السعودية تهدم مساجد الشيعة في القطيف

 وتعمق الصراع المذهبي في العراق

اسعد راشد

 لعل اللغط الذي اثير حول اسباب "تأجيل" زيارة المالكي رئيس حكومة العراق المنتخبة الى السعودية قد حسمه تقرير خبري نشره موقع ايلاف الموالي للحكومة السعودية على لسان ديبلوماسي عربي صرح به لوكالة فرنس برنس بان "السعودية رفضت اخيرا استقبال رئيس الوزراء العراقي الدكتور نوري المالكي لانها تعتبره مسؤولا عن تعميق الصراع المذهبي في العراق"! وقد تبنى موقع ايلاف التابع للسعودية التقرير الخبري رسميا في محاولة واضحة لايصال رسالة الرياض الى الحكومة العراقية التي تم انتخابها باكثرية نيابية شارك في التصويت عليها اغلب مكونات الشعب العراقي بما فيهم الاكراد السنة .

يضيف" الديبلوماسي العربي" ـ الذي لم يذكر اسمه ! ـ حسب ما جاء في موقع ايلاف السعودي لوكالة فرنس بريس "ان العاهل السعودي رفض استقبال المالكي قبل المؤتمر الدولي حول العراق الذي يبدأ اعماله الخميس في شرم الشيخ بمصر لان المملكة ترى انه هو الذي كرس التقسيم المذهبي في العملية السياسية في العراق" !

بالطبع يرى العديد من المراقبين او بعض المطلعين على خفايا السياسة السعودية ان الرياض تخادع العالم بموقفها هذا تجاه العراقيين وانها تناقض نفسها في مثل هذه التصريحات لان حكومتها تعتبر من اكبر المساهمين في تعميق الصراع الطائفي في المنطقة وان موقفها هذا يعكس كرهها الشديد للشيعة ورفضها القبول بحكومة في العراق يقودها رئيس وزراء شيعي منتخب من الشعب .

فرفض استقبال المالكي ليس لانه "السبب في تعميق الصراع المذهبي في العراق " كما تدعي السعودية وانما لان في عراق الجديد لا توجد حكومة الاقليات الشوفينية او المذهبية ولا الدولة الطائفية كالتي هي في الرياض ولان حكومة العراق تضم بين اعضائها اكثر من 14 سنيا وزيرا فيما في السعودية التي تبلغ نسبة الشيعة فيها اكثر من 20% لا يوجد بين اعضاء حكومتها شيعيا واحد فيما سنة العراق العرب الذين لايشكلون اكثر من 15% من السكان لديهم اكثر من ستة وزراء في حكومة المالكي هذا عدى الاكراد السنة الذين لهم عدد مماثل .

الحقائق والارقام والصور تقول ان حكومة الرياض هي التي تقف خلف كل الفتن الطائفية والصراعات المذهبية في المنطقة سواء تلك التي يراد اثارتها بين الشيعة والسنة او تلك التي يراد تعميقها بين المسيحيين والمسلمين او بين اليهود والمسلمين وذلك من خلال احتضانها ودعمها للمدرسة الوهابية السلفية التي تكفر العالم اجمع وتعتبر كل الناس خارجين عن الدين ودمهم مباح مادام انهم لا يتبعون المذهب الوهابي ولا يقبلون بما جاء في ادبيات ومفردات تلك المدرسة التكفيرية التي تم تأسيسها من قبل اسرة المالكة بتحالف مع جماعة "الاخوان" التاريخيين الذين حاربوا شعب الجزيرة العربية واعتبروا الناس كلهم كفار ما لم يتبعوا مذهب "عبد الوهاب" وهو ما استدعى ان يشنوا حروبا و"غزوات" وحشية ضد اتباع المذاهب بمختلف الوانها في شبه الجزيرة العربية ويدفعوهم قسرا لتبني المذهب الوهابي الجديد ـ في ذلك الوقت ـ او القتل وقطع الرؤوس بحد السيف.

 وهذا الامر يتكرر اليوم من جديد من خلال فتاوي التكفير التي يصدرها علماء السعودية الوهابيين المقربين من النظام ضد الشيعة ولعل عملية هدم مسجد الشيعة في العوامية في القطيف السعودية والتي تناقلتها معظم وكالات الانباء هو اصدق تعبير عن الموقف الطائفي السعودي ويكذب كل ادعاءات الرياض حول المالكي حيث ان السلطات السعودية بدأت حسب المصادر المطلعة تنفذ مخططات علماء التكفيريين الوهابيين وتقوم بتطبيق اجندة النازي المشهور "الشيخ" ناصر بن سليمان العمر" صاحب مشروع اجتثاث الشيعة من السعودية وتحويلهم الى معسكرات اعتقال جماعية على الطريقة النازية او اجبارهم على ترك مذهبهم وهدم مساجدهم وحسينياتهم .

فقد قامت الجرافات والبلدوزرات السعودية يوم السبت وتحت حماية كثيفة من قبل قوات الشرطة والامن والحرس الوطني بهدم مصلى" العيد" بساحة كربلاء في العوامية بعد ان تم اغلاق كل المنافذ المؤدية الى المسجد وقد شارف علماء وهابيون وقادة اجهزة امنية وبحضور كثيف للمسلحين الوهابيين الذين كانوا يرتدون لباس شرطة مكافحة الشغب على عمليات التفكيك والهدم ‘ وهذا الرابط الى الصور وتقرير عن عمليات الهدم:

http://www.hajr-network.net/hajrvb/showthread.php?t=402917796

http://www.nahrainnet.net/news/52/ARTICLE/9808/2007-05-02.html

وقد اعتبر مصدر في خارجية الاتحاد الاوربي مهتم بملف حقوق الانسان فضل عدم ذكر اسمه بان الاجراء السعودي تطور خطير نحو تكريس الصراع المذهبي وتعميق الشرخ بين مكونات المجتمعات في المنطقة وانتهاك صارخ لحقوق الانسان ولبنود واضحة وصريحة في قوانين الاعلان العالمي حول حرية الاديان والمذاهب ‘ كما ان وجهاء وعلماء دين شيعة في المنطقة الشرقية السعودية قد حذروا السلطات من الاقدام على هذه الخطوة التي سوف تترتب عليها نتائج سيئة وخطيرة تنذر بانهيار "الهدنة" وخطوات المصالحة التي اتخذتها المعارضة الشيعية في عهد الملك السعودي الراحل فهد حيث عملية هدم مساجد الشيعة وتضييق الخناق عليهم في معتقداتهم واقصائهم عن المؤسسات والمواقع الرسمية سوف تهدد باسوء العواقب ولم تستطيع عن تثني الشيعة عن موقفهم الرافض لسياسة السلطات السعودية الطائفية وقبولها بمخططات مشايخ الافتاء والتكفير وقادة الارهاب السلفيين الوهابيين .

اذن هل يمكن ان نصدق الرياض على ادعاءتها وما تسوقها ضد العراق وضد العملية السياسية التي تقودها حكومة المالكي المنتخبة ؟

واذا كان ما تدعيه الرياض صحيحا فلماذا اذن تستقبل قادة وزعماء لجماعات متطرفة وارهابية متهمة بعمليات الخطف والقتل واثارة الصراعات الطائفية في العراق كحارث الضاري الذي لا يفتأ ليلا ونهارا يزعق وينبح ويثير المشاكل الطائفية في العراق وهو اليوم وعبر ذلك المؤتمر الارهابي الذي عقد في البحرين تحت يافطة "المؤتمر القومي العربي" يدعوا الى الغاء العملية السياسية برمتها ويحشد الدعم العربي لمجهوده الخائب بحجة تهميش "سنة العراق" ضمن تحركاته الطائفية والتي تزامنت مع رفض الرياض لاستقبال المالكي.

 وقد سبق ان رفضت السعودية ان يترأس المالكي وفد العراق لاجتماع القمة العربية في الرياض في 28 و29 مارس وقد ترأس الوفد جلال الطالباني وقد اعتبر هذا الاجراء نوع من التماهي الواضح مع مواقف زعماء القتل والارهاب والطائفية في العراق من امثال الضاري والدليمي وحتى القاعدة المحاربين للعملية السياسية في العراق ويطالبون بالغاءها وهذا التماهي اكد عليه بشكل غير مباشر الديبلوماسي العربي لوكالة فرانس برس حيث قال ان "السعودية ابلغت الولايات المتحدة تحفظاتها حول سياسة المالكي ".

هذا التدخل السعودي في الشأن العراقي وبهذه الوقاحة وباجندة خفية غدت اليوم واضحة بعد تلك المواقف والتصريحات والتي هدفها هو منع الشيعة من اخذ حقوقهم كاملة في عراق ديمقراطي حر وبحجة الدفاع عن السنة ولمنع الشيعة من قيادة العملية السياسية في العراق هذا التدخل يطرح السؤال التالي وبالحاح:

هل من حق حكومة العراق‘ التي يتهمها النظام السعودي بالطائفية والمذهبية ‘ التدخل في الشان السعودي وتطالب الرياض بانصاف الشيعة في السعودية خاصة وان عمليات تهميش الشيعة وهدم مساجدهم وتكفيرهم امر لا يستطيع اي عاقل ومنصف مقارنته بالعراق الذي يتبوء فيه السنة مراكز سيادية وحساسة مثل وزراة الدفاع ورئاسة المخابرات ـ الشهواني ـ ونائب رئيس الوزراء وحتى رئيس الجمهورية وهو كردي سني وليس كما يدعيه الضاري بان السنة يتعرضون للتهميش في العراق؟

فلماذا يحق للنظام السعودي ان يطالب الولايات المتحدة بالغاء العملية السياسية في العراق ويشدد على مزاعم باطلة حول الحكومة الطائفية ولا يحق لحكومة العراق المطالبة بحقوق الشيعة في السعودية والتدخل لدي الولايات المتحدة التي تربطها بال سعود علاقات صداقة للضغط على الرياض لوقف التهميش والاقصاء وعمليات الارهاب وهدم المساجد التي تنفذها الحكومة السعودية ضد الشيعة في القطيف ؟

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 6 آيار/2007 -17/ربيع الثاني/1428