مدينة وتاريخ: كربلاء قديماً

 شبكة النبأ: عن معنى كربلاء قال ياقوت الحمويّ: (... فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين، يقال: جاء يمشي مُكربلاً، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة، فسُميت بذلك. ويقال: كربَلْتُ الحنطة إذا هززتها ونقيتها وينُشد في صفة الحنطة:

يحملن حمراء رسوباً للثقل              قد غُربلت وكُرْبلَت من القصل

فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك. والكربَلُ اسم نَبْت الحماض، قال أبو وجزة السعدي يصف عهود الهودج:

وتامر كرْبلٍ وعميم دفلى                عليها والندى سَبْط يمورُ

فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نباته هُناك فسمي به.

وذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني أن (كربلاء) منحوتة من كلمتي (كُوَر بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية، وقال الأب اللغوي أنستاس الكرملي: (والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين أن كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و(إل) أي حرم الله أو مقدس الله.

قلنا: إن رجع الأعلام الأعجمية إلى أصول عربية كان ديدنا لعلماء اللغة العربية منذ القديم، فقلما اعترفوا بأن علماً من الأعلام أصله أعجمي، دون أسماء الجنس فأنهم اعترفوا بعجمتها وسموها (المعربات)، لأن الذين يعرفون اللغة الفارسية كثير، ولأنهم يدرون أصول المعرّبات على التحقيق والتأكيد، وكان الذي يُسهل عليهم اجتيال الأعلام وغيرها إلى اللغة العربية كونها مشابهة وموازنة لكلمات عربية، كما مرَّ في (كربلا) والكربلة والكرْبل، فهم قالوا بعروبة تلك الأعلام الأعجمية ثم حاروا في تخريجها اللغوي فبعثهم ذلك على التكلف. كما فعلوا في كربلاء وغيرها من الأعلام الأعجمية.

وأنا أرى محاولة ياقوت الحموي ردَّ (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها، لأنها من باب الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في إرادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع، مع أن موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب، وأن في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كبغداد وصرورا وجوخا وبابل وكوش وبعقوبا، وأن التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء) فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق وقبل سكنى العرب هناك وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد القائد العربي المشهور في غزوته لغربي العراق سنة 12 هجرية 634م. قال ياقوت الحموي: (ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا إليه عبد الله بن وشيمة النصري الذبان: فقال رجل من أشجع في ذلك:

لقد حُبست في كربلاء مطيتي           وفي العين حتى عاد غثاً سمينُها

إذا رحلت من منزل رجعت له  لعمري وأيها إنني لأهينها

ويمنعها من ماء كل شريعة              رفاق من الذبان زرق عيونها

ومن أقدم الشعر الذي ذكرت فيه كربلاء قول معن بن أوس المزني من مخضرمي الجاهلية والإسلام وعمّر حتى أدرك عصر عبد الله بن الزبير وصار مصاحباً له، وقد كُف بصره في آخر عمره. وذكر ياقوت الحموي هذا الشعر في (النوائح) من معجمه للبلدان. و(المعبر) وذكره قبله أبو الفرج الاصبهاني في ترجمة معن من الأغاني (12:63 دار الكتب) وقال وهي قصيدة طويلة:

إذا هي حلّتْ كربلاء فلعلعا              فجوز العذيب دونها فالنوائحا

فبانت نواها من نواك فطاوعت مع الشانئين الشائنات الكواشحا

توهمتُ ربعاً بالمعبر واضحاً            أبت قرّتاه اليوم إلا تراوحا

وقال الطبري في حوادث سنة 12: (وخرج خالد بن الوليد في عمل عياض بن غنم ليقضي ما بينه وبينه ولإغاثته فسلك الفلوجة حتى نزل بكربلاء وعلى مسلحتها عاصم بن عمرو، وعلى مقدمته خالد الأقرع بن حابس، لأن المثنى بن حارثة كان على ثغر من الثغور التي على المدائن، فكانوا يغاورون أهل فارس وينتهون إلى شاطئ دجلة قبل خروج خالد من الحيرة وبعد خروجه في إغاثة عياض.... وأقام خالد على كربلاء أياماً وشكا إليه عبد الله بن وثيمة الذباب، فقال له خالد: أصبر فإني إنما أريد أن تستفرغ المسالح التي أمر بها عياض فنسكنها العرب فتأمن جنود المسلمين أن يؤتوا من خلفهم وتجيئنا العرب آمنة غير متعتعة، وبذلك أمرنا الخليفة ورأيه يعدل نجدة الأمة، وقال رجل من أشجع فيما شكا ابن وثيمة: لقد حُبست في كربلاء مطيتي...) الأبيات.

وقال ياقوت الحموي في كلامه على الكوفة: (قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية وضمن أرباب القرى ما عليهم بعث من أحصاهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، وكان الدهاقين ناصحوا المسلمين، ودلوهم على عورات فارس، وأهدوا لهم واقاموا لهم الأسواق. ثم توجه سعد نحو المدائن إلى يزدجر وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن، ثم توجه إلى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين أسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا، وهرب يزدجر إلى اصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها، فقسمها سعد بين أصحابه، ونزل كل قوم في الناحية التي خرج  سهمه فأحيوها، فكتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر أن حوّلهم. فحوّلهم إلى سوق حكمة ويقال إلى كويفة ابن عمر دون الكوفة...).

ولقائل أن يقول إن العرب أوطنوا تلك البقاع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت مُعاصرة للدولة الساسانية الفارسية، وفي حمايتها وخدمتها، والجواب أن المؤرخين لم يذكروا لهم إنشاء قرية سميت بهذا الاسم – أعني كربلاء غير أن وزن كربلاء الحق بالأوزان العربية ونقل (فَعْلَلا) إلى (فَعْلَلاء) في الشعر حَسْبُ. فالأول موازن لجحجحي وقرقري وقهقري والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زيد همزة كما زيد بَرْنساء.

أما قول الأب اللغوي أنستاس ما معناه أن كربلا منحوتة من (كرب) و(إل) فهو داخل في الامكان، لأن هذه البقاع قد سكنها الساميون وإذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضاً دل على معنى (القُرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا) وقالت (كرب فلان يفعل وكرب أن يفعل أي كاد يفعل، وكاد تُفيد القرب، قال ابن مقبل يصف ناقته:

فبعثتُها تَقِصُ المقاصر بعدما             كربتْ حياةُ الناس للمتنور

وقال أبو زيد الأسلمي:

سقاها ذوو الأرحام سجلاً على الظمأ     وقد كرمت أعناقُها أن تقطعا

وجاء في لسان العرب (كرب الأمر كروباً: دنا)... قال عبد القيس بن خفاف البرجمي:

أبنّي إن أباك كاربُ يومه               فإذا دُعيتَ إلى المكارم فاعجل

... وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب أن يكون وكرب يكون... وكربت الشمس للمغيب: دنت، وكربت الشمس للغروب، وكربت الجارية أن تُدرك، وفي الحديث: فإذا استغنى أو كرب استعفّ. قال أبو عبيد: كرب أي دنا من ذلك وقرب، وكل دان قريب فهو كارب، (في حديث رقيقه: أيفع الغلام أو كرب أي قارب الايفاع) فكرب البابلية قريبة من العربية.

وإذا فسرنا (إل) كان معناه (الالهُ) عند الساميين أيضاً، ودخول تفسير التسمية في الامكان لا يعني أنها هي التسمية الحقيقية لا غيرها، لأن اللغة والتاريخ متعاونان دائماً فهي تؤيده عند احتياجه إليها وهو يؤيدها عند احتياجها إليه، فهل ورد في التاريخ أن موضع كربلاء كان (حرم إله) قوم من الأقوام الذين سكنوا العراق؟ أو مَقْدسَ إلهٍ لهم؟ لا يجيبنا التاريخ عن ذلك ومن الأسماء المضافة إلى (ال) بابل وأربل وبابلي.

ومن العجيب أن لفظ (كرب) تطوَّر معناه في اللغة العبرية، قال بعض الأدباء الأمريكيين: (مما يصور لنا فكرة عن سُوء أسلوب الحياة أن نجد الكلمة العبرية (كرب Karab) – ومعناها يقترب – تعني في الوقت نفسه (يُقاتل ويحارب) ومن هنا كانت كلمة (كراب Korab) بمعنى معركة) لذلك يمكن القول بتطوّر الاسم (كربلا) من الحقيقة إلى المجاز وبذلك لا يجب الالتزام بأصل معناه بل يجوز، ومما قدمنا يفهم أن (كربلا) مقصور في الأصل وأن الهمزة أدخلت عليها لضرورة الشعر الذي نقلناه آنفاً وهو قول عبد الله بن وثيمة أو غيره (لقد حبست في كربلاء مطيتي) فلو قال في (كربلا) لم يستقم وزن البيت، ومد القصور من ضرائر الشعر المعروفة وهو أثقل من قصر الممدود.

وعلى حسبان (كربلا) من الأسماء السامية الآرامية أو البابلية، تكون القرية من القرى القديمة الزمان كبابل وإربيل، وكيف لا وهي من ناحية (نينوى) الجنوبية! قال ياقوت الحمويّ: (نينوى بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون والواو بوزن طيطوى... وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينو، منها كربلاء التي قُتل بها الحسين، رضي الله عنه، وقال في كتاب له آخر: (نينوى موضعان: بكسر النون وياء ساكنة ونون أخرى مفتوحة وواو وألف ممُالة؛ نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل. (ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قُتل بها الحسين بن علي عليهم السلام) ونينوى من الأسماء الآشورية.

ولا نشك في أن نينوى السفلى سميت باسم نينوى العليا إحدى عواصم الدولة الآشورية المشهورة في التاريخ، سُميت إما لمعارضتها وإما لإدامة ذكراها، على عادة الناس في تسمية البلدة التي ينشئونها بعد المهاجرة من بلادهم والجلاء عنها ويسمونها باسم بلدتهم التي هاجروا منها. وهذا معروف قديماً وحديثاً، وهو من أجل ضروب الوفاء، وإن كان لغير الأحياء.

ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو (كل ما يمكن أن يقال عن تاريخها القديم أنها كانت من أمّهات مدن طسّوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعموا، ماريا، صفورا، وقد كثرت حولها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل أوانٍ خزفية يعود تاريخها إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها) ومن المعلوم أن كربلاء ليست على ضفة الفرات ولا على ضفافه، فالقائل لو قال (كورة كربلاء) لكان القول علمياً.

ومما يدل على قدم كربلاء أيضاً ووجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده إلى أبي سعيد التَيْمي قال: (اقبلنا مع علي عليه السلام من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) وروى بعد ذلك بسنده أيضاً عنه قال: (أقبلت من الأنبار مع عليّ نريد الكوفة وعليّ في الناس، فبينا نحن نسير على شاطئ الفرات إذ لجّج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه وأخذ ناسٌ على شاطئ الماء، فكنت ممن أخذ مع عليّ حتى توسط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا نخاف العطش، قال: إن الله سيسقيكم، وراهب قريب منا، فجاء عليُّ إلى مكانه فقال: أحفروا ها هنا فحفرنا، وكنت فيمن حفر، فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيبة، فشربنا ثم سرنا ليلاً أو نحو ذلك، فعطشنا فقال بعض القوم: لو رجعنا فشربنا. فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها فلم نقدر عليها، فأتينا الراهب فقلنا: أين العين التي ها هنا؟ قال: أيّة عين؟ قلنا: التي شربنا منها واستقينا والتمسناها فلم نقدر عليها. فقال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصّي. ثم ذكر الخطيب بسنده إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أن (أبا سعيد التيمي متروك الحديث وغير ثقة).

والمهم من هذا الحديث أن الإمام عليه السلام مرّ بكربلاء ولجّج في الصحراء قبل سنة أربعين الهجرية، ولم يذكر أحد من المؤرخين إنشاء مدينة باسم كربلاء في أثناء تلك السنين الأربعين، وهذا مُرادنا بقولنا إنها غير إسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى آنفاً. وهذا الخبر نقلناه لتأييده وتاكيده.

 

نظرة عامة في تاريخ كربلاء

 كربلاء اسم قديم في التاريخ، يرجع إلى عهد البابليين، وقد استطاع المؤرخون والباحثون التوصل إلى معرفة لفظة (كربلاء) من نحت الكلمة وتحليلها اللغوي، فقيل إنها منحوتة من كلمة (كوربابل) وهي عبارة عن مجموعة قرى بابلية قديمة منها( نينوى)  التي كانت قرية عامرة في العصور الغابرة، تقع شمال شرقي كربلاء، وهي الآن سلسلة تلال أثرية ممتدة من جنوب سدة الهندية حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار وتعرف بتلول نينوى، ومنها (الغاضرية) وهي الأراضي المنبسطة التي كانت مزرعة لبني أسد، وتقع اليوم في الشمال الشرقي من مقام أو شريعة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) على العلقمي بأمتار وتعرف بأراضي الحسينية. ثم (كربله) بتفخيم اللام، وتقع إلى شرقي كربلاء وجنوبها. ثم (كربلاء أو عقر بابل) وهي قرية في الشمال الغربي من الغاضرية، وبأطلالها أثريات مهمة. ثم (النواويس) وكانت مقبرة عامة للنصارى قبل الفتح الإسلامي، وتقع في أراضي ناحية الحسينية قرب نينوى، أما الأطلال الكائنة في شمال غربي كربلاء تعرف بـ(كربلاء القديمة) يستخرج منها أحياناً بعض الحباب الخزفية، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها. وقد عبر عنها الإمام الحسين (عليه السلام) في خطبة مشهورة له وذلك عندما عزم السير نحو الكوفة: (وكأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا) ثم (الحير) ومعناها اللغوي الحمى. ثم (الحائر) وهي الأراضي المنفخضة التي تضم موضع قبر الحسين (عليه السلام) إلى رواق بقعته الشريفة، وقد حار الماء حولها على عهد المتوكل العباسي عام 236هـ. وكانت للحائر وهدة فسيحة محدودة بسلسلة تلال ممدودة وربوات متصلة في الجهات الشمالية الغربية والجنوبية منه تشكل للناظرين نصف دائرة مدخلها الجهة الشرقية، حيث يتوجه منها الزائر إلى مثوى سيدنا العباس بن علي عليهما السلام. وسميت كذلك بـ(الطف) لوقوعها على جانب نهر العلقمي، وفيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانية والرهيمة وعين الجمل وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح التي كانت وراء الخندق الذي حفره شابور كحاجز بينه وبين العرب. ومنها (شفيه) وهي بئر حفرتها بنو أسد بالقرب من كربلاء، وأنشأت بجانبها قرية، وكان الحسين (عليه السلام) عندما حبسه الحر بن يزيد الرياحي عن الطريق، وأمّ كربلاء، أراد أن ينزله في مكان لا ماء فيه، قال أصحابه دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوى أو هذه القرية يعنون الغاضرية أو هذه الأخرى يعنون شفيه. وإن الضحاك بن عبد الله المشرفي عندما اشتد الأمر على الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء وبقي وحيداً استأذن الحسين (عليه السلام) بالإنصراف لوعد كان بينهما (أنه ينصره متى كان كثير الأنصار) فاستوى على ظهر فرسه فوجهها نحو العسكر، فأخرجوا له واخترق صفوفهم، ثم تبعه منهم خمسة عشر فارساً حتى جاء شفية فالتجأ بها وسلم من القتل. وتسمى بـ(العقر) وكانت به منازل بخت نصر ويوم العقر قتل به يزيد بن المهلب سنة 102 وكلها قرى متقاربة، وقد روي أن الحسين (عليه السلام) لما انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد قال: (ما اسم تلك القرية وأشار إلى العقر فقيل له اسمها العقر فقال: نعوذ بالله من العقر، فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها قالوا: كربلاء فقال أرض كرب وبلاء وأراد الخروج منها فمنع حتى كان ما كان وقد سبق أن نزلها ابوه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في سفره إلى حرب صفين وشوهد فيها متأملاً في ما بها من أطلال وآثار فسئل عن السبب فقال أن لهذه الأرض شأناً عظيماً فها هنا محط ركابهم وها هنا مهراق دمائهم، فسئل في ذلك فقال: (ثقل لآل محمد ينزلون ههنا) إلى غير ذلك من الأسماء التي وردت في التاريخ، وليس باستطاعتنا استيفاء البحث عن قدمها. وذكر ياقوت في كتابه (معجم البلدان) بخصوص لفظة (كربلاء) وأوعزها إلى ثلاثة أوجه، فقال ما نصه: (كربلاء بالمد وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام في طرف البرية عند الكوفة)، فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين، يقال جاء يمشي مكربلاً فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك، ويقال كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها وينشد في صفة الحنطة:

يحملن حمراء رسوباً للثقل              قد غربلت وكربلت من القصل

فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك. والكربل اسم نبت الحماض. وقال أبو وجزة السعدي يصف عهود الهودج:

وتامر كربلٍ وعميم دفلى                عليها والندى سبط يمور

فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نباته هناك فسمي به، ونزل خالد كربلاء عند فتحة الحيرة سنة 12 هـ فشكى إليه عبد الله بن وثيمة البصري الذبان فقال رجل من أشجع

في ذلك:

لقد حُبست في كربلاء مطيتي           وفي العين حتى عاد غثاً سمينها

إذا رحلت من منزل رجعت له  لعمري وأيهاً أنني لأهينها

ويمنعها من ماء كل شريعة              رفاق من الذبان زرق عيونها.

وقد وردت لفظة (كربلاء) في رسالة السيد حسن الصدر فقال: (إنها مشتقة من الكربة بمعنى الرخاوة. ولما كانت أرض هذا الموضع رخوة سميت كربلاء أو من النقاوة من كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها ولما كانت هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل سميت كربلاء. أو أن الكربل نبت الحماض كان كثير نبته في هذه الأرض فسميت به والأظهر من هذه الوجوه الثاني والأوسط. ويرى فريق آخر من المؤرخين أن لفظة (كربلاء) مركبة من كلمتين آشوريتين هما: (كرب) و(ايلا) ومعناهما (حرم الله)، وذهب آخرون إلى أن الكلمة فارسية المصدر، فهم يرون أنها مركبة من كلمتين هما (كار) و(بالا) ومعناها العمل الأعلى أي العمل السماوي أو بعبارة أخرى محل العبادة والصلاة ومن الأسماء التي أطلقت على كربلاء اسم (النوائح) وربما اشتق من كلمة النياح لكثرة البكاء والعويل منذ نزول الحسين عليه السلام فيها، وذكر ياقوت الحموي في معجمه أبياتاً أنشدها الشاعر معن بن أوس المزني من قصيدة طويلة:

إذا هي حلت كربلاء فلعلعا              فجوز العذيب دونها والنوائحا

فباتت نواها من نواك فطاوعت مع الشانئين الشانئات الكواشحا

توهمت ربعاً بالمعبر واضحاً            أبت قرّتاه اليوم ألا تراوحا

ولا بد لنا ونحن في معرض حديثنا عن تاريخ كربلاء القديم، أن ننقل رأي الدكتور عبد الجواد الكليدار في هذا الصدد بشأن التعريف بأسماء كربلاء فقال: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث باسم كربلاء والغاضرية، ونينوى، وعمورا، وشاطئ الفرات، ورد منها في الرواية والتاريخ باسم ماريه، والنواويس، والطف، وطف الفرات، ومشهد الحسين، والحائر، والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة، إلا أن أهم هذه الأسماء في الدين هو (الحائر) لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا، وذكر صاحب دبستان المذاهب: أن كربلاء كانت في الزمن السالف تحوي بيوت نيران ومعابد للمجوس ويطلق عليها بلغتهم (مه بارسور علم) أي المكان المقدس.

وتحدثنا المصادر أن هناك أسماء قرى أخرى كانت تحيط بكربلاء القديمة عند ورود الحسين (عليه السلام) لها سنة 61هـ منها: عمورا ومارية وصفورا وشفية، وقد أطلقت عليها بعد مقتل الحسين تسميات أخرى منها: مشهد الحسين أو مدينة الحسين والبقعة المباركة وموضع

الابتلاء ومحل الوفاء.

وكربلاء هي أُم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات. ويحدّثنا التاريخ أنها كانت من أمهات مدن بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس – الفرات القديم – وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً. وقد كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل أواني خزفية يعود تاريخها إلى قبل العهد المسيحي.

أما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها والسبب في ذلك هو كثرة العيون التي كانت منتشرة في ربوعها. وقد أخذت كربلاء تزدهر شيئاً فشيئاً سيما على عهد الكلدانيين والتنوخيين واللخميين والمناذرة يوم كانت الحيرة عاصمة ملكهم، وعين التمر البلدة العامرة ومن حولها قراها العديد التي من ضمنها شفاثا.

ومن كل ما تقدم تتجسد لنا المكانة الرفيعة التي منيت بها هذه البقعة المقدّسة والمنزلة السامية التي حظيت بها بين بلدان العالم.

 

في كربلاء..أقدم كنيسة عراقية سبقت الإسلام بأكثر من 120 عاما

كربلاء لا تضم العتبات الشيعية المقدسة فقط ..ولكنها تحتضن اقدم كنسية في العراق إذ تشير المعلومات إلى أنها أُسست قبل 120 عاما من ظهور الإسلام ، وهي تقع في وسط موقع يطلق عليه (الاقيصر ) على مسافة 70 كم جنوب غربي كربلاء ، وعلى مبعدة 5 كم من قصر (الأخيضر) التاريخي المعروف.

وكان هذا الموقع مدينة متكاملة تزخر بالحياة منذ قرون بعيدة ، ويحكي ما بقي من آثارها انها كانت مدينة عامرة قبل الإسلام.وتضم كنيسة الاقيصر التي تقع وسط الصحراء رسومات متعددة عبارة عن صلبان معقوفة دلالة الديانة المسيحية.

ويقول ماجد جياد الخزاعي مدير هيئة السياحة في كربلاء "هذا المكان الذي يطل على حقبة تاريخية مهمة يعطي دلالة على عمق تاريخ المدينة التي يتصور البعض ان تاريخها محصور بما عرف عنها كونها مدينة اسست بعد استشهاد الامام الحسين بن علي (ع) في واقعة الطف..فهذه الكنيسة ووجودها في كربلاء وقدمها وتاريخها البعيد يعطي دلالة على ذلك."

ويضيف الخزاعي.." توجد على جدران الكنيسة كتابات آرامية تعود إلى القرن الخامس الميلادي حسب ما ذكرته الدراسات التي قام بها عدد من الباحثين والآثاريين..وفيها كذلك مجموعة من القبور قسم منها يعود إلى رهبان الكنيسة ورجال دينها الذي كانوا يقدمون تعاليمهم وخدماتهم وهي ملاصقة للكنيسة."

وتابع "والقسم الآخر لعامة الناس من المسيحيين الذي يدفنون هنا وهو يبعد عن الكنيسة بمسافة تزيد عن 20 مترا."

وأوضح أن "الكنيسة يحيطها سور بني من الطين فيه أربعة أبراج ويوجد في السور خمسة عشر بابا للدخول وهي مقوسة من الأعلى..فيما يبلغ طول بناء الكنيسة ستة عشر مترا و

عرضها أربعة أمتار."

واشار الى ان الكنيسة " بنيت من الطابوق المفخور أو الفرشي..وهذه القيمة البنائية تثبت إنها اقدم كنيسة شرقية في التاريخ لأنها وحسب الدراسات بنيت في منتصف ستينات القرن الخامس الميلادي..وهذا يعني إن هذه الكنيسة الموجودة في كربلاء قد بنيت قبل الإسلام بأكثر من 120 عاما حسب ما ذكره الدارسون والكتب."

وبين الخزاعي أن "التنقيبات التي أجريت عام 1976 وعام 1977 هي التي اكتشفت هذا الموقع والكنيسة عندما قاد السيد مظفر الشيخ قادر البعثة العراقية في هذه المنطقة."

وقال إن "موقع الكنيسة كان مثبتا لدى الاخوة المسيحيين من الكلدان الذي كانوا يأتون إلى الكنيسة لزيارتها كل عام لاحياء قداسهم واقامة الصلاة في مذبح الكنيسة، مضيفا أن هذا المكان لا بد أن يكون مكانا سياحيا ودينيا للاخوة المسيحيين لأنهم يعتبرون هذه الكنيسة هي اقدم كنيسة في الشرق الأوسط بل في الشرق عموما."

وأعرب الخزاعي عن إعتقاده بان "إعادة اعمار الكنيسة لابد أن يجلب المنفعة للجميع..المسيحيين للصلاة وغيرهم كسياحة أثرية لان هذه الأرض هي منجم للسياحة ونحن بعيدون كل البعد عن استغلال ما لدينا من آثار من اجل السياحة في حين إن العالم لا يملك مثلما نملكه والسياحة لديه عامل من عوامل الاستقرار الاقتصادي."

وإستطرد الخزاعي ان " آثار النبش والحفر في الكنيسة وقبورها بقصد السرقة واضحة لأن ما جرى بعد سقوط النظام من عمليات نهب وسرقة لم يترك حتى هذه الأماكن البعيدة"، موضحا أن "الكنيسة فيها قبور تاريخية وأن السراق والنهاب تصوروا أن في هذه القبور ذهبا وحليا وأحجارا كريمة وغنائم أخرى."

واوضح انه تم " نبش اكثر من 25 قبرا بحثا عن الغنائم..وترى أيضا آثار التخريب من قبل عسكر النظام البائد الذي اتخذ من موقع الكنيسة مكانا للتدريب والتصويب ..وترى بقايا القذائف المنفلقة وغير المنفلقة ما زالت موجودة."

وكشف مدير سياحة كربلاء أن "الدراسات والتنقيبات اثبتت أن هذه القبور حفرت بحيث يحتوي كل منها على بناءحجري يضم الرفاة فيما يغطى اللحد بحجر كبير.. أما جدرانه فهي مكسوة بالجص وبعدها يهال على القبر التراب ليطلى بطبقة من الجص لتكون هي الظاهرة من الخارج."

وتابع أن " إتجاه القبور يكون دائما باتجاه بيت المقدس ويبلغ عمق كل قبر اكثر من متر و25 سنتميترا وطوله مترا و 20 سنتميترا فيما يبلغ عرضه 60 سنتميترا."

وبين مدير السياحة أن "العوامل البيئية عرضت الكنيسة إلى الكثير من التخريب من خلال ما تعرضت له من كوارث..ونرى ذلك واضحا من خلال أبواب الكنيسة التي أغلقت من الخارج

بالحجر والجص."

وأشار إلى إن الكنيسة "إذا ما بقيت مهملة فان عوامل الزمن قد تعرضها إلى الكثير من المشاكل لان الترميم الصحيح هو السبيل الوحيد لكي تبقى الكنيسة صامدة على أن تعاد قبة المذبح التي سقطت ويعاد ترميم الغرف المهدمة المحيطة بالكنيسة المخصصة للكهنة."

وطالب الخزاعي "بحملة لتشجير المكان وجعله اكثر جمالا مثلما نريد تعبيد الشارع الموصل إلى الموقع من الشارع الذي يربط كربلاء بعين التمر."

وحذر من أنه إذا لم يتم ذلك "فإن ما تبقى من الكنيسة والموقع سيندثر حتما وسنخسر واحدة من المعالم الأثرية المهمة في العراق مثلما نخسر موقعا سياحيا رائعا سيأتي إليه آلاف السياح من المسيحيين وغيرهم من كل أرجاء العالم.

 

كربلاء في ذاكرة المؤرخين والرحالة

ذكر كربلاء العديد من المؤرخين وزارها العديد من الرحالة الأجانب والعرب ودونوا ما شاهدوه عنها في كتبهم وأسفارهم فقد ذكرها ابن بطوطة وابن حوقل نصيبي والقاضي نور الدين وعباس المدني والرحالة البرتغالي بيدرو والرحالة الألماني كارستن نيبور وعالم الآثار الإنكليزي وليم كنت لوفتس والرحالة ديولافو والرحالة جون بيترز ويمكن استعراض بعض الأمور لكل من الذي ذكرناه من إيجاز فالرحالة جون بيترز زارها سنة 1890 وكان من أمريكا ولاية بنسلفانيا وكان على رأس بعثة للتنقيب في العراق وكتب عنها إن سكان هذه المدينة يقدرون في ذلك الوقت في (60) ألفا ولكنها بلدة عامرة ومزدهرة ولها سور كبير وشوارع جيدة وواسعة ولها أبواب في أسوارها وفيها جباية المكوس وفيها بساتين عامرة وبيوت بعض من أبنائها شامخة أما مرقد الحسين بن علي فهو كبير وعامر. أما ما ذكر عنها عن لسان مدام ديولافو فقد زارتها سنة 1881 قالت إن كربلاء مدينة دينية وفيها مدارس كبيرة وان ابنهما لهم تحصيل دراسي ديني ويقدم الزائرين لها أموال عن طيب نفس ومحبة وقد يتبرعون لها بالسجاجيد الفاخر والأثاث الثمينة. أما عالم الآثار البريطاني وليم فقد زارها سنة 1853 فقد رأي إن سورها وبعد منازلها قد تهدمت جراء حادثة نجيب باشا وما حل في المدينة من آثار المعارك التي حدثت في داخلها ولم يسلم حتى بساتينها من التدمير ولكن إن المدينة مازالت حية وعامرة وذكرها الرحالة الألماني كارستن حيث زارها سنة 1765 وكانت بيوتها أغلبها من طين ولكن البلدة محاطة في سور ولها خمسة أبواب وقد زارها الرحالة عباس المدني في 1200 وصفها بأنها بلدة جنة كلها بساتين ونخيلها باسقات ومائها عذب وفواكهها كثيرة وأهلها كرام وذكر أن مؤرخين عربا كيرين قد ذكروها له وتحمس لزيارتها كما إن القاضي نور الدين قد زارها في القرن العاشر الهجري. وقال عنها إن مشهد كربلاء من الداخل والخارج سواء سور كبير وشوارع نظيفة وماء عذب وبساتين غناء وان فضيلة تربتها عظيمة وزيارة المرقد المقدس المنور الحسيني من الواجب الديني. أما ابن حوقل فقد وصف كربلاء وقبر الحسين وقال إن زيارتها من السنة المتداولة. أما ابن بطوطة فقد زارها سنة 726 هجرية ووصفها قال أنها الجنة على الأرض والمشهد الحسيني فيها يزيدها جمالاً ورونقاً وهي مدينة جميلة ومقدسة وفي الضريح المقدس مناديل من الذهب والفضة وعلى الأبواب ستائر من الحرير والسكان فيها كلهم من الأمامية وفيها مدارس عظيمة تدرس الدين والمدينة تسقي من الفرات.

شخصيات زارت كربلاء

1 ـ الخليفة العباسي المغني بالله سنة 553 هجرية.

2 ـ الخليفة العباسي المستنصر بالله سنة 664 هجرية.

3 ـ الملك الناصر الأيوبي سنة 665 هجرية.

4 ـ السلطان العثماني مراد الرابع سنة 1638 ميلادية.

5 ـ سليمان القانوني السلطان العثماني 1534 ميلادي.

وقد زارها العديد من زعماء العراق والعالم وعلى رأسهم الملك فيصل الأول سنة 1921 والملك غازي الأول 1937 والملك فيصل الثاني سنة 1956 وعبد الكريم قاسم رئيس وزراء سنة 1959 وغيرهم.

 

كربلاء في كتب التاريخ

معجم البلدان ياقوت الحموي والأغاني لأبي فرج الأصفهاني وتاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير ومروج الذهب للمسعودي ومقاتل الطالبيين وتاج الفروس للزبيدي والصحاح للجواهري وتاريخ ابن خلدون ولسان العرب لابن منصور وشذرات الذهب ووفيات الأعيان لابن خلكان والعقد الفريد لا بن عبد ربه وتجارب الأمم لابن مسكوبة وصورة الأرض لابن حوقل والمختصر لأخبار بن البشر والكامل بالتاريخ لابن الأثير والمنتظم لابن الجوزي ورحلة ابن بطوطة ومقدمة ابن خلدون والبحار للمجلسي وتاريخ الخلفاء للسيوطي وتاريخ الخلفاء لابن قتيبة الدينوري والعراق قديماً وحديثاً للحسني وتاريخ الإسلام للذهبي وظهور الإسلام لأحمد أمين وتاريخ العراق بين احتلالين لعباس العزاوي وأحداث ثورة الحسين لكاظم الذهبي وحكم المماليك لعلاء موسي نئورس وعشرات من الكتب.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 9 آيار/2007 -20/ربيع الثاني/1428