الحرب العالمية الثالثة دراسة في فلسفة نهاية التاريخ

بقلم: د. وليد سعيد البياتي

 توطئة لابد منها:

     هذه البحوث جزء من دراسة في فلسفة التاريخ الاسلامي تتبنى عقيدة أهل البيت عليهم السلام وموقفهم  من حركة التاريخ، وكنت آمل ان تجد هذه الدراسة طريقها الى النشر(في كتاب) بعد ان تكاملت بحوثها خلال السنوات الاربع الاخيرة، ولكن الايقاعات المتسارعة أدت بالتالي الى تأخير نشرها، هذا غير إشكالات الحياة اليومية، وتداعيات الاحداث في العراق وكل المنطقة الاسلامية، ثم العالم اجمع. وانا هنا اضع بعض نصوصها إستكمالا مني لالقاء الحجة التاريخية إذ ربما لن اتمكن من نشرها كاملة فيما بقي من العمر.

البدايــات:

     إتسمت حركة التاريخ على الدوام بأشكال من التدافع التاريخي المؤدي الى إيجاد نوى متعددة  لتكون مصادر تتجذر عندها بدايات لحوادث مستقبلية، ومهما تنوعت إشكاليات حركة التاريخ وتباينت مناهج تفسيرها بين ان تكون حركة خطية او دائرية او حلزونية، فان التفسير الواقعي لحركة التاريخ يقع خارج موقف التاريخانية 1 , والدراسات التاريخية دراسات علمية لا تنفي الايمان بالغيب و لا التأثير الكوني في الوجود الاني. ونحن في موقفنا من حركة التاريخ ننهج المنهج التاريخي  في تفسير الحوادث، اسبابها ونتائجها، انطلاقا من علاقة التاريخ بالتعالي (الله أو الغيب)، وهكذا يصبح الخط الرسالي مجسدا للمعنى الاسلامي للتاريخ، فالتاريخ الاسلامي يقود حركة الشعوب في تحررها من الاستبداد والثيوقراطية، والخط الرسالي يكرس خلافة الانسان وشهادة الانبياء والرسل والائمة عليهم السلام.

      إن الموقف الاسلامي من التاريخ يناقض الفلسفات الاخرة في تفسيرها لحركة التاريخ باعتبار ان الفكر الاسلامي يفسر حركة التاريخ من موقف الغائية، فالتاريخ في المفهوم الاسلامي يسر نحو غاية واضحة، والتي هي تحقيق خلافة الانسان على الارض. والتشبث بالخط الرسالي لايمكن تفسيره باعتباره رجوعا الى الماضي بالمفهوم السوسيولجي لهذه المفردة ، بل باعتباره حفاظا على التواصل مع الله عبر الخط الامامي العصموي.

     منذ البداية طرح الفكر الاسلامي البديل الحضاري لكل المعتقدات والفلسفات البشرية، ومنذ العصر الوسيط والفكر الاسلامي يمثل الموقف الحضاري المتجدد مقابل النظريات الغربية، وفي الوقت الحاضر يعيش الاسلام صراعا واقعيا حضاريا وفكريا ليس لاثبات وجوده فقد تحقق وجوده منذ خمسة عشر قرنا، ولا يخوض صراعا من اجل البقاء فبقاء الاسلام جزءا اكيدا من واقعيته، ومن الاصالة الرسالية التي جاء بها، وهو لايحتاج الى تبرير لبقاءه وديمومته، ولكن البحث الفلسفي يدور حول أشكال عناصر البقاء (علما ان عناصر البقاء هي من ذاتية الاسلام وكينونيته البنيوية كما هو واضح في مفهوم مدرسة أهل البيت عليهم السلام)، والشكل النهائي الذي هو ايضا جزء من واقعية الاسلام ومنهجه المنطقي. فالاسلام وجد ليبقى وليحقق نظريته مهما اختلفت الاتجاهات الفكرية المعادية له، وايضا مهما تعددت القوى التي تعمل على انهائه. وقد مرت الامة الاسلامية عبر حركة التاريخ بمراحل متعددة من الانحطاط، لكن قيمة العقيدة الاسلامية كعقيدة خاتم ضمنت على الدوام ان يبقى الانحطاط كشكل مؤقت تتبعه بشكل مستمر حالة من الاستنهاض على يد احد الافراد ( ائمة معصومين او علماء شكلوا النخبة الرائدة من المصلحين  في الارتقاء بالامة الاسلامية والنهوض بها من واقع التردي المفروض عليها) مما اكد وجود العقيدة النهضوية داخل البناء التكويني  للاسلام، وبذلك تم تحديد منهجية العقيدة الاسلامية في صراعها الحضاري والبنيوي. فالامة الاسلامية اكتسبت وعيا قرآنيا يتجانس مع حركة التاريخ ويعيد صياغة العلاقات باعتبار ان الامة الاسلامية خير الامم و خاتمتها، مما يقدم تصورا موضوعيا حول نهاية التاريخ، بإعتبار ان الاسلام هو نهاية التاريخ، وهذه النهاية هي نهاية موضوعية قبلية وليس بعدية ( أي ان أسسها وجدت  قبلا ولم تحدث بعد ظهور الاسلام).

إشكاليات الصراع:

     لازال بعض المؤرخين يدور في إشكاليات تحديد نوع الصراع بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية المعاصرة، فيفسر طبيعة الصراع من منطلقات حضارية وليست عقائدية، متناسيا ان الشكل الحضاري للاسلام هو الشكل العقائدي الغيبي، فأرتباط الامة بالتعالي هو ارتباط جذري، وهو يعكس ثقافة الامة الاسلامية، وقد ساعد هذا الارتباط في ان تتمتع الامة الاسلامية بمناعة لم تتوفر لدى الشعوب والامم السابقة، فالامة الاسلامية أمة رسالية تسعى الى هدف شمولي يشكل بذاته موقفا حضاريا في التعامل مع حركة الوجود. إن وجود الصراع وتعدد اشكاله تاريخيا (من عصر الرسالة مرورا بحركة التاريخ الامامي في عصور الامامة الظاهرة، وحتى عصر الامام الثاني عشر، وعصر الغيبة الكبرى والتي نعيش مراحلها النهائية) يكشف حيوية العقيدة الاسلامية ويفسر موقفها من نظرية التحدي والاستجابة. 2 ولما كانت العقيدة الاسلامية تصنف الانسان ليس بإعتباره مجرد جزأ يتعرض لتفاعلات متنوعة من حركة التاريخ، ولكن باعتباره صانعا له ومؤثرا فيه فهو بالتالي ينقض نظرية تونبي (التحدي والاستجابة) التي جعلت من سلوك الانسان مجرد ردة فعل على الحدث الخارجي.

      لقد شكل الصراع جزءا اساسيا من حركة التاريخ، والاسلام كعقيدة حضارية جاءت لتعيد تنظيم العلاقات الانسانية فكريا وحضاريا ونفسيا واجه بلا شك تحديات عديدة، وخاض صراعات متباينة، عكست في الكثير من الاحيان شكل النزعة العدوانية عند الاطراف الاخرى في ردها على تجليات العقيدة الاسلامية، لكن الموقف الاسلامي من الصراع لم يكن سلبيا بمعنى انه ينتظر ضربة السيف وطعنة الرمح ليقرر بعدها اشكال الرد ونوعيته زمانا ومكانا، وصحيح ان العقيدة الاسلامية في الحرب لم تقم على اساس البدء في شن المعركة، لكنها لم تكن في ذاتها تحمل فكرة التخاذل وهي تنطلق بذلك من مقولة أمير المؤمنين علي عليه السلام: " الايمان قيد الفتى"، ومن مقولة ولده سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام " هيهات منا الذلة". والبحث الفلسفي في تفسير هذه المقولة يصل الى تحديد القيم التي من ورائها، فالشريعة الاسلامية تحترم طبيعة الحياة وتضع قيمتها بالمقام الاعلى، كما انها تتخذ موقفا رساليا من قيمة الانسان باعتباره مخلوقا وجد لادارة الحياة وفق المنطق الالهي، ولهذا فان القتل وانهاء الحياة مقنن وفق الشريعة الالهية، ويجب ان لايتم إلا وفق نفس المنطق الالهي الذي حدد قيمة حرمة الحياة.

نهاية التاريخ:

     ما الذي نعنيه بنهاية التاريخ؟ هلي هي نهاية الحياة الانسانية؟ أم نهاية الصراع الحضاري والتدافع التاريخي؟ أم هي نهاية الوجود الكلي على سطح الارض؟ وقبل البدء في الاجابة على التساؤلات نطرح بعض مقولات نهاية التاريخ:

     على إثر بزوغ ملامح نهاية مرحلة الحرب الباردة بانهيار جدار برلين، نشر فرانسيس فوكوياما 3 مقاله نهاية التاريخ في مجلة ناشيونال انترست عام 1989، وأعقبها في عام 1992، بإصدار كتابه الذي جعل عنوانه ( نهاية التاريخ والإنسان الأخير)، واراد فوكو ياما من كل من المقال والكتاب توجيه رسالة تدعو للانتصار لنظرية الليبرالية الديمقراطية،  وتعد امتدادا لمقالات سابقة تبشر بنهاية عصور الإيديولوجيات وفناء الحضارات ماعدا الحضارية الامريكية الليبرالية الديمقراطية. أن أفكار نظرية نهاية التاريخ التي أطلقها فرانسيس فوكوياما قد تكون تداعيات حديثة لعدد من الافكار الفلسفية، كفكرة الاعتراف عند هيغل أوفكرة الإنسان الأخير عند نيتشه.

     لاشك أن مصطلح نهاية التاريخ متداول في مجال الفلسفة ( فلسفة التاريخ)  قبل أن يوظفها فرانسيس فوكوياما في اطروحاته المهتمة بعلم المستقبليات، وبشكل عام فقد كانت عقيدة هيغل من نهاية التاريخ هي أن روح العقل (المطلق) سيتحقق في التاريخ، ونهاية التاريخ كما تصورها ماركس تعني صيرورة التاريخ، ووردت هذه العبارة أيضاً عنواناً لأحد كتب عبد الوهاب المسيري الصادر عام 1972، الذي اعتبر فكرة نهاية التاريخ " فكرة فاشية في جوهرها تعني نهاية التاريخ الإنساني"، ولا ادري لماذا اعتبرها فكرة فاشية وهو فكرة متأصلة في الوجدان.

     ويلاحظ ان أفكار فوكوياما جاءت متزامنة مع أفكار هنتغنتون، وكلتا الفكرتين ماهي إلا نتاج  لتدعيات وصراعات دولية محددة، تمثلت بالأحداث الدراماتيكية التي أعقبت نهاية مرحلة الحرب الباردة بدء بانهيار الاتحاد السوفياتي ثم انهيار والمنظومة الاشتراكية في أوربا الشرقية، التي أودت الى ايجاد قواعد فراغ أحدثت بالتالي اختلالا في موازين القوى العالمية، وهذا انعكس على متغيرات الساحة الدولية التي جاءت مترافقة مع ما حصدته أمريكا من غنائم سياسية واقتصادية وعسكرية بعد حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت)، التي ساهمت في تسريع التحولات التي تأثرت وتسارعت بغياب التعددية القطبية باتجاه إرساء أسس النظام العالمي الجديد، لأجل فرض مصالح الدول الصناعية الكبرى و مؤسسات المال والأعمال عابرة القارات التي لا وطن لها ولا هوية غير الارصدة المصرفية، وتمكينها من احتكار الاقتصاد العالمي عبر سلسلة معقدة من ألآليات والتقنيات التي باتت تعرف بنظام العولمة او نظرية العولمة.

مما ساعد على احتكار القرار السياسي بما يوافق مصالح القوى المهيمنة على المال والاقتصاد حتى وان كانت على حساب شعوب العالم عبر تجريد هذه الاخيرة من إرادتها، وأن اقتضت الضرورة باستخدام القوة. وما دامت التوجهات الرأسمالية تحكمها ستراتيجيات الهيمنة على العالم التي ظهرت في الادارة الامريكية باسم المحافظون الجدد والتي وجدت لها ارضي خصبة في الاتجاهات والاحزاب اليمنية في اوربا الغربية، فأن ضرورات الحاجة الى أرضية فلسفية تبقى مطروحة بشكل ملح، ومن هنا نجد فوكوياما يكرس نظريته بالانتقال المتسارع من نهاية التاريخ إلى نهاية الإنسان، في كتاب جديد هو بالأصل مقالة منشورة في مجلة ناشيونال انترست صيف عام 1999 بعنوان (نهاية الأنثروبولوجيا)، وهي محاولة تتبنى نفس المنهج السابق وتطرح تفسيرا جديدا لنهاية التاريخ، متخذاً من روايتين شهرتين تناولتا المستقبليات مدخلاً له، هما: رواية (1984) لجورج أورويل، و(عالم جديد شجاع) لألدوس هكسلي، ويقدم  فكوياما منظوره الفكري في هذا الكتاب  الذي ينتقل بين الاتجاهات السيكولوجية و المواقف السياسية و علم الهندسة الوراثية وعلم النانوتكنولوجي، وصولا الى تحقيق فرضيته (نهاية للتاريخ) التي ترتكز على قاعدتين أولهما الاقتصاد، وثانيهما الاعتراف، وستقدمها التكنولوجيا الاحيائية هدية للبشرية فتخلق نوعاً جديداً من البشر.

     في صيف نفس السنة 1999 نشرت سلسلة من المقالات في جريدة الحياة اللبنانية، واتبعتها بسلسلة أخرى نشرتها جريدة الشرق الاوسط تناولت فلسفة نهاية التاريخ من موقف اسلامي، قدمت فيها نظرية اسلامية في نهاية التاريخ تبنت مرتكزات السنن الالهية الثابتة، وكانت هذه المقالات ردا على نظرية فوكوياما ونقضا لتصورات النظام الليبرالي الذي اراده فوكوياما آخر الانظمة القادرة على البقاء على قيد الحياة، مبرهنا على ان الاسلام هو نهاية التاريخ وان آخر رجل سيكون رجلا مسلما وليس ليبراليا من اتباع المنظومة التي طرحها فوكوياما.

فنهاية التاريخ من وجهة نظرنا هي نهاية التاريخ الحضاري لكل الحضارات التي ظهرت والتي لعبت دورا في حركة التاريخ والتي يعبر عنها في فلسفة التاريخ بأنهيار الحضارات أو سقوط الحضارات على اثر الصدام الحضاري الحالي، والتي شكلت الحروب السياسية والاقتصادية والفكرية اهم ملامحه. وفي هذه المرحلة ستشهد حركة التاريخ استنهاضا كبيرا للحضارة الاسلامية عبر الانتشار الفكري للاسلام، الذي هو نتاج الثورة الاسلامية في ايران (1979) والتي أصلت لتعبئة نفسية وعقلية وعقائدية لعودة الاسلام كفكر قيادي يقود حركة التاريخ نحو غاياتها الاصيلة، وهذا بالتأكيد سيؤدي الى ظهور اشكال تعكس التطرف العنيف نتيجة للتدافع الحضاري والفكري المعاصرين والذي يلبس احيانا شكلا اقتصاديا أو يتنبى عقيدة سياسية وفكرية تقف على النقيض من العقيدة الاسلامية الرسالية الاصيلة.

الحرب العالمية الثالثة:

     قبل الخوض في كل العوامل الفكرية والعقائدية والسياسية والاقتصادية التي أدت الى بدأ الحرب العالمية الثالثة، او التي شكلت خلفية تاريخية لها، لابد من الوقوف على بعض تفصيلات الحربين العالميتين الاولى والثانية لنتمكن من تقديم تصورا واقعيا للحرب التي نعيشها والتي أرخت  لدخول قرن هجري جديد يحمل ملامح نهاية التاريخ الحضاري او انهيار الحضارات السابقة، ويهيء لنهضة اسلامية قيادية  تتحمل عبء قيادة الجنس البشري نحو نهاية اسلامية تؤطر لتكريس الفكر الرسالي الذي حمله 124000 نبي ورسول شكلوا جميعا التاريخ الرسالي الذي ختم بالرسول الخاتم صلوات الله عليه وآله ليتم تكريس الرسالة في العصر الامامي والذي نعيشه هذه الايام، و نأمل ان نعاصر خاتمته الامامية على يد الامام الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف.

الحرب العالمية الاولى 4 : 1914 – 1981.

     شهدت هذه الحرب استعمال الاسلحة الكيمياوية لاول مرة، كما تم قصف بالمدن من السماء ( بالطائرات) لاول مرة،  وسقط فيها من القتلى 9 ملايين عسكري و7 ملايين مدني (المجموع 16 مليون انسان) وادت الى سقوط معظم السلالات الحاكمة والمهيمنة على اوربا والتي يعود منشأها الى الحروب الصليبية، كما وضعت الحرب الاولى والى حد كبير نهاية لعصور الارستقراطيات والملكيات الاوربية ( علما انه لاتزال هناك ملكيات في بريطانيا، هولندا، السويد ، اسبانيا وغيرها)، وتم تغيير الخارطة السياسية لاوربا. وتعد الحرب العالمية الاولى الارضية الخصبة لنشوء عدد من الايديولوجيات المعاصرة ( كالشيوعية والوجودية) كما انها اي الحرب الاولى اسست لظهور الفكر القومي والحركات النازية والفاشستية، ووضعت نهاية دراماتيكية للامبراطورية العثمانية،  وفي نفس الوقت نرى انها وضعت الحجر الاساس للحرب العالمية الثانية بل وحتى للحرب الباردة.

الحرب العالمية الثانية 5 : 1939 – 1945.

     تعد الحرب العالمية الثانية من جملة الحروب الشمولية والاكثر دموية بل واكثرها كلفة في تاريخ البشرية (حتى هذه اللحظة) لاتساع رقعة الحرب جغرافيا، ولتعدد مسارح العمليات العسكرية، وقد حصدت ارواح عشرات الملايين من البشر  بين عسكريين ومدنيين، وقد تكبد المدنيون في هذه الحرب خسائر فادحة أكثر من اي حرب اخرى ويعزى السبب لظاهرة القصف الجوي العنيف للمدن والقرى التي بدأها الجيش الالماني الذي كان يتمتع بقوة جوية كبيرة بمقاييس ذلك العصر، مما اجبر قوات الحلفاء على الرد بالمثل، إضافة الى المذابح التي تعرض لها الشعبين الصيني والكوري على يد اليابانيين، وياضاف الى كل ذلك مقتل مئات الالوف جراء القصف الذري الامريكي لليابان، لتسجل الاحصائيات النهائية لكارثة الحرب العالمية الثانية وفات مايقارب (70 مليون انسان منهم 20 مليون جندي و 50 مليون مدني) اي بما يوازي اكثر من 2% من تعداد سكان العالم في ذلك الوقت، وفي جانب آخر شهدت الحرب العالمية الثانية استعمال القوة الذرية لاول مرة في التاريخ الانساني بالقاء الولايات المتحدة الامريكية قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في 6 و 9 آب (اغسطس) 1945 على التوالي لاجبار اليابان على الاستسلام، وتم قتل اكثر من (120000 انسان) ماتوا كلهم في الدقائق الاولى بعد الضربة، هذا غير الاعداد الهائلة من البشر التي قضت جراء التأثيرات الاشعاعية وقد شكل المدنيون 95% من القتلى، وفي 15/ آب/1945 استسلمت اليابان لتعلن نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد بضعة سنوات لقى اكثر من 60000 الف انسان مصرعهم بسبب الاشعاعات الذرية الملوثة. ادت الحرب الى ظهور الامم المتحدة ومشروع مارشال الاعماري ( والاستعماري في نفس الوقت) كما انها اعادت رسم خارطة العالم من جديد بظهور المعسكرين الغربي والشرقي ثم ظهور الحرب الباردة، ووضعت الاسس لعدد لايحصى من الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية، كما انها أصلت لانهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية، ووضعت لبنات لايديولوجيات حديثة، وكرست اتجاه التطرف العنصري، والفكري، مما ادى الى ظهور سياسة القطب الواحد، ونظرية العولمة الاقتصادية.

العوامل المؤسسة لبدء الحرب العالمية الثالثة:

     وبالعودة الى موضوع الحرب العالمية الثالثة، فان هذه الحرب قد بدات فعلا  في 22/ ايلول(سبتمبر) /1980 المصادف 13/ ذي القعدة /1400 وهو يؤرخ لبداية قرن هجري وقرب نهاية قرن ميلادي. وقد اعتبرها المؤرخون اطول الحروب التقليدية في القرن العشرين، و انتهت احدى اهم معاركها الاولية الكبرى في 8 / آب ( اغسطس) /1988، كما انها اودت الى ذلك التاريخ بحياة اكثر من مليون انسان وكلفت الادارة الامريكية اكثر من تريليون دورلا امريكي حسب الاحصائيات الامريكية نفسها. وفي تقديري ان هذه الحرب لم تكن مجرد  شكل آخر من الحروب التقليدية التي درات خلال القرون الثلاثة الاخيرة، ولم تكن مجرد حرب بين بلدين يختلفان في المنهج السياسي الحاكم، لكن التأسيس الموضوعي لهذه الحرب التي بدات ولم تنتهي بعد وما الحرب العراقية الايرانية إلا حلقة ومعركة كبيرة من سلسلة المعارك التي ستحتل اكبر رقعة جغرافية عرفتها ساحات الحروب يفرض ان تكون نهايتها هينهاية كل اشكال التدافع الحضاري السائدة الان. فالحرب العالمية الثالثة ستضع الشكل النهائي لنهاية التاريخ.

وفي تقديري ان الربع الاول من القرن الحادي والعشرين الميلادي، القرن الخامس عشر الهجري سيضع نهاية الحرب العالمية الثالثة ونهاية تاريخ الحضارات غير الاسلامية، وترتيب الشكل النهائي لنهاية التاريخ اسلاميا بظهور الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، مع ملاحظة مهمة هي ان الفكر الشيعي يرفض التوقيت لظهور الامام المهدي، لكننا هنا نضع احتمالا موضوعيا لنهاية التاريخ يرتكز على عدد من العوامل الموضوعية والتي يمكن تحديدها بالشكل الاتي: 

أولا:العوامل الفكرية:

     منذ البدأ شكلت العقيدة الاسلامية جزأ من أشكال التدافع التاريخي عبر حركة التاريخ ليس لعدم جدارتها في تثبيت موقع لها في حركة التاريخ بل لطبيعتها الفكرية السماوية والتي ووجهت بالرفض من قبل الاخرين حالها حال كل عقيدة اصيلة واجهت الرفض من عقائد وضعية، فالعقيدة الاسلامية لم تاتي فقط كمنهج فكري لنظرية التوحيد الالهي، بل لكونها منهجا حضاريا يسعى لتحقيق سعادة الانسان وترتيب النظم الحياتية له. ويمكناعتبار العامل الفكري اهم العوامل بأعتباره وضع الاسس  لبقية المناهج الاقتصادية، السياسية، الاحتماعية والتاريخية. فالاتجاه الشمولي للعقيدة الاسلامية بقيمه الحضارية المستمدة من الاصول الرسالية قد شكل منعطفا شديدا في حركة التاريخ، مما استدعى استعداء كل الاتجاهاة الفكرية التي كانت سائدة والتي ظهرت بعد ذلك، وما ذلك الا لكون ان العقيدة الاسلامية ظهرت باعتبارها العقيدة الخاتم وقدمت في محتواها آخر الشرائع السماوية التي بشر بها كل الانبياء والرسل وخاصة انبياء الشريعتين الموسوية والمسيحية.

 وبعد ظهور الايديولوجيات، اتخذ الصراع مع الفكر الاسلامي منحا آخر تدخل فيه عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وإثنية، فالصراع بين الفكر الاسلامية وبقية العقائد الالهية التي تم تحريفها بدأ من المرحلة السابقة لظهور الاسلام وما بعد ذلك، اخذ ينحو منحا خطيرا منذ ظهور اسرائيل على الساحة كدولة تتبنى عقيد توراتية مزيفة، بعد ان تمكنت المنظمات الصهيونية من العبث حتى بالفكر المسيحي، مما ادى الى ضياع ما تبقى من القيم والمفاهيم الاصيلة التي جاءت بها المسيحية على عهد السيد المسيح عليه السلام، فدفعت هذه الى تبني الصراع مع الاسلام ويقود حركة الصراع الان جماعة تطلق على نفسها اسم اليمينيين الجدد او الليبراليين الجدد والتي تتبنى إدعاء موقف حماية المسيحية، و هي التي قادت الحروب الاخيرة.

 وفي جانب آخر فان الصراع مع الفلسفات الوضعية كالشيوعية والوجودية والرأسمالية، قد كشف تهاوي هذه الفلسفات وانهيارها، مما يؤكد مفهومنا في سقوط الحضارة الغربية سقوطا فكريا قبل ان يكون سياسيا، فالحضارة الغربية لاتمتلك عمقا روحيا وهي بذلك تفتقد اهم مقومات الاستمرار، وهي تحمل في تكوينتها الذاتية جرثومة النهاية نتيجة لاعتمادهاالكلي على الجانب المادي، وحتى في مخاطبتها للنفس الانسانية فهي تتقوقع عند الحالة الشهوانية فتطلق لها العنان مما يشل تجليات العقل ويوقف لديه عملية الابداع الايجابي الخلاق، والسقوط الفكري يكون اشد وطئا على المجتمعات من السقوط السياسي ونتائجه تكون اكثر شدة في تسارع عملية الانهيار.

 ثانيا: العوامل السياسية:

     تكشف البدايات الاولى لحركة التاريخ الاسلامي ان القيادات القبلية ( العشائرية) في الجزيرة وخاصة مكة قد توهمت ان الصراع مع الرسول الخاتم صلوات الله عليه وآله صراعا سياسيا، فعرض على محمد صلوات الله عليه وآله ان ينصب ملكا، وعرضت عليه الاموال وغيرها، لكنه رفض كل ذلك، حيث ان رسالته آلهية، وخلافته في الارض خلافة سماوية وليست ملكا دنيويا، ومن هنا كانت قوة العقيدة  الاسلامية، ولكن الاسلام ومنذ واقعة السقيفة تم تحويله الى قضية سياسية، فاصبح البحث عن السلطة الهم الاكبر لجماعة (مدرسة الخلافة)، التي تم تكريسها في قضية الشورى المشؤومة، وهذه الاخيرة وضعت الاسس النهائية لبداية الملك الاموي ثم العباسي. لاشك ان كل الانظمة السياسية المناهضة للاسلام عبر حركة التاريخ سعت الى تقديم نظرية الاسلام السياسي كبديل عن الاسلام الرسالي، ومن هنا اتخذت الكثير من الصراعات مع الاسلام غطاء سياسيا لها، لتبرر ان الصراع مع الاسلام هو صراع على الملك قبل ان يكون صراعا عقائديا ( مثل إدعاءات الدولة الاموية في قضية استشهاد الامام الحسين آله وصحبه عليهم السلام).

 وقد ظهرت اشكال هذا الصراع حاليا بتغذية الاتجاهات المتطرفة في الاسلام ودفعها للوصول الى السلطة ثم العمل على تقويضها مرة ثانية لتقديم صورة الشكل السياسي المتطرف والذي هو نتاج فكري غير اصيل بل ومتطفل على العقيدة الاسلامية الرسالية كما في الحركة الوهابية في الجزيرة العربية، و حركة طالبان في افغانستان، وغيرها من الحركات الاسلامية المتطرفة والتي نهجت نهجا ارهابيا، أساءت للفكر الاسلامي الاصيل وللعقيدة السماوية وحرفت الشريعة الخاتم، وكفرت الاسلام الاصيل المتمثل بالفكر الشيعي المستمد اصالته من اهل بيت النبوة عليهم السلام، والذي يعد يحق الصورة الحقيقية للاسلام الرسالي.

العوامل الاقتصادية:

     ظهر الاسلام في القرن السابع الميلادي في ارض قاحلة لاتمتلك غير طاقة روحية مستمدة من الكعبة المشرفة التي وضع ابراهيم الخليل عليه السلام اسسها بنص ألهي، لتصبح مركزا روحيا تهفو اليه النفوس وبالتالي صارت مركزا اجتماعيا وتجاريا بعد ان استوطنتها القبائل المتناحرة.

ولما كانت حركة التجارة في مكة مرتبطة بالعامل الديني، حيث الحجيج والزوار والمعتمرين من آمين البيت الحرام، والذين يشكلون مصدرا اقتصاديا هائلا بل واساسيا لاهل مكة وما حولها، فكان ظهور قوة اخرى تفرض هيمنتها على البيت العتيق سيعني بالتأكيد زوال هيمنة الطبقة التجارية المتشاركة في دورة رأس المال، والتي كانت تعتمد على حركة الحجيج في تأدية طقوسهم العبادية قبل الاسلام.

 فأتخذ الصراع شكلا اقتصاديا اضافة الى الشكل الفكري والسياسي. ولكن الصراع لم ينتهي عند هذا الحد فقد شآئت المشيئة الالهية ان تكون هذه الارض وما حولها من اراضي هلال الرسالات (كل الاراضي التي ظهرا فيها الرسالات السماوية من مصر الى الشام والعراق ثم ارض الجزيرة العربية وإيران) مصدرا للطاقة بعد اكتشاف النفط، لتصبح بذلك موقعا تنجذب الية رؤوس الاموال والاطماع الغربية والشرقية، اضافة الى ما تتمتع به هذه الارض وخاصة العراق من مواد خام تعد محط انظار رجال الصناعة والشركات الاستعمارية. فنحى الصراع بذلك منحا اقتصاديا اشد خطورة مما سبق وخاصة ان حركة التاريخ بدات تكشف عن نهايتها فارادت كل الاطراف تعطيل هذه النهاية او تأخيرها لحين الاستنزاف الامثل لكل المواد الخام التي تنتجها هذه الارض. فكلما اقترب احد طرفي النزاع الغربي او الشرقي من منابع النفط، حاول الطرف الاخر إحراز تقدم يمكنه من احتلال بعض الاراض، واستمر الصراع بين القطبين حتى تم تقويض الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشرقية، لتجد المنظومة الغربية نفسها في صراع مع الجانب المتطرف من الفكر الاسلامي، والتي غذته نفس المنظومة الغربية وسعت الى تقديمه كبديل عن الفكر الاسلامي الاصيل.

 وليتم التخلص من هذا الاخير تم توجيهه ليضرب الفكر الاصيل المتمثل بالفكر الشيعي، ولهذا تمت تغذية الحركات الوهابية من جديد بعد ان ساعدتها الدول الاستعمارية ان تفرض سيطرتها على ارض الجزيرة العربية خلال المائتي سنة الاخيرتين لتخضع الحرمين لحساباتها الفكرية المنحطة، فنجد هنا صراعا تشترك في العوامل السياسية بالفكرية بالاقتصادية على حد سواء.

     ذكرت ان نهاية الحرب مع ايران في 8 /8 /1988 هي نهاية احدى معارك الحرب العالمية الثالثة، وان الحرب الكلية لازالت تدور في ساحات اخرى، وقد تعود لتفعيل ساحة العراق من جديد وما يحد الان منذ دخول قوات الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها بريطانيا، وبعض الدول الاخرى التي تأمل ان تحصل على حصة من ناتج الاقتصاد العراقي من جهة ولتثبيت موقع قدم في هذه الارض من جهة اخرى. والحرب العالمية الثالثة تختص بميزات لم تعرف في الحروب العالمية التي مضت منها:

1- ستحتل مساحة زمنية كبيرة ابتداء من تاريخها في ايلول 1980 لتمتد بين 30 –  40  سنة والسبب يعود الى تداخل كل العوامل الرئيسية السابقة مع بعضها البعض، وظهور اشكال حديثة من التدافع التاريخي نتيجة لاقتراب التاريخ من نهايته الحتمية والتي تمثل انهيار كل الحضارات الموجودة وعلى رأسها ما يعرف بالحضارة الليبرالية الديمقراطية مقابل ترسيخ اكثر للفكر الاسلامي الاصيل الذي سينهي سيطرة الفكر الاسلامي المزيف ( الفكر الاسلامي المزيف هو الذي تقوده الحركة الوهابية منذ ظهورها).

2- يصبح العراق مركز العمليات العسكرية وقد بدأت هذه الحالة تتبلور منذ بداية التسعينات من القرن الماضي و التي أرخت لانهيار المنظومة الاشتراكية وظهور نظرية القطب الواحد الذي تمثلة الولايات المتحدة، لكن التدافع الحركي سيؤدي الى وضع مباديء نهاية القطب الواحد واحتلال الفكر الاسلامية الاصيل المتمثل بالفكر الشيعي للساحة السياسية والفكرية الدولية. ان تعدد مسارح العمليات العسكرية وسقوط المنظومة الليبرالية الكبرى سيؤدي السقوط كل المنظومات الثانوية المرتبطة بها، وبذلك ستسجل هذه المرحلة نهاية اسرائيل وسقوط الانظمة العربية القومية، او الدينية المزيفة (وخاصة النظام السعودي)، كما سيؤدي الى نهاية فكرة العلمانية وسقوط مبادئها نهائيا.

وفي دراسة لنا لما تتناوله معظم مراكز البحوث الحديثة في الولايات المتحدة واوربا الغربية وجدنا انها تقر بقرب نهاية الفكر الليبرالي الرأسمالي لكنها ترفض التصريح به خوفا من تداعيات الاحداث، وتسارعات التحولات التي يأمل الساسة تأخيرها قدر الامكان، بل ان بعض مراكز البحوث الاسرائيلية بدأت تتحدث عن رؤيا توراتية بقرب زوال اسرائيل من الساحةفقد ادرك شارون قبل خروجه المدويمن الساحة السياسية فعبر عن ذلك:

( ان المشروع العبري يعيش في ورطة حقيقية تمس مقومات وجوده الأمنية والاقتصادية والأخلاقية والاستيطانية بفعل انتفاضة الأقصى وحالة المقاومة المتصاعدة في المجتمع الفلسطيني وليس بفعل اتفاقيات التسوية وأدرك أن الضمير العالمي بدأ يكتشف حقيقة خطيئته المسماة إسرائيل) وهذا الرأي هو ما عبرت عنه استطلاعات الرأي الأوروبية أن أغلب الأوروبيين يعتقدون أن إسرائيل تمثل الراعي الأول للإرهاب في العالم وما كشف عنه تقرير وزارة الخارجية الإسرائيلية السري قبل أشهر يؤكد هذا الرأي والذي كتب في مركز( البحث السياسي لوزارة الخارجية)، وهو أحد هيئات التقدير الرسمية الثلاث لإسرائيل الى جانب "الموساد" و"أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية) حول العلاقة مع أوروبا تحت عنوان "إسرائيل ستكون جنوب أفريقيا" حيث تقول مقاطع من التقرير "المكانة الدولية لإسرائيل قد تتدهور حتى النبذ على نمط جنوب افريقيا فاستمرار النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني قد يرفع إسرائيل الى مسار الصدام مع الاتحاد الأوروبي"، هكذا قرر واضعوا التقرير ويحذرون بأن النتيجة قد تكون "فقدان شرعية إسرائيل في أوروبا" ويضيف التقرير" تتطور في أوروبا لأفكار واتجاهات (لا سامية) جديدة، ترفض مجرد شرعية إسرائيل كدولة يهودية سيادية " ففي دوائر ثقافية معينة، حتى لو كانت لا تزال هامشية، تثور تساؤلات حول شرعية إسرائيل).

3- من اهم مميزات نهاية التاريخ والحرب العالمية الثالثة هو العودة الى ظهور المعجز الالهي على يد الامام الحجة عجل الله فرجة وعلى يد السيد المسيح عليه السلام اثر نزوله الذي اصبح هو الاخر وشيكا، وهذه المعاجز ستؤدي الى اختفاء مساحات كبيرة من سطح الكرة الارضية التي ستغمرها المياه على اثر الاندفاعات البركانية، والزلازل الارضية، وتحت المائية المدمرة، وقد شهدنا بعضها مؤخرا، وحاليا اجزاء كبيرة من سواحل الولايات المتحدة وقسم من السواحل الاوربية مهيأة للزوال على اثر الاحتباس الحراري، وتسارع ذوبان جليد القطب الشمالي وقسم من القطب الجنوبي، اضافة الى توقعات لزوال نهر النيل وجفاف عام في مصر، وبالتالي فان حركة التاريخ الحضاري غير الاسلامي ستتهاوى حتى يهبط المنحنى الهندسي لها الى الحضيض لتسجل النهاية الحتمية لها. ما اقدمه هنا بخصوص هذه الحوادث المحتملة ليست نتاجا لرؤى (ميشيل نوستدراموس" ولا هي من باب التمني الشخصي، ولكن ما تنقله وبشكل شبه يومي تقارير مراقبة الطقس والمناخ، والدراسات التي تتعرض لمصير الارض على اثر ظاهرة الاحتباس الحراري.

4- ستشهد الحروب ظهور اسلحة لم تتعرف عليها البشرية من قبل، بل ان كارثة هيروشيما وناغازاكي ستبدو عندها كلعبة اطفال او نوعا من الحرب البدائية 6.

     وبعد فواجب علي ان اقدم نصحا لكل الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة ان تنأى بنفسها بعيدا عن الولايات المتحدة الامريكية وعن مناهجها السياسية والاقتصادية با وحتى الاعلامية، فسقوط الولايات المتحدة اصبح قريبا ولا يتجاوز البضعة سنوات (5-10) سنوات، وسيكون سقوطا مدويا ينهى الاتجاهات الليبرالية كلها، وسيجرف اولا كل اوربا الداعية الى التحالف مع الفكر الامريكي، وطبعا فان سقوط بقية الانظمة الصغيرة التابعة مثل منظومة الخليج، و بعض منظومة آسيا، وقسم كبير من المنظومة الافريقية، ونهاية عدد من دول ودويلات امريكا اللاتينية بل واختفاء عدد منه جراء الفيضانات المدمرة سيشكل انتصارا للفكر الشيعي الذي سينجو من الكارثة ليس بمعجزة الهية ولكن لطبيعته التكوينية والبينيوية. وما اضعه هنا ليست تمنيات شخصية، او رغبات نفسية مع انها تراود بال ونفوس البلايين من البشر التواقين الى الخلاص من الهيمنة الامريكية. ان اعتراف مراكز البحوث في كل من الولايات المتحدة واسرائيل واوربا، بل وقسم منها في مجموعة الاسيان، بقرب نهاية امريكا سياسيا وعقائديا واقتصاديا لمؤشر خطير يؤيد دخول عصر نهاية التاريخ مراحلة الاخيرة.   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- التاريخانية ((Historicism: هو مذهب فكري يتبع مقولة بأن ( كل حقيقة تخضع للشروط التاريخية مهما كانت نتائجها) ويجب هنا الاشارة إلى ان التاريخانية لا تعني مبدأ الاعتماد على التاريخ في تفسير الظواهر السياسية والاقتصادية بل وحتى الاجتماعية. فالتاريخانية او ما يمكن تسميته بالنزعة التاريخانية تنفي كل مبدأ للتفسير خارج التاريخ في حين ان الدراسة التاريخية ( أي الاعتماد على التاريخ) لاتنفي هذا المبدا بل تعتمد عليه في تفسير حركة التاريخ.

2- آرنولد توينبي (ت 22/10/1975)، وضع ارنولد تونبي فكرة نظرية التحدي والاستجابة وفقا لمناهج المدرسة الانكليزية، فالمدرسة الانكلوسكسونية تقوم على إلغاء علاقة الوعي بالتاريخ، أوعلاقة الوعي بالفعل التاريخي، وتؤسس لمفهوم السلوك على أساس اللاشعور، أو على أساس الارتباط الشرطي، (هنا تقع نظرية التحدي والاستجابة)، كما جرت الترجمة لأطروحة توينبي، لكن ماذا يعني توينبي بالتحدي ، ثم ماذا يقصد بحدوث الاستجابة ؟ وبصياغة أخرى ، بالفعل ورد الفعل إذ ان هذا يدل ببساطة أن الإنسان ، صاحب الإجابة أو الاستجابة ، أو رد الفعل ، هو في حال سكون ، أو حال اللا فعل ، إلا إذا تمت استثارته من الخارج . فهو بهذا يضع الانسان كطرف سلبي في معادلة الفعل ، أي إذا لم يحدث هذ المؤثر الخارجي فإن رد الفعل لم يتحقق. وبالتالي ينفي سلوك الانسان كصانع ومؤثر في حركة التاريخ.

3- فرانسيس فوكوياما، كاتب ومفكر امريكي من اصول يابانية ولد في شيكاغو/ الولايات المتحدة (1952) وضع كتب عدة منها ( نهاية التاريخ والانسان الاخير) و( الانهيار أو التصدع العظيم)، ويعد قيب فكريا من المحافظين الجدد المسيطرين حالياعلى الادارة الامريكية، وفوكوياما من اشد الداعين الى الهيمنة الامريكيةعلى العالم.

4- راجع كل من الموسوعة البريطانية، موسوعة الحرب العالمية الاولى حيث استقينا معظم معلوماتنا منها.

5- للمزيد يراجع دليل الحرب العالمية الثانية، موسوعة الحرب العالمية الثانية، موسوعة الاسلحة العسكرية، والموسوعة البريطانية.

6-  كل هذه المميزات التي ذكرتها قد شعر بها كبار المؤرخي وصرحوا ببعضها ولعل اكر المدركين لها بعد توينبي هو المؤرخ الفرنس روجيه غارودي في كتابة ( الولايات المتحدة طليعة الانحطاط) فقد كان غارودي يحمل الفكر المسيحي داخل الحزب الشيوعي مما ادى الى طرده عام 1971 ثم ان تحولة للاسلام قد جوبه بمعارضة صهيونية كبيرة ادت الى محاكمته، إن إدراك غارودي للقواسم التأسيسة المشتركة بين الحضارة الأوروبية والحضارة الأمريكية..هو الذي يجعله متخوفا جدا من استحالة إنقاذ أوروبا من طوفان السقوط الأمريكي ولأجل هذا يستفرغ وسعه في الدعوة إلى الوقوف خارج دائرة النفوذ الأمريكي،سياسيا واقتصاديا و ثقافيا واجتماعيا. إن غارودي يسعى لكي يكون سقوط الولايات المتحدة الأمريكية سقوط حضارة وليس سقوطا للعالم بأسره. إن الهيمنة الأمريكية تشبه طوفان نوح ـ عليه السلام ـ ومن أراد النجاة من الغرق..فعليه أن يلوذ من الآن بسفينة الاستقلال والتحرر والعودة إلى الذات.

7- لعل كتاب (لماذا يكره الناس أمريكا  (WHY DO PEOPLE HATE AMERICA?) للباحثين ضياء الدين ساردار و ميريل واين ديفيز، يكشف حجم الخراب الذي سببته الولايات المتحدة منذ بدايات ظهورها  للعالم  ككل وللانسانية اجمع ، فقد استعملت الولايات المتحدة جيشها 133 مرة خلال مائتي سنة واضفت لها انا مرة اخرى وهي حرب العراق الاخيرة  (2003) ليصبح 134 مرة. 

المملكة المتحدة -  لندن

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 20 حزيران/2007 -4/جماد الاخرى/1428