الفساد الكبير والصغير... تداعيات وحلول

 شبكة النبأ: يحدث الفساد بقبول الموظف المؤتمن على ادارة او اموال عامة او خاصة بقبول رشوة او ابتزاز لتسهيل عقد او اجراء طرح لمناقصة عامة، كما تتم عندما يقوم وكلاء او وسطاء لشركات او اعمال خاصة للاستفادة من حيثية هذه المعاملات بالتغلب على منافس، وتحقيق ارباح خارج اطار القوانين.

كما يحدث الفساد بأوجه اخرى كاللجوء في تعيين اشخاص في دوائر الدولة او في المنظمات او في القطاع الخاص ببدل نقدي او اجراء تسهيلات للمعارف والاخوانيات والصداقات الشخصية مقابل فائدة اجتماعية، إضافة الى السرقة المباشرة لأموال الدولة ببعض التلاعبات وبطرق متعددة.

صندوق النقد الدولي imf  يرى ان علاقة الايدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص او لمجموعة اشخاص لهم علاقة بالاخرين، ويمكن تمييز حالتين من الفساد، الاولى: تتم بقبض الرشوة عند تقديم الخدمة الاعتيادية المشروعة والمقررة.

الحالة الثانية: تتمثل بقيام الموظف بتامين خدمات غير شرعية وغير منصوص عليها ومخالفة للقانون، كإفشاء معلومات سرية او اعطاء تراخيص غير مبررة او تسهيلات ضريبية  وغيرها.

ان الفساد جريمة مبنية على التفكير والحساب والتخطيط، وليس على العاطفة، وعليه فالفساد من الجرائم التي تزيد التراكمات المادية غير الشرعية، ومخالفة للقوانين ومؤثرة تاثيرا سلبيا في بنية المجتمع من خلال تحطيم النمو الاقتصادي وتدمير القاعدة المادية.

من جميع هذه الاشتقاقات يمكن الاشارة الى الفساد بانه سوء سلوك ذاتي ينعكس على الآخرين، وما قد يجنيه ذلك الشخص من جراء هذا السلوك، من تحقيق ارباح مادية طائلة، إلا انها تكون على حساب المجتمع المحيط به، وما قد يلحق ذلك من آثار سلبية في المجتمع يتجسد في ازدياد صور الانحراف وامتدادها عبر شبكات تتاجر وتقامر بمقومات البلد الاقتصادية، إضافة الى غرس صفات الابتزاز والجشع والنصب والخديعة والزيف.

ومن الناحية التصنيفية فان الفساد على نوعين:

النوع الاول: الفساد العادي ويتمثل بتقاضي الموظفون الصغار وبعض المسؤولين الحكوميين من ذوي الرواتب المحدودة الرشوة على شكل نقدي او اكراميات مقابل تسهيلات غير مشروعة.

النوع الثاني: الفساد الشامل الكبير، يتمثل ببعض القادة السياسيين وكبار المسؤولين بتخصيص الاموال العامة للاستخدام الخاص وكذلك اختلاس الاموال وتلقي الرشاوى وابرام العقود والصفقات التي يكون راسمالها من مقدرات الدولة، مقابل تحويل ارصدة منافعها الى جيوب هؤلاء المسؤولين والقادة.

الفساد الصغير يتعلق باتمام اجراءات روتينية على وجه السرعة او عدم اجرائها اصلا، مثل ما يقوم به بعض موظفي الهجرة والجمارك وغيرهم، بينما الفساد الشامل يتعلق بالتاثير على اتخاذ القرارات مثل قرارات إنشاء المشروعات الاقتصادية وترسية العطاءات والمناقصات وعقد الصفقات الكبيرة في مختلف المجالات.

عندما تنهار رقابة الحكومة المركزية او الدولة وشتداد ازماتها يجد الفساد ارضه الصالحة لينمو فيها وتتفرع امتداداته مثل الشرايين السامة في جسد الشعب الذي تظهر فيه.

حينها تحل الجريمة المنظمة كما هو الحال عند انهيار الاتحاد السوفيتي، او العراق.

وكلا نوعي الفساد انما يؤديا الى انهيار كلي في مرتكزات الدولة واسسها البنيوية.

فقد يستشري الفساد الصغير الى الدرجة التي لا يمكن السيطرة عليه، وقد يبقى كداء خفي غير معروف لعدم وضوحه بشكل مباشر، إلا ان اثره فتاك من خلال التلاعب بالقواعد الشرعية التي يجب انتهاجها والسير وفقها.

اما الفساد الكبير فهو يقضي على المجتمع باكمله لأن جميع مقدرات المجتمع بيد من يتحكمون فيه من الذين امتهنوا الفساد لمصالح شخصية تؤدي الى افقار المجتمع وتعطيل قدراته وتعود به الى التاخر والانحطاط.

يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي مازن مرسول محمد في معرض تحليله للفساد:

هناك العديد من الاسباب التي تدفع الى ممارسة هذا السلوك قد تكون خفية واخرى ظاهرة وهذه الاسباب تعود الى الشخص نفسه، وتتعلق بطبيعته وتكوينه وصفاته الخلقية والظاهرة قد تعود الى الظروف المجتمعية التي تدفع بهذا الاتجاه.

فقد تكون من الاسباب الدافعة للفساد هي وجود خلل في شخصية الممارس لسلوك الفساد في صفاته الاخلاقية كأن تكون صفة الطمع متاصلة رغم وضعه المادي الذي لا يحضه الى ممارسة هذا السلوك، أي انه مصاب بحب الاستغلال وجمع الاموال باية طريقة وفي كل الظروف.

هذه الآفة التي تمتد بجسدها الثقيل على طول البلاد، يجد المخلصون ان من اوجب الواجبات القضاء عليها او في الاقل تحجيمها وجعلها غير مؤثرة بالدرجة التي تنهك العاتق الاقتصادي للمجتمع.

ويرى الكاتب والمحلل الاقتصادي د. ناصر عبيد ناصر: ان ذلك يتم على وجه التقريب في اعتماد نقاط عدة منها:

·        تشخيص ظاهرة الفساد، اسباب وعواقب.

·   ادخال اصلاحات على انظمة الدولة من النواحي التشريعية والادارية والاقتصادية وتركيز الحكم الجيد في الدوائر والمؤسسات.

·        اشراك المجتمع المدني والمنظمات ووسائل الاعلام وتحديد الآليات.

ان استرتيجيات مكافحة الفساد تتباين تبعا للبيئة السياسية والاقتصادية التي انتجت الفساد، وانطلاقا من هذا المنظور اقدمت منظمة الشفافية الدولية بإعداد نموذج اصلاحي تم التركيز فيه على اركان النزاهة وهي: الادارة السياسية.. الاصلاح المؤسساتي.. اشراك المجتمع المدني.. إصلاحات ادارية.. تفعيل المؤسسة الرقابية.. السلطة التشريعية.. السلطة القضائية.. وسائل الاعلام.. القطاع العام والخاص.

كذلك يرى الكاتب الاقتصادي ياسر خالد بركات الوائلي: بان من الواجب اتخاذ الخطوات الضرورية لمكافحة الفساد والتي طرحها على شكل نقاط:

· تبسيط وسائل العمل وتحديد انجاز المعاملات.

· اجراء تنقلات دورية بين الموظفين.

· تشكيل لجان خاصة لوضع نظام متكامل لأداء الموظفين وتحقيق مهمة التفتيش.

· اعتماد معيار المهارة والخبرة.

· تحديد سلسلة رواتب لكل فئة.

· إنشاء نظام رقابي فعال مستقل.

· العمل بمبدأ الشفافية في جميع مرافق ومؤسسات الدولة.

· إشاعة المدركات الاخلاقية والدينية والثقافية والحضارية بين عموم المواطنين.

.......................................................

1- مجلة النبأ/ العدد 80

2- العنف السياسي- تيد ريش

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14 حزيران/2007 -26/جمادي الأول/1428