رهائن في بيوت الموتى

 بقلم  محمد حسن المالكي

 بيوت الموتى مصطلح اطلقه الكاتب الروسي فيودور دستويفسكي في روايته الشهيرة ((ذكريات من بيوت الموتى ))على السجون السيبيرية المنعزلة عن العالم في ذلك الحين وهو يصور حال سجناء سيبيريا السياسيين  بانهم كانوا اشبه بالاموات المنسيين ، وهنا في العراق كنا قد كتبنا في مقالات عديدة عن وجود اكثر من ثمانية عشر الف معتقل عراقي يقبعون في بيوت الموتى في سجون بوكا والمطار وبادوش وسوسة بلا تهم رسمية موجهة لهم وبلا اوامر قضائية لاعتقالهم.

 والمشكلة انهم يخضعون لاشراف القوات الاميركية في خرق فاضح للقرار الدولي 1546 الذي لايخولهم مطلقا الاشراف على السجون الموجودة على الاراضي العراقية ذات السيادة الكاملة كما يقولون.

ان اعتقال العراقيين الاحرار وزجهم في السجون المنتشرة في عموم العراق بلا تهم رسمية او اوامر قضائية يثبت ان هولاء السجناء المرتهنين هم اناس ابرياء ولو كان لدى الاميركيين او حكومة بغداد ادلة تثبت تورط هولاء السجناء في اعمال ارهابية لتمت محاكمتهم منذ زمن طويل لكنها السياسة الجائرة التي تقتضي خرق حقوق الانسان وتقييد الحريات وخرق الدستور العراقي الذي يشدد على ضرورة عدم اعتقال اي عراقي الا بموجب اوامر قضائية وعلى ضرورة توجيه التهم رسميا الى المحتجز خلال يوم واحد من اعتقاله وقد نقل لي من بيوت الموتى في بوكا والمطار وبادوش وسوسة عن وجود معتقلين ليس لهم علاقة بالارهاب وليس لهم علاقة بالسياسة او التعبيرعن الراي  وان بعض المعتقلين كان يعمل في شبكات الانترنيت وتم اعتقاله بطريق المصادفة ولايزال قابعا في بيوت الموتى في بوكا المنسية.

كما ان الحكومة والقوات المحتلة  تعتقل منذ مدة طويلة  رجل الدين العراقي الشيخ  علي النعماني في سجن بوكا رغم انهم يعلمون انه كان اماما لصلاة الجمعة في مدينة الصدر ولا علاقة له بالسياسة او الحرب  ولا ادري هل ان اداء صلاة الجمعة  في العراق اصبحت تهمة سياسية توجب الاعتقال في بيوت الموتى  كما كان عليه الحال في عهد هدام السابق اضافة الى اعتقال رجال الدين السنة وتركهم بلا تهم او محاكمات لمدد طويلة وكان الاولى اطلاق سراحهم في حالة عدم وجود تهم ضدهم.

  وهذه امثلة قليلة من الاعتقالات التعسفية التي يتم فيها اعتقال الاشخاص دون معرفة التهم الموجهة اليهم  كما ان  هناك عراقيين من السنة والشيعة يحملون المشاعر الوطنية لبلادهم ويريدون عراقا حرا خاليا من الاضطهاد والاستعمار والقتل الجماعي لكن هذا لم يمنع من اعتقالهم وزجهم في السجون المظلمة وكنا قد كتبنا مقالا عنوانه المعتقلون المنسيون في العراق وفي حينها كنت اتوقع ان الدائرة الاعلامية ومستشاري رئيس الوزراء سيقرأون ما يكتبه ابناء الشعب من مطالب جماهيرية لاجل مصلحة البلاد العليا وحماية العملية السياسية.

 لكن يبدو ان الجميع لايريد معرفة حقيقة بيوت الموتى العراقية او انهاء ملفات المعتقلين المنسيين ورغم ذلك انا اطالب للمرة الثانية الحكومة العراقية بالافراج الفوري والعاجل عن الرهائن  العراقيين من السنة والشيعة والاكراد في السجون العراقية غير المتورطين بجرائم الارهاب ضد العراقيين وغير المتورطين بجرائم القتل والسرقة والاختطاف ونهب المال العام اذ ان الاعتداء على العراقيين هو خط احمر لايمكن تجاوزه مطلقا ويجب على مسؤولي البلاد ان يعلموا اننا لايمكن ان نؤيد اطلاق سراح الارهابيين من قتلة الشعب العراقي  بل ان مطالبتنا تقتصر على العراقيين الاحرار الوطنيين والابرياء اللذين  يقبعون في السجون بلا محاكمات منذ مدة طويلة

وقد نقلت الينا الانباء من كردستان بان حكومة الاقليم   اصدرت عفوا عاما عن النزلاء والمودعين ونحن نطالب باطلاق سراح العراقيين الاحرار الرهائن في سجون بوكا والمطار وبادوش وسوسة وهؤلاء ليسوا نزلاء او مودعين بل انم رهائن السياسة الجائرة ورهائن المخططين الاستراتيجيين في واشنطن وبغداد وقد نقل لي ان الحكومة العراقية تبرر بقاء هؤلاء الاحرار في السجون التعسفية بسبب عدم وجود محققين اكفاء لانهاء ملفاتهم وتسوية قضاياهم وهذا لايمكن قبوله مطلقا فهل تعجز الحكومة عن توفير مئات بل الاف المحققين القانونيين من اجل غلق ملفات الرهائن العراقيين في بيوت الموتى المنسية  ؟؟

اتمنى من مستشاري رئيس الوزراء ان كانوا يقرأون ما تكتبه الصحافة او الانترنت ان ينظروا الى سجناء العراق الاحرار من السنة والشيعة انهم رهائن وليسوا سجناء وان المصالحة الوطنية تقتضي الاسراع في اطلاق سراحهم والتعويض المادي لهم عن مدد احتجازهم بلا اسباب لمدد طويلة في السجون التي تشرف عليها قوات الاحتلال الاميركي.

 ان اطلاق سراح هولاء الابرياء سيكون قوة للحكومة في صراعها ضد الارهاب والاحتلال والمؤامرات الاقليمية وسيمنح الحكومة شعبية اكبر تحتاجها لبقائها في مواجهة المؤامرات الاقليمية الدولية.

وعلى الجميع ان يعلم ان بقاء هؤلاء المحتجزين رهن الاعتقال التعسفي الطويل هو خرق للدستور والقانون العراقي وهو خرق لما يدعى بناء المؤسسات السياسية وسيادة القانون.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 30 حزيران/2007 -14/جماد الاخرى/1428