فضيحة اليمامة وفساد أمراء النفط

 شبكةالنبأ: في ديسمبر كانون الاول الماضي تخلى مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني عن مواصلة تحقيقات استمرت عامين في (صفقة اليمامة) بعدما أبلغته حكومة بلير أن التحقيقات قد تعرض للخطر الامن القومي والدولي.

وتعتبر شبهة الاحتيال والرشوة في قضية اليمامة  من اضخم قضايا الفساد المالي التي يتهم بها مسؤولون سعوديون لحد الان رغم ان حسابات الامراء في المملكة سرية وغير خاضعة لتحديد او سقف ومراقبة معينة.

ان المتهم في القضية بندر بن سلطان يتمتع بحصانة مطلقة من اية مسائلة قانونية لعلاقته الوثيقة بالسلطة الحاكمة وكذلك صلته القوية بالادارة الامريكية منذ عقدين خلت.

ومن جهة اخرى يعتبر بندر احد مهندسي الحلف الجديد الذي تشرف على بناءه امريكا في المنطقة العربية والمتكون من مصر والاردن والسعودية وقطر مقابل سوريا وايران لمواجهة المد الشيعي المزعوم، وكذلك يتخذ هذا الشخص( بندر) موقعا مشبوها جدا في كواليس الاتصالات مع اسرائيل لغرض التطبيع والتنسيق واقامة علاقات دبلوماسية.

بريطانيا أجازت مدفوعات سرية

وقالت هيئة الاذاعة البريطانية  بي.بي.سي ان وزارة الدفاع البريطانية وافقت على مدفوعات سرية تبلغ اجمالا اكثر من مليار جنيه استرليني (ملياري دولار) الى أمير سعودي فيما يتصل بصفقة دفاعية سعودية كبرى.

وردا على تلك المزاعم قالت الوزارة المذكورة ان التعقيب على هذه المزاعم قد يتضمن الكشف عن معلومات سرية عن (اليمامة) الامر الذي قد يؤدي الى الضرر الذي يهدف انهاء التحقيق الى الحيلولة دون وقوعه.

وجاء الكشف عن هذه المعلومات وسط نداءات متزايدة الى اجراء تحقيق كامل في عقد اليمامة في اعقاب قرار الحكومة اواخر العام الماضي الغاء تحقيق يجريه مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة بشأن العقد. وقالت متحدثة باسم الوزارة، هذا لا يعني اننا نقر بأن المزاعم التي رددها برنامج بانوراما في بي.بي.سي دقيقة.

وتقول بي.بي.سي ان وزارة الدفاع أجازت دفع (فواتير ربع سنوية) الى الامير بندر تقديرا (لخدمات الدعم) المتصلة بعقد اليمامة وهو عقد بين وزارة الدفاع السعودية وشركة بي.ايه.اي سيستمز البريطانية.

وقد نفى الامير بندر وبي.ايه.اي سيستمز ارتكاب اي مخالفات في هذا العقد الدفاعي الذي أبرمته في باديء الامر حكومة رئيسة الوزراء مارجريت ثاتشر في منتصف الثمانينات.

وقال برنامج بانوراما ان وزارة الدفاع أمرت بي.ايه.اي سيستمز بتحويل هذه المبالغ المالية التي تزيد اجمالا على مليار استرليني على مدى نحو عقد الى حسابات مصرفية للامير بندر في الولايات المتحدة. وكان الامير بندر من قبل سفيرا للسعودية لدى واشنطن.

ونفى النائب العام البريطاني صحة تقرير نشرته احدى الصحف قال انه أمر باخفاء المعلومات عن المدفوعات السرية عن جهة مراقبة دولية تحقق في الفساد.

وقال النائب العام بيتر جولدسميث لقناة سكاي نيوز التلفزيونية، أنفي نفيا قاطعا زعم صحيفة غارديان بأنني امرت المحققين باخفاء مدفوعات عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.. هذا الزعم مناف تماما للحقيقة.

حملة بندر

وتذكر صحيفة صنداي تايمز استنادا إلى مسؤول كبير لدى رئاسة الوزراء البريطانية أن السعوديين ضغطوا على سلطات لندن من أجل وقف التحقيق في مزاعم الفساد المالي.

وكتب ديفيد ليبارد يقول إن جوناثان باول، رئيس ديوان طوني بلير، صرح بأن الأمير بندر بن سلطان- الذي التقى رئيس الحكومة البريطانية في شهر يوليو/ تموز الماضي- قال له إن السعوديين سيلغون صفقة السلاح الضخمة إذا ما استمر التحقيق في مزاعم عمولات ضخمة صرفت إلى قادة سعوديين.

ويقول سيمون جينكنز، في صفحة الرأي من الصحيفة إن الشركة البريطانية التي أبرمت الصفقة ضاعفت من سعر طائرات التورنادو، من أجل تغطية المبالغ التي رُصدت للعمولات  (مليار جنيه استرلنيني للأمير بندر).

ويردف الكاتب قائلا إن هدف الصفقة غامض، وما هو مؤكد هي أنها حرمت فقراء السعوديين من مبالغ ذهبت إلى خزائن الأغنياء.

وحسب جنكينز، فإن الحكومة البريطانية متواطئة في القضية، بل إنها رضخت للضغوط السعودية، النظام الذي رفعت راية محاربة أمثاله في مناطق أخرى من العالم.

ويرى ويل هاتون في صفحة الرأي بالأوبزيرفر، أن القضية أعقد بذلك بكثير. فقد كانت مارغريت ثاتشر، التي أبرمت الصفقة على عهدها عام 1985، هي من وافق على تحويل مبالغ بشكل دوري إلى حسابات عدد من الشخصيات السعودية، في وقت كانت فيه العمولات أمرا لا غبار عليه من الناحية القانونية.

ويُشير الكاتب في هذا الصدد إلى تضايق جيمس كالهان رئيس وزراء بريطانيا في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، عندما حظرت الولايات المتحدة تقديم أي شكل من أشكال العمولات إلى مسؤولين أجانب.

ومن جهتها قالت الغارديان: إذا كان ثمة خلاف على الطرق السرية التي نُقلت عبرها المبالغ المرصودة للعمولات (وتناهز مليار جنيه استرليني)، فلا أحد يماري بشأن صرف هذه المبالغ، أو مداها أو صلتها بأضخم صفقة سلاح بريطانية.

وتعليقا على رد فعل السلطات البريطانية تقول الصحيفة إن رئيس الوزراء طوني بلير مُجبر على توضيح موقف لندن من قرار تعليق التحقيق في قضايا الفساد المالي المرتبط بالصفقة، ولكن مسوغاته قد لا تقنع العديد.

فعندما يتحدث عن الآثار الاقتصادية -تقول الغارديان- لا يعدو بلير أن يعبر عن رأي، قد لا يصمد أمام رأي وزراء آخرين يعتبرون أن دعم التشغيل في قطاع التسلح قد يعرض الازدهار للخطر.

أما عندما يلمح بلير إلى الجانب الأمني وما قد يجلب استكمال التحقيق في القضية من وبال على الأمن القومي والعالمي، فإنه موقفه يتضارب مع خبراء جهاز الاستخبارات البريطانية الذين أكدوا للصحيفة -على حد قولها- أن الرياض لن تستطيع إنهاء تعاونها في هذا المجال مع لندن، لأنها لو فعلت ذلك فستكون قد قطعت صلاتها مع واشنطن، وهذا مستبعد الحدوث.

بلير يواجه الاستجواب

ومن المتوقع أن يواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، حسبما تقول الإندبندنت، موقفا صعبا عندما يتعرض لاستجواب نواب البرلمان بشأن موقفه الذي اثار غضب الكثيرين منهم عندما تدخل لدى لجنة التحقيقات المستقلة ونصحها بإغلاق التحقيق في ملابسات صفقة (اليمامة) بدعوى الحرص على الأمن القومي. بحسب الـبي بي سي.

وكان رأي بلير الذي دافع ولا يزال يدافع عنه كما تقول الصحيفة، يتلخص في أن الكشف عن أمور تمس العائلة المالكة السعودية قد يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الدولتين على نحو خطير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 13 حزيران/2007 -25/جمادي الأول/1428