تشظي الهوية العراقية...

سعد البغدادي

 لم يعد خافيا على احد ان العراق يعاني اليوم من ازمة هوية ادت الى مازق سياسي كبير جر البلد الى مقدمات الحرب الاهلية اذ ان اشكالية التفسير المفهومي للهوية العراقية  اخذت  في الاتساع  ضمن المناقشات الجدلية لتتحول منذ  التاسع من نيسان عام 2003 الى حروب داخلية بين مكونات الشعب العراقي.

 ولم تكن اللغة هي الهاجس الوحيد للاختلاف بين الهويات ولا تعدد المذاهب والاديان وانما كانت الاشكالية الكبرى التي حدثت هي التماهي  والتمترس المذهبي والقومي والاصطفافات السياسية التي تشكلت وفق الهوية المذهبية والقومية ادت الى ترسيخ المفاهيم الطائفية والعنصرية والشوفينية في البلد وكلما ابتعدنا عن 2003 نجد اتساع الهوة بين العراقيين حتى غدا  العزل الطائفي من ابرز سمات العاصمة بغداد وباقي المحافظات.

 تشظي الهوية العراقية امتد ليشمل كل الاثنيات في بلاد مابين النهرين الصابئة  واليزيديون والمسيح  والتركمان والشبك فضلا عن السنة والشيعة والاكراد.

اصبحت المفاهيم ملبدة بالضباب وفيما بعد برائحة البارود فلم يعد قبول الاخر امر يسير فاصبح الزواج من امراة كردية او شيعية او سنية  من القومية الاخرى او المذهب الاخر امر محفوف بالمخاطر والتهلكة  امر ندر وجوده في المجتمع العراقي وتضاءل الى حد الصفر بسبب هذا التشظي.

وبعد عام 2003 اصبحت الهوية العراقية خلافا للسنوات الماضية متشظية الى حد ان رجم فتاة يزيدية لانها رغبت مرة اخرى لانها رغبت فقط بالزواج من مسلم.؟؟ التبرير الديني الذي اوردته اميرة يزيدية كان حاضرا لديها.

 كل هذا يدعونا الى رفض القول ان ملامح الهوية العراقية عند تشكيلها غائمة وغير واضحة  وهي اقرب الى الكولاجية ؟

كيف والهوية العراقية عبر تشكيلها كان المكان  العراقي هو  الابرز في تفكيكهيا وتشظيها حتى اصبح الانتماء للمكان او الرقعة الجغرافية المعينة فوق الانتماء للوطن برز هذا واضحا بعد 2003. بعد كان متخفيا  طيلة اربعين السنة الماضية تحت الشعار القومي  والقضية المركزية على اننا نتلمسه جليا في صفوف الطلبة والجامعات وافراد الجيش من خلال تجمعات تحمل الهوية الاثنية  فابناء الرمادي في الاقسام الداخلية وابناء البصرة وذي قار الاانه كان تجمع سلمي بسبب قوة الدولة المركزية انذاك وحينما انهارت تلك القوة تحولت هذه التجمعات الى مراكز استقطاب عدائية شكلت بوادر الاقتتال والتعبئة ضد الهوية العراقية الذين ساهموا في صياغة وبلورة هذا التشظي في صورته النهائية لم يدركوا بعد حجم الكارثة التي ستحيق بالوطن وهم ذاتهم لايعرفون كيف يتم ترقيع هذه الفجوة.

 وهذا الارث الذي  حول المشكل من وطن الى هوية او اثنية.تم ترسيخ هذه المبادئ العدائية ضد الاخر في المجالس الخاصة لتتحول الى اصدار فتوى عبر المساجد بتكفير الهويات الاخرى ففي الموصل يتحول الاكراد علنا الى اعداء الهوية وفي المناطق الغربية تتحول المساجد الى منابع فتوائية ضد  الشيعة وفي الجنوب يكون الاعتراض واضحا ضد الهوية الاخرى.

لم يقتصر التشظي على فئة دون اخرى  وامتدت اثاره السيئة لتشمل الجميع. واصبح الدفاع عن الهوية المذهبية والاثنية بدلا عن الهوية العراقية من نتائج هذا التشظي  ان يحمل البغدادي جملة هويات شخصية كي يتجنب القتل  ومن اثاره السئية العزل الطائفي الذي يمنع التجوال في البلد الواحد ومن اثاره  التناحر السياسي الذي وصل الى ذروته في صم الاذن عن الاستماع للاخر. والدفاع عنه  حتى لوكان قاتلا لكنه من ذات الهوية المذهبية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17 تموز/2007 -2/رجب/1428