التهجير القسري في ديالى عنوان من عناوين الجهاد التكفيري

تحقيق: عصام حاكم

 شبكة النبأ: لم تعد ظاهرة التهجير  تمتلك خصوصية المناورة في اضفاء عوامل مشجعة  من شأنها ان تدعم او تعزز موقف  المشككين  في حيثيات وتداعيات  هذه الظاهرة القديمة الجديدة على الواقع العراقي، فضلا عن انها باتت تختزل معاني واسعة تكاد ان تشكل  مسار جديد يمكن ان يسهم في خلق انعطافة انسانية كبيرة في النسيج الديموغرافي العربي والاسلامي على حدا سواء.

 ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل اضحت تعبث مرة اخرى بالجراح النازفة من اثر التصرفات الرعناء التي كان ينتهجها ازلام النظام السابق والتي هي بالتاكيد  امست تنسجم او تتفاعل في احيان كثيرة مع ما يقترفه التكفيريون من حالات التهجير او القتل على الهوية،  بيد ان الامر يبقى مرهون  بمعطيات عدة من شانها ان تضع حدا  لتلك الظواهر  المتسقة في العزف على وتر التفريق بين مكونات الطيف العراقي، ومن دون ان تمنح بالمرة الحكمة متسع من الوقت كي تلوذ باسباب الجهل او القراءة الخاطئة والتمسك بزمام الحكم اوعناوين اخرى، وذلك كي تسهم في تفويت الفرصة على اصحاب النفوس الضعيفة والمريضة.

ومن اجل الوقوف عند حيثيات هذه الظاهرة الخطرة كان لمراسل( شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع بعض العوائل المهجّرة للاطلاع على ماهية هذا التعدي والاسباب الحقيقية التي دعت الى بروزه والسبل الكفيلة للقضاء عليه.

فكانت النتيجة كما يلي:

المحطة الاولى مع الشيخ (قيس حسن عبد الامير السعدي) وهو من اهالي ديالى وبالتحديد من منطقة بعقوبة، حيث قال: وهو يحمل الكثير من العتب على وسائل الاعلام والفضائيات من خلال تجردهم في نقل الحقيقة والحقيقة دون سواها، في الواقع ان محافظة ديالى تعد من المحافظات التي تتشكل من الطيف العراقي الجميل منذ زمان بعيد وهم يعيشون في سلام وامان، الا انه منذ السقوط ولحد الان تحولت محافظة ديالى الى حاضنة لكل الوافدين الى العراق من كافة اصقاع الارض وذلك لتغيير معالم تلك المدينة او ديمغرافية المنطقة او منهج المحافظة او اتجاهها من مذهب الى مذهب اخر، علما باننا في السابق نخجل ان نقول فلان سني وفلان شيعي، لكن ضباع الارض الجائعة التي جاءت لتهجم تلك الهجمة  الشرسة على محافظة ديالى وتمزقها هذا التمزيق جعلت الوضع يصل الى هذه الكارثة، الا انهم  هذه الايام في حيرة من امرهم فهم يقتتلون فيما بينهم وهذا الامر بقدرة الله سبحانه وتعالى. حيث دماء الابرياء لا ولن تذهب هدرا باذن الله.

واضاف لـ شبكة النبأ: نحن جئنا الى هنا أي الى محافظة كربلاء المقدسة محافظة الامان والسلام  والانتفاضة ومحافظة المحبة كضيوف على مدينة الحسين واخيه العباس(عليهم السلام)، بالاضافة الى ذلك هناك همّ وحيف كبير لايزال يلحق بنا ويجب ان نشرع بنقله الى كل العالم وذلك من خلال اطلاع اهالي كربلاء واطلاع الاعلام على مظلومية اهالي تلك المدينة المحبة للسلام، اما فيما يخص اهالي ديالي المهجرين الى كربلاء فمنهم من استطاع الحصول على ورقة او رقم هجرة وهو الان  يمتلك بطاقة تموينية واولاده يدرسون في المدارس هنا.

 والقسم الاخر لم يحصل على ورقة الهجرة، فبالمقابل لايستطيع الحصول على حصة تموينية ولا يستطيع في الوقت ذاته ابناءهم الاستمرار في الدراسة، وانا واحد من هؤلاء الناس حيث لدي عشرة ابناء وهم اليوم يجلسون في البيت، علما باني وصلت الى كربلاء منذ قرابة الشهرين، حيث كنت اسكن في اخطر منطقة في (بهرز) بجوار بيت المحافظ  وقد تعرض منزلي الى عدة هجمات من قبل الزمر الارهابية هذا مما اضطرني  الى الهجرة انا وعائلتي، والان على حد علمي فان المنطقة بيد القوات الامريكية.

ومن خلالكم اناشد  وأحث الحكومة على تطهير محافظة ديالى من تلك الزمر التخريبية الارهابية التي ما زالت الى اللحظة تعيث فسادا في الكثير من ارجائها وارجاع المهجرين الى المحافظة سالمين، وفي نفس الوقت ندعو الحكومة الى الاسراع في مساعدة العوائل والمناطق المحاصرة الان في (شفته وخان اللوالوة والهويدر والخالص وخان بني سعد) والكثير من المناطق الاخرى، علما بان الطريق الذي يصل بين بغداد وبعقوبة  هو الاخر يشكل معضلة    حيث تنصب هناك مفارز وسيطرات وهمية لقتل المواطنين على الهوية.

وأضاف لـ شبكة النبأ: اما فيما يخص موقف ودور الحكومة فهو موقف على ما يبدو مكبّل من قبل القوات الامريكية حتى قائد الشرطة وقائد الجيش هم الاخرون ليس لديهم حول او قوة، رغم علمنا بدورهم الجيد، فالقوات الامريكية هي التي تحدّ من عملهم، وبالتالي فان القوات الامريكية لها الدور الاكبر في استفحال  ظاهرة الارهاب في محافظة ديالى، حيث انهم تركوا الحبل على الغارب، وبالمقابل فانهم يصغون الى تلك التقارير التي تحاول ان تسىء الى الشيعة على انهم فرس وايرانيين وصفوين ولهم اتجاهات ايرانية ويتعاونون مع المخابرات الايرانية، وعلى ما يبدو فان القوات الامريكية قد اخذت بهذه التقارير على محمل الجد، علما بان نسبة الشيعة في ديالي تقدر65%.

اما فيما يخص قولك هل نحن ضعفاء ام مستضعفون؟  فبالتاكيد لا هذا ولا ذاك بل الامر ينحصر بثقافة تقول بأن شيعة ديالي مثقفون ومؤدبون وهم ملتزمون بالاخلاق العالية، الا ان  هولاء المجرمين لا يعرفون من الاخلاق شيئا ابدا. ولا يسعني في نهاية حديثي إلا القول بان التكفيرين لا ينتمون الى طائفة دون اخرى وهم في الغالب من خارج الحدود ولكن بالمقابل هناك من يحتويهم في العراق من الصداميين والتكفيرين ويقدم لهم العون والتجهيز.

ومن ثم تدخّل الاخ(عبد العزيز التميمي) وهو ايضا من محافظة ديالى  وبالتحديد من ناحية ابو صيدا، حيث قال لـ شبكة النبأ: منذ قرابة السنة والنصف ومحافظة ديالى تعاني من مختلف اصناف الارهاب  والقتل على الهوية والتشريد والذبح وهتك الاعراض والاستار وهدم البيوت، وبالمقابل هناك صمت مطبق وسكون لا يصدق من قبل الاعلام والفضائيات العربية والاجنبية على حدا سواء، فقد (استشهد اكثر من تسعة الاف شخص) في مناطقنا ولم نشاهد فضائية واحدة ترفع حاجز الصمت، والقصص كثيرة في هذا المجال الاجرامي ولكن أود ان انقل لك قصة حزينة واحدة وهي: ان عريس ذهب ليأتي بعروسه وهي ابنت خاله وفي الطريق  امسكت به تلك الزمر الارهابية فذبحوه مع ابيه بالمنشار، فأي قانون من قوانين السماء يجيز لهؤلاء ذلك فاني لا اعلم، فالاسلام قد حرّم قتل المدنيين والنساء وقطع الاشجار وعدم الاجهاز على جريح او طفل فأين هؤلاء من الاسلام، علما بان الارهاب لم يكن وليد اليوم او اللحظة بل هو يمتد لاكثر من ثلاثين عاما خلال الحكم البعثي البائد ونحن نعجب من هذا الصمت. وقال متسائلا:

الناس في ديالى المظلومة تتسائل  من هي الحكومة؟

وماذا عملت الحكومة؟

وما هو هدف الحكومة من هذا الصمت تجاه مظلومية ديالى؟

وماهو سر هذا السكوت حيال هذه الجرائم البشعة؟

وهناك سؤال يفرض نفسه فعندما تحدث مشكلة بسيطة عند الطرف الاخر من المعادلة العراقية تقوم الدنيا ولا تقعد، ولكن عندما يقتل من الشيعة مئات الالاف لا نسمع من أي ممن يدعون الشرف صوتا واحدا، فهل نحن ضمن اطار المقولة القائلة( قتل امرءٍ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر).

واضاف، كما أود ان أشير الى حادثة حصلت قبل ايام قليلة في منطقة (الجيزاني الإمام) حيث خطفت العصابات الارهابية 17 شاب وقتلتهم، وقد جاء بهم اهلهم الى مدينة النجف كما ياتون بصناديق الطماطة ليدفنوا هناك، فلماذا اختطفوا ولماذا قتلوا...

كما اني لأعجب  من هذه الامة التي تدعي بانها اسلامية، والحديث النبوي صريح  في هذا المقام(من سمع مسلم ينادي ولم يجيبه فليس بمسلم) اوليس الحكومة مسلمة اوليس رئيس الوزراء بمسلم.

أما سؤالك عن ما مطلوب من الحكومة؟

فالحكومة مطلوب منها الكثير،  اولاً ان تضرب بيد من حديد على هؤلاء الذئاب وان تفهمنا ايهما الحكومة الان، هي أم القوات الامريكية؟، نريد فقط ان نفهم هل هو المالكي الرئيس ام بوش، وعندها ندرك اين نذهب لنشتكي.

فمنذ ستة اشهر او اكثر لم تصل الى محافظة ديالى الحصة الغذائية لأن الطرق مقطوعة، وانت تصور اذا كان هناك شخص مريض او امرأة تطلب الولادة ماذا نعمل؟

فالمستشفى بيد الارهابيين وكذلك المصارف والدوائر الحكومية والمحافظة فاين نذهب؟

ويضيف هذا المظلوم، تصور ان رجل كبير السن ذهب ليأتي براتبه التقاعدي فقتل هذا الرجل في الطريق دون اي ذنب فقط لانه موالي لاهل البيت عليهم السلام، بل وقتل العشرات بل المئات على طريق المقدادية ولم نرى صاحب ضمير يحرك ساكنا من قبل تلك  الحكومات او الفضائيات التي تدعي بانها عربية مع شديد الاسف، فنحن هنا اليوم كوننا يأسنا من الحكومة ويأسنا من الاعلام في نشر مظلوميتنا ومن اجل ان نسمع صوتنا الى كل مسلم وشريف وانتم اليوم مسؤولون ومطالبون امام الله ان تنقلوا الحقيقة لا غير ليسمعها ويعيها كل مسلم بل كل انسان يشعر بمعاني الانسانية في شتى اصقاع الارض.

مواطن اخر استشاط غضبا وهو من اهالي محافظة ديالى وحدث شبكة النبأ بمرارة قائلا : كيف لي ان اتحدث وانا شهدت مئات بل الاف القصص المروعة من وسائل القتل والابادة الجماعية التي لم تخطر على بال احد، فهل سمعت في حياتك ان اسرائيل قد قتلت طفل عمره سنتين او ثلاث سنوات وقطعت رأسه ومن ثم احرقته بالنار والباقي من الجسد أعطته الى الكلاب السائبة هل تتصور؟ يشهد الله انها حقيقة وليست من ضرب الخيال. 

ناهيك عن هتك الاعراض، اين هي الحكومة التي انتخبناها واعطيناها ثقتنا واعطيناها اصواتنا في اقرار الدستور؟ فلولا ديالى وتلعفر لم يقر الدستور.

اما عن كيفية استفحال هؤلاء الوحوش في ديالى فبالتاكيد هناك عدد كبير من البرلمانيين العراقيين لهم فضل على استفحال تلك الظاهرة وكذلك (منظمة منافقي خلق الايرانية) هي الاخرى لها دور كبير في استفحال  ظاهرة الارهاب في ديالى، والدور الذي لا يستهان به هو دور الاعلام العربي والذي هو يؤيد الارهاب منذ اللحظة الاولى من خلال قناتي الجزيرة والعربية وقنوات اخرى مع الاسف تسمي نفسها عراقية.

فها هو محمد الدايني رفيق صالح المطلك عضو جبهة الحوار، اقام الدنيا ولم يقعدها على شخص واحد قتل ولكن هو يغض الطرف عن المآسي التي يرتكبها الارهابيين بحق الشيعة في ديالى كونه جزء مهم من عملية وآلية الارهاب.

وهناك سؤال اخر ما هو دور 131 عضوا من الشيعة في مجلس النواب؟ ما هو عملهم؟ فقط للمجاملات على حساب المواطن العراقي.

أما(محمد التميمي) فقال لـ شبكة النبأ: فيما يخص محافظ ديالى فهو الذي ينسق مع الارهابيين ويطلق سراحهم مقابل مبلغ يقدر بعشرين الف دولار عن كل ارهابي وبالتعاون مع سكرتيره الشخصي وهو لحد الان موجود في منصبه.

واضاف، اما بالنسبة الى (غسان الباوي) وهو قائد الشرطة السابق فانه سرق مبلغ ستة مليارات دينار وهو الان يعمل هو وحمايته في مدينة كربلاء، نحن نطالب اليوم رغم علمنا بان الحكومة ضعيفة بإقالة محافظ ديالى فهو عميل لصدام، ووالده كذلك كان عميل للبريطانيين في العهود الماضية، وهؤلاء خونة ولحد يومنا هذا يحتفظ المحافظ الحالي لديالى بصورة يقلّد فيها المجرم الكبير عزت الدوري المحافظ الحالي قلادة مكافأة، وهي موجودة الان في المضيف لديه، كما ان هناك دليل اخر دامغ لماذا لم يتعرض المحافظ الى أي محاولة او هجمة من قبل الزمر الارهابية  انه دليل  واضح على مدى التنسيق معهم، علما بان منطقة ابوصيدا تتعرض دائما الى الهجمات والى العمليات الارهابية ولا يستثنى احد اذا كان يعمل ضد الارهاب، اما فيما يخص نائب محافظة ديالى فهو الان هارب خارج البلد وفي الوقت نفسه هو من يبلغ القوات الامريكية على اسماء الشيعة تحت ذريعة الارهاب، وهو بهذا التصرف يريد ان  يجعل محافظة ديالى فقط للسنة وحيث لا مكان للشيعة فيها، علما بانني كنت رئيس عرفاء فوج التدخل السريع في ديالي وقد (أقالوني لانني أبلغت عن معمل للعبوات الناسفة) في منطقة التحرير حيث تم الافراج عن جميع الارهابين الذين تم القبض عليهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، ولحد الان المعمل المذكور يعمل وبمساعدة (محمد العبيدي) قائد تنظيم الحزب الاسلامي، وكذلك بمساعدة (حسن ابو مرام) والذي هو يعمل الان بشؤون المحاربين تحت غطاء شركة اسياسيل في بعقوبة بجانب فوج التدخل السريع وينفذون عمليات ارهابية ضد الشيعة ولحد الان.

بالاضافة الى ذلك فان هناك ضباط شرفاء ومخلصون للعراق هم الان معتقلون عند القوات الامريكية مثل النقيب احمد في الغالبية والملازم اول علي مزهر مغامس ونقيب صلاح.

فاننا نتسائل، والكلام لحد الان لمحمد التميمي اذا كانت الحكومة لا تستطيع فلتفوض الناس كي يتسنى لهم الدفاع عن انفسهم.

وقد غادرنا المكان وتختلج في نفسنا غصّة على هؤلاء المواطنيين الابرياء الذين تركوا مدنهم وقراهم من اجل حفنة من القتلة والمجرمين، والقيادة العراقية تجامل وتراعي مشاعر عدنان الدليمي ومشعان الجبوري وصالح المطلك وحارث الضاري، ولكن ثمة سؤال يفرض نفسه اليوم، لو كانت هذه الجرائم تمارس ضد المواطنيين المصريين او الاردنيين او السعوديين هل يجاملون القيادة العراقية في استباحة الدم الوطني؟، انه مجرد سؤال؟ ومن الله التوفيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 1 تموز/2007 -14/جماد الاخرى/1428