دوغمائية بوش .... إلى متى ؟

محمد العرادي

 يبدو ان الثقة بالنفس بشكلها المطلق، تخرج صاحبها من نسق الاعتدال وتحرف مساره إلى الاختلال في الرؤية، ليصبح دوغمائي مرّكب بدل ان يقال جاهل مرّكب، فالانغماس في الوثوقية أو الاعتقداية، بأن يعتقد المرء بصواب رأيه على نحو مطلق يعني الانجرار في طريق الهاوية، فالتعصب يهلك صاحبه فما بالك برئيس دولة يملك اتخاذ القرار، ويتصرف بمقدارت شعب يفوق 250 مليون نسمة حسب الإحصائيات الأخيرة، إضافة لتعدد ثقافاته فهو يعتبر مزيج من ثقافات متعددة ..

لقد جر الرئيس جورج دبليو بوش شعبه إلى ما لانهاية، فالحرب على الإرهاب كما يصفها، ما زالت قائمة وحصد الأرواح من الجانبين الأمريكي والعراقي وجنسيات أخرى أيضا ما زالت قائمة، إذا لماذا كل هذا التعصب والاستمرار في زهق الأرواح البريئة، تحت شعارات ديماغوجية وثرثرات رنانة، ولماذا كل هذه الحيل والإغراءات للشعب والجماهير بوعدها بالوعود الكاذبة والخداعة ..

لقد اخترق الرئيس بوش العراق بكذبة أسلحة الدمار الشامل، وخاض حرباً ما زالت ويلاتها قائمة على اثر ذلك، وهذا ما حدا بالشرفاء الأمريكيون أمثال جايمس بوفارد ليؤلف كتاباً أسماه (خيانة بوش ) سحق الحرية والعدالة والسلام بحجة تخليص العالم من الإرهاب والاستبداد، وهو كتاب يعتبر وجهة نظر أمريكية في فترة حكم الرئيس الحالي، الذي ارتفعت في عهده عدد النعوش الأمريكية نتيجة معارك أو رفض سياسة الولايات المتحدة في مناطق متعددة بالعالم ..

 يرى بوفارد ان الحرب التي شنها بوش على العراق أعظم إساءاته لاستخدام السلطة، وهي اكبر بكثير من جورج بوش، بصرف النظر عما إذا سيتقاعد في مزرعته في وقت مبكر من هذا العام

ويقر بوفارد بان بوش يعتبر كل عراقي يعارض الاحتلال بأنه ارهابي، ويسرد كيف احتجزت قوات الاحتلال 7000 عراقي بعد مقتل جندي واحد،

ويذكر كيف تعتقل قوات الاحتلال الأميركي في السجون صبيان بعمر 11 عاما، وكيف يتم التعذيب معتبرا العراق الآن معتقل غوانتنامو كبير، بل ربما أصبح العالم كله معتقل خاص لبوش يمارس فيه تعذيب العالم من خلال تعصبه وعدم إذعانه لكل تلك الحقائق التي أمام عينيه ..

ولم تكن الحقائق الذي قدمها بوفارد هي الوحيدة فقد انبرى مؤلفين آخرين لفضح سياسة بوش في العالم أمثال ستيفن مايلز في كتابه الأخير ( خيانة القسم ) التعذيب ، والتواطؤ الطبي ، والحرب على الإرهاب ..

ان انتصار الديمقراطيين على الكونجرس الأمريكي، قد احدث طفرة في نوعية الخطاب الموجه للرئيس الأمريكي بوش، وبات من السهولة توجيه النقد لسياسته في الشرق الأوسط، فلم يعد هناك العدد الكافي من الجمهوريين للدفاع عنه، ولكن هل يعني ذلك ان النقد سيترجم لقرارات تلزم الرئيس بالتخلي عن وثوقيته في قراراته الفردية، فقد طالب نواب من الحزب الديمقراطي مؤخراً الرئيس جورج دبليو بوش بالاعتراف بفشل سياسته في العراق والتوقف عما أسموه سياسة التصعيد التي يعتمدها والتي لم تعد مقبولة من قبل الشعب الأمريكي ..

فقد قال هاري ريد، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ: "لقد حان الوقت لكي يستمع الرئيس إلى الشعب الأمريكي ويعمل ما هو ضروري لحماية هذه الأمة جاء كلام ريد في أعقاب تصويت مجلس النواب مساء الخميس لصالح مشروع قرار يطالب الإدارة بالبدء بسحب الوحدات المقاتلة من العراق خلال 120 يوما، على أن يكتمل الانسحاب بحلول أول أبريل/نيسان من العام المقبل.

وقد نال القرار غالبية 223 صوتا مقابل 201 صواتا معارضا في مجلس النواب الذي يتمتع فيه الحزب الديمقراطي بالأكثرية .

والغريب في الأمر ان رغم كل تلك الضغوط المفروضة على بوش نرى انه يستمر في عناده الدوغمائي عندما رفض الدعوات المطالبة بسحب القوات الأمريكية من العراق قبل تحسن الوضع الأمني واعتبر ذلك كارثيا في الوقت الراهن ..

ربما الرئيس الأمريكي قد تعود على فقه التعصب لرائية حتى أصبحت نفسه مجبولة على ذلك وهذا ما ينبئ باستمرار الويلات على مستوى العالم ككل في الأيام والسنوات المقبلة .

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 15 تموز/2007 -30/جماد الاخرى/1428