تفجيرات  سامراء: من، لماذا وماذا؟؟؟

بقلم:المهندس غريبي مراد عبد الملك(*)

مدخل: من قام بهذه الجريمة الشنيعة؟ بالكاد هي جهة شنيعة، لأن الدال والمدلول متلازمان، وعليه لاداعي للتفلسف والتساؤل بمنطق مغولي أو بيزنطي بليد، الحقيقة واضحة أوهي قبيل" من أشكل الإشكالات توضيح الواضحات" إلا أن سماسرة العرب والشرق الأوسط والأدنى والأعلى وما هنالك من تضاريس سياسية يذهبون كعادتهم لتمويه الأحداث وتلبيسها على عقول المستحمرين الجدد، كما حدث بتنظير مغاير لإعدام الطاغية صدام...بالمختصر البسيط إنها فنون الخداع الإعلامي والسياسي...

إن المقصود المركزي في مثل هذه الصرخات الجاهلية والإستكبارية والإسقاطات الإستحمارية التي تتعلق بالعراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال وإيران، ليس العربي أو العجمي...إنه الإسلام  الأصيل...هذا الدين الإنساني الذي يضيق منه  شياطين الإنس عبر الزمن الإسلامي كله فيبذلون الغالي والنفيس لتشويهه بأبشع الصور مستعبدين في ذلك حمقى وتجار الدم من بني جلدتنا ومن يتشدقون بإسلام مقلوب ومفرغ من قيمه الإنسانية...

كل هذا من خلال المساس بالرمزية المقدسة للمسلمين لكن بالتدرج، حتى تقاس درجة حرارة التفاعل الجماهيري والوعي الإسلامي  بخصوص واقع المسلمين وما يحدث لمقدساتهم، وسامراء الإباء التي كلنا يعلم أنها تاريخيا ذات علاقة جوهرية بالمستقبل الإسلامي كما العراق الجريح كله، يتم التركيز عليها بالتفجيرات الإرهابية  والتشويهات والتلفيقات الإعلامية والمحاكمات الطائفية، واستخدام قدسيتها في  إشعال نيران الفتنة بين المسلمين...

لأن هذا كله يخدم المشروع الإستراتيجي  للاستكبار الصهيوني العالمي بالمجان وهو بمثابة فتح فواصل إعلانية للعرب والمسلمين يتوقفون عندها ببلادة كعادتهم وفي الكواليس يعيد المستكبر ترتيب ديكور العالم بما يرجح كفة القوة له...لأن المأزق السياسي  الذي ترسله بغداد لواشنطن بات يؤرق فراعنة البيت الأبيض فاستنجدوا بشياطين تل أبيب ليطبخوا طبخة من تخصصات القاعدة، وبالتالي يبقى مصير العراق يعيش " الدور" مقابل مشاريع المحافظين الجدد...

وعليه ومن خلال العديد من الأبعاد الزمكانية وبالاعتماد على المستجدات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية العالمية وكذا البرمجيات الإستراتيجية، تكون تفجيرات سامراء الثانية، ذات دلالة واحدة عنوانها: نحو فتنة طخياء عمياء في العراق...تعم العالم الإسلامي ككل... !

والأحمق يذهب في محاولات بليدة لاختزال ما يجري  وتزكيته ليكون حرب سنية –شيعية، هذا لا احسبه إنسان –حتى لا أقول مسلما- لأن العمالة تختزن في مورثاتها البلادة والجبن لذلك يسعى أصحابها لاحتقار الناس وفي واقعنا لاحتقار المسلمين بكل قومياتهم ومذاهبهم، لكن النبهاء يدركون تمام الإدراك لماذا يقتل كل مرة نائب من فريق السلطة بلبنان وينفلت الوضع الأمني  بغزة بعد الصلح ويلتقي حكماء الشرق الأوسط ويعزم الأمير فيصل زيارة طهران وتغيب إعلاميا كوندليزا رايس عن المسرح السياسي  العربي، ثم ماذا وراء تكريم شيطان أوروبا لسلمان رشدي؟؟؟

هذا السيناريو كله وبتفاصيله الأخرى التي يسع حجم المقال ذكرها محاك في مختبر واحد ويقصد بؤرة واحدة ويوحي بأن التفجيرات ذات مقاصد فتنوية طائفية مقيتة إجرامية عنصرية اسمها" الفوضى الخلاقة"...

لذلك أيها المسلم النبيه ككل والشيعي بالأخص...حذاري ! ثم حذاري ! أن تكون كابن الحلوب ضرعا فتحلب أو ظهرا فتركب... إنك موال من قال: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور إلا عليّ خاصة"  وأخرج أي المؤمن بالحق ناطقا واصدع  بالإسلام الأصيل وارحم أخاك في الدين ونظيرك في الخلق، لأن إنسانيتك في التشيع هي إنسانية ربانية تتخلق بأخلاق الله التي أوصانا بها الأطهار عليهم السلام...والإدارة الأمريكية شيطان يجب اتخاذه عدوا كما إسرائيل ورم فرعوني مستكبر لا يجتث بالبلادة والنفاق والعجب والتعصب والسباب ولكن بالحكمة الإسلامية التي أول ما تتطلب الوحدة الإسلامية في إرساء معالم الإسلام الأصيل في المعمورة... "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوخَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوشَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " (البقرة/216)    

أيها المسلم التقي اقرأ واقعك وآلامك بعقلك المؤمن لا كما تريد وسائل  الإعلام  ووعاظ السلاطين لك أن تقرأ، لأن الغالب الأعم من هذا كله يحمل رسالة اسمها الرصيد البنكي والسفرة الدسمة بعيدا عن الصلاة التامة والتقوى القائمة...

وقبل أن نبدأ بالإجابة شيئا ما على "ماذا؟"  وما يتفرع عنها من استثمارات متعددة الأزمات، لابد أن نستوعب حقيقة واقعنا الإسلامي عموما والشيعي خصوصا وما يكتنفه من جمود حركي إصلاحي وخوف تعصبي وتخدير سياسي واقتصادي وإبر هذا التخدير هي الفتن الأمنية والصراعات العلمائية والعجب والتعصب المستشري في أوساطنا الثقافية والأمراض الاجتماعية...شيعة أهل البيت عليهم السلام في هذا الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية، يجب أن يمثلوا  المصحة الإسلامية والحكمة الإسلامية كما كان أئمة الهدى عليهم السلام عبر الزمن الإسلامي ككل هم ملاذ الهاربين والعارفين بكنه الأمور والمرشدين للتائهين إلى سبل السلام والخلاص من حالة التخدير والغيبوبة الشاملة...لابد من استدراك الدور الرسالي السليم من التخندق والتميز والتعصب...لأن إخواننا السنة قلة قليلة منهم مستوعبة للمحنة الإسلامية ككل، وعليه مدخل الجواب على "ماذا" هوتلاحم الفكر الشيعي وتعبئته وتواصله مع الوسطية السنية الرشيدة لملأ الفراغ الثقافي وحمايته من الفيروس التكفيري لصد المد الصهيوني الكاسح لقلاع الأمة الإسلامية...

إذن هناك ضعف وخبال جواني على مستوى العلاقات الإسلامية الجوهرية  لابد تداركه بإصلاح ذات البين وصدق التواصل الإسلامي-الإسلامي وديمومته...

وتأتي في المقدمة:

الطبقة العلمائية وعلى رأسها أقطاب المذاهب الإسلامية، يجب التخلص من الرواسب التعصبية المفرطة التي أتت على الأخضر واليابس وتناست القضايا المصيرية وتغافلت عن الحكمة الإسلامية والولائية التي أساسها الأخلاق الإسلامية الفردية والاجتماعية...

• المملكة السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، يجب فتح حوار جاد بعيدا عن السمسرة السياسية وأيضا عملاء الشرق الأوسط.

• نهوض المراجع والعلماء والمثقفين والإعلام الإسلامي النزيه والأحزاب  الإسلامية، بتفعيل لقاءات لمناقشة المستجدات والإنفاق على جداول عمل لتوحيد المواقف الإسلامية.

رفع صوت الوحدة في كل المنابر والخطب بالمساجد والحسينيات والمنتديات الثقافية والسياسية

تنقية الخطاب الإعلامي بكل أشكاله من اللغة العنصرية والتحريض الطائفي وفضح المؤامرات الإعلامية الطائفية.

•إحياء سنة الدعاء بخشوع وخضوع للم الشمل وتوحيد الصف الإسلامي في تجمعات إسلامية(سنة وشيعة) خاصة في صلاة الجمعة (ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) ( العنكبوت/45) 

• فتح صناديق للتبرعات لإعادة بناء الأماكن المقدسة التي تعرضت للاعتداءات الإجرامية الصهيونية...

• تقديم المساعدات والهدايا للفقراء والأرامل والأيتام...

• إنشاء مؤسسة أمنية مستقلة تتكفل بحفظ أمن وسلامة الأماكن المقدسة.

• إنشاء منظمة حقوقية عالمية خاصة بالدفاع عن الأماكن المقدسة الإسلامية

• إطلاق مؤسسة إعلامية " شعائر الله" تعنى بالتعريف بالأماكن الإسلامية المقدسة كتخصص إعلامي استراتيجي لكشف التمويه التكفيري.

•الدعوة إلى تصفية الساحة الجهادية بالعراق من الجراثيم الصهيونية والفكر التكفيري والعمل على تنقية العراق من التكفيريين وملأ الأبواق الطائفية بتراب الصوت الوحدوي.

• العمل على إنشاء صرح ثقافي إسلامي حركي يتكفل بنشر ثقافة التعايش الإسلامي.

في الختام: علينا وعي حقيقة التشيع، فأمير المؤمنين عليه السلام، بعد أن خرج من الشورى بعد إنتخاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان قال: لنا حق، فإن أعطيناه، وإلا ركبنا أعجاز الإبل  وإن طال السرى" (نهج البلاغة، قصار الحكم 22)

ينقل الأستاذ الفاضل عبد الوهاب حسين حفظه الله ورعاه في خطبة له بتاريخ 25 يناير 2002 في استقرائه لهذا الحديث (لهذا الحديث تفسيران: التفسير الأول: وهو للشريف الرضي، حيث يشير إلى أن ركوب أعقاب الإبل فيه كناية عن الذل، بمعنى أن هذه الحقوق ترتبط بكرامة وعزة الإنسان، فإذا لم يحصل عليها عاش الذل والمهانة.

 التفسير الثاني:وهو للشيخ محمد عبده، وفيه يقول بأن ركوب أعقاب الإبل كناية عن ركوب الصعاب، أي لنا حقوق فإن أعطينها وإلا ركبنا الصعاب من أجل الحصول عليها لأن في ذلك عزتنا وكرامتنا والبديل عنها الذل والهوان، وكما علمنا الحسين نقول: (هيهات منا الذلة)، وفي القرآن الكريم: (ولولا دفع الله الناس بعضها ببعض لفسدت الأرض) وأحد مصاديق هذه الآية هو المطالبة بالحقوق، فإذا لم تكن هناك مطالبة بالحقوق فالنتيجة هي الفساد في الأرض، وصلاح أمر الناس نتيجة المدافعة المذكورة في الآية السابقة، وأحد أشكال المدافعة المطالبة بالحقوق.

فرق كبير: هناك فرق كبير بين الحقوق الخاصة والحقوق العامة، فمن مكارم الأخلاق أن يتخلى أو يتنازل الإنسان عن حقوقه الخاصة أيا كان هذا الحق، ولكن فيما يتعلق بالحقوق العامة لا يجوز التنازل لأن الحقوق العامة بمثابة ميزان الحياة، وإذا اختل هذا الميزان فسدت الأرض كما في قوله تعالى: (والسماء رفعها ووضع الميزان)، فالحياة لها ميزان والحقوق ميزانها فإذا أعطيت هذه الحقوق كان الصلاح وإلا فالفساد) .

أحبتي لقد مر أمير المؤمنين عليه السلام و كل أهل البيت عليهم السلام بأكثر من ظروفنا بل أعظم وأدهى لأن الابتلاء درجات وعار علينا أن نتشيع لأهل البيت عليهم السلام ونقول بمودتهم وننتمي لعلي الكرار التقي النقي الإمام الهمام ثم ننقلب على خصاله ولا نقتدي به عليه الصلاة والسلام... !

(ماذا؟) جوابها الحقيقي في حقيقة إسلام وإيمان كل واحد منا فمن كان مسلما مؤمنا تقيا نقيا عارفا بإمام زمانه ومسؤوليته الإسلامية وواعيا لحقيقة دينه الأصيلة النقية فلينهض وليجاهد وليعمل لوحدة المسلمين، فالله عزوجل قال في محكم تنزيله:

"وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"  (التوبة/105)

(*) كاتب وباحث إسلامي جزائري

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 22 حزيران/2007 -6/جماد الاخرى/1428