عندما تروج القيادات الميدانية في الجيش الامريكي مزاعم الطائفيين

اسعد راشد

غدت التقارير المتناقضة التي تتداولها وسائل الاعلام حول المشهد العراقي تعكس مدى التخبط الامريكي في معرفة ذلك المشهد وتعاطيه غير الدقيق مع مجريات الاحداث التي تفرض ان يكون من يتحمل مسؤلية امن البلاد كجهة محتلة وفقا لقرار مجلس الامن والامم المتحدة منصفا او لا اقل محايدا لا ان يكون طرفا في تأجيج نار الطائفية وتحريض بعض المكونات ضد بعضها البعض.

تقارير التي تنقلها صحيفة واشنطن بوست عن الكتيبة الامريكية وقادة ميدانيين في الجيش الامريكي حول الاحداث الدامية في مناطق البياع والعامل وحي الجهاد ونظرة اولئك القادة للمشهد السياسي والامني في تلك المناطق لا توحي بحيادية الطرف الامريكي ولا تعكس بحسن نواياه في استتباب الامن والاستقرار واشاعة جو من التاخي والوئام بين مكونات الشعب العراقي.

الامريكيون وفقا لتقارير نشرتها صحيفة واشنطن بوست يدعون ان "الشيعة" وميليشياتهم يقومون بتهجير السنة من البياع و العامل والجهاد ! وان تلك الميليشيات تمارس الابتزاز بحق اهل السنة وتلعب دور الحكومة المحلية فيها ! دون ان يوضحوا او يأتوا بدليل ميداني يثبت ذلك الادعاء سوى "كلام" غير دقيق لبعض المجهولين والطائفيين مستوحى من مزاعم قادة جماعات ارهابية ورموز لبعض الاطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية وهي في ذات الوقت تمارس دور التحريض على العنف من خلال مواقعها الرسمية.

المعروف ان مناطق البياع والعامل وحي الجهاد ذات الاغلبية الشيعية شهدت تفجيرات ارهابية كبيرة نفذها انتحاريون متطرفون تابعين للقاعدة وللجيش اللاسلامي البعثي استهدفت الشيعة وقد ذهب الكثير من الابرياء ضحايا لتلك العمليات الاجرامية وقد قامت ميليشيات ذلك الجيش وبمشاركة عناصر القاعدة وفيلق عمر الارهابي بتهجير الشيعة من بيوتهم في حي الجهاد والعامل وحتى البياع ولم يتناه لا الى مسامعنا ولا الى وسائل الاعلام ان الشيعة قاموا في تلك المناطق بتهجير السنة وما نشرته واشنطن بوست بتاريخ 16/7/2007 نقلا عن الكتيبة المسؤولة في قاطع الرشيد من تقارير لا تعكس الحقيقة فهي تقارير مفبركة لجهات طائفية و لجبهة التوافق تمارس التدليس والتضليل لتمرير اجندتها الطائفية ولفرض واقع جديد على تلك المناطق تخدم اي مشروع تقسيمي مستقبلي بهدف تهجير الشيعة وتحويل مناطق معينة في العاصمة الى محميات طائفية خالصة.

تقارير خاصة تتحدث عن وجود اجندة خفية لتحويل البياع والعامل وحي الجهاد الى بؤر طائفية تحتضن الارهابيين خاصة بعد التفجيرات العديدة الارهابية التي استهدفت الشيعة بهدف ترويعهم لترك منازلهم وقد افادت مصادر معينة رفضت الافصاح عن اسمها ان الامريكيين يسلحون الميليشيات الطائفية في تلك المناطق بذريعة مواجهة نفوذ "الجيش المهدي والقاعدة" لتهجير الشيعة واستهدافهم وقد تسللت عناصر من فيلق عمر الارهابي التابع للقاعدة الى حي الجهاد والعامل وهي تمارس التنكيل بالمواطنين الشيعة وهو امر لم يشر اليه القادة الميدانيون في الجيش الامريكي لصحيفة واشنطن بوست التي نشرت قبل يوم فقط مقابلة مع عنصر قيادي في فيلق عمر داخل احد ردهات فندق بغداد الخاضع لسيطرة القوات الامريكية دعى خلالها الى ابادة الشيعة وتطهير المجتمع منهم وازالتهم من الوجود لانهم يمارسون طقوس عبادية لا ترقى الى ذوقهم الطائفي البغيض حيث يقول المدعو الذي يزعم ان اسمه ابوسرحان قيادي في فيلق عمر الارهابي وبعد ان ارسل اشارة مغازلة الى الامريكيين من خلال مدحه للشعب الامريكي لانهم "اخترعوا الكمبيوتر! وساهموا في تقدم جميع شعوب العالم"! عرج الى الشيعة وسلب منهم حق الحياة بقوله (( ولكن الاشخاص الذين يبكون على شخص مات قبل 1400 سنة ـ اشارة الى الامام الحسين (ع) وشيعته ـ هؤلاء يجب ازالتهم ـ اي ابادتهم ـ وتنظيف ـ اي تطهير الطائفي ـ المجتمع منهم لانهم بكل بساطة هراء)) !

هذا الموقف وهذا الغزل للاطراف الامريكية من قبل ارهابي وقيادي في فيلق مجرم يمارس القتل الجماعي والتطهير بحق شريحة من المجتمع لا توافق عقيدتها هواه الطائفي والعنصري وتقارير مفبركة تقدمها اطراف طائفية لقادة ميدانيين في الجيش الامريكي تنشرها واشنطن بوست يمثل تحولا خطيرا ومشوبا بالشكوك حول دور بعض الاطراف في الجيش الامريكي لاستمالة الارهابيين وهو توجه يضر بالعملية السياسية ويشكل تدخلا غير مبرر له في الشأن الحكومي وفي سياسة الحكومة التي ترمي الى بسط سيادتها على كامل التراب العراقي وملاحقة الارهابيين والقتلة الملطخة ايديهم بدماء الابرياء.

ان يستضيف الامريكيون ارهابيا تابعا للقاعدة في فيلق عمر الارهابي وان يغازل قادة ميدانيون في الجيش الامريكي لميليشيات طائفية والاعلان بانهم اي "السنة" مستهدفون من قبل الميليشيات الشيعة لا يخدم خطة فرض القانون القانون بقدر ما انه يساهم في خلق جيوب طائفية تكون قاعدة لنشر الموت والكراهية والعداء يستوجب على الحكومة المنتخبة الوقوف في وجهها ومنع تحقيقها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24 تموز/2007 -9/رجب/1428