اعصار غونو والعراق المنكوب

 بقلم محمد حسن المالكي

 منذ بداية اعصار غونو الذي ضرب سواحل سلطنة عمان وتحول نحو الامارات وسواحل ايران والجميع يتابع ما يجري في سلطنة عمان من اهتمام الدولة العمانية بمواطنيها وسعيها الحثيث لمنع وقوع خسائر بشرية ليس المهم لدى السلطان العماني الخسائر المادية او البنايات او المؤسسات الحكومية او الطائرات الجاثمة على ارض المطار المهم لدى الحاكم العماني هم هؤلاء الناس الطيبين المهم سلامة ابن السلطنة من المخاطر وتجنيبه الاذى.

 ولو نظرنا الى حجم اهتمام مسؤولي سلطنة عمان بالكارثة الطبيعية التي لحقت بشعبهم لوجدنا حرصا شديدا وعملا دءوبا للعناية بالرقم الصعب في حياة سلطنة عمان الا وهو الانسان العماني وقد استمعت الى قائد سلاح الجو ومسؤولين حكوميين كبار وهم يعتذرون لشعبهم ان كانوا قصروا بخدمته ويطلبون من مدير التلفاز الحكومي ان يضع ارقاما للطوارئ على شاشة التلفاز للاتصال بالدفاع المدني.

 كما ان مواطنا تقطت به السبل في اقصى خليج عمان الح عليه مدير التلفاز لكي يحدد مكانه بدقة من اجل تسهيل امر انجاده، اضافة الى ذلك فان المنظمات الخيرية العمانية وضعت نفسها رهن الاشارة لاغاثة الشعب العماني وفتحت المؤسسات الحكومية ابوابها لايواء المشردين من المناطق الساحلية.

 ومن اغرب ما سمعت في هذا الاعصار عندما اتصل مسؤول حكومي بمدير التلفاز الحكومي وقال له عليك قول الحقيقة وعدم التهوين من امر الاعصار فالاعصار لازال قويا مدمرا وعلى التلفزيون ان يقول الحقائق ولا يخفيها، اما الأمر الأخر الذي كان وجها لإعصار غونو فهو مستوى التطور الخدماتي في المدن العمانية من بنية تحتية متطورة وحدائق منظمة ومستشفيات حديثة رغم افتقارهم الى الموارد البشرية من عمال ومهندسين ورغم انهم يصدرون فقط (400) الف برميل من النفط يوميا.

اما الشعب العراقي المنكوب فهو يختلف عن شعب سلطنة عمان اختلافا كبيرا فهو شعب منسي لا يريد منه الآخرون سوى ان يكون جسرا لمصالحهم الشخصية وحساباتهم الضيقة فما ان امسكوا بكراسي السلطة حتى نسوا شعبهم ووعودهم التي قطعوها قبل الانتخابات وقد نقل لي من قيادي كبير في حزب الدعوة الحاكم عند زيارته لمنطقة المعامل وهي احدى مدن الصفيح التي تهدد الامن العالمي نقل منه القول قبل يومين من الانتخابات التي جرت عام 2005 باننا سوف نجعل من منطقة المعامل نموذجا للمدن العصرية وان منطقة المعامل سوف يجري تزويدها بالماء النقي فماذا حدث؟

 الذي حصل ان المعامل لازالت مدنا للصفيح وانها لازالت تبحث عن الماء النقي او غير النقي فلا تجده وان مرض الكبد الفايروسي يفتك بابناء المعامل ومدينة الصدر وغيرها من مدن العراق في وقت يتفرج فيه مسؤولو البلاد على معاناة شعبهم اما ما يحصل من نكبات وكوارث في التفجيرات اليومية التي تحصل في العراق فان مسؤولي البلاد يخفضون ارقام الشهداء الى الصفر دعما للخطة الامنية ويتحول عدد شهداء الصدرية الى خمسين مع العلم ان العدد الحقيقي هو اكثر من ثلاثمائة شخص اما الجرحى فاغلبهم يموتون بسبب النقص في الخدمات الصحية ثم الاعجب من هذا ان الحكومة العراقية تسمع بذبح عشر نساء في هبهب المحروسة على يد المجاهدين لكن التلفزيون العراقي يتغاضى عن نشر الحادثة المروعة كما انني قرات مرارا عن استغاثات لعراقيين يتعرضون لهجمات ارهابية في المناطق الساخنة مشابه للاستغاثات التي وجهها المواطن العماني لكن لامجيب ولا مغيث لهذا الشعب المنكوب.

 اضافة الى ان الحكومة العراقية تكتفي في اغلب الحوادث المروعة بتشكيل لجان تحقيقية لامتصاص السخط الشعبي ولم تظهر حتى الان اي نتائج لكل اللجان التحقيقية المشكلة بما فيها حادثة اعدام المصلين في حسينية المصطفى وحادثة جسر الائمة وغيرها وقد قرأت مقولة لنوري السعيد رئيس الوزراء في العهد الملكي حول اللجان التحقيقية قال فيها (( اذا اردتم اماتة قضية وطنية فشكلوا لها لجنة تحقيقية )).

لقد كان اعصار غونو كارثة وطنية اظهرت حرص حكومة سلطنة عمان على شعبها وحرصها على تجنيب الموت الدمار رغم ان الكارثة فوق قدرة الحكومة والبرلمان والقوات المسلحة لكن الحكومة لم تضع رأسها بين الرمال ولم تتنازل عن شعبها ولم تعقد صفقات سرية مع اعداء الشعب العماني لكي تبقى في السلطة اطول فترة ممكنة ولم تمد يدها للمساعدة كما فعلنا في شرم الشيخ وحتى الان لم اسمع بمسؤول عماني يطلب قروضا من عمرو موسى او سعود الفيصل.

 انا اكن عظيم الاحترام لشعب عمان ومحافظي المدن العمانية وقادة الجيش ومسؤولي الشرطة لوقوفهم مع شعبهم في محنته وعدم اطلاقهم تصريحات كاذبة بل ان كل ما يعرض في التلفاز الحكومي هو الحقيقة لاغير كما ان حكومة عمان وعدت شعبها بيومين فقط لاعادة التيار الكهربائي وخدمات الهاتف.

اما دور الحكومة العراقية في اغاثة شعب العراق المنكوب فلا خدمات ولا كهرباء ولا ماء نقي ولا مستشفيات حديثة رغم مرور اكثر من اربع سنوات على احتلال العراق على يد اكبر دولة اقتصادية متطورة كما ان الحكومة كجزء من رد الجميل للعراقيين في طريقها لاصدار عفو عام وشامل عن كل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية وضد الشعب العراقي بما فيهم مرتكبي جرائم المقابر الجماعية او مرتكبي الجرائم البشعة ضد المدنيين العراقيين بعد الغزو الاميركي للعراق ولا مسائلة عن الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب العراقي لا ن الشعب العراقي عبارة عن ارقام في نظر حكومته التي وضعها في هرم السلطة بالتضحيات والدماء الغاليات.

 كما اننا لم نشاهد مسؤولي البلاد يسارعون لنجدة شعبهم كما حصل في سلطنة عمان بل انهم يعملون ضد اماني وامال شعبهم من رفض الاحتلال ورفض عودة البعث النازي لهرم السلطة ورفض التفاوض مع قادة الجماعات الارهابية المسلحة امثال الرفيق المقاتل سليمان الاحمد والرفيق المقاتل غزة الدوري ومطني عواد وان الحكومة تتباطا في نصرة شعبها وتخليصه من الارهابيين، وهاهي ديالى والعامرية وغيرها تمتلئ بارهابيي البعث والقاعدة بينما الشعب يقتل ويذبح تحت انظار الجميع كما ان الحكومة لها علم بقادة الارهاب كما صرح بذلك رئيس الوزراء العراقي في احدى جلسات البرلمان العتيد لكن الحكومة تسكت لان هذا يخل بمبدأ الاستقرار السياسي في البلاد وبمعنى اخر ليس مهما شعب العراق المهم نجاح الخطة الامنية، وكسب رضا كروكر المقدس.

اقول لو كان لدينا محافظين للمدن من امثال محافظي سلطنة عمان ما ذا سيكون وضع البصرة او العمارة او الرمادي او النجف او تلعفر او مدينة الصدر؟ هل سيكون مثلما عليه الحال اليوم من خدمات مفقودة وشوارع مدمرة ونفايات تملا الطرقات وامراض تفتك بالشعب العراقي الطيب ام ان مدن العراق تحت سلطة العمانيين ستتحول الى جنائن خضراء وكهرباء مستمرة ومستشفيات حديثة وشوارع نظيفة واعمار حقيقي مستمر.

اقول لو كان لدى العراق اعصار بحجم اعصار غونو ما ذا سيحل بالعراقيين الهاربين من الاعصار من كوارث وماسي وهل سينجدهم سكان المنطقة الخضراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11 حزيران/2007 -23/جمادي الأول/1428