الستّوتة:  حالة طارئة أم نتاج طبيعي للظروف الحالية في العراق؟

عدسة وتحقيق:عصام حاكم

 شبكة النبأ: ما يلفت النظر حقا هذه الايام هو ذلك الحضور القسري والملحوظ في الشارع الكربلائي لـ (الستوتات)،  بل ربما أستطاع أن يفرض نفسة عنوة ومن دون أي استأذان، وذلك بسبب تفاقم مسلسل المصاعب والازمات في وسائط النقل كشحّة الوقود والتي هي بالتاكيد تتضامن تلقائيا مع ارتفاع اسعار النقل، بالاضافة الى ما تفرزه الخطط الامنية المتتابعة من حواجز كونكرتية وما تشكله من عائق كبير امام انسيابية المرور، بالاضافة الى امور أخرى لسنا بصدد الخوض فيها.

وكل تلك الارهاصات والتحديات افضت الى بروز ظاهرة جديدة الا وهي ظاهرة الدراجات النارية بشقيها العادي والاخر الذي يخلف وراءه عربة نقل صغيرة، حتى ذهب  المهتمون او المغرمون او عشاق هذا النوع من الدراجات الى تسميتها بـ(الستّوته).

وهذا الكائن البخاري ذو المواهب المتعددة او بمعنى أدق ذو الاستخدامات المتعددة كان له حضور لا يستهان به في الشارع الكربلائي وفي مواطن مختلفة من اوجه الحياة الكربلائية،

فتارة هو المنقذ ايام الزيارات المليونية الى مدينة كربلاء المقدسة من خلال نقله للزائرين من مناطق (القطع المروري) او ما تسمى العوارض من والى مركز المدينة، وتارة هو المعني الاول بنقل قناني الغاز الى المواطنين، كما ان له الفضل الكبير على اصحاب البقالة والتجار واصحاب المحال التجارية.

ولم تكتفي(الستّوته) بهذا القدر من الفائدة بل تحولت  في الاونة الاخيرة الى اسعاف فوري  ايام حوادث التفجير الارهابية التي طالت مدينة كربلاء المقدسة من خلال نقل الجرحى والشهداء الى المستشفيات لعدم كفاية سيارات الاسعاف المخصصة لهذه المهام.

وللوقوف عند هذا الظاهرة الجديدة القديمة على الشارع الكربلائي، كان لمراسل(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع بعض المواطنين وبعض اصحاب الدراجات النارية واصحاب المحال التجارية للاطلاع على مجمل القضايا المتعلقة بهذا الشأن فكانت الحصيلة ما يلي:

 (ابو حيدر) صاحب محل لبيع الدراجات يقول: هناك مثل شائع يقول الحاجة ام الاختراع، فما تراه اليوم من اقبال شديد على اقتناء الدراجات هو بمثابة دليل قاطع على ما يشكله هذا النوع من وسائط النقل كضرورة ماسة في الوقت الحاضر وذلك للقضاء على ازمة النقل وبالمقابل هي تمثل عنوان مهم للحد من ارتفاع اسعار اجرة سيارات النقل، ومن دون ان نتجاهل الوضع الامني وما يترتب على ذلك من معوقات تدخل في صلب العملية الامنية وبجانب اخر هي تجسد حالة من شانها ان تحمل مصاعب عديدة امام ديمومة السير والمرور.

اما المواطن(قيس عواد) وهو صاحب دراجة، فتحدث عن الاسباب الحقيقية التي دعته لاستخدام الدراجة، فقال لـشبكة النبأ: اني اجد في استخدام الدراجة أكثر من كونها هواية بل هي تمثل حل ناجح لجملة من المعوقات، كما انها عامل اقتصادي مهم كون الدراجة لاتستهلك الوقود ومن ناحية اخرى يمكن ان تستغل للعمل من جهه، ومن جهه اخرى فهي اسرع بكثير من السيارة كونها تنتظر طويلا وذلك لتخطي حواجز التفتيش هذا مما ادى الى تصاعد حالة الطلب على الدراجات من قبل طلاب الجامعات والمدارس.

ويقول(على شدهان) اني اختلف كثيرا مع بعض الاراء التي تحاول ان تحسن صورة الدراجة وذلك كوني انظر للموضوع من زاوية ثانية فهي تصدر ضجيج عالي جدا، ناهيك ان اغلب الذين يرتقون الدراجات هم من اعمار صغيرة هذا مما يجعلهم يتصرفون بتهور واندفاع وهذا مما يشكل خطر على حياة الناس، وبالمقابل فان الدراجات لم تعد هواية او واسطة نقل فقط، بل هي في اغلب الاحيان ينظر اليها على انها حاجة كمالية حيث تستبدل الدراجات باستمرار من قبل اصحاب الدراجات انفسهم من اجل اقتناء اخر صيحة أو صرعة من انواع الدراجات الحديثة، ناهيك ان الامر يمتلك ابعاد كثيرة من شانها ان تضعف الاقتصاد الوطني من خلال استيراد تلك الامور علما باننا غير ملزمين باقتنائها في وقتنا هذا.

الا ان(حيدر شعبان) قال لـشبكة النبأ: لا يمكن حسم الصراع بين المؤيدين والرافضين لاقتناء هذا النوع من الدراجات النارية الا من خلال وضع دراسة او  قراءة جادّة للواقع الراهن، والذي هو بالتاكيد ينسج مع الية البحث عن حيثيات او تداعيات هذه الحالة سلوكيا واخلاقيا ومادية، ، فنحن اليوم امام ازمة حقيقية في النقل بالاضافة الى الواقع الامني والذي هو بالتاكيد يفرض معطيات متعددة تلقي بظلالاها على المواطن العراقي، فثمة انظمة وقوانيين تستطيع ان تساهم في خلق موازنة طبيعية من خلال فرض واقع التقنين السليم، وذلك باذكاء حالة الانصهار في مجموعة الانظمة المرورية، وبالتالي هي تنعكس تلقائيا مع عملية تنظيم حركة السير للسيارات والدراجات في آن واحد، وذلك بوضع ضوابط وشروط محددة كالحصول على رخصة للسياقة او وضع خوذة واقية على الرأس وامور اخرى من شانها ان  تسهم او تحد من ظاهرة الاقبال على الدراجات لمن لا يمتلك مؤهلات السياقة السليمة.

اما(عقيل شريف) فهو دافع بحرارة عن ما يسمى بالستوتة، قائلا لـشبكة النبأ: لا ينبغي بالمرة ان ننظر للموضوع من ثقب الباب، فاني اراى الدور الكبير الذي يضطلع به هذا النوع من الدراجات في الوقت الحاضر، فقد استطعنا  بفضل الله ومنه ان نتجاوز هذه الايام عربات الحمير  ونحن نهم بنقل المواد الغذائية من الوكيل بواسطة الستوتة، وكذلك عند نقل قناني الغاز، كما انها ساهمت أي( الستّوتة) في حل جزء  كبير من الازمة المستديمة وهي ازمة النقل بالاضافة الى ما تقدمه هذه الواسطة من خدمات لاصحاب المحال بمختلف توجهاتهم العملية ان كانت في البناء او في البقالة او في المحال التجارية، وامام هذا الكم الهائل من الخدمات تهون بعض الامور التي ذكرها الاخ(علي شدهان)علما بان بعض الامور التي تطرق لها الاخوة يمكن تجاوزها بأبسط الاجراءات الاجتماعية والثقافية.

الا ان(خالد عباس) وهو احد عشاق الستّوتة، يقول لـشبكة النبأ: في البدء ان هناك اكثر من عشرة انواع موجودة الان في الشارع الكربلائي وهي الهوندا والليدي والساسوكي واليوهاما والسكن والديوان وفالكون وجاي وان وفيوم وشهاب، والنوع المفضل لدى اغلب المواطنيين هو السكن، علما بان سعر الدراجة يتراوح بين المستخدم الذي يصل سعره الى 400 دولار و1000 دولار في حين يصل سعر الدراجة الكبيرة الى 2500 دولار، بالاضافة الى ذلك فان الدراجة اخذت تحمل اسماء محلية متعددة مثل(البطحة) و(سكوتر) واسماء اخرى.

وتعدّ في هذا الوقت مصدر للرزق وخصوصا نحن نمر بأزمة عمل في هذه الايام، ناهيك اننا في كربلاء قد لمسنا دورها المهم في مناسبات متعددة ففي ايام الزيارات لها الباع الطويل في نقل الزوار وبالاخص الاطفال وكبار السن من النساء والرجال، كما لا نستطيع في الوقت ذاته ان نتغافل عن ما تشكله تلك الواسطة من عنصر مهم للذين يحاولون نقل بضائعهم من والى مركز المدينة، اما بالنسبة لاصحاب محال البقالة فانهم لا يترددون عن ذكر افضال هذا النوع من الدراجات من خلال قيامهم بنقل المحاصيل الزراعية من العلوة الى المدينة، واخر المطاف ما شهدته  مدينة كربلاء  المقدسة في التفجيرات الاخيرة فكان للستوتة كما يدعي الكثير من مواطني محافظة كربلاء الدور المهم والسبّاق في نقل الجرحى والمصابين والشهداء الى المستشفى والى المراكز الصحية.

ومن هنا نستشف بان ثمة الكثير من المؤيدين والمعارضين لهذه الظاهرة القديمة الجديدة، والتي أستطاعت ان تخترق حاجز الصمت في الشارع الكربلائي، ناهيك عن مجمل القضايا الخدمية التي قد ساهمت بها في الحياة الكربلائية، كما انها رفدت سوق العمل  ببعض الشباب العاطلين، ناهيك عن مجمل القضايا الخدمية التي قدمها هذا النوع من الدراجات  كنقل المواطنيين والبضائع، علما باننا  في الوقت ذاته يجب ان نتوخى الحذر في حيثيات التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة وان لا نترك الحبل على الغارب، كي لا نلمس من هذه الظاهرة عواقب وخيمة، وكم لا يستهان به من المصاعب والازمات او الاخطار، والا حينئذ يصبح الامر وبال وتنتفي عندها الحاجة الى هكذا نوع من وسائط النقل، ويبقى السؤال اليتيم يفرض

نفسه، الستّوتة هل هي حالة طارئة؟ ام نتاج طبيعي؟.. هذا ما تجيب عنه الايام القادمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- االثلاثاء 8 آيار/2007 -19/ربيع الثاني/1428