العراق يغرق والفشل والتهجير ينبأ بنهاية حتمية

شبكة النبا: بعد احتلال العراق المرتبة المتقدمة في سلم الدول الفاشلة اصبح لزاما على الحكومة العراقية والادارة الامريكية المحتلة التفكير في كيفية جعل الانهيار في العراق باقل مقدار من الخسائر المادية والانسانية وليس التفكير في تفادي الانهيار، لان التقارير المتواترة تفيد بان الانهيار اصبح شيئا مؤكدا لا مفر منه. كما ان كارثة التهجير قد حولت الشعب العراقي الى شعب مشرد قد يحمل جنسيات بلاد اخرى، هذه المؤشرات تبعث عن تساؤلات عن موعد النهاية الكبرى لهذا العراق.

يقول الكاتب روبن رايت في صحيفة واشنطن بوست، يحتل العراق الآن المرتبة الثانية في قائمة الدول الاقل استقرارا في العالم، ويأتي بذلك قبل الدول التي خربتها الحرب وضربتها المجاعات مثل الصومال، زيمبابوى، ساحل العاج، الكونغو، أفغانستان، هاييتي، وكوريا الشمالية، وفقا لما جاء في مؤشر الدول الفاشلة لعام 2007 الذي أصدره قبل ايام قليلة صندوق السلام ومجلة السياسة الخارجية.

فبالرغم من المساعدة الخارجية التي تبلغ قيمتها بلايين الدولارات، وبالرغم من وجود أكثر من 150 الف جندي امريكي فيه، بقيت الاوضاع في العراق تتراجع باستمرار على مدى السنوات الثلاث الماضية، طبقا للمؤشر المذكور.

ويذكر ان العراق كان قد احتل المرتبة الرابعة على هذا المؤشر العام الماضي، الا ان اداءه في المجالات السياسية، الاقتصادية، الامنية والاجتماعية تراجع على كافة نقاط هذا المؤشر المؤلف من 12 نقطة.

تقول بولين بيكر رئيسة صندوق السلام: يبين لنا التقرير ان العراق يغرق بسرعة، ونعتقد انه بلغ مرحلة اللاعودة، لذا، نصحنا الإدارة الامريكية بناء على الدراسات التي نجريها منذ الغزو كل ستة اشهر، بأن عليها مواجهة الواقع الذي يشير الى ان الخيارات الوحيدة المتبقية امام العراق الان هي كيف سينهار وبأي درجة من العنف سيحدث ذلك.

لذا، يقترح صندوق السلام في سلسلة من التقارير المرافقة انتهاج سياسة لتقييم العراق بأقل قدر من الخسائر والعنف.

كما تبين لصندوق السلام، الذي هو مجموعة بحث تعمل على تقديم النصح في الازمات والمشكلات الدولية، ان السودان هو الدولة الاقل استقراراً في العالم بسبب كارثة دارفور الانسانية، فقد ادت هذه الكارثة الى موت 450 الف سوداني، وتتراوح بين 2 الى 3 ملايين انسان عن مناطق سكنهم.

حول هذا، تقول بيكر! هناك اختلافات هامشية فقط بين العراق والسودان، لكن العراق يبقى اسوأ من الصومال التي هي بالفعل دولة فاشلة.

وتشير بيكر الى ان هناك عاملين محركين وراء مشاكل العراق المتزايدة حدة، يتمثل الأول في التمزق الداخلي الذي يظهر من خلال انتشار الميليشيات ومجموعات لم تتمكن الولايات المتحدة والعراقيون من السيطرة عليها. ويتمثل الثاني في التدخل الخارجي بشؤون العراق.

وتلاحظ المجموعة من ناحية اخرى، ان افريقيا هي القارة الاكثر انزلاقا نحو الفوضى واللا استقرار، ففيها 8 من اصل 10 دول هي الاقل استقرارا في العالم، والدولتان المتبقيتان هما العراق وافغانستان اللتان قدمت لهما إدارة بوش مساعدات عسكرية ومالية ضخمة قيمتها بلايين الدولارات منذ عام 2001 وحتى الآن.

مشردون يبنون الآلاف من مخيمات القش بصحاري النجف

وبدأ العراقيون المشردون الذين فرّوا من منازلهم بسبب أحداث العنف الطائفي التي تعصف بالبلاد في إنشاء مخيماتهم اليدوية داخل البلاد، فيما يعد مؤشرا خطيرا على تعاظم مشكل المشردين والنازحين واللاجئين.

وقال رئيس وحدة دعم العراق لدى المفوض السامي للاجئين أندرو هاربر إنّ المشردين داخل العراق هم بصدد إنشاء تلك المخيمات لأنّهم لم يستطيعوا إيجاد مأوى آمن لهم لدى أقاربهم وأصدقائهم وأنه تمّ طردهم من الساحات العمومية والمباني الحكومية في مدن وقرى العراق.

وقال هاربر لـCNN.وأخيرا بدأنا نشهد إقامة مخيمات داخل العراق.

ويعدّ النزوح العراقي أسوأ أزمة سكانية يعيشها الشرق الأوسط منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948.

وترجّح التقارير أنّ 2.2 مليون عراقي لجؤوا إلى الدول المجاورة، فيما أعيت مليونين آخرين الحيلة فتشرّدوا داخل وطنهم.

وتزايدت حركة المشردين داخل العراق مع انتقالهم في مجمل مناطقه بحثا عن لجوء آمن، وهو ما شهد ذورته مع تفجير قبة الإمامين الهادي والعسكري في سامراء العام الماضي والذي تكرر قبل أيام.

وبدأ وجود المشردين هنا وهناك في زيادة الأعباء على الموارد في عدة مناطق حيث أن غالبية المحافظات الـ18 باتت ترفض الترحيب  بالنازحين داخل وطنهم.

وتحدث هاربر عن مشاكل مثل عدم توفر الظروف الإنسانية الدنيا مثل الرعاية الصحية والأكل والمياه.

وقال إنّ هناك الآن آلاف المخيمات التي تمّ صنعها يدويا حول النجف ومناطق أخرى جنوب العراق الذي يعتبر جزء كبير منه صحاري قاحلة.

وأشار هاربر تحديدا إلى مخيم يطلق عليه المناذرة زاره وفد من المفوضية في شهر مايو/أيار حيث يعيش 2000 شخص ستون بالمائة منهم نساء وثلاثون بالمائة أطفال في بيوت تمّ صنعها من خرق بالية وقشّ وما وقعت عليه الأيادي.

وقال هاربر إنّ هؤلاء المشردين لا يتمتعون بالماء النقي وأنّ ارتفاع الحرارة يجعل من المستحيل شرب ما يوجد من مياه، فيما الأطفال يعانون من التيفوئيد والإسهال والأمراض الجلدية.

وأضاف أنه لا يوجد من بدّ لهؤلاء سوى العيش مع الأفاعي والعقارب والحشرات السامة فضلا عن كونهم لا يتوفرون على ثياب بديلة ولا مراحيض صحية.

وتقول المفوضية السامية إنها بحاجة إلى خمسين خيمة وخمسين صهريج ماء ومساعدات طبية عاجلة ومعقمات ومبيدات حشرية وأغطية وأفرشة ومراحيض حقيقية وصحية.

ومن جهتها، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها وجهت نداء من أجل جمع 85 مليون دولار لتلبية الحاجات الضرورية للنازحين العراقيين داخل بلدهم.

البؤس يطارد النازحين في الصحراء

فرّ حسين عبد الزهرة من أعمال العنف حول بغداد غير انه يشعر الآن انه يخوض معركة خاسرة ضد الحر والتراب في الصحراء العراقية.

ويقول، هذا المكان لا يناسب حتى الحيوان. انظر لاطفالي الاربعة. لم يغتسلوا منذ اسبوعين. انظر لملابسهم وابدانهم انها قذرة.

ويقيم أكثر من مليوني عراقي مع أفراد من نفس مذهبهم أو طائفتهم داخل العراق بعدما فروا من منازلهم هربا من الصراع الطائفي الدموي في البلاد. بحسب رويترز.

وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن 1.5 مليون عراقي اخر عبروا الحدود لدول مجاورة مثل سوريا والاردن حيث يصنفون رسميا كلاجئين.

وأوجدت الحالتان معا أكبر عملية نزوح في المنطقة منذ اقتلاع الفلسطينيين مع تأسيس اسرائيل في عام 1948. غير ان العراقيين الذين بقوا داخل بلادهم ربما يكونون اكثر عرضة للخطر.

وقال اندرو هاربر منسق وحدة دعم العراق التابعة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان المخاطر الأمنية للعمل في العراق عقدت وصول المعونة لهؤلاء الافراد واخفت حجم معاناتهم.

وتحدث هاربر من جنيف قائلا "لا نعرف الحجم الحقيقي للازمة الانسانية في العراق ولا يستطيع العاملون في الاغاثة الدولية الوصول لديالي والمحافظات الاخرى حيث الاوضاع الامنية سيئة."

ويتحمل أكثر من الف عراقي يقيمون خارج مدينة النجف الجنوبية الحرارة الشديدة في مخيمات بلا كهرباء أو مياه نظيفة حيث يمكن ان تصل درجات الحرارة في منتصف النهار الى 50 درجة مئوية.

ويقول علي قاسم جعفر (35 عاما) نموت في هذا المخيم. نعاني من تجاهل تام رغم اننا لم نتركب اي خطأ. خطأنا الوحيد اننا من شيعة العراق. وتعاني ابنته من مرض شديد بسبب سوء التعذية والمياه غير النظيفة.

وتنتشر مخيمات مماثلة حول الجنوب العراقي الذي تقطنه أغلبية شيعية وينعم بأوضاع امنية أفضل بشكل ملحوظ منها في بغداد والمنطقة المحيطة بالعاصمة. ولكن معظم من فروا يقيمون مع اسرهم أو اصدقاء.

وربما تكون مشكلتهم أقل وضوحا من سكان المخيمات ولكنهم لا يزالون مهددين لان مضيفيهم ليسوا في وضع أفضل لتوفير فرص عمل او خدمات ضرورية كما ان ما لديهم من موارد بدأ ينفد.

وقال رابح تورباي نائب رئيس العمليات في انترناشيونال مديكال كوربس وهي جماعة معونة امريكية تعمل في العراق، لا تعني اقامتهم في مجتمع مضيف ان حياتهم أفضل. لا زالوا يعانون من نفس المشاكل.

وإضافة إلى المخاوف الصحية المباشرة هناك الضرر الدائم الناجم عن نزوح هائل وربما دائم للسكان مما يمنع وصول خدمات الرعاية الصحية والتعليم لنحو مليون طفل.

وقال تورباي، هناك أزمة انسانية بالفعل. استطاعت هذه المجتمعات التكيف حتى الان ولكن الاحتياجات تتزايد لتتجاوز القدرة على اتاحتها.

وتحولت موجات النزوح إلى طوفان عقب هجوم على أحد أهم المزارات الشيعية في سامراء في فبراير شباط 2006 ليؤجج أعمال عنف راح ضحيتها عشرات الالاف.

واستهدف المزار مرة اخرى في الاسبوع الماضي مما حدا بزعماء شيعة للدعوة لضبط النفس واحتوى رجال الدين الهجمات الانتقامية واقتصر الامر على هجمات متفرقة.

وجاء عدد كبير من النازحين من بغداد. وكشف مسح لانترناشيونال مديكال كوربس في يناير كانون الثاني أن نحو 80 في المئة من العراقيين الذي هجروا ديارهم منذ فبراير 2006 جاءوا من العاضمة لتخلو احياء من السكان ويتعمق الانفصال الطائفي في المدينة.

وتقول وكالات معونة ان معظمهم اتجه للجنوب لمدينتي كربلاء والنجف أو لمنطقة قريبة من ميناء البصرة.

وتستطيع اسر غنية استئجار منازل ولكن لا يجد الفقراء ماوى الا في المخيمات المتربة حيث ستتفاقم المخاطر الصحية مع ارتفاع درجات الحرارة.

وقال هشام حسن المتحدث العراقي باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر "اهم ما يحتاجون اليه الماء مع دخول فصل الصيف ... نعتقد انه قد يسبب بعض المشاكل الخطيرة في المستقبل."

ويوجد أحد هذه المخيمات في حديقة ترفيهية مهجورة خارج كربلاء حيث تشهد حشائش ذابلة واشجار مقطوعة على اوقات اكثر هناء.

وجاء علي محمد (39 عاما) من محافظة ديالي شمالي بغداد وهي من أكثر الأماكن خطورة في العراق الان ويقول، لا يوجد ماء نظيف للشرب ولا توجد كهرباء. معاناتنا هنا غير معقولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 22 حزيران/2007 -6/جماد الاخرى/1428