادقا في السر والعلانية، ويسلم ذاته تسليم العبد الى خالقه المالك المطلق. ولقد تمثلت شخصية امام الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام رمزا من الرموز الالهية التي اصطفاها رب العزة كدليل بشري في التوحيد. أي يكون للناس علما ونبراسا لمن أراد التحدث عن النماذج الانسية في عبادتها للخالق سبحانه وتعالى.

كذلك فيما نفهمه عن هذه الشخصية العظيمة هي العلاقة الملازمة بينه عليه السلام وبين شيعته الذين عانوا اشد المعاناة ومحص ايمانهم بالله تبارك وتعالى من خلال موالاتهم لامير المؤمنين على طول التاريخ منذ وفاة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

 هذه المسألة تحتاج الى فهم يستوعب جيدا المعاني والفلسفة الالهية التي من ورائها عرف الامام بامام الموحدين وأمير المؤمنين وجعلت ولادته في داخل بيت الله الحرام الذي يطوف حوله ملايين الناس ملبين نداء التوحيد لبيك اللهم لبيك.

عن حذيفة بن اليمان  أن أناسا تذاكروا فقالوا: مانزلت آية في القرآن فيها (( ياأيها الذين آمنوا)) الا في أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال حذيفة: مانزلت في القرآن ((ياأيها الذن آمنوا)) الا وعلي لبها ولبابها.

وعن سعيد بن الجبير  عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب أنت الطريق الواضح وأنت الصراط المستقيم وأنت يعسوب الدين. بهذا المنطق يكون التأمل في القرآن الكريم (( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الظالين)) ومفهوم الصراط لابد أن تكون له مصاديق من النموذج الانساني بالاقتداء والموالاة ومتابعة الاعمال الحسنة منهم كل هذا المنطق نراه في شخصية الامام امير المؤمنين عليه السلام  وهي ليست مسألة مزاجية في الطرح أوليس علي بن أبي طالب هو الميزان لايمان الانسان وصدقه والتمييز بين المنافق من الصحابة وباعترافهم هم  يكون من خلال المحبة للامام فكانوا يقولون اذا اردنا ان نعرف المنافق من المؤمن نعرفه من خلال حبه لعلي. هذا هو الابتلاء بعينه حينما تبتلى بايمانك بالله سبحانه وتعالى وباهم أصل من أصول الدين وهو التوحيد تختبر بحبك لعلي.

 بل الاكثر من ذلك نحن عندما نقف في محراب الامامة وقيادتها السياسية والدينية لانجد من يمثل أمل البشرية جمعاء بالخروج من المستنقع المظلم الذي هو اليوم عالم الظلمات كما كان ظهور النبي الاكرم وبعثته المباركة حسب الطرح القرآني ليخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم كذلك امامة أهل البيت وقيادتهم للعالم وليس المسلمين فقط انما هي انقاذ للبشرية من التهلكة واخراجهم من جديد من الظلمات الى النور باذن ربهم لان الانحراف سيكون مشتركا في العالم اجمع وبذلك تبرز الحاجة الى نظرية الامام الحجة المنتظر عجل الله ظهوره الشريف.

من هنا يكون الحديث عن قبلة التوحيد الامام علي عليه السلام حديث الواقع الانساني المؤلم الذي يتطلع الى اصلاح المجتمع وتنقية الدين من الاختراق المنحرف في حركة المجتمع الاسلامي الذي لم تنفذ وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ بعثته المباركة والى رحيله من الحياة الدنيا، فكم أشار بمقام أهل بيته ومكانة الامام عليه السلام من الدين والامة وفق الوحي القرآني الذي بعلي نزلت سبعون آية لم يشركه الله تبارك وتعالى أحد.

ان من أهم الامور التي أود الاشارة اليها في هذا المقام هي مأساة الطريق المظلم الذي تسير عليه الامة الاسلامية بلا نور ولاية علي عليه السلام وأهل بيته الاطهار فهذه من الامور التي يفترض ان ينتبه اليها المعنيون من أتباع أهل البيت وقد نبههم الامام منذ ان تصدى لقيادة الامة بقوله:

 فأين تذهبون ؟ وأنى تؤفكون والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم ! وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم ؟ ! وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن. وردوهم ورود الهيم العطاش. أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم : إنه يموت من مات منا، وليس بميت، ويبلى من بلي منا وليس ببال. فلا تقولوا بما لاتعرفون فإن أكثر الحق في ما تنكرون.. واعذروا من لا حجة لكم عليه، وهو أنا.. ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر ؟

. أمة رضيت بشر الخلق لقيادتها فمن الطبيعي يخلف الشر الذي هو امتداد للكفر وأعني به معاوية ويزيد وما أكثرهم اليوم. فمن الطبيعي تصل بهم الامور الى استباحة دماء المستضعفين كما في العراق ويتصورون انهم يحسنون صنعا بذلك.

(( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )).

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 29 تموز/2007 -14/رجب/1428