لا تظلموا القوات متعددة الجنسيات

 بقلم / محمد حسن المالكي   

 ان القوات الاجنبية الموجودة اليوم  في العراق تعمل وفق قرار مجلس الامن المرقم 1546 وقبل ذلك كانت القوات الاجنبية  تسمى قوات الاحتلال الامريكي والاجنبي  استنادا للقرار الاممي ذي الرقم 1483، ما يحدث اليوم ومنذ انتقال السيادة الحقيقية للعراق على الارض والجو والبحر منذ حزيران 2004 ان القوات الاجنبية في العراق تتصرف وفق القرار 1483 الذي يصفها بالمحتلة  وهي لاتعلم حتى اليوم الفرق بين ان تكون تحت وصف قوات الاحتلال اوا نها متعددة الجنسيات والجميع يعلم ان هناك فرقا شاسعا بين القوتين من ناحية ممارسة  الاختصاص العسكري والجنائي في كلا الحالتين في البلد المعني.

 ذلك ان نظرة سريعة الى الاتفاقيات التي تنظم عمل القوات متعددة الجنسية في دول العالم المختلفة ستوضح لنا ان عمل القوات متعددة الجنسيت في العالم هو عمل محدود ويجب ان تكون تلك القوات  الاجنبية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة في البلد المعني كما ان تلك القوات يجب ان تخضع لقانون الدولة التي تعمل فيها وان يكون خروجها الى المدن وشوارع المدن باذن من حكومة البلاد ويحق للشرطة المحلية تفتيش القواعد العسكرية للقوات متعددة الجنسيات  عند وجود شكوك جنائية.

 كما ويحق للشرطة المحلية اعتقال اي جندي من القوات متعددة الجنسية عند وجود ادلة جرمية بحقه ولا يمكن ان يكون هناك اي حصانة ضد اوامر القضاء المحلي  كما انه بالمقابل لايحق للقوات متعددة الجنسيات اعتقال اي مواطن مهما كانت الاسباب والمبررات لان هذا خرق لسيادة البلاد ولا يحق للقوات متعددة الجنسية  ادارة سجون البلاد ايضا كما يجب ان يكون تواجد القوات متعددة الجنسية خارج المدن ومناطق التجمعات السكنية  اضافة الى ان القوات متعددة الجنسية لا يحق لها اصدار الاوامر للحكومة والبرلمان في اي بلد من اجل ممارسة العملية السياسية بل ان واجبهم يقتصر على حفظ الامن في البلاد ومنع عمليات التطهير العرقي والطائفي هذا كل ما اعرفه عن الاتفاقيات التي تنظم عمل القوات المتعددة الجنسيات في دول العالم المختلفة بما فيها هاييتي وجزر سليمان.

 لكن يبدو ان الوضع في العراق مختلف فهناك احتمالين الاحتمال الاول  اما ان القوات الاميركية والاجنبية المجاهدة في العراق لا تعلم انها تحولت الى متعددة الجنسيات منذ حزيران 2004 وفي هذا مورد نقاش اذ ان اللوم يقع على القانونيين الاميركيين والعراقيين اللذين يجب ان يوضحوا لهؤلاء الاشاوس انهم تحولوا الى متعددي جنسيات دوليين منذ حزيران 2004 ولهذا يتوجب عليهم ترك مواضيع اعادة البعثيين لمسؤولي البلاد وان لا يتحدثوا عن ضرورة حل المليشيات لان ذلك  ليس من واجبهم بل الامر يعود الى الحكومة والبرلمان كما ان عليهم عدم الضغط على العراقيين لاعادة منتسبي الاجهزة القمعية الى هرم السلطة من جديد لان واجبهم الاساسي حفظ الامن وليس ادارة السياسة العراقية وتوجيه الاوامر،  ويجب عليهم استحصال مواقفة شرطة الصالحية او شرطة الكاظمية او الدورة او شرطة الرشاد عند خروجهم للتنزه في شوارع العاصمة المهجورة.

 كما ان عليهم الحذر عند اطلاق النار على اهداف منتخبة ليلا او نهارا لان هذا سوف يعرضهم بموجب القرار ات الدولية والقانون الدولي لمساءلة قاضي تحقيق الاعظمية او قاضي تحقيق مدينة الصدر او قاضي تحقيق كربلاء او الفلوجة، اضافة الى هذا عليهم عند البدء في تنفيذ اي عملية عسكرية لاحلال الامن والاستقرار في  سوق مريدي الارهابي لبيع الخضر  او محطة وقود الداخل التي تضم اسلحة للدمار الشامل او في جبال حمرين او المقدادية وغيرها ان يبلغوا رئيس الوزراء وقادة الجيش العراقي بموعد واسباب العملية وان يكونوا خاضعين لاوامر القائد العام للقوات المسلحة  لان القرار 1546 ينص على وجود قيادة موحدة لهذه القوات وليس قيادتين اميركية وعراقية.

ونحن ناقشنا الاحتمال الاول بان القوات الاجنبية تجهل صدور قرار جديد الغى القرار الذي يصفهم بانهم قوات احتلال اما الاحتمال الثاني  فهو ان القوات الاميركية والاجنبية في العراق تعلم انها اصبحت قوات  متعددة جنسيات دولية بموجب القرا ر 1546 لكنها تصر على العمل ضمن القرار 1483 الذي يصفها بانها قوات احتلال وفي هذه الحالة اي عندما يكون العمل بالقرار 1546 معطلا فلا يحق لمسؤولي البيت الابيض او المسؤولين العراقيين ان يعترضوا على ما يقوم به الشعب من رفض سياسي او عسكري  لهذه القوات باعتبارها قوات  احتلال وليس متعددة جنسيات حسب رغبتهم. 

ما يريده الشعب العراقي اصدار قانون  يوضح لهؤلاء السادة اسلوب ممارسة عمل القوات المتعددة الجنسيات في العراق وما يحق لهم عمله وما لا يجوز لهم عمله وماهي حدود صلاحياتهم في فرض الامن والاستقرار في البلاد وان يتم اخبارهم ان السيادة الكاملة انتقلت للعراق منذ حزيران 2004وان هناك حكومة عراقية تحكم البلاد وان هناك قضاء عراقيا مستقلا لايجوز اغفاله او التجاوز عليه عبر خرق القانون والدستور العراقي.

على الحكومة بما فيها من مستشارين يفقهون في علم القانون الدولي وقرارات مجلس الامن  ان يقولوا لهؤلاء انكم قوات متعددة الجنسيات ليس من حقكم بموجب جميع الثوابت الواردة في اسس عمل القوات متعددة الجنسيات في العالم اقول  قولوا لهم ليس من حقكم اصدار الاوامر للحكومة والبرلمان باجراء مفاوضات مع البعثيين القتلة او اعادة مليشيات الامن والمخابرات الى السلطة او اعتقال العراقيين الشرفاء في انحاء البلاد من السنة والشيعة تحت اي مبرر او اسباب  او هدم البيوت الامنة في مناطق العراق كافة  وليس من حقكم اعطاء مهلة لرئيس الوزراء العراقي لتحقيق اختراق في الوضع الامني  بينما تتدخلون في كل شاردة وواردة في العراق المنكوب.

الذي اعرفه ان واجب القوات المتعددة الجنسيات في العالم هو حفظ الامن والاستقرار في البلاد لكن الذي يجري ان القوم في الحكومة والبرلمان لاينبهون فرسان مالطا الى اخطائهم،  ان المشكلة ان لا احد من الحكومة والبرلمان ينبه هؤلاء الى ان من واجباتهم في القانون الدولي  هو منع التهجير القسري للعراقيين من السنة والشيعة والمسيحيين بينما نرى ان التهجير يجري على قدم وساق منذ سنتين بلا رادع من حكومة او متعددي جنسيات وان القتل يجري في العراق بما فيه القتل على الهوية ونقل سكان من اماكنهم الاصلية اي اقتلاعهم من جذورهم  الى اماكن اخرى بديلة وهي من اخطر الجرائم ضد الانسانية  اضافة الى الاختطاف والسرقة وتبديد المال العام، فاذا كان منع القتل والتهجيرللطوائف العراقية  وتحقيق الامن والاستقرار  ليس من واجباتهم فلماذا هم اليوم هنا في بلادي المسروقة منذ عشرات السنين لماذا لازالت غربان الموت تنعق في بلادي رغم اننا لم نهدد الامن والسلم الدوليين ولم نفجر برجي التجارة العالمي في نيويورك ولم نهدد تدفق بترول الحجاز الى بلاد الراسمالية العالمية.

نحن اليوم في حيرة من امرنا..

لاهم قوات احتلال ولا هم متعددي جنسيات..

انا اطالب مستشاري رئيس الوزراء القانونيين وانا اعلم ان لديه العديد من المتبحرين في فقه القانون الدولي  وكذلك اطالب فقهاء القانون الدولي في واشنطن  ان يحددوا لي الطبيعة القانونية لهؤلاء الاشاوس..

هل هم قوات احتلال  فاذا كان الرد  بالايجاب نقول من حقهم الاعتقال والقتل بلا حساب  ومن حقهم تدمير محطة وقود  مدينة الصدر  لبيع اسلحة الدمار الشامل من حقهم قصف حسينية المصطفى لانها تؤوي ارهابيين كانوا  في طريقهم لاداء صلاة المغرب ومن حقهم اعتقال رجال الدين الوطنيين من السنة والشيعة لانهم يهددون الامن القومي الاميركي والاوربي ومن حقهم تحديد مهلة لرئيس الوزراء لضبط الامن ومن حقهم اعادة البعثيين المظلومين  وبالمقابل من حق الشعب ان يدافع عن نفسه بموجب حق الدفاع الشرعي عن النفس المكفول في القانون الدولي وان يتخذ هذا الدفاع كل الاشكال الممكنة بما فيها تشكيل مليشيات او حركات مسلحة  ومن حق الشعب ان يرفض عودة البعث النازي ومن حقه ان يفعل مايشاء منسجما مع القوانين الدولية.

اما اذا كانوا قوات متعددة الجنسيات  فليس من حقهم اعتقال اي عراقي  مهما كانت الاسباب والمبررات وليس من حقهم مداهمة البيوت الامنة في كل مدن العراق السنية والشيعية  ليس من حقهم الخروج من القاعدة العسكرية  الا باذن من الحكومة، ومن ارتكب جرما من هؤلاء الاشاوس فمن حق السلطة القضائية اصدار الاوامر باعتقاله تطبيقا لمبدا سيادة القانون على الجميع، وليس من حقهم الادلاء باي تصريح سياسي بما فيه اعطاء مهلة لرئيس الوزراء قبل الرحيل او التهديد بقطع الدعم المادي والامني عند مخالفة الاوامر او الغاء عطلة البرلمانيين المظلومين التي كانت مقررة لمدة شهرين واختصرتها القوات متعددة الجنسية الى اسبوع، ليس من حقهم قطع الجسور والطرقات بموجب القوانين الدولية او التجاوز على اشارات واوامر ضباط المرور، ليس من حقهم بموجب القوانين الدولية ادارة السجون العراقية  لانها عمل من اعمال السيادة، ليس من حقهم منع طائرة  نائب لرئيس الجمهورية من الهبوط في مطار بغداد .

اقول لاتظلموا القوات  متعددة الجنسيات  قبل ان توضحوا لهم الفرق بين  ان يكون الانسان مقاتلا في قوة متعددة الجنسية او ان يكون فارسا  من فرسان مالطا.

لاتظلموا القوات متعددة الجنسية فالذنب يقع على عاتق حكومة وبرلمان  العراق ومسؤولي الكونغرس و البيت الابيض  اللذين يتوجب عليهم افهام هؤلاء انهم في مهمة لحفظ الامن في البلاد المنكوبة وليس لاثارة الفوضى في البلاد وانهم متعددي جنسيات وليسوا قوات احتلال غازية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31 آيار/2007 -13/جمادي الأول/1428