العراق دولة قاتمة المعالم ينخرها الفساد والفقر وموت الاطفال

شبكة النبأ: تحول العراق خلال السنوات الاربع الماضية منذ دخول القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، إلى مجتمع غالبيته من الأرامل واليتامى والمطلقات والمعوزين، تسود فيه جرائم الفساد الإداري والاعتداء على الملكية العامة‏، ‏والتهريب، وارتفعت معدلات السرقة والسطو المسلح‏، وعمليات الاختطاف‏ والاغتصاب‏، والإدمان وفقدان الشعور بالأمن وجنوح الأحداث. فضلا عن العمليات الارهابية المروعة التي اكثر ما تؤذي المدنيين الابرياء.

فقد أكد تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي صدر مؤخرا «أن ما حذرت منه في آذار 2005 قد تحقق، أو بات قاب قوسين أو أدنى، وهو إن العراق اصبح الاكثر فسادا بين دول العالم». واشار الى ان عددا من المسؤولين العراقيين في مستويات مختلفة، يمارسون نهباً منظماً للدولة وثرواتها ومرافقها، يتكامل مع إقدام الاحتلال على تبديد مليارات الدولارات من الأصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد سقوط نظام السابق.

كما كشف تقرير صحي أمريكي أن نسبة بقاء الأطفال على قيد الحياة في العراق حتى ما بعد سن الخامسة، قد تراجع بشدة منذ العام 1990، ليحتل هذا البلد ذيل الترتيب العالمي خلف مجموعة من أفقر دول العالم مثل بوتسوانا وزيمبابوي، بعدما تضاعفت وفيات الأطفال فيه 150 في المائة.

وأكد التقرير الذي أعدته منظمة "أنقذوا الأطفال" أن طفلاً من بين كل ثمانية أطفال في العراق يموت قبل أن يبلغ سن الخامسة، نتيجة الأمراض والعنف، وتوجه بالنقد اللاذع لحكومة بغداد التي اتهمها بإهمال القيام بأي جهود في سبيل تحسين أوضاع الأطفال.

وقال التقرير إن العراق عانى منذ العام 1990 من قصور في الإمدادات الصحية والكهربائية، ومن نقص كبير في الخدمات الاستشفائية وتأمين المياه النظيفة، وقد شهد العام 2005 وفاة 122 ألف طفل عراقي.

بالمقابل لفت التقرير إلى التحسن الذي حققته بعض الدول في مجال صحة الأطفال وخاصة سوازيلاند وبتسوانا، وأشار إلى أن تسعة أعشار حالات وفيات الأطفال في العالم تقع في 60 بلداً من بلدان العالم النامي.

وقال التقرير إن عشرة ملايين طفل يموتون حول العالم سنوياً - بمعدل 28 ألف طفل يومياً - بسبب الفقر الشديد الذي يحول دون تأمين مستلزمات بسيطة قد تساهم في نجاتهم، كشراء شبكات الحماية التي تقي من البعوض الناقل للملاريا أو تأمين مضادات حيوية رخيصة لمعالجة مرض ذات الرئة.

وعلق الدكتور وليام فوج من جامعة إموري للطب العام على التقرير قائلاً "هذه المشاكل ليست من النوع الذي لا يمكن مواجهته.. ومن الظلم أن تكون وسائل الحياة متاحة لقلة من الأشخاص فقط بسبب الدول التي يعيشون فيها."

وبالعودة إلى التقرير، فقد أكد معدوه الذين عملوا على تقارير صحية تغطي الفترة الممتدة بين 1990 و 2005 أن أربعة ملايين طفل يموتون نتيجة تعقيدات مرضية خلال الشهر الأول من الولادة وفقاً للأسوشيتد برس.

وتم تحديد مجموعة من الأمراض وفي مقدمتها ذات الرئة والملاريا والحصبة والإسهال على أنها "مسببات أساسية لوفيات الأطفال" حول العالم.

وضمن فئة الدول الصناعية، احتلت أيسلندا المرتبة الأولى عالمياً لناحية العناية الصحية بالأطفال والمواليد الجدد، فيما جاءت رومانيا في ذيل الترتيب.

وحلت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة 26 مع معدل وفاة يبلغ سبعة بالألف لتتساوى بذلك مع كرواتيا وأستونيا وبولندا خلف دول مثل تشيكيا وفنلندا واليابان وسلوفينيا.

فيما جاءت مصر على رأس قائمة الدول النامية لناحية التقدم الطبي في تقليص حالات وفيات الأطفال بمعدل 68 في المائة منذ العام 1990 بعد التقدم الكبير التي حققته في مجال الرعاية الصحية للحوامل، واشتراط حضور جهات خبيرة ومخولة طبياً خلال عمليات الولادة، وتقديم خدمات متطورة على صعيد الرعاية العائلية.

وأشاد التقرير بقيام القاهرة برفع الموازنة المخصصة للصحة بمعدل 200 بالمائة منذ العام 1994، فيما تم انتقاد السياسيات الصحية في الصين والهند وأفغانستان وأنغولا والكونغو الديمقراطية التي صنفت ضمن الدول النامية ذات المعدلات القياسية لوفيات الأطفال.

وفيات الاطفال في العراق زادت 150%

وأفاد تقرير صدر عن منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة أن مصر حققت أعلى تقدم بين البلدان النامية في خفض عدد وفيات الاطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة أعوام من عام 1990 الى عام 2005 بينما كان العراق الاكثر تدهورا في هذا الصدد.

وتتبعت جماعة "أنقذوا الاطفال" الانسانية معدلات وفيات الاطفال في 60 دولة نامية خلال هذه الفترة. وهناك 20 دولة اما لم تحقق تقدما على الاطلاق في خفض هذه الوفيات أو زاد عدد الوفيات فيها. حسب تقرير لرويترز.

وقال التقرير ان الوفيات في هذه الدول الستين تمثل 94 في المئة من الوفيات في جميع أنحاء العالم. ويلقى نحو 10.2 مليون طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات حتفهم سنويا في جميع أنحاء العالم بينهم 99 في المئة في الدول النامية في ظل الفقر والمرض وسوء التغذية. ويلقى 28 ألفا حتفهم يوميا.

وأضاف التقرير أن نحو ثلاثة أرباع الوفيات تقع بسبب الالتهاب الرئوي والاسهال والمشاكل الصحية التي يعاني منها الاطفال حديثي الولادة منها الولادة المبتسرة وضيق التنفس لدى المولود وتشوهات الولادة.

وذكر التقرير أن وفيات الاطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات تراجعت 68 في المئة بمصر من عام 1990 الى 2005. وأضاف أن نسبة الوفيات في العراق الذي يرزح تحت وطأة الحرب منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس اذار والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه قبل ذلك بأعوام زادت 150 في المئة.

وقال التقرير "وحتى قبل الحرب الاخيرة كانت الامهات والاطفال العراقيون يواجهون أزمة انسانية خطيرة بسبب أعوام من القمع والصراع والعقوبات الخارجية."

وتابع أن انقطاع الكهرباء ونقص المياه النظيفة وتدهور الخدمات الصحية وارتفاع معدل التضخم أدى الى تدهور الاوضاع المعيشية الشاقة بالفعل.

وذكر التقرير ان 122 ألف طفل عراقي أي واحد من كل ثمانية لاقوا حتفهم قبل سن الخامسة خلال عام 2005 وأن نصفهم توفوا في الشهر الاول من عمرهم.

كما صنف التقرير 140 دولة بناء على مدى ملائمتها لعيش الامهات والاطفال واستند في ذلك الى عدد من العوامل. وحلت السويد وأيسلندا والنرويج في المراكز الاولى بينما تقاسمت الولايات المتحدة والمجر المركز السادس والعشرين، وحلت النيجر في المركز الاخير، ووصف التقرير مصر بأنها نموذج للنجاح.

وقال ديفيد أوت مدير قطاع الصحة بمنظمة أنقذوا الاطفال للصحفيين " استثمروا (المصريون) لتوسيع فرص حصول الامهات والمواليد والاطفال على الخدمات الصحية الاساسية."

وجاء في التقرير ان مصر "سعت لخفض معدل الانجاب ومعدل وفيات الامهات وتحسين نتائج الحمل. منذ عام 1990 زادت نسبة استخدام موانع الحمل نحو 60 في المئة وتراجع معدل الانجاب ببطأ من 4.3 الى 3.1 حالة ولادة لكل امرأة."

أما باقي الدول التي احتلت مع مصر المراكز الخمسة الاولى فهي اندونيسيا التي خفضت معدل وفيات الاطفال 60 المئة في ظل تزايد الاستثمارات في مجال الصحة العامة وبنجلادش بنسبة 51 في المئة ونيبال بنسبة 49 في المئة والفلبين بنسبة 47 في المئة.

أما الدول التي انضمت للعراق في ذيل القائمة فكانت بوتسوانا بنسبة 107 في المئة وزيمبابوي بنسبة 65 في المئة وسوازيلاند بنسبة 45 في المئة وساحل العاج وكينيا وكمبوديا بنسبة 24 في المئة.

وقال تشارلز مكورماك مدير المنطقة انه بالرغم من أن اجراءات انقاذ الحياة مثل الامصال ومحاليل معالجة الجفاف للاسهال واستخدام الشبكات المزودة بمواد مبيدة للبعوض للوقاية من الملاريا ليست باهظة التكاليف فلاتزال بعيدة عن متناول الناس في العديد من الاماكن.

ومن بين الدول العشر التي يوجد بها أعلى عدد من وفيات الاطفال تحت سن الخامسة تعاني تسع من الحرب أو خرجت للتو منها.

وذكر التقرير أن أعلى معدلات لوفيات الاطفال هي في سيراليون حيث يلقي 282 طفلا تحت سن الخامسة حتفهم من بين ألف وفي انجولا (260 لكل ألف) وأفغانستان (257 لكل ألف) والنيجر (256 لكل ألف).

وقال التقرير ان الهند هي أعلى دولة في العالم من حيث وفيات المواليد اذا يلقى 1.9 مليون طفل تحت سن الخامسة حتفهم سنويا.

العراق دولة قاتمة المعالم

وأوضحت تقارير 4 منظمات دولية نشرت اخيرا وإحصائيات لوزارات عراقية متعددة ان العراق بات الدولة الاكثر فسادا.. والثالث بين 60 دولة فاشلة في العالم.

والعراق، وفق تقييم منظمة الشفافية العالمية، يتصدر قائمة أسوأ دول العالم في الفساد المالي والإداري بسبب النهب الواسع لثرواته وموارده وسوء الإدارة فيه، حيث وصل انتشار الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة في ظل الحكومات التي أعقبت الاحتلال لأكثر من 70% حسب تقدير راضي الراضي مسؤول هيئة النزاهة في العراق.

وكشف تقرير المنسق الإنساني للمنظمة الدولية في العراق عن زيادة أعداد الأرامل اللواتي يعلن أسرهن إذ لم تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من إحصاء كامل للأعداد التي بلغت لحد الان 565‏ ألف امرأة أرملة فيما يصبح في كل يوم 400‏ طفل يتيما في بغداد لوحدها نتيجة أعمال العنف. كما ارتفعت معدلات الطلاق 22% من عام 2003 ـ 2006، في حين تراجعت نسبة الزواج لنفس الفترة إلى 50%، بحسب إحصاءات وزارة العدل العراقية.

أما على الجانب الاجتماعي الذي شهد انهياراُ حاداُ فقد أظهرت دراسة بعنوان «خارطة الحرمان ومستوى المعيشة في العراق» أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة التخطيط والانماء العراقية عن واقع مستوى المعيشة للعائلة العراقية في الوقت الحاضر، حيث أشارت الدراسة الى إن مستوى المعيشة منخفض في ميدان التعليم بنسبة 31.8 % وفي مجال الصحة 22.7 % والبنى التحتية الضرورية للعائلة بنسبة 58.2% والسكن 20.1% والوضع الاقتصادي بنسبة 55.1% بينما بلغ انخفاض مستوي المعيشة للأسر نسبة 31.2%.

كما أوضحت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية أن مستوى الفقر تجاوز بمقدار 35

% عن مستوى الفقر قبل عام 2003، وان حوالي 5.6 مليون عراقي يعيشون تحت مستوى الفقر بينهم 40% يواجهون تدهوراُ حاداُ في معيشتهم، مما ادى إلى اتساع ظاهرة الباحثين عن الرزق بين جبال القمامة وحقول الألغام وغيرها. وأكدت تقارير لمنظمات إنسانية أخرى على ان حالة التدهور الأمني وتنامي نسب البطالة والهجرة القسرية من المناطق الساخنة ومن الأرياف إلى المدن والتضخم المتزايد أوجد ضغوطا متصاعدة على الأسرة مما تسبب في تفكك بعض الآسر وازدياد نسبة الفئات المهمشة‏،‏ من الأيتام‏، والمشردين‏،‏ والمعوقين‏،‏ والمتسولين‏،‏ والأرامل المعيلات لأسرهن‏، اللائي اضطررن الى إيجاد أماكن للسكن لها في بيوت الصفيح والمباني المهجورة.

من جهته قال بيان صدر أخيرا عن جمعية الإصلاح لمكافحة المخدرات في العراق إن أعداد الذين يتعاطون المخدرات في ازدياد بسبب الحرب التي تسببت بالفوضى الأمنية والتي جعلت من العراق سوقاً للمخدرات منها ما يصرف في البلد ومنها وما يمر عبر أراضيه.

وأشارت الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة إلى ان أكثر من 24 ألف عراقي قد تعاطوا المخدرات العام الماضي، إلا إنها لم تظهر لحد الآن الإحصائية التي تخص المدمنين منهم. ودق تقرير الهيئة الدولية للصليب الأحمر ناقوس الخطر حول تدهور الأوضاع الإنسانية في العراق، وأفادت دوناني المتحدثة باسم منظمة الصليب الأحمر الدولية في بيان صحافي أعلنته الأسبوع الماضي من مقر المنظمة في عمان «ان المنظمة الدولية قلقة جداً من تدهور الوضع الإنساني في العراق». وقالت ان «العنف الذي يطال المدنيين يومياً يؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الإنسانية وعلى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين».

وأشارت إلى أن الخدمات الأساسية في العراق من صحة وماء وكهرباء تعاني من نقص خطير في الموارد البشرية والمستلزمات وان المستشفيات غير قادرة على التعامل مع العدد الكبير من الجرحى إضافة إلى أن الكثير من الأطباء والممرضين تركوا المهنة بسبب الخوف». وشددت دوماني على أن «المشكلة في العراق اليوم ليست مشكلة عسكرية ولا سياسية ولا جيو إستراتيجية وإنما هي مشكلة إنسانية في المقام الأول».

وفي الوقت الذي يلجأ فيه آلاف من الأطفال إلى مكبات النفايات بحثا عن الغذاء، وبعد فضائح البواخر التي وصلت إلى ميناء أم قصر وهي محملة بمئات الآلاف من أطنان الرز المتعفن، أعلن بيان صادر من هيئة النزاهة العامة عن فقدان العراق لـ75 الف طن من الحنطة الأميركية المستوردة لحساب البطاقة التموينية.

وأكد البيان استعداد شركة (كاركل الأميركية) تعويض العراق بكمية الحنطة المفقودة شريطة ان تدخل الشركة في سوق المنافسة لتجهيز العراق بالحنطة مستقبلاً. واوضح تقرير شبكة الحماية الاجتماعية عن مواصلتها صرف مبلغ 75 ألف دينار (ما يعادل 50 دولارا) لكل أرملة ضمن موازنة عام 2007 لمعالجة الأوضاع الاجتماعية المتردية لشريحة اجتماعية واسعة. ويرى القاضي راضي حمزة راضي رئيس هيئة النزاهة العراقية، في تصريحات صحافية ان «الفساد ازداد واتسع بعد سقوط نظام صدام حسين» موضحا ان «ثمانية وزراء من الحكومات المختلفة التي تعاقبت في العراق» بعد الغزو، أحيلوا للقضاء بتهمة الفساد، «ولكن المحاكمات لم تتم لان أكثرهم هرب إلى خارج البلاد وبعضهم يتمتع الآن بحصانة برلمانية لم يتم رفعها عنه بعد»، بينهم وزير الدفاع السابق في حكومة أياد علاوي، حازم الشعلان، «المتهم بإهدار 1.3 مليار دولار من المال العام» مع 72 مسؤولا آخر من تلك الحكومة.

وشدد راضي على ان مكافحة الفساد تواجه مصاعب كبيرة، مشيراً إلى «مقتل 51 قاضياً ممن أصدروا احكاما في قضايا فساد أو إرهاب و12 من محققي هيئة النزاهة» خلال عامي 2005 و2006. وقال انه «تمت إحالة 4100 قضية فساد إلى القضاء خلال العامين المذكورين بينها 24 قضية تشمل وزراء ووكلاء وزارات ومديرين عامين».

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  10 آيار/2007 -21/ربيع الثاني/1428